💕البارت السابع💕

3.1K 174 133
                                    


حارس العشق ..❤

عيونه تنتقل حوله في تلك الحديقة الواسعة، وهو يسير خلف مُسلم بجبين مقطب بشدة وعيون حادة،
هيئته الجامدة خارجاً مُخالفة لزوابع الألم والترقب التي تثور داخله، مُحيلة قلبه بعد احتراقه لرماد حارّ ربما سينثره على جراح كنان النازفة، ليُوقف نزيفها وأذيّتها له ولمن حوله، أو ربما ليزيد ألمها بحرارته وغضبه!

توقف مكانه حالما ابتعد مُسلم عنه بدون أية كلمة، رفع رأسه وارتفع صدره بنفس عميق، يشد قبضتيه جانبي جسده وكأنه يضم في إحداها قلبه، وفي الأخرى قلب كنان الواقف أمامه يُعطيه ظهره المشدود وكأنه متشنّج يقاوم الإنهيار ..

اقترب خطوات قليلة لتتبقى عدة خطوات تفصل بينهم، تلك المسافة التي لم يستطع إقترابها ..
ربما غضباً منه ومن أفعاله التي طالت أخاه، أم ربما غضباً من نفسه ولوماً عليها لأنه السبب بصنع تلك المسافة وهذه الفجوة ..

زفر بقوة، ليُلاحظ تحرك كنان الذي كان ساكناً ثابتاً كتمثال من الفولاذ القوي، إلا أن الفولاذ هذه المرة قد خالف قواعده وبدأ يصدأ ويتفتّت أمام نظرات جبران الحادة ..

استدار كنان نحوه، وربما بوقوفه ذاك كان يُعدّ نفسه لاستقباله، لإظهار ملامح البرود تلك على وجهه، لدفن آلامه وجراحه عميقاً في قلبه لئلّا يراها ..

إلا أن كل استعداداته تلك لم تأتِ بنتيجة، فسرعان ما شعر بانتفاضة قلبه أيسر صدره، بل أن صدره كلّه قد قفز بشدة وكأنّ أضلاعه التي تُحيط بقلبه قد اهتزت وتزلزلت لرؤيته أمامه ..
بتلك الهيئة، وذلك العنفوان الذي لطالما تحلّى به وأحبه منه ..

نظراته الجامدة الحادة ..
اللائمة لأخطائه كما كان معه منذ زمن، والحانية المهتمّة كما تعود عليها في سنين غابرة ..

كم مرّ عليه منذ آخر مرة رآه بها ؟!

يتذكر الآن المرة الأخيرة كما يتذكر كل شيء بتفاصيله وكأنه منحوت على جدران قلبه لئلا يُنسىى أو يندثر ..

هو رآه ولكن الآخر لم يرَه،
كان في أواخر عامه الثامن عشر .. متألّماً، مكسوراً، مقهوراً..
ومشتاقاً !

جائه مودّعاً قبل سفره الذي غُصب عليه كما غُصب على كل شيء في حياته ..
سفره خارج بلده، بعيداً عن أهله رغم بُعدهم عنه هم أولاً،
بعيداً عن أصدقائه رغم خذلانهم له،
بعيداً عن حبيبته التي كان حبه لها صادقاً، ولكن لا أحد فهمه أو استوعبه ..

رؤيته في ذاك الوقت أجّجت غضبه، وشوقه معاً ..
كان برفقة جاره حسان، يجلسان متجاورين على تلك الصخرة التي كانت سابقاً مكانه المُفضل مع حسان ..
يرتدي قبعة التخرّج تلك، والتي كان يحلم أن يراه بها، أن يحتفل بذلك معه، وأن يكون له أول المُهنّئين ..

ألمه وقتها لم ينسَه حتى هذه اللحظة، لشدة عنفه واستقراره داخل أوردته وخلايا جسده وكأنّ خلاياه قد كبرت ونمت وتكوّنت من صلصال ذلك الألم حتى أصبح جزئاً لا يتجزأ منها ..

حارس العشق .. بقلميfarohaWhere stories live. Discover now