الفصل السادس من الجزء الثاني

ابدأ من البداية
                                    


سقطت على الأرض على ركبتيها، حيث فقدت القدرة على التوقف أمام نبرته القاسية وكلماته التي لطالما سمعتها قهرت قلبها وجعلته يصاب بتلك القشعريرة، وازداد الصراخ نحيب..
تصرخ متوسلة إليه وهي جالسة على ركبتيها أمامه:

_ كفاية كفاية أرجوك كفاية أرجوك الكلام ده أما انت بتقوله بيعذبني أكتر منك بيموتني أكتر منك والله والله والله

ضحك ساخرًا وتابع:

_ والله! وانتي حسيسة أوي يا بت اسم الله! وانتي عندك دم أصلا وكده زي البني آدمين!!

تضع يدها على قلبها الذي يكد أن يتوقف تنهج وتنهج ولا تتوقف لحظة واحدة عن البكاء الشديد، ينظر إليها في ضيق لا يشعر بأي شفقة جهتها.

وتحدث في نبرة صوت تحمل في طياتها الانتقام والغيظ الشديد:

_ انتي ممثلة كبيرة عمري في حياتي ما هصدق دموعك تاني، عمري ما هصدق إنك منكسرة ومجروحة وقاعدة على الأرض دلوقتي علشان يا عيني رجلك مش قادرة تشيلك من كتر الوجع والألم

صرخت متوسلة باكية بشكل أكبر:

_ وليد أنا والله ما خونتك والله العظيم ما خونتك والله ما حد لمسني غيرك أنت أول وآخر راجل يلمسني في حياتي.

صرخ في غيظ شديد وغضب أكبر وقد برزت عروق رقبته من شدة الغضب والصراخ:

_ اخرسي اخرسي اخرسي، بطلي كدب بقى بطلي كدب، هتروحي من ربنا فين يا كدابة يا خاينة يا مفترية.

أنا شايفك بعيني دول وانتي داخلة شقته في نصاص الليالي يا حقيرة يا رخيصة.
أنا شايفك بعيني دول وانتي بتتسحبي من بيتي ومنطقتي ورايحة لشقته
أنا شايفك بعيني دول وانتي خارجة من شقته الصبح، أنا شفتك أنا أنا

ارتمت تحت قدميه ممسكة بأطراف سرواله وصرخت:

_ اقتلني اقتلني يلا، خد حقك مني واقتلني خلص نفسك من العار اللي أنت حاسس بيه وموتني وريحني من الدنيا دي كلها، اضربني أعمل اللي انت عايزه كله يلا مستني إيه يلا

نظر إليها إلى الأسفل وتحدث:

_ لا مش هقتلك ولا هضربك ولا هعملك أي حاجة خالص، أنا هسيبك لعذاب الضمير هو يموتك كل يوم ببطء، إذا كان لسه عندك ضمير حي، لو رصاصة الرحمة في أيدي يا شاهستا مش هموتك بيها وارحمك

ترفع رأسها إلى أعلى ناظرة إليه في صدمة غير مصدقة ما يقوله وهي لا تزال ممسكة بيديها الاثنان طرفي سرواله.

تابع في حدة وقسوة أكثر:

_ فاكرة أما قولتيلي أنا هشتكيك لربنا وهقوله يارب جوزي ده مش بيدلعني ومش عارف إيه؟! فاكرة؟ أكيد فاكرة.

صمت برهة وصرخ بغتة في قهر:

_ أنا بقى اللي هشتكيكي لربنا يا شاهستا، أنا اللي هأجل حقي في الدنيا علشان أخده منك في الآخرة

تهز رأسها بالنفي وتكرر:
_ لا لا لا

يتابع في نفس النبرة:

_ أنا اللي هبقى خصيمك يوم القيامة، هقف كده واقوله يارب أنا صنت الست دي وهي ماصنتنيش، هقوله يارب أنا عاملت الست دي بما يرضيك وهي عاملتني بما لا يرضيك.
هقوله أنا حفظت العهد وهي خانته وخانتني معاه..

صرخت بشدة وأمالت على قدميه متوسلة بشكل أكبر منددة:

_ أبوس رجلك يا وليد لا أبوس رجلك بالله عليك سامحني، بالله عليك سامحني يا وليد بالله عليك بلاش كده، بلاش تقفل باب التوبة اللي أنا لسه فيها جديد في وشي بلاش ده انا بجاهد نفسي والله بلاش ده انا نفسي ابقى حد تاني والله توبت توبت توبت يا وليد توبت.

انا توبت بفضل ربنا ثم فضلك بلاش كده يا وليد بلاش

جذب قدميه إليه وابتعد عنها موليًا لها ظهره وأطلق زفيرًا طويلًا وهتف:
_ قومي يلا اتكلي على الله، اللي بينا خلص كله..


يرتعد جسدها وشفتاها تشعر أنها عاجزة غير قادرة على النهوض حتى، أصوات شهقاتها تتلاحق وتزداد، تحاول بكل الطرق أن تتماسك وتهدأ تحاول بكل الطرق أن تبقى على ما يرام، وسندت بيديها على الكرسي ونهضت شيئًا فشيئًا ووقفت خلف ظهره تزيل ادمعها تسيطر على أصوات شهقاتها وتحدثت:

_ لا، انت غلطان مش كل حاجة بينا انتهت، لسه في حاجة بتجمعنا وهتفضل تجمعنا طول العمر
لم يرد عليها، يقف كما هو بملاح يشكلها الغضب والضجر

تابعت:
_ أنا حامل.. أنا حامل يا وليد واكتشفت ده تاني يوم العيد ومعرفتش أقولك غير دلوقتي

التفت إليها وهو يعقد حاجبيه في ضيق ورد:
_ حامل؟

هزت رأسها مؤكدة

_ من مين؟

وقعت عليها كالصاعقة ظلت تنظر إليه وقد شعرت بالدوار المفاجئ، كأن الأرض قد حملتها وطافت بها بغتة ثم أعادتها إلى مكانها أمامه تارة أخرى لا تصدق ذلك السؤال الذي طرح عليها للتو

تابع حديثه:

_ إيه! مالك مستغربة من سؤالي ليه؟! سؤالي طبيعي جدا أنا شايفك في الفيديو وانتي نازلة من شقة عشيقك ونمتي فيها ليلة كاملة، وأنا ماكنتش معاكم والله، أنا كنت نايم بفضل المنوم اللي حطتهولي في عصير البرتقان.


أغمضت عيناها وأخذت تتنفس مرارًا وتكرارًا تحاول أن تستوعب كلامه وتحدثت في ثبات تحاول أن تظهره بشتى الطرق:
_ وليد.. محدش لمسني غيرك محدش، أنا روحت لعمر علشان..

_ مش عايز أسمع ولا أعرف روحتي ليه و علشان إيه، احتفظي بيه لنفسك

_ تمام يا وليد، حقك تسأل وتشك فيا بالشكل ده تمام.. بس دول ولادك بقسملك إنهم ولادك أنت ولو مش مصدقني في ألف طريقة تثبت انهم أولادك وأولهم الDNA

_ أولادي!!

_ اه أنا حامل في تؤام

صمت برهة شاعرًا بتعسر موقفه، شاعرًا بألم قلبه ثم استدار موليًا لها ظهره وتحدث بنبرة صوت يجاهد أن يجعلها قوية وثابتة:
_ مش عايز منك ولاد..

إلى هنا وقد انتهت كل محاولات التحمل لديها، وصعقت للمرة الثانية بفضل كلماته القاسية الانتقامية وضعت يدها المرتجفة على بطنها، تنظر في بطء إليها كأنها سمعت ألم ورجفة جنينيها من داخل رحمها عندما رفضهما والدهما، تمنت في ذلك الوقت أن تنتشلها المنية( الموت) لترتاح، واسندت جسدها على ساقيها المرتجفين، وأخذت تسير بخطوات الخذلان و الصدمة نحو الباب لترحل من هنا..

الجعة يشوبها الأخلاق حيث تعيش القصص. اكتشف الآن