الجعة يشوبها الأخلاق

By SalmaKhaleed0

332K 12.9K 1.8K

و كان خطئه الوحيد طيبة قلبه وعفته، الدنيا ليست المكان الذي يستحقه. الحقارة لم تعرف طريقه قط، والشك لم يطرق با... More

اقتباس أول ( إعلان)
المقدمة
الفصل الأول
الفصل الثاني
الفصل الثالث
الفصل الرابع
الفصل الخامس
الفصل السادس
الفصل السابع
الفصل الثامن
الفصل التاسع
الفصل العاشر
الحادي عشر
الثاني عشر
الثالث عشر
الفصل الرابع عشر
الخامس عشر
تنويه هام
السادس عشر
السابع عشر
الثامن عشر
التاسع عشر
وصف للشخصيات
العشرون
الواحد والعشرون
الثاني والعشرون
الثالث و العشرون
الرابع و العشرون
الخامس و العشرون
السادس و العشرون
السابع و العشرون
الثامن و العشرون
التاسع والعشرون
الثلاثون
الواحد و الثلاثون
الثاني و الثلاثون
الثالث و الثلاثون
الرابع و الثلاثون
الخامس والثلاثون
السادس و الثلاثون
السابع و الثلاثون
الثامن والثلاثون
التاسع والثلاثون
الأربعون ( الأخير من الجزء الاول)
اقتباس ثاني من الجزء الثاني
الفصل الأول من الجزء الثاني
الفصل الثاني من الجزء الثاني
الفصل الثالث من الجزء الثاني
الفصل الرابع من الجزء الثاني
الفصل الخامس من الجزء الثاني
الفصل السادس من الجزء الثاني
مفاجأة بناء على طلبكم
الفصل الثامن من الجزء الثاني
الفصل التاسع من الجزء الثاني
الفصل العاشر من الجزء الثاني
الحادي عشر ( الجزء الثاني)
الثاني عشر( الجزء الثاني)
الثالث عشر ( الجزء الثاني)
الرابع عشر ( الجزء الثاني)
الخامس عشر ( الجزء الثاني)
السادس عشر ( الجزء الثاني)
خبر حلو وعاجل
السابع عشر ( الجزء الثاني)
الثامن عشر ( الجزء الثاني)
التاسع عشر ( الجزء الثاني)
العشرون( الجزء الثاني)
الواحد والعشرون ( الجزء الثاني)
الثاني والعشرون ( الجزء الثاني)
الثالث والعشرون ( الجزء الثاني)
الرابع والعشرون ( الجزء الثاني)
الخامس والعشرون ( الجزء الثاني)
السادس والعشرون ( الجزء الثاني)

الفصل السابع من الجزء الثاني

3.5K 155 49
By SalmaKhaleed0

ازيكم عاملين إيه
جاهزين؟؟؟
يلا نبدأ

كانا يسيران في الشارع عائدان إلى المنزل عقب يوم طويل وشاق على وليد ومواجهة ولا أصعب وأثناء سيرهما تحدث أسر:
_ أنا ملاحظ إنك ساكت طول الطريق وغريب، مالك يا وليد أنت كويس؟ في أي حاجة حصلت معاك طيب وزعلتك النهاردة؟

لم يرد عليه بلسانه ولكن ملامح وجهه قد أكدت على أنه يعاني من شيء ما، أو شيئًا ما سيء قد حدث اليوم، تابع أسر حديثه:

_ يا وليد نفسي ترد عليا وتكلمني بجد وتحكيلي إيه جواك وإيه مزعلك! من ساعة ما طلبت مني إني متكلمش ولا أسألك مالك من أول يوم جتلي فيه وقولتلي إنك مطرود ومطلق مراتك وأنا نفسي أفهم مالك وليه حصل كل ده، ولكن سكت ومحبتش ادايقك بس دلوقتي بقى شكل حصل جديد دايقك تاني.. يا وليد أنا قلقان عليك

نظر إليه وليد في شفقة على حاله وأطلق زفيرًا طويلًا ثم تحدث:

_ أوعدك إني هقولك أما أبقى جاهز وقادر.. أنا لو اتكلمت حاليا هيحصل حاجات كتير أوي مش عايزها تحصل..
شوف هتلاقيني في مرة كده جيت وقعدت قصادك وحكتلك كل شيء.

نظر إليه أسر آسفًا ولكنه لم يرد أن يحمله عناءً فوق عنائه وتحدث:

_ ماشي يا وليد على راحتك، روح أنت البيت وأنا جاي

_ رايح فين ؟

_ يا عم روح أنت وأنا جاي بقى يلا مدايقنيش
_ خلاص يا عم براحتك أنت هتتعصب عليا؟

ابتسم له أسر وتحدث:

_ مقدرش يا ويل والله، يلا روح أنت لأمي وقولها ابنك راجع مهربش

ابتسم وليد ابتسامة خفيفة ثم هتف:

_ ماشي يا عم هقولها وهروح علشان شكلك زهقت مني أو عايز تقابل البت بتاعتك ولا حاجة وخايف أديك على قفاك كالعادة وأقولك حرام

رفع أسر أحد حاجبيه وتحدث ساخرًا من كلام صاحبه:

_ لا والله! قال أنا ليا في الكلام الماسخ ده! اتقي الله يا وليد ده أنا راجل غلبان ومليش في الحاجات اللي مش كويسة دي، بس.. صراحة اه نفسي اتجوز، فلو تعرف بنت حلال استتها وتستتني أكون شاكر جدا ليك.

_ لو تعرف أنت بنت حلال تداوي جراحي، هكون شاكر جدا ليك

يربت أسر على كتفه وتحدث متصنعًا الأسف والضيق:

_ يلا يلا يا حبيبي روح، أنا حمار أصلا، مانا بطلب من حد يشوفلي بنت حلال من مين! من واحد مجروح ومطلق وحالته بالبلاء، يعني القرد كان نفع نفسه زي ما بيقولوا

_ الله أكبر عليك يا أسر أنت كمان وعلى غبائك

_ طب يا سيدي تسلم روح بقى!

_ماشي مروح أهو

قالها وسار بعيدًا بعض الشيء عن أسر واتجه جهة المنزل وغمز لصاحبه هاتفًا:

_ أبقى خليها تعرفك لو عندها اخوات بنات، لا تنسى أخوك المسكين وليد

_ امشي يالا أمشي

ضحك وسار في طريقه في سعادة بعدما نال مراده واستفز أسر.
واثناء سيره كان يتذكر صراخها الذي يحمل في طياته التوسل والمغفرة، يتذكر ركوعها وانحنائها أمامه وتحت قدميه.

والجدير بالذكر أنه كان لا يعلم عنها سوى الشموخ والكبرياء ولم يتوقع مرة أنه سيراها ذليلة أمامه بذلك الشكل ولم يتوقع مرة أنه سيستطيع يومًا أن يتخطى دموعها وألا يستطيع أن يراها في تلك الحالة دون أن يضمها إلى صدره ويلمس شعرها في حنان.

وبين كل تلك الذكريات، تعجب من ذلك الإنسان الذي يضع نفسه بنفسه في ذلك المأزق بعدما كان ذو قدر وقيمة مرفوع فوق الرؤوس، فلما نرتكب بمثل تلك الأخطاء الشنيعة ثم نتذلل طالبين العفو؟! لما ارتكاب الأخطاء من الأساس؟!

وها قد وصل منزل أسر ولكنه شعر بالإحراج أن يتواجد داخل المنزل مع والدة أسر وحدهما لذلك قرر أن يتوقف أمام المنزل منتظرًا قدوم صاحبه.
               ******
كان أسر يسير في الشارع محددًا اتجاهه نحو أحد محلات البقالة، وها قد اقترب أخيرًا منه لذلك تباطأ قليلًا في خطواته وقبلما يدخل المحل، لمح هنا تقف على بعد مع صديقتها ورجل يقف أمامهما معترضًا طريقهما، هو ليس متأكدًا إذا كانت هذه الفتاة هنا أم لا ولكنه شك في الأمر بنسبة كبيرة لذلك تجاهل سيره نحو المحل، وسار خطوات سريعة نحو الرصيف الذي تقف عليه هنا.

_ ماشية في وقت متأخر ليه كده؟
هتف جاسر المعترض طريق هنا، والتي صاحت غاضبة:

_ وانت مالك انت؟؟ وسع بعد أذنك عايزة اروح

_ هو إيه اللي أنا مالي؟ انتي مراتي!

نجح في أن يخرجها عن شعورها لذلك صاحت:

_ ما تخلي عندك شوية من الأحمر وتوسع كده بقولك مش طايقة اشوف وشك يا جدع أنت مش طايقة

صاح غاضبًا من طريقة تحدثها معه وأمسك بذراعها بقوة وتزامن مع إمساكه به، صياحه:
_ بت اتعدلي كده علشان معدلكيش بطريقتي

تأوهت هنا، وصاحت أروى:

_ أبعد عنها أوعى سيب درعها

وبين تأوه هذه وصياح تلك، جُذِب جاسر من ملابسه للخلف في قوة وفجأة، استدار في سرعة مندهشًا من ذلك الذي فعل ذلك ليجده أسر والذي صاح في وجهه:

_ مالك ومالها يا عم أنت ؟ انت عبيط ازاي تمسكها من دراعها كده!!

ولما هدأ أسر قليلًا أدرك أنه ابن عمها، والذي دفعه بعيدًا عنه صارخًا بنبرة حادة:

_ إيه البلاوي اللي بتتحدف علينا دي يارب! انت مين انت يا عم وانت مالك ومالها انت كمان!!

_ أنا أسر صاحب وليد أخو البنت اللي انت معترض طريقها دي عرفت أنا مين؟!

_ وأنا جاسر ابن عمها، عرفت أنا مين؟ يلا خدلك سكة بقى واتكل على الله

_ لا لا بقولك ايه مطلعش العيل قليل الأدب اللي جوايا أنا ماصدقت إنه بقاله فترة كويس وهادي

أصدر جاسر صوتًا مسيئًا من حنجرته أي ما نسميه (الشخير)، ثم صاح:

_ لا بقولك إيه يا صغنن بلاش أنا علشان أنا المادة الخام لقلة الأدب

نظر إليه أسر ثم ابتسم ابتسامة ساخرة
وتجاهله، وتقدم نحو هنا وصديقتها وهتف:

_ يلا يا هنا على البيت انتي علشان متتأخريش أكتر، خلوا بالكم من بعض

صاح جاسر:

_ ملكش فيه أنا اللي هوصلها بنفسي

زفر أسر في ضيق ولكنه أخذ يحاول أن يهدأ بكل الطرق وتحدث:

_ يا أستاذ جاسر، هنا بنت وماينفعش الوقفة دي ليها خالص ولا ينفع تروح مع حضرتك حتى إن كنت ابن عمها لأنك مش مِحرِم، وصلت؟! سيب البنت تمشي بقى

_ لا، وملكش فيه وخليك في حالك ويلا اتكل أنت

_ يلا يا هنا نمشي
هتفت أروى في خوف

استجابت هنا لطلبها ولكن قبلما تخطو أي منهما خطوة واحدة، اعترض جاسر طريقهما مبررًا:

_ قلت مش هينفع تروحي لوحدك دلوقتي

صاح أسر لما تضايق من أسلوبه:

_ يا عم سبها بقى يا عم سبها

_ لا، قلت لا

_ حيث كده بقى انتهت الحلول الديبلوماسية وجاري تشغيل وضع قلة الأدب
صاح أسر وهو يلكم جاسر في وجهه في نفس الآن.
يضع جاسر يده مكان اللكمة وما إن أبعدها حتى رأى أسر نزيف أنفه، عقد حاجبيه في استغراب وهتف:

_ شفت! عمال أقولك بلاش تطلع العيل قليل الأدب اللي جوايا علشان كان بقالي فترة بحاول أربيه، أهو طلع على مناخيرك..
              ******
_ هو وليد أتأخر كل ده ليه يا طنط؟

هتفت منة الجالسة في غرفة استقبال الضيوف داخل شقة أسر مُحَدثة والدته سامية التي يبدو على ملامح وجهها الضيق من تلك الفتاة الجريئة في ملابسها والتاركة شعرها حر دون أن ترتدي حجاب، لذلك تحدثت في غيظ:

_ معرفش أتأخر ليه، الغايب حجته معاه.. أنا بس كل اللي نفسي أفهمه أنتي مين وعايزة الشيخ وليد في إيه؟!

_ طب ممكن حضرتك ترني عليه تقوليله منة مصطفى المرشدي عندنا ومنتظراك على نار وهو هيجي علطول؟

صمتت برهة ثم واصلت حديثها هاتفة بدلًا من سامية:

_ ولا اقولك بلاش تتعبي نفسك خالص أنا هرن عليه

_ لا، أنا اللي هرن، ومتأكدة إن الراجل ولا هيكون عارفك ولا حاجة هو الشيخ وليد الكُبّرَة ده هيكون عارفك انتي إزاي؟!

قالتها بذلك الشكل ثم اتجهت نحو هاتفها الموضوع على الطاولة وأمسكته طالبة رقم وليد، استجاب لمكالمتها في سرعة وهتف:

_ السلام عليكم، أخبارك يا خالة؟

_ وعليكم السلام يا نن عيون الخالة

ترمقها منة بنظرات تحمل في طياتها القرف أثناء تحدثها مع وليد

_ بقولك يا حبيبي

_ سامعك يا خالة اتفضلي

خفضت صوتها وابتعدت عدة أمتار بحيث لا تسمعها منة وتحدثت:

_ في بت كده شكلها استغفر الله العظيم زي بتوع السيما، المهم بتقول إن اسمها منة.. منة... والنبي ما أنا فاكرة قالت منة إيه!!

_ إيه!! منة عندك في البيت؟
هتف في اندهاش

_ أيوة هي البتاعة دي أنت تعرف الأشكال دي يا ابني لا سمح الله!

_ بجد يا خالة؟ عندك من امتى وجت ليه؟

تحدث في نبرة صوت متقلبة، ثم اتجه نحو المنزل في سرعة ولم يبق بينه وبين المنزل سوى القليل من الأمتار وذلك لأنه كان يقف أمامه

_ هو في إيه يا وليد يا ابني؟

_ لا لا ولا أي حاجة يا خالة أنا جاي أهو حالا، افتحي الباب أنا قدام الباب

_ ماشي حبيبي هقوم افتح أهو

فتحت له ودخل وتزامن مع دخوله هتافه:
_ هي فين يا طنط؟

_ في اوضة الجلوس

_ تمام

سار متجهًا نحو الغرفة وأمسك بالمقبض وقبل أن يفتح الباب، لاحظ مجئ سامية خلفه، لذلك تحدث:

_ أنا بعتذر بشدة بس ممكن اكون معاها لوحدي؟ تسمحيلي بوقت بس... ارجوكي متفهمنيش غلط بس... بس...

_ مفيش داعي تبرر يا وليد أنا واثقة فيك يا حبيبي، خش وأنا هستنى بره

_ شكرا

هتف في ابتسامة، ثم فتح الباب ودخل وما إن دخل حتى ترك الباب مواربًا، ابتسمت ما إن رأته ووقفت وهي تقول:

_ ويليو وحشتني أوي بجد، بقى كده يا وحش تسبني كل ده ولا تسألشي؟!

ينظر إليها في قرف واشمئزاز، وخطى خطوات معتدلة لا بسريعة ولا ببطيئة نحو الكرسي وجلس عليه واضعًا ساق على ساق، جلست هي الأخرى وتلك الابتسامة لم تفارق شفتيها ووضعت ساق على ساق هي الأخرى، تحدث وملامح وجهه يكسوها الملل:

_ نعم! خير! عايزة إيه تاني منى؟؟
             ********
كانت تراجع في عقلها كل ما قالته لها هدى وبينما هي شريدة في عالمها الخاص، طرق أحدهم باب الشقة، استجابت للطارق هاتفة في صوت عالي:

_ مين؟ أيوة جاية

قالتها وسارت جهة الباب، وما إن فتحت حتى وجدت هنا تقف مذعورة والتي دخلت في سرعة ما إن فُتِح لها الباب.

عقدت شهد حاجبيها في استغراب من رد فعل ابنتها وتحدثت بنبرة صوت تحمل في طياتها القلق:
_ إيه يا هنا مالك؟ حصل أي مشكلة معاكي في الطريق؟

نظرت إليها نظرة مليئة بالخوف، وركضت جهتها بغتةً فألقت بنفسها داخل حضنها، اختضت شهد من فعلة ابنتها وأخذت تربت على ظهرها وهي تقول:

_ طب بس بس متخافيش حصل إيه يا قلبي لكل ده؟ قوليلي ومتخافيش

هدأت هنا قليلًا داخل حضن أمها وردت عليها في صوت خفيض:

_ أنا.. أنا خايفة يا ماما

_ من إيه يا قلبي؟

_ جاسر

_ ماله الزفت ده تاني!

_ اعترض طريقي أنا وأروى النهاردة، وفضل يقولي هتفضلي معايا أنا ووو..و

_ طب اهدي اهدي وسيبك منه هو الكلب أما يهوهو حد بيرد عليه!

_ هنا

قالها والدها وهو يخرج من الخلاء، التفتت إليه في سرعة وهتفت:

_ نعم يا بابا

اقترب منها حتى توقف أمامها بالضبط وتحدث:

_ هو انتي لسه راجعة من الدروس دلوقتي؟

نظرت إلى أمها وصمتت برهة، ثم قبل أن تعود إلى حديثها لتواصله، تدخلت شهد هاتفة:

_ تعمل إيه يعني يا شعبان البت! ما المستر بتاعهم ده هي دي مواعيده، وهي دي المواعيد اللي حطها الأغلبية، ماتحضرش بقى وتبقى هي الخسرانة!

_ شهد، أنا قولتلك ميت مرة بلاش تدلعي العيال، اديكي شفتي نتيجة طبطبتك على وليد وصلتنا لإيه!

_ أنا قلت حاجة! أنا بكلمك في مصلحة البت!

زفر في ضيق ثم تحدث:

_ لا حول ولا قوة إلا بالله... بصي يا هنا

_ نعم يا بابا

_ الأيام اللي هتيجي فيها متأخرة من بعد الساعة ٧ اللي هو بعد العشاء يعني، تكليمني قبلها اجي اخدك علشان ماتمشيش لوحدك في الوقت ده، ولو حصل وأنا مش موجود أو في أي ظرف حاصل معايا، أبقي اتصلي بوليد اخوكي الفالح يجي هو ياخدك

ابتسمت لأنه تفهم أمرها ولم يحرمها من حضور الدروس في الوقت المتأخر، وردت عليه في فرحة:

_ حاضر يا بابا هقولك، هدخل أنا اوضتي اذاكر شوية قبل ما أنام، تصبحوا على خير

رد عليها الاثنان:

_ وانتي من أهل الخير

سارت هنا ناحية غرفتها، بينما جلس شعبان على الأريكة حتى يشاهد التلفاز وتحدث وهو يقلب القنوات ليحصل على القناة التي يودها:

_ اعملي لي فنجان قهوة يا شهد بعد اذنك

_ حاضر.. بس قبل القهوة كنت عايزة أتكلم معاك شوية

_ خير؟!

ابتلعت ريقها واتجهت نحو الأريكة التي يجلس عليها، وجاورته ثم هتفت:

_ شعبان.. امتى هتسمح للواد يرجع تاني ويعيش وسطنا هو هيفضل كده عند أسر كتير!

تأفف ثم رد:

_ شهد، لو وليد رجع مايتكلمش معايا خالص ولا كأنه شايفني

_ طب ليه كده يا حاج؟

_ أهو مش طايقه، وبالأخص أما عرفت إن اسمها إيه دي طلقته حامل.. ها قال حامل منه قال! كدب العيال دول مش ولاده هو

_ مين قالك كده بس؟ مش يمكن ولاده!

حدق عيناه ناظرًا إليها في حدة وقال:

_ والله بقى يطلعوا ولاده هو ولاد الجربوع عشيقها ولاد الجن الأزرق، أنا مش فارق معايا، العيال دول مش هيتنسبوا لعيلتنا ولا هيشيلوا اسمنا، أولاد الزانية دي. ويا عالم فيديوهات منة دي هتروح بيها على فين!

اطرقت فهي في الحقيقة لم يكن لديها أي ردود ثم تحدثت بعد فترة وجيزة مغيرة الموضوع:

_ على فكرة ابن أخوك جاسر ده اعترض طريق بنتي وهي راجعة النهاردة من الدروس.. أنا بقى عايزة أعرف الواد ده آخره فين!

_ بتهزري!

_ لا والله ما بهزر هنا قالتلي كده أول ما جت وهي يا حبة عيني كانت مصروعة وخايفة

أطرق شاردًا في مصيبة ما..
              *****
أزالت دموعها بعدما تركها وحيدة داخل تلك المستشفى أو بعدما أيقنت أنها لم تصبح بالنسبة له أي شيء، ولكن الشيء الذي كانت تدسه في عقلها حتى لا يستسلم للوضع السيء الذي تشعر به، أن كل شيء سيكون على ما يرام، وأن ماهي فيه حاليًا لا يشكل إلا فترة صعبة ويمكنها أن تتخطاها قريبًا، وعذرته وعذرت موقفه وتفهمته واقنعت نفسها أنه يحتاج إلى بعض من الوقت ليعود إليها تارة أخرى.
هو حتمًا سيعود لأنه يحبها للغاية ولن يستطيع أن يكمل دونها كما تشعر هي بالنقصان من دونه.

وبينما هي غارقة في كل تلك الأفكار، سمعت صوت هاتفها يصدح، جذبت حقيبتها من فوق الطاولة و فتحتها وأخرجت هاتفها مستقبلة مكالمة والدها وتحدثت في صوت خفيض مُجهد:

_ ألو، إيه يا بابي؟

يُحدثها وهو يقف في أحد أركان الفناء بين الغرف في الطابق العلوي، خافضًا صوته:

_ إيه يا شاهستا كل ده تأخير! مش قولنا تيجي بدري علشان مامتك؟! اديها جت، وكمان عمر تحت وسأل عنك وهي قالتله فوق وأكيد هتطلب من الخدامة تطلع تناديلك

عقدت حاجبيها في ضيق وهتفت:

_ هو الإنسان عمر ده إيه اللي جابه؟ بجد يعني مفيش دم خالص، ده أنا يعتبر لسه طرداه المرة اللي فاتت أما جيه

_ سيبك منه دلوقتي و قوليلي جاية امتى؟ أنا مش ناقص مشاكل مع ريناد!

_ خلاص يا بابي أنا مسافة السكة يعتبر وهبقى أحكي لحضرتك كل شيء أما أرجع

_ تمام، أما توصلي رني عليا اقف في البلكونة بتاعت الأوضة واديكي من السبت البجامة بتاعتك تدخلي من الباب الخلفي مش الرئيسي تلبسي بسرعة البجامة وبس كده، وأنا هحاول اعطلهم بكل الطرق تحت لحد أما توصلي وانتي يلا أسرع

_ حاضر يا حبيبي.. بس لو شفتني وأنا داخلة من الباب الخلفي هقولها إيه؟ يعني لو لبست البجامة و وأنا طالعة اوضتي مثلا هي راحت شيفاني أعمل إيه؟

_ قولي لها زهقت من الأوضة وكنت في الجنينة شوية وبس كده

_ حلو، بابي انت بتتكلم منين كده، حاسة صوتك واطي أوي هي جمبك؟

_ لا مش جمبي، هي قاعدة تحت مع عمر وأنا فوق واقف في الطرقة أهو قصاد اوضتك  بكلمك، علشان تبقى عيني عليهم لو طلبت حد ينادي عليكي أعطله، فهماني؟

ابتسمت لتدبر وتخطيط والدها لأجلها ثم هتفت:

_ مش عارفة أقولك إيه بجد بجد thanks

_ ما بينا يا روحي، يلا عجلي

_ حاضر، باي.

أنهت المكالمة، وضغطت على الزر لتدخل لها الممرضة، وما إن ضغطت حتى وجدت أمير قد دخل الغرفة عليها مهرولًا يبدو على ملامح وجهه الخوف والقلق، وتزامن مع دخوله، تحدثه:

_ شاهستا، حبيبتي انتي كويسة؟ ايه حصلك؟

ولت وجهها عنه( تجاهلته متعمدة عدم النظر إليه)، اقترب منها وجلس جوارها وتحدث:
_ شاهستا أنا عارف إنك مش عايزة تبصي حتى في وشي، بس صدقيني أنا مكنتش أعرف..

قاطعته ناظرة إليه في ضيق وتحدثت في نبرة صوت حادة:

_ ماكنتش تعرف ايه بالظبط؟ ماكنتش تعرف إنك أما تتحالف مع منة وتنقل لها إخباري إنك كده بتخوني ولا انت عبيط ولا إيه نظامك؟
_ اه فعلا ماكنتش أعرف يا شاهستا، بس اللي ماكنتش أعرفه إنك راسمة تكملي حياتك مع وليد، كل اللي أعرفه إنك بتلعبي بالراجل علشان تنتقمي من منة وترجعي لعمر، وهو ده اللي جمعتينا علشانه أنا وماما وبابا،

خفت أضيع عليا فرصة مهمة زي دي، منتج مهم كان نفسي من زمان اشتغل معاه، لأجل لعبتك اللي كانت المفروض بتنتهي لأن ماما أكدت ده وكل شوية تقول شاهستا هتطلق شاهستا هتطلق، روحت حرقت دم منة
وقولتلها كانت لعبة عليكي، ولازم تعرفي إني في الأول كدبت عليها وقولتلها إنك أطلقتي من وليد وانتي فعلا كان المفروض تسبيه يا شاهستا
بس انتي اصريتي تكملي لحد أما تتجوزيه وتعملي فرح وحبيتي اللعبة، على حساب الجميع ومصالحهم ومشاعرهم.

هي اكتشفت اني كداب وكانت جاية تبوظ الاتفاق اللي عملته أخيرا مع المنتج مرة ورى التانية مع تأكيد ماما إنك هتنفصلي قولتلها إن دي لعبة وانك هتسيبي وليد علشان تحل عنك وعننا كلنا

زفرت في ضيق وهتفت:

_ والله! بس أنا قولتلك يا أمير أما اتقابلنا في النادي، قولتلك لا أنا مش هسيب وليد وانت هددتني إني لو ماسبتوش هتروح تقوله عليا يا أمير وتكشف سري، حد يهدد أخته كده؟

دخلت الممرضة متحدثة في نبرة صوت تحمل في طياتها الاعتذار والخجل وتحدثت:

_انا آسفة جدا على التأخير يا مدام شاهستا، أي أوامر؟

_ اه، عايزة امشي

_ أيوة بس لازم ترتاحي شوية لحد أما الدكتور تيجي وتطمن عليكي وبعدها تقدري تمشي

_ لا، همشي دلوقتي أنا مستعجلة وحاسة إني بقيت أحسن، هطلع على مسؤوليتي الشخصية

_ لو سمحتي الحساب تحت صح؟
تحدث أمير متسائلًا

ردت الممرضة:
_ اه يا فندم تحت، بس الأستاذ اللي كان معاها خلص الحساب أعتقد قبل ما يمشي

ابتسمت شاهستا عندما شعرت بأن اهتمامه ربما سيعود، ورد أمير في ابتسامة:

_ تمام شكرا، نقدر نمشي بقى ولا هي حالتها ماتسمحش خالص؟

_ هنمشي يا أمير أنا كويسة بقول ولازم نمشي وحالا.

ردت شاهستا بدلًا من الممرضة.
             ******
_ هتفضلي بصالي كتير؟ نعم جاية عايزة مني إيه تاني؟

تحدث وليد منتظرًا من منة أي رد ليعرف لماذا هي هنا الآن، وبالفعل ردت عليه منة:

_ وليد، هو انت مش ناوي تنتقم لنفسك من اللي عملته شاهستا فيك؟

ابتسم ورد ساخرًا:

_ طب وانتي يا مالك منة! انتقم مانتقمش.. عايزة إيه أنتي؟

_ مالي ده إيه! انت ناسي إن أنا اللي عرفتك حقيقة طليقتك ولا إيه؟

_ مش ناسي بس اعملك إيه يعني! اديكي جايزة ولا إيه! خلاص شكرا إنك عرفتيني، هل ده بقى يديكي الحق تتدخلي في حياتي؟

_ وليد، أنت حلم من أحلام حياتي وهحققه

_ هو أنتوا جايبين البجاحة دي منين!

_ من الناس اللي قبلناهم في كل مراحل حياتنا كلها، هو أنت فاكر إيه! الدنيا حلوة؟ يعني عايز تقولي إن درس شاهستا مش هيعلمك البجاحة بعد كده؟

نهض في ضيق شاعرًا بتفاهة ذلك الحديث وهتف:

_ طب يلا يا منة مع السلامة أنا مش ناقص وجع دماغ صدقيني، فرصة سعيدة

نهضت هي الأخرى عابسة وأخذت تقترب منه، وتحدثت وهي تنظر إلى ملامح وجهه عن كثب:

_ بس انت هتتجوزني يا وليد، وقريب كمان.. لازم اخدك وهي لازم تشوفني معاك ويتحرق دمها

صاح في غضب:

_ لا بقولك إيه انتي وهي، أنا مش الأداة اللي كل شوية هتستخدموها علشان تخلصوا من عقدكم النفسية وانتقامتكم اللي أنا مليش أي دخل فيها، حلوا عني وروحوا انتقموا من بعض بعيد عني، سامعة؟!

ابتسمت وردت:

_ عايزة أقولك إن شكلك بيبقى حلو أوي وانت متعصب وغضبان، عمري ما شفت راجل بيزعق ويبقى مسكر بردو زيك، انت إيه مثالي؟

_ لا انتي اللي مراهقة لسه وعمرك ما هتوصلي تقريبا لمرحلة النضج بالقرف اللي انتي فيه ده

اطرقت تفكر بالأمر، ثم ردت في ابتسامة:
_ جايز بردو، شايف أنت الوحيد اللي من حقك تغلط فيا ازاي؟ راجلي بقا.

زفر في ضيق ثم أشار بيده جهة الباب متحدثًا:

_ طب يلا يا منة مع السلامة نورتي

_ لاحظ يا وليد إني عمالة اتكلم بالأدب

_ يلا يا منة بره، وطريقي ده انسوه خالص بقى يلا

اقتربت منه أكثر ومن أذنه بالأخص وهمست:

_ لو متجوزتنيش يا ابن الحسيني هفضح عيلة الحسيني الكرام كلهم قصاد الحي والأحياء المجاورة

صمت يستوعب ما تقوله، ثم فرك لحيته وتحدث:

_ هتعملي إيه يعني؟

ابتسمت وردت:

_ أيوة كده أرجع لوعيك، أما بالنسبة لهعمل ايه، فأنا هقولك
كل الفيديوهات اللي معايا دي هعرضها في شاشة كبيرة في نص الحي، ونقول إيه بقى شاهد قبل الحذف، زوجة الشيخ وليد وهي تخونه مع عشيقها، ده هيبقى صك صحفي تحفة بعدها، ده أنا إعلامية بقى ودايسة في المجال، صدقني هخليك ترند وحديث السوشيال ميديا، اشكرني بقى ده أنا هشهرك

حدق عيناه ناظرًا إليها بنظرات مليئة بالغضب الشديد وتحدث:

_ اعملي ما بدالك يا منة، اشربي من الترعة

_ بلاش علشان والله لتندم.

صاح في غضب:
_ انتي رخيصة وملكيش قيمة ولا لزمة وده اللي بقيت بكتشفه كل يوم، تفتكري إنك كده هتعرفي تعيشي معايا يعني؟ غوري يا منة من وشي غوري انا مش طايقك

_ أنا هندمك انت وهي على اللي عملتوه فيا، عملتولي مفاجأة واتجوزتوا وهي قدرت بفضلك تعيشني أيام صعبة وتقهرني تاني، وأنا هردهلكم، لأني مبقتش اسيب حقي لحد خلاص

_ يلا يا بت غوري من هنا يلا يلا

_ ماشي هغور ومهلة انتظار الرد مش كتيرة، هما يومين يا تقولي فيهم بينا على المأذون يا أنا هفهم لوحدي إني لازم افضحك بقى

انصرفت من أمام وجهه بعدما أشعلت نيران الغضب والثوران داخله، فهو يكره أن يرى وجهها حتى ، فكيف له أن يتزوج بها؟ وما إن فتحت باب الغرفة لترحل، وجدت أسر واقفًا يبدو أنه كان سيدخل، نظرت إليه في ضيق، بينما هو نظر إليها في قرف واشمئزاز ولم يكن بينهما أي محادثة تذكر، فبعد تلك النظرات، تابعت منة طريقها نحو الخروج، بينما هو تجاهلها ودخل لصاحبه ذلك الغاضب القانت، وتحدث ما إن رآه في ذلك الوضع:

_ مالك يا وليد! الزفتة دي كانت عايزة إيه؟

ارتمى وليد على الكرسي رافعًا رأسه إلى الأعلى وتحدث:

_ يا الله يا الله

اقترب منه أسر ووقف أمام الكرسي الذي يجلس عليه وهتف:

_ في إيه يا وليد بس؟

رد وهو يفرك شعره شاعرًا بعدم الارتياح:
_ مش عارف ألقيها منين ولا منين يا أسر، صداع ياربي صداع، أنا حتى مش عارف أحزن، مش لاقي وقت اتخطى فيه من كتر ما البلوى التانية بتخش تقولي وأنا كمان.

شد أسر أحد الكرسي وجلس عليه وتزامن مع جلوسه هاتفه:

_ في إيه يا وليد، طب احكيلي طيب، انت من أول يوم جيت فيه عندي وأنا هتجنن وأعرف إيه اللي حصل لدرجة يخلي عمي شعبان يطردك! بس احترمت كلامك وقتها أما طلبت مني مسألش، بس أنا حاسس إن كل شوية يحصل معاك حاجة
قول يا وليد قول، يمكن اقدر اساعدك أو على الأقل تكون فضفضت بدل ما يجرالك حاجة

أطرق وليد غارقًا في مشاكله عاجزًا عن معرفة كيف يرد ومن أين يبدأ!
            *****
_ أهلا يا عمر نورت

هتف علي وهو ينزل الدرج

ابتسم عمر ونهض مادًا يده كي يصافحه وتحدث:

_ أهلا يا اونكل أنا تمام

صافحه علي وتحدث في ابتسامة وهو يجلس على الأريكة:

_ أقعد يا عمر

جلس عمر وتحدث:

_ Thanks
_ welcome , خير يا عمر في حاجة ولا إيه؟
_ خالص يا اونكل، أنا بس كنت جاي علشان أتكلم مع شاهستا شوية
_ في إيه؟

نظر عمر إلى ريناد، والتي ابتسمت وردت:
_ عمر عايز يبدأ مع شاهستا صفحة جديدة وانت عارف يا علي إن عمر بيحب شاهستا أوي
_ اه عارف طبعا، وعلشان كده سبها سنين مقهورة علشان الفلوس بصراحة عمري ما شفت حب زي ده!
_ يا اونكل صدقيني، عمي هو اللي..
_ خلاص بقى يا عمر تعبنا من المبرر ده، مفيش أي حاجة في الدنيا ممكن تشفعلك عندي اللي عملته في بنتي، على الأقل خالص كنت ممكن تقولها أنا هسيبك لسبب الفلاني وأما أخلص حواري الفاكس ده مع عمي هنرجع، على الأقل كان ممكن تقولها أي حاجة تصبرها، أي حاجة تفهمها بيها هي ليه اتسابت بالشكل ده رغم إنها ماعملتش أي حاجة ليك.
_ معاك حق في كل كلمة قولتها بصراحة، بس أنا مجاش في دماغي أقول كده لاني ماكنتش عارف احنا هنرجع تاني ولا لا ماكنتش عارف هقدر أخد حقي من عمي ولا لا وامتي وعلشان كده محبتش اعشمها بحاجة مخفية بالنسبالي وغير معلوم حتى

تدخلت ريناد مدافعة عن عمر:
_ خلاص بقى يا علي، عمر ندمان وماكنش يعرف كان لسه صغير بردو، وبعدين بنتنا انتقمت منه بردو أما اتجوزت غيره وعيشته نفس القهر

رد عليها عمر في استعطاف:
_ صدقيني يا طنط أنا اللي اتعذبت مرتين، مرة أما سبتها غصبن عني والتانية أما اتجوزت من الفلاح.

قالها ثم وجّه حديثه إلى علي متحدثًا:
_ أرجوك يا اونكل سامحني أنا والله بحب شاهستا أوي ونفسي نرجع، ممكن بقى بعد أذنك تسمحلي أتكلم معاها؟

وفي تلك الأثناء دخل أمير الڤيلا من جهة الباب الرئيسي، ساحبًا انتباه الجميع ناحيته بالأخص عندما تحدث في صوت عالي أثناء دخوله:
_ ماما القمر اللي وحشاني، كان بقالي فترة مشغول بالشغل ومش بشوفك

ابتسمت باسطة له ذراعيها وهي تقول:
_ حبيبي اللي وحشني

وما كان ذلك إلا تمويه حتى تستطيع شاهستا أن تدخل من الباب الخلفي دون أن تراها والدتها كما خططت مع والدها، أخذت تمشي في حذر على أطراف قدميها، ونجحت في التخفي من ريناد، وأخذت تصعد السلالم متجهة نحو غرفتها لتبدل ملابسها سريعًا

احتضن أمير أمه ثم أبيه وصافح عمر وجلس.
أما عمر فقد زفر شاعرًا بالملل وتحدث:
_ أكيد يعني شاهستا صحيت أنا بقالي ساعات قاعد هنا مستني والساعة داخلة على ١٢ نص الليل
_ اه فعلا ممكن صحيت دلوقتي هي أصلا مش بتنام كتير، هطلع ابص عليها
تحدثت ريناد ثم صعدت كي ترى ابنتها، التي بدلت ملابسها وارتمت على سريرها شاعرة بالإرهاق، ولم تمر دقائق عديدة على ذلك الحال، حتى سمعت أمها تدق باب غرفتها.
تنهدت شاهستا ثم هتفت في صوت عالي:
_ ادخل

دخلت أمها وهي تبتسم وتحدثت:
_ عمر تحت انزلي بعد أذنك شوفيه

زفرت في ضيق وهتفت:
_ استغفر الله العظيم يارب، هو إيه البني آدم ده! مش أنا قلت ميت مرة مش طيقاه؟
_ انزلي شوفي هو عايز إيه، قال أنا عندي جديد
_ مامي، جديد عمر كله بالنسبالي أنا قديم هو عايزني وأنا مش هوافق مهما ذَوّق كلامه وحاول معايا
_ يا شاهستا..
_ مامي بليز، صدقيني أنا تعبانة ومش قادرة أقابل حد ولا قادرة أقابله، قوليله نايمة
_ يا شاهستا من أمتى وعلي قال إنك نايمة!
_ عادي أنا بنام كتير أنا حرة هو أنا نايمة في بيته؟

نظرة إليها نظرة مليئة باليأس ثم تحدثت في ضيق:
_ ماشي يا شاهستا على راحتك بردو

استدارت كي تمشي، وأثناء سيرها نادت عليها شاهستا، توقفت ريناد واستدارت جهة ابنتها تارة أخرى وهتفت:
_ نعم يا شاهستا؟
_ متقوليش لعمر أي حاجة تخص الأولاد اللي في بطني، أوعي يا مامي بليز تقوليله إني حامل، تمام؟
_ اشمعنى؟
_ بليز يا مامي بليز
_ تمام يا شاهستا تمام، أما اشوف اخرتها معاكي بجد

أنهت كلامها مع ابنتها وسارت مغاضبة، تتبع أثرها شاهستا، ثم نهضت وأخرجت ملابس أخرى جديدة من خزانتها، واتجهت نحو الخلاء حتى تستحم.
في الحقيقة كانت تود في المقام الأول أن تهرب من أفكارها حول ما حدث بينها وبين وليد اليوم، لقد كان حديثًا قاسيًا ومعاملة حادة.
وبالفعل أخذت ملابسها ودخلت الخلاء، وفتحت صنبور المياه لتتدفق داخل حوض الاستحمام، تنظر شاهستا إلى المياه وهي تتدفق شاردة الذهن..
ومن ضمن ما شردت به، كلماته التي رماها في وجهها كالقنبلة عندما أخبرها أنه خصيمها يوم القيامة وهو من سيشتكيها إلى الله، تتذكر أيضًا ركوعها أمام قدميه، وتجاهله لدموعها وتوسلها، كما أنها تذكرت أيضًا كلام ونصائح الأطباء بألا تبكي كثيرًا حتى لا ترهق نفسها لأجل الجنينين، ذلك حاولت حبس دموعها، وظنت أنها قادرة على حبسها داخل عينيها، وجاهدت في ألا تبكي عيناها.. فأمطرت.
وما إن وجدت تدفق دموعها كالماء الذي يتدفق في حوض الاستحمام، حتى أخذت تزيلها محاولة ألا تترك نفسها حبيسة داخل ذلك الاكتئاب ولكنها فشلت فشلًا زريع في السيطرة على الأمطار المتدفقة من عينيها والتي روت ملامح وجهها كله. وبدأت أصوات شهقاتها تتعالى وتزداد، وضعت يدها على فمها  ظنًا منها أن أصوات شهقاتها ستهدأ وتقل عندما تفعل ذلك، تحاول شاهستا أن تخرج من تلك الدائرة التي تحاوطها بالاكتئاب والضيق، ولما رأت أنه لا فائدة فالدموع تنهمر كما هي وأصواتها تتعالى لا تتوقف، مدت يديها داخل حوض الاستحمام وملئت كفيها بالماء ثم أخذت تسكبه على وجهها في سرعة، لتعود سريعًا بمليء يديها للمرة الثانية والثالثة وهكذا، كررت ذلك مرارًا.
ولكن يبدو أنه لا فائدة الحالة تشتد عليها، تشعر أنها تود أن تصرخ بأعلى صوت طالبة النجدة أو الرحمة.
تشعر أنها تختنق غير قادرة على التنفس، لذلك أسرعت بفتح  الحمام المطري ( الدوش) ووقفت تحته.
تتدفق المياه منه من فوهات متعددة على رأسها وكل جسمها.
تقف تحته بملابسها- فلم تنزعها بعد-، مغمضة العينين مُسلمة نفسها للمياه حتى تسترخي قليلًا وتبعد عنها كل تلك الأفكار، وبينما هي مغمضة العينين، تذكرت نظرات وليد لها وهو يرميها بهم شاعرًا بالخذلان والخزي والعار عما لحق به بسبب فعلتها.
تذكرت وقتما ابتعد عنها ولم يرض أن يجعلها تسند إلى كتفه وحتى أنه لم يستجب لطلبها وتركها في المستشفى وحدها. هذا ليس وليد..
هذا ليس هو..

فتحت عيناها وأخذت تتنفس وتتنفس بصعوبة، شاعرة بضيق تنفس شديد، وأحست بدوران مفاجئ لذا جلست على أرضية الخلاء وأحاطت ركبتيها بذراعيها، وبدأ جسدها يرتعد من شدة البرد وكذلك شفتاها.
أسندت رأسها إلى الحائط والدموع لا تتوقف وكذلك تدفق المياه...
            ******
وبعد مرور صمت تام بين الطرفين، قرر وليد أن يبوح عما في صدره أخيرًا وذلك عندما هتف:
_ شاهستا حامل

التفت إليه أسر في سرعة غير مصدقًا أنه تحدث أخيرًا في ذلك الموضوع ورد:
_ بجد؟!
_ في تؤام كمان

ابتسم أسر ورد:
_ ألف مبروك يا حبيبي، يمكن ده يبقى السبب اللي يرجعكم لبعض

ابتسم ابتسامة ساخرة ثم تحدث:
_ نرجع؟! ياه ده أنا بقيت متأكد إني لو رجعت لشاهستا تاني هتبقى حاجة من عجائب الدنيا فبدل ما هما سبعة هيبقوا تمانية
_ ليه يعني عملت هي إيه لده كله نفسي أفهم؟!

تنهد وليد ثم نظر إلى عيني أسر وتحدث:
_ خانتني، وكدبت عليا وخدعتني واستغلتني وأي حاجة فيها إساءة بقى ضمها للمجموعة

اتسعت عيني أسر في حدقة، وتحدث:
_ إيه ده إيه ده؟! إيه كل ده؟ حصل إيه يا وليد أتكلم!
_ طلعت وخداني سلم علشان توصل لعمر وتنتقم من منة.. شاهستا بعد جوازنا قلعت الحجاب وراحت ديسكو وباتت في شقة عمر وحطتلي منوم في العصير.. شاهستا عملت معايا اللي ميعملوش عدو في عدوه

أخذ أسر يقلب كفيه في اندهاش وهو يقول:
_ لا إله إلا الله، لا إله إلا الله بجد إيه القرف اللي هي عملته ده وليه ليه كده؟!
_ قولي أنت بقى يا أسر، ليه؟ ليه كده ؟! تقريبا ده جزائي علشان وقفت قصاد أهلي عشانها، تقريبا ده علشان حبتها واخترت أكمل معاها.. أو يمكن علشان انقذتها منهم وعرضت حياتي للخطر وحياة أسرتي كمان.. تجاهلت منة وأفعالها تجاهلت كلام عمي وتجاهلت كل حاجة إلا مشاعري اللي كانت بتحركني تجاها وكنت حاسس إن حياتي من غيرها مش نافعة، ماهي البنت الوحيدة اللي دق قلبي ليها وحبها..
اديني أهو مش عارف أعمل إيه، وكده كده مضطر أنساها، كان لزمته إيه بقى العند من الأول ؟!

تنهد أسر ورد عليه في نبرة صوت تحمل في طياتها الود والحنان:
_ هون على نفسك يا حبيبي، ده مش غلطك ده قدر ومكتوب، انت حبيتها وبصراحة هي كانت ليها ألاعيبها وحركتها وتأثيرها عليك، ومن الطبيعي إنك بتثق فيها لأنها مراتك وعلشان كده اخدت وقت عقبال ما اكتشفت أصلا

ابتسم في سخرية أكبر ورد:
_ اكتشفت؟! لا انا ماكتشفتش حاجة دي منة هي اللي اكتشفت وقالتلي، وجيبالي بقى إيه كله صوت وصورة زي ما بيقولوا ويارتها اكتفت بيا، لا دي راحت عرفت أهلي كل حاجة
_ اه فهمت، علشان كده عمي شعبان طردك؟
_ طبعا اومال! وهو عمك شعبان هيراعي؟! ازاي يعني هو مش حذرني قبل كده؟! ده ما صدق يا أخي علشان أطلع الغلطان قدامه، دي فرصته هو وعمي محرم ازاي يضيعوها يعني!!

نظر إليه أسر آسفًا وسكت، تابع وليد حديثه:
_ وأصلا أنا مش طايق نفسي بسبب اللي حصل تقوم منة تطلعلي من تحت الأرض، تقولي يا تتجوزني يا أفضحك ومعاك يومين تفكر
_ هي الزبالة دي كانت هنا علشان كده؟
_ اه علشان تهددني هي جت عليها!!

تنحنح أسر ثم هتف بنبرة صوت مضطربة:
_ طب.. طب... يعني.. أقصد..
_ إيه يا أسر التعاويذ دي! ما تقول علطول طب إيه وعايز إيه؟
_ أقصد يعني، أنت متأكد إن العيال اللي في بطنها دول ولادك؟

هز رأسه مؤكدًا على كلامه.
عقد أسر حاجبيه في استغراب وهتف:
_ أنت لسه بتثق فيها؟
_ لا خالص، الموضوع ملوش علاقة بالثقة ولا زفت، أنا متأكد انهم عيالي وإنها مرتكبتش زنا لسبب واضح جدا يعني فيه دليل بالنسبالي ملموس ملوش علاقة بقى بالمشاعر والحب والهطل ده.

صمت برهة وتابع حديثه في نبرة صوت تحمل في طياتها التردد:
_ أو الله أعلم بردو، يعني في كل الأوقات اللي قدمتلي فيها منة الأدلة اللي بتكشف بيها حقيقة شاهستا، أنا متأكد إن شاهستا في الأوقات دي معملتش غلط، بعد كده معرفش بقى.. حتى مش عارف ليه منة ماجبتش أدلة على الفترات دي! مش عارف هل معرفتش تجبها ولا شاهستا كانت اتوقفت ولا إيه بالظبط؟!

وما إن لفظ بذلك الكلام، حتى تذكر اليوم الذي أخبرها فيه عن خيانة طارق له، تذكر أنها في ذلك الوقت كانت ذات حالة مضطربة وتفوهت بكلمات كثيرة غريبة وعجيبة حتى أنه لم يفهم منها شيء، ثم تذكر أخيرًا أنها قررت في اليوم نفسه أن تجعله أول يومًا لهما معًا.
والجدير بالذكر أنه تذكر اضطراب حالتها هذه على فترات عديدة، انتهت جميعها بعد أول يوم لهما.

قاطع أفكاره تلك، أسر وذلك حينما قال:
_ وايه هو بقى الدليل الملموس اللي معاك؟

التفت إليه وليد واردف:
_ مش مهم... المهم إن أنا عارفه كويس اوي الدليل ده ومتأكد منه كمان.
أنا الفترات الجاية همشي بالأدلة والبراهين والتحليل لكل شيء أنا خلاص بطلت شغلانة تصديق الناس دي.

قالها وزفر في ضيق ثم واصل حديثه وهو ينظر جهة السرير:
_ ما تيلا يا أسر ننام علشان نعست أوي وكمان الوقت أتأخر جدا

توقف برهة عن الحديث ونظر إلى ساعة يده وتابع:
_بقت ٢ أهي، يلا يدوب ألحق اخطف لي ساعتين قبل الفجر..
             ******
وفي صباح اليوم التالي، كانت تهاني تتجهز في غرفتها للخروج، وانتهت من إعداد نفسها وخرجت من الغرفة، فوجدت رضوى تجلس على الأريكة تحتسي كوب من الشاي، ما إن رأت والدتها حتى هتفت:
_ صباح الخير يا ماما
_ صباح النور يا حبيبتي
_ على فين كده يا ست الكل ؟
_ رايحة السوق وبعد كده همر على مرات خالك سعاد اقعد معاها حبه وراجعة، خلي بالك من اختك أوعى أرجع الاقيها منتحرة دي مجنونة
_ لا لا متخافيش يا ماما
_ ماشي، سلام
_ سلام

انتظرت حتى ذهبت أمها، وتركت كوب الشاي ودخلت غرفة أختها والتي وجدتها لا تزال تتناول فطورها، اقتربت منها حتى جلست بجانبها على الأريكة وتحدثت:
_ صباح الخير يا عاليتي

نظرت إليها وتحدثت في صوت خفيض:
_ صباح النور
_ إيه ده؟ مال صوتك؟ بتتكلمي بصوت واطي ليه كده؟

ردت في تلقائية وثقة:
_ معيطة بس طول الليل
_ إيه ده؟ ليه كده يا عاليا؟

اطرقت..
كررت رضوى سؤالها تارة أخرى:
_ ليه كده يا عاليا؟ ردي

تركت عاليا الخبز من يدها والتفتت بكل حواسها جهة أختها وتحدثت:
_ قوليلي يا رضوى
_ قولي يا قلبي
_ انتي عادي بالنسبالك إني اتجوز رأفت؟

اطرقت رضوى وتلعثمت الأحرف بين شفتيها فكل ما ردت به حرفان يدلا على توترها عندما طرح عليها السؤال:
_ ها؟!
_ اه بكلمك بجد
_ لا طبعا يا عاليا أكيد مايرضنيش إنك تتجوزي صايع زي ده
_ طب الحمدلله يا رضوى إنك فاهمة ده، بس...
_ يا عاليا يا عاليا هاني بيطير مني، مانتي عارفة إني بحبه من زمان وهو كمان ونفسه يجي

نهضت عاليا صارخة:
_ يعني إيه يعني يا رضوى يعني إيه؟ طب ما أنا والله العظيم نفسي اتجوز والله يا رضوى عايزة، أنا مش قاعدة غتاتة مني بس بجد أنا مش لاقية أي حد من اللي بيتقدم مناسب وجيت انتحر علشان اريحكم مني منعتوني، طب أعمل إيه؟؟

نهضت الأخرى ووضعت يديها على كتفي أختها وردت في هدوء:
_ أهدي بس يا قلبي بلاش زعيق محدش عايز يخلص منك ولا حد عايز يرميكي خلاص، بس عايزين نفرح بيا وبيكي

ضربت بكفها الأيمن على الأيسر واردفت:
_ طب أنا طالع في أيدي إيه بقى؟!
_ طالع بس انتي اللي مش عايزة تعملي حاجة
_ طب قوليلي المفروض أعمل إيه؟
_ طب اقعدي بس اقعدي خلينا ناخد وندي

قالتها وهي تمسكها من كتفيها تُجلسها، تأففت عاليا وجلست مستجيبة لأختها، وما إن جلستا حتى هتفت رضوى:
_ أسر كويس يا عاليا
_ أسر مين؟
_ الشاب اللي زارك أول يوم في المستشفى

تأففت عاليا تارة أخرى شاعرة باستخفاف أختها بالأمر وتحدثت:
_ يوه يا رضوى مش أنا قولتلك انسي الأحلام الوردية دي؟
_ ليه يا عاليا تبقى أحلام ليه؟ طب ماهي مش معجزة إحنا عادي أما نحققها
_ يا بنتي نحقق إيه وزفت ايه؟ هو أسر ده اصلا هنشوفه امتى تاني؟؟
_ يا بنتي ماهو أسر صاحب وليد

ضربت بيدها على صدرها وهتفت:
_ عايزاني أروح أقول لوليد جوزني لصاحبك ولا ادور اتدلل عليه؟

تضايقت  رضوى بشدة وتحدثت في صوت عالي:
_ الله جرا إيه يا عاليا بقى! ما تهدي وتسمعي اللي عايزة أقوله على أساس إنك أما تقولي لوليد جوزني صاحبك هيقولك حاضر ومش هيهزقك يعني ويقولك احترمي نفسك!
_ اومال هنعمل إيه يعني زهقتيني
_ نلفت انتباه أسر لينا بقى!
_ ازاي؟
_ وافقي انتي بس وأنا أقولك كل اللي في دماغي

زفرت عاليا في ضيق وهتفت:
_ فالنفترض إني وافقت، قولي بقى يا ذكية هنعمل إيه؟
_ نروح زيارة لخالنا شعبان ونقعد معاهم فترة وطول الفترة دي نعرف كل أخبار أسر وبعدها ماما تطلب من مرات خالك إنها تعزم أسر عندهم، واللي فهمته يعني إن أسر ده صديق عليتهم وبس كده هو هيجي وبكده نكون خلقنا المقابلة التانية بينكم

أنهت كلامها وأشارت بإصبعها نحو عقلها وتابعت:
_ ها؟ إيه رأيك في خطتي تحفة صح؟

تنهدت عاليا وردت:
_ يا رضوى افهميني أنا مش عايزة أعمل كده، كل بيت خالك هيبقوا باصين لي على إني يا عيني البت اللي مش عارفة تتجوز وهيبقى في نظرات شفقة منهم تجاهي وكمان لو أسر جيه كَل وقام مشي ولا عبرني ولا فتح موضوعي تاني، هيكون إيه شكلي قدامهم؟ يا ستي بلاش قدامهم، هيكون شكلي أنا إيه قدام نفسي؟
_ عاليا انتي ليه باصة للموضوع بحساسية كده!
_ كده علشان هو فعلا حساس وبالأخص بقى لو عرف وليد كل ده هيكون باصصلي على إني واحدة بتدلل على صاحبه علشان مش لاقية يا عيني حد يتجوزها
_ يا شيخة يا شيخة حرام عليكي بقى هو وليد بتاع الحركات دي بردو؟
_ ماهو يا رضوى مش هيجي يقول كده في وشي بس ممكن يخطر على باله، وأنا مش عايزة حد يشوفني كده، ارجوكي يا رضوى افهميني، أنا هفضل اعف نفسي ومعززاها ومتأكدة إن ربنا هيجبلي الأفضل، عارفة يا قلبي إني ظلماكي وانك نفسك تكوني مع حبيبك بس..بس..

وقبل أن تكمل كلامها، ركضت فجأة وهي تقول:
_ يالهوي الأكل اللي على النار زمانه اتحرق

تتبع أثرها رضوى وهي تجري وتمتمت:
_ لو انتي هتسكتي يا عاليا فأنا مش هسكت، لازم تتجوزي أسر ده بسرعة..
            ******
كان فايز يجلس على الأرجوحة التي كانت تقع في أحد أركان حديقة منزله، شارد الذهن، واضعًا الأوراق الخاصة بحالة منة على فخذيه، وبينما هو شاردًا، جاءت من خلفه فتاة وقبلته من خده وتحدثت:
_ حبيبي سرحان في إيه؟

أطلق زفيرًا طويلًا وهتف:
_ سما، خضتيني!

ابتسمت وجاورته على الأرجوحة وتحدثت:
_ إيه يا حبيبي، سرحان في إيه يا ترى؟
_ ولا حاجة، حالة من الحالات المرضية بتاعتي، بل تعتبر أصعبهم تعقيدًا
_ منة المرشدي صح؟
_ بالظبط، احترت لأمرها، منة فعلا محتاجة كورس علاجي تكون مؤمنة بيه يا سما، فكرة بقى إنها تكون مش عارفة إني طبيب معالج وأنا أفضل أمثل إني صاحبها ده هيضرها لأن حالتها مش سهلة خالص ولا مبتدئة
_ يا ربي يا فايز! طب ما ترجع للدكتور اللي اداك الحالة دي وفهمه خطورة الموقف

هز رأسه متفقًا معها وهو يقول:
_ صح أنا لازم أعمل كده، أنا حتى عرفت والدها إن الموضوع صعب وإنها داخلة في تدهور أكبر واكتر
_ وقالك إيه؟
_ هو يا عيني مش عارف يعمل إيه منة محتاجة مشاعر محتاجة حد يحبها أوي أوي وجايز ده يساعدها في كورسها العلاجي، أما حد يحبها لشخصها ويعمل كتير لأجلها، لأجلها هي وبس..

قالها وتغيرت نبرة صوته إلى نبرة مليئة أكثر بالعطف والحنان:
_ صدقيني يا سما، منة دي طيبة وكان جواها شخص حلو بس للأسف اللي مرت بيه كان صعب، صعب بالمعنى الحرفي

اطرقت سما تفكر في كلام أخيها ثم ردت:
_ حلو، بما إنك أكتر واحد أدرى بشخصيتها وعارف إنها طيبة ودارس حالتها ومقدر هي بتحب إيه وبتكره إيه، ليه متتجوزهاش أنت؟

التفت إليها في انتباه كأنها فجأته للغاية بذلك الكلام ورد:
_ إيه؟ تصدقي بالله
_ لا إله إلا الله
_ أنا عمري في حياتي ما تخيلتني مع منة، ازاي أعمل كده؟ ده خارج حدود العمل يا سما، أنا بصفتي دكتور معالج أمين ماينفعش ابص للحالة اللي بدرسها على إنها أي حاجة تانية غير الحالة اللي بدرسها
_ طب وايه المشكلة لو أعجبت بيها؟ هو أنت هتكون مش أمين في إيه؟ انت مشاعرك اتحركت تجاها وحبيت تبقى معاها إيه المشكلة بقى؟
_ بس يا سما بس
_ إيه الغريب في كلامي؟
_ كله غريب حقيقي، وأصلا أنا آخر واحد ممكن يفكر فيها، أنا داخل حياتها من البداية كده بكدبه، مفهمها إني خريج تجارة انحلش وبابا عنده شركات في فرنسا وهبل كده أصلا ماينفعش مع واحدة فاقدة الثقة في صباع رجلها الصغير.. بفكر إني اصارحها بس خايف جدا من رد فعلها
_ هيكون قوي؟
_ جدا بجد

اطرقا الاثنان ولم نسمع إلا صوت الصمت التام بالإضافة إلى صوت الأرجوحة وهي تتحرك إلى الأمام تارة وإلى الخلف تارة أخرى، وتحدثت هي كاسرة ذلك الصمت:
_ طب ما تقابل حبيبها وتقوله حالتها، جايز يوافق يساعدك!
_ تفتكري؟
_ اه جدا، بالأخص إن هو شاب أخلاقي على كلامك يعني وانسان وكده
_ معاكي حق... لازم ولا بد من مقابلة مع وليد..
              *******
كانا يجلسان بجانب بعضهما البعض على كراسي مكتب أسر يذاكران حيث اقتراب موعد الامتحانات للغاية، وأثناء المذاكرة، شعر أسر بالملل لذا ترك القلم من يده وتحدث:
_ لا خلاص زهقت وتعبت، بريك بقى
_ بريك ايه يا ابني، احنا لسه بدئين مذاكرة!!
_ مانا تعبت يا وليد أعمل إيه؟ وبعدين معروفة يعني ساعة مذاكرة وتلاته بريك
_ قصدك عشرة بريك
_ أيا كان أهم حاجة سلامتي النفسية
_ يا ابني هنسقط!!
_ مش للدرجادي يعني يا وليد متكبرش الموضوع

زفر وليد في ضيق وهتف:
_ خليك أنت فاشل، أنا هكمل مذاكرة
_ حبيبي تسلم

عاد وليد إلى المذاكرة، بينما أسر أخذ يقلب داخل وسائل التواصل الاجتماعي، وأثناء تقليبه، تذكر أسر الاشتباك الذي وقع بينه وبين جاسر ليلة أمس، وعليه أراد أن يخبر به وليد حتى يكون على درايا بكل ما يحدث، وعلى هذا النسق، ترك الهاتف ونظر إلى صاحبه الغارق في مذاكرته، وتحدث:
_ وليد
_ ثواني بس
_ تمام خد راحتك

وفي تلك الأثناء صدح صوت هاتف وليد، ترك القلم من يده وتأفف:
_ في إيه بقى ما صدقت مسكت الكتاب!

ضحك أسر وتحدث ساخرًا:
_ أحسن علشان أنا قلبي غضبان عليك، قولتلك يلا بريك وانت قلت لا.
_ بس يالا بس مش ناقصك

قام وليد متجه نحو السرير حيث هاتفه، بينما أسر لا يزال يضحك ساخرًا منه، أمسك وليد بالهاتف، فوجد رقم مجهول هو المتصل، تعجب بعض الشيء ولكنه رد على أية حال:
_ ألو السلام عليكم
_ وعليكم السلام

اندهش وليد عندما سمع صوت انثى، ثم تحدث:
_ مين حضرتك؟
_ أنا رضوى يا وليد، مش ده رقم وليد بردو؟
_ رضوى مين؟ انتي مين؟!
_ رضوى بنت عمتك يا وليد في إيه؟!

صمت برهة يستوعب، ثم تحدث:
_ آه.. معلش مأخدتش بالي لا مؤاخدة، أزيك يا رضوى عاملة إيه؟
_ أنا الحمدلله، ازيك أنت يا وليد؟
_ بخير بفضل الله، وايه أخبار عاليا؟ أنا كلمت عمتي آخر مرة وقالتلي انها بقت أحسن
_ بالظبط كده هي بقت أحسن فعلا
_ طب الحمدلله، بلغيها كامل اعتذاري إني مقدرتش اجي زيارة ليها علشان بس عندي شوية مشاكل الفترة دي
_ متقلقش يا وليد عاليا مقدرة حاجة زي كده كويس يعني.
_ طب كويس، سامعك يا رضوى

تنحنحت وردت:
_ فاكر اليوم اللي انتحرت فيه عاليا؟

ابتسم ابتسامة ساخرة ورد:
_ طبعا هو أنا أقدر أنساه؟!
_ أسر صاحبك جيه عندنا المستشفى
_ أيوة عارف
_ وصراحة وقف معانا وقفة حدعنة ودفع هو فلوس العلاج كلها ومرضيش ياخدها أبدا، فياريت يعني يا وليد لو بتشوفوا اديله الفلوس دي علشان بس ميبقاش عيب ولا حاجة
_ اه اه فاهمك، طيب هو دفع كام؟
_ مانا مش عارفه أسأله كده، كلمه أسأله
_ ماشي يا رضوى حاضر هعمل كده، أي خدمات تانية؟
_ لا لا شكرا يا وليد
_ العفو، مع السلامة
_ سلام

أنهى المكالمة، ووضع الهاتف مكانه، قام أسر من مكانه وهتف مازحًا:
_ ولعة معاك انت يا ابن عمي شعبان، واحدة حامل وواحدة طلباك للجواز وانت أساسا مطنش الجميع ومرتبط برضوى، نمس يا برنس نمس
_ بس يا عبيط أنت، دي بنت عمتي
_ اللي انتحرت؟
_ لا أختها
_ آه، إلا صحيح يا وليد
_ نعم، وانجز عايز اذاكر

قالها واتجه نحو الكرسي ليعود مرة أخرى إلى كتبه، اتجه أسر ناحيته وجلس هو الآخر على الكرسي وتحدث:
_ هي بنت عمتك حاولت الانتحار ليه؟
_ علشان بس متأخرة عن الجواز شوية
_ مش فاهم؟
_ تخلف بعيد عنك، هما عايشين في قرية وانت عارف زن أهل القرية بقى عامل ازاي! عمتي أرملة وبتعول البنتين دول
_ بتعولهم؟ هما أطفال!! أنا شفتهم وهما ما شاء الله كبار يعني
_ عارف، بس عمتي خايفة عليهم اكمنهم بنات، علشان كده رافضة تسبهم يشتغلوا حتى
_ اه فهمت
_ احيانا بعذرها هي لوحدها بطولها وسط ناس مش بترحم مابيصدقوا يتكلموا، لكن بردو أنا مش مع إنها تجبر عاليا على الجواز
_ علشان كده حاولت الانتحار؟
_ اه تقريبا ده اللي استنتجته، علشان الشاب اللي اتقدم لها سيء السمعة وعمتي مش قادرة تقتنع بده فأجبرتها على الجواز منه راحت حاولت الانتحار، ده اللي ماما قالتهولي يعني من كام يوم في الشات
_ اممم، رغم إنه تصرف غلط ومحاولة الانتحار دي حاجة مش هينة، ولكن اللي نستنتجه إن عاليا دي عانت كتير، وإن دي مش أول صدمة تواجها، وفي النفس عجبني عزة النفس اللي عندها واحدة زيها كانت قبلت بأي حاجة تحت الضغط ده ولكن هي فكرت وأما عرفت إنه شخص غير مناسب وسيء السمعة، رفضت بكل قوة حقيقي برافوا عليها لأنها قوية فعلا
_ جايز كلامك صح، أقعد ساكت شوية بقى على الأقل أخلص الحتة دي!!

قالها وليد وانتبه إلى مذاكرته، بينما أسر قد شرد في أمر تلك الفتاة، وأثناء شروده، تحدث وليد:
_ اه صح يا أسر انت يوم المستشفى دفعت كام تمن العلاج بتاع عاليا؟!
                ******
_ اتفضلي يا آنسة
هتفت العاملة في ڤيلا السيد علي السيستاني وهي ترحب بأحد الزائرين إليهم، دخلت الفتاة شاكرة إياها ثم تحدثت:
_ ممكن بعد اذنك تناديلي مدام شاهستا؟
_ أقولها مين؟
_ قوللها جومانة الحسيني بنت عم طليقها وليد، وهي هتعرفني علطول
_ حاضر، ممكن حضرتك تدخلي بس في اوضة الانتظار لحد أما انادي الهانم؟!
_ اه طبعا شكرا ليكي
_ العفو، اتفضلي..
           *******
_ أيوة أيوة جاي أهو يا اللي بتخبط
هتف جاسر وهو يتجه نحو الباب ليفتح للطارق، وما إن فتح الباب حتى وجد، عمه شعبان يقف متربصًا له، اختض وتراجع إلى الخلف بضع خطوات وهو يقول:
_ عمي!!
_ إيه مش هتقولي اتفضل؟

قالها شعبان ودخل الشقة وغلق الباب خلفه في غضب، وقبل أن يتكلم أو يتخذ أي إجراء، سمع صوت هاتفه يصدح، زفر في ضيق وأخرجه من جيب عباءته ونظر إلى شاشة الهاتف وتحدث في غضب:
_ إيه الرقم الرخم اللي عمال يرن عليا بقاله ساعة ده؟! طب مش هرد بردو

وقبل أن يضع الهاتف في جيبه، تراجع وقرر أن يرد، لربما أصاب أي مكروه أهل بيته، لذا استجاب للمكالمة وتحدث:
_ ألو، مين معايا؟

ابتسمت منة لأنه استجاب لها، وتحدثت في ابتسامة:
_ ألو يا اونكل أزيك، أنا منة فاكرني؟؟
            *******
ركزوا معايا أنا لغيت الاتنين وعوضته ببارت طويل النهاردة، مواعيد الرواية بقت اتنين وخميس السبت اتغلى وده أنا قلته على الفيس وبقول تاني اهو علشان اللي مش عندي فيس، أي إلغاء او اعتذار يا جماعة أنا بكتب على الفيس مش هنا وده علشان مزودش عدد اجزاء الرواية وخلاص وتبقى زحمة مرة جزء ومرة اعتذار أو غيره، فأي حاجة تخص الرواية بقولها على الفيس، وبالمناسبة في جروب عملناه على الفيس بردو يسعدني انضمامكم لينا وشكرا
لقاؤنا يوم الإثنين القادم
دمتم بخير
سلمى خالد احمد.

             

Continue Reading

You'll Also Like

299K 22.3K 100
شعور أحمد خالد توفيق عندما قال "معني الصداقه الحقيقية أن أراك جديراً بأن أئتمنك على جزء من كرامتي". يقولون تألف الروح بمن تُحب، من الممكن أن يكون الم...
3K 226 10
الرواية مشتركة بين الكاتبة رحاب رضا عدس والكاتبة أفنان حجاج
94.2K 7.8K 8
نوفيلا كوميديا لرواية «مُتيمة بنيران عشقه».🕊
623 53 8
مُضيئة هي ك نور الشمس الساطع صباحًا، مُشتعلة ك النار التي لا تخمد.. مُعتم هو ك الليل و ظلامُه يُحيط به أينما ذهب، صاخب ك أمواج البحر في البرد القارس...