💕البارت التاسع💕

3.1K 154 182
                                    

حارس العشق ..❤

وضع غياث الصينية الصغيرة فوق الطاولة أمامه، أمسك الكوب الكبير يسكب به القهوة الساخنة لتفوح رائحتها الزكية في الأرجاء ..
أضاف إليها أكثر من أربعة ملاعق من السكر وبدأ في تحريكها بصمت موازياً لصمت الآخر منذ قدومه قبل عدة دقائق ..

زفر بقوة يُقرب الكوب الكبير منه: أشرب ..

لم يُجبه كنان والذي مازال يلوذ بالصمت مُخبئاً خلفه براكين وثورات تغلي داخله تكاد تنفجر ..
هدوئه الآن مُخالفاً لجنونه السابق، لصراخه وأنفاسه المتلاحقة غضباً وحقداً ..
وكأنّ تلك السكينة المعتادة في هذا المنزل قد نزلت عليه، مسحت بيدها على قلبه ليهدأ، وعلى عقله ليستكين عن تفكيره وزحمة مشاقه ومصاعبه ..

تنهد غياث ملتفتاً له، يتأمل ملامحه الجامدة، جموداً كئيباً كالعادة .. وربما لم يعد يتوقع أن يراه بعيداً عن تلك الكئابة ..
رجفة جسده التي قدِم بها إليه قد خفتت، وربما اختفت تدريجياً بعد سكونه الآن وهدوئه ..

قطب جبينه بحدة حالما حطت عيناه على خده المحمر، أصابع غليظة تبدو مطبوعة فوقه تظهر من أسفل ذقنه النامية قليلاً بشكل يُضفي عليه رجولية خالصة تنفي لطفه وضعفه ..

هتف بصوت عالي بعيداً عن خفوته السابق: كنااان ..

التفت كنان نحوه أخيراً، ربما متفاجئاً من علوّ صوته بعد استيعابه لصمته واحتوائه له .. رمقه بعيون متسائلة أمام نظراته الحادة ليهتف غياث مُشيراً برأسه لوجهه: إيه اللي على وشك ده ..؟!

عقد كنان حاجبيه للحظة قبل أن تتغير معالم وجهه، لأخرى حاقدة غاضبة مع مرارة واضحة ..

هتف غياث بحذر: أنت كل يوم والتاني جاييلي مضروب كده، في إيه هو كل يوم خناقة ولا إيه !؟

أخفض كنان عينيه نحو كوب القهوة الكبير، دفء خفيف تسلل إليه مجدداً حالما رآه أمامه .. نفس الكوب الكبير كما المرة السابقة، ويعلم بأن السكر به كما يُحبه ..

هل اعتقد حقاً بأن الآخر سيرمي الكوب في القمامة كما أخبره ؟!
ربما نعم، فهو بات لا يأمن أحد .. ويعلم بأن كلامهم حتى لو كان مزاحاً سيُنفذ يوماً ما بالتأكيد ..

مد يديه يُمسك الفنجان بهما، قرّبه لشفتيه يأخذ نفساً مستنشقاً رائحته المهدئة، وارتشف رشفة صغيرة متلذذاً بطعمتها الحلوة، طعم حلو يسري داخله ليمحي المُر منه مُخلفاً ولو لعدة لحظات قصيرة تلك الحلاوة التي تُريحه ..

هتف غياث مجدداً يمنعه من الغوص في أفكاره، ظهر صوته حذراً مريباً مع لمحة قلق خفيفة استشعرها كنان ولكن رغماً عنه لم يصدقها: كنان، أنت في حد بيئذيك !؟

قطب كنان جبينه والتفت له بدهشة واضحة، فيما تابع غياث وشكوكه تُساوره وتطفي على سطح وجهه بقوة: دي مش أول مرة تضرب كده، هو في حد بيتعرّضلك ؟!

حارس العشق .. بقلميfarohaWhere stories live. Discover now