الواحد و الثلاثون

3.1K 124 6
                                    

ازيكم عاملين ايه
جاهزين؟؟
يلا نبدأ


ومع إصرار أخته وبكائها، هرول إلى شقة والده، وما إن خطى بيمينه الشقة حتى وجد أمه تعد الطعام على السفرة، رأته فابتسمت هاتفة: أي يا حبيبي جاي تاكل معايا صح؟

ابتسم خافيًا قلقه داخله، واردف: اه طبعا يا حبيبتي، اومال فين بابا؟!
_ قاعد في أوضته، دلوقتي يخرج علشان ياكل

_ هدخله أنا عايز اتكلم معاه شوية لوحدنا
_ ماشي يا حبيبي ادخل


تركها واتجه نحو غرفة أبيه وطرق الباب، وما إن أذن له حتى دخل هاتفًا: السلام عليكم يا حاج..
_ وعليكم السلام و رحمة الله وبركاته يا حبيبي.. تعالى

اقترب منه وجلس جواره على الأريكة وتحدث: بابا.. هو فعلا جاسر هيجيب المأذون و هيكتب كتابه على هنا؟!
_ اه
_ طب وحضرتك اخدت رأي هنا؟
_ أكيد طبعا هي موافقة من بدري
_ لا يا بابا هنا مش موافقة اصلا لا من بدري ولا حاليا
_ يعني أي الكلام ده يا وليد؟؟ هي قالتلي بنفسها آه
اطرق..
_ ما ترد يا وليد في إيه؟!
_ بابا.. جاسر مهدد هنا

نهض واقفًا فجأة في غضب واردف في صوت عالي: انت بتقول ايه انت؟؟ مهددها ازاي يعني؟
_ طب ارجوك اقعد وأنا هشرحلك كل حاجة واهدى بلاش العصبية دي علشان أعرف افهمك كل حاجة..
              ******
_ أيوه أيوه جاي اهو ايه مفيش صبر خالص؟!
قالها رمضان والذي خرج للتو من غرفته متجهًا نحو الباب ليفتحه للطارق.. وما إن فتحه حتى وجد ابن أخيه محرم ( أسامة) واقفًا ويبدو على ملامح وجهه الغضب، دخل بمجرد ما فُتح له الباب، واردف وهو يلوم عمه: والله ما يليق بيك يا عمي اللي انت عايز تعمله ده!
تأفف رمضان واجاب: أسامة الجواز مش عافية اعمل ايه يعني هي خلاص اختارت خطيبها
ابتسم أسامة ورد في سخرية: اختارت خطيبها!! ولازمة حضرتك إيه؟؟
صاح في وجهه غاضبًا: احترم نفسك يا ولد انت بتكلم عمك

_ أيوه واخد بالي بس اما عمي يسيب بنته تتجوز مخرج ده اقدر اسميه إيه؟!
_ مخرج!! هو مين ده؟!
_ أمير.. أمير علي السيستاني مخرج سينمائي مبتدئ واتعرض الفيلم الأول ليه من كام شهر باسم الخباز وبيجهز لمسلسل رمضاني وفيلم تاني

لا يصدق رمضان ما يسمعه ورد والصدمة: انت بتقول ايه انت؟؟! مخرج إيه؟
_ فيلم الخباز في مشاهد كتير جريئة وألفاظ شارع

وهنا خرجت ريهام من غرفتها بعدما طفح الكيل وهي تستمع إلى المحادثة في خبث واردفت: بقولك ايه يا استاذ انت، شوف مهما تعمل بنتي مش هتتجوزك بردو عمال تنخرب على إيه؟! ما تسبونا في حالنا بقى

نظر إليها في قرف وهتف في برود: هتجوزها ومحدش غيري هيتجوزها، هتجوزها وغصبن عنك يا مرات عمي، ومش هنسبهالك تضيعيها بالتربية بتاعتك العجيبة دي
_ احترم نفسك يا أسامة انت بتتكلم مع مرات عمك يا أخي عيب كده
صاح رمضان
_ عمي لو مش مصدقني خد اقرأ ده
قالها وأعطاه هاتفه ليقرأ إحدى المقالات المدونة عن أمير في أيقونة البحث جوجل، يقرأ رمضان جيدًا ما يراه بعينه وتأكد بالفعل من كلام أسامة، وقد تفاجأ أيضًا بوجود بعض الصور الجريئة لأمير مع السيدات في موقع التصوير أو فيما يخص حياته الشخصية. أمير هو شخص متحرر بشكل مبالغ فهو لا يشبه رمضان ولا أسرته بنسبة خمسة في المئة حتى.. وما إن انتهى من قراءة المقالة حتى صاحت ريهام مضجرة: أي المشكلة!! ما وليد واخد أخته، وبعدين ده شغله يعني وهو أصلا انسان ناجح من زمان انتوا اللي مأفوارين
رد عليها أسامة في سخرية: ليه هو مناسب مع جومانة تبقى ممثلة ولا ايه؟ عمري ما شفت ممثلة بطرحة ولا هو هيناسبكم أب لعيالكم بعد كده زي أمير ده؟!
قبل أن ترد ريهام، قاطعها رمضان هاتفًا: خلاص يا ريهام بلاش كلام كتير، احنا لسه على البر، أنا هكلم أبوه واقوله كل شيء قسمة ونصيب
_ إيه؟!
           ******
_ اه يعني انت عايز تقولي إن جاسر بيتبلى على هنا وهي فعلا ملهاش أي علاقة بزميلها ده صح؟؟
_ يا بابا ما أنا شرحت ووضحت لحضرتك كل حاجة اهو، هو جيه يوجب في حفلة كتب كتابي و كلمها علشان يجي هو غلط تمام متقف معاك في النقطة دي بس في نفس الوقت هو ملمسش أيد اختي ولا جيه جمبها وادام جاسر بيقول مصور الكلام ده يورينا اللي يدين هنا ولو مفيش دليل على كلامه ده يُحَاسب لأنه بيشكك في اخلاقها دون داعي أو دليل

يعقد شعبان حاجبيه في ضيق مستمع إلى ابنه غير راضٍ عما يسمعه..
تابع وليد: هو حضرتك مش مصدقني؟؟
_ مش قادر اكدبه بردو.. يعني معقولة كان يهدد بنتي دون وجه حق!! يبقى بيسعى إنه يطلع سمعة وحشة على بنتي..بنت عمه علشان يتجوزها عافية!!
ابتسم وليد واجاب في سخرية: حضرتك رديت على نفسك، يعني لو كان جاسر بردو شاف حاجة كده ولا كده على هنا كان هيجي يطلبها للجواز!!
_ يمكن دي حركة منك انت وهي علشان ارفضه!!

لا يصدق وليد ما يلفظه والده وتحدث في تعجب من أمره: هو حضرتك بتقول ايه؟! يعني هو أي اللي هيخلي هنا تتجوز غصبن عنها!! هي مش مضطرة مفيش قوة تقدر تخليها تتجوز عافية لأن الدين مش سامح بدا ده اولا ثانيا مفيش جواز ينفع يتم بالإكراه من أحد الطرفين، ميبقاش جواز أصلا، دي تبقى حرب بينهم هتنتهي بالطلاق أو الخيانة أو أو..

صاح واقفًا ورد: انا عارف بقى أنا بقول أي!! حركة الواد ده مخلتش ليا عقل. ازاي قدر يخوفها كده ويخليها تقول اه!!
هانت عليه بنتي!!
_ عرّف أبوه اللي فاكر نفسه مربي ولاده أحسن تربية
_ وليد..
_ أنا عملت إيه، مش دي الحقيقة!!
_ طيب كلمه وقوله ميجيش علشان أنا مش طايق أكلمه، وقوله ملكش دخول لبيت عمك إلا في حضور أبوك، وأنا بردو هكلم أبوه أعرفه سفالة ابنه وصلت لحد فين.. أخيرا بقى إياك يا وليد يطلع معاه أي دليل واضح على كلامه، علشان ساعتها هقتلك انت وهنا..
             *****
_ إيه!! حضرتك بتقول إيه يا بابا ؟؟!
هتفت جومانة وهي تجلس في إحدى غرف الفندق الذي قاموا بحجزهم في الغردقة
تستمع إلى والدها ويبدو على ملامح وجهها الضيق والانزعاج مما تسمعه، لا تستطيع أن تجيب وذلك بسبب مواصلة والدها حديثه دون أن يعطيها فرصة للنقاش. وما إن انتهى من حديثه حتى قطع الاتصال بها.. بكت عيناها وركضت في سرعة متجهة نحو غرفة أمير واخذت تطرق الباب وهي تكرر اسمه، فتح الباب ودخلت هي واردفت في خوف: أمير الحق
شعر بالقلق قليلًا وهتف: خير في إيه مالك؟
_ بابا
_ ماله؟! مات؟
_ يا اخي انت بعد الشر
_ انجزي يا جومانة عايز أنام شوية قبل الفجر. ورانا تصوير بدري قبل ما الصبح يطلع انتي عارفة
امالت إلى الأرض آسفة واردفت: شكلي مش هعرف أكمل معاك
صاح: هو إيه هوده؟؟ انتي عيلة يا جومانة ؟؟ مش بدأنا تصوير وعملتي بالفعل مشاهد؟! متهزريش معايا بعد اذنك
_ يا أمير بابا رفض جوازنا وبشدة وده اما عرف إنك مخرج وإنك متحرر اوي عننا وعمي محرم قالب الدنيا عليا هناك وعمال يقول هي فين، وبابا بيقوله عند خالتها وهو عمال يقوله خليها تيجي علشان مش مصدق إني هناك
_ يادي النيلة هو مين عمك محمر ده اللي كلكم خايفين منه كده؟؟
_ محمر إيه!! محرم
_ what ever  مين يعني ده؟! هو بيتحكم فيكم كده ليه؟؟
_ مش عارفه بجد مش عارفه احنا ما صدقنا اخدنا بابا شوية في صفنا وخلناه نسي الرجعية دي وبقى شبهنا ولكن يبدو إن الطبع غلاب فعلا، بابا بيعمل حاجات مش مقتنع بيها، هو بس كان بيسمع كلام ماما علشان مستكترها عليه وبيحبها اوي وخايف تطلب الطلاق، ولكن أهو بقى كل يوم بحال، ودي غلطة ماما كان لازم من الأول تختار حد شبها بدل ما أنا بقيت عندي ايرور في نفوخي بسبب التناقض بين الثقافتين كده!!
اطرق..
تابعت: أعمل إيه ؟؟ أنا فعلا عايزة اكمل صدقني هما طلبني في البيت
هتف صادمًا إياها من رده: تتجوزيني؟
_ أمير قلنا رفضوا انت فقدت الذاكرة ولا إيه؟! بقالي ساعة بشرحلك
ردت في سخرية
ليصدمها للمرة الثانية: عرفي
اطرقت مصدومة..
_ قولتي إيه؟!
تنظر إليه فقد غير قادرة على النطق حتى..
_ انجزي يا جومانة قرري انتي مش صغيرة انتي طول عمرك ست صاحبة قرار وده اللي عرفته عنك، انتي شخصية قوية وعنيدة ومحدش يقدر يقف قصاد طموحها.. جومانة أنا لو اتجوزتك هبقى خادمتك انتي قبلي

أفاقت من صدمتها واردفت مستفسرة: مش فاهمة.. ازاي ؟!

_ هنتجوز وهنكمل الفيلم وهنرجع نواجه الجميع يا جومانة وهقول بأعلى صوتي جومانة مراتي وخلي عمك بتاع ده يتكلم نص كلمة
_ طب.. طب واهلي ؟؟ ماما وبابا ؟!
_ انتي من كلامك حالا أدركت إن باباكي شخصية ضعيفة وإن مامتك هي الطرف المسيطر وماعتقدش إن هي عندها مانع، باباكي هيعترض في الأول بس وبعد كده هيتعود على الوضع

استدارت معطية له ظهرها واردفت في توتر وخوف: بس.. بس
اقترب منها جهة ظهرها أكثر وأخذ يهمس جانب أذنها: جومانة.. ده الحل الوحيد علشان نقدر نوقف عمك عند حده وتقدري تنطلقي انتي وتطيري بلا قيود. فرصتك الوحيدة في أيدي أنا، أنا الوحيد اللي هعرف اواجه عمك وامنعه من إنه يقتل طموحك.. لو اتجوزتيني هتقدري تمثلي وفي المستقبل تبقي مخرجة زي ما كنتي بتحلمي، وكمان هنسافر أمريكا مع بعض وهنكمل هناك حياتنا وأحلامنا. جومانة لو رفضتي دلوقتي اعرفي إنه طريقي معاكي خلص، وتمشي من حياتي خالص لأنه كفاية إنك حطاني في مأزق وهتسيبي البطولة في نص التصوير كده، وساعتها بقى هتفضلي طول عمرك عند نقطة الصفر ومش هتتقدمي خطوة واحدة

بدا على ملامح وجهها القلق الشديد مما دسه في مسمعها، ففكرة عدم الوصول إلى حلمها تقتلها ببطء، لذلك استدارت له وهتفت في ثقة وهي تنظر إلى عينه: مواقفة.. موافقة اتجوزك  عرفي.. موافقة على أي حاجة هتخليني أوصل لحلمي..
              *****
عاد وليد إلى شقته وما إن فتح بابها، حتى استبقا هنا وشاهستا الباب وهتفا معًا: ها ايه اللي حصل؟!
نظر إليهما واردف في مزاح: أنتوا حافظين ولا إيه؟!
_ أنجز يا وليد بالله عليك
هتفت هنا
_ متخافيش مفيش حاجه هتحصل كله تمام بابا اقتنع بكلامي ومفيش مأذون وجاسر اطرد من البيت وهيجي عمك بكرة علشان مش انتي بس اللي قالبة الدنيا جومانة كمان عاملة مصيبة مش عارف أي هي فعمك جاي مستحلف
_ هو انت بتخوفني ولا بطمني؟!
_ يا بنتي بطلي خوف وجبن بقى. الخوف ده اللي هيخلي بابا يصدق فعلا انك عاملة مصيبة، ثقي في نفسك شوية ها، شوية.. انتي بريئة يبقى اوعي تخافي من حاجة، وجاسر معهوش أدلة تثبت ان عامر لمس ايدك ولا رجلك حتى، فكله تمام لا تقلقي أنا معاكي
احتضنه بشدة واردفت في راحة: حبيبي ربنا ما يحرمني من وجودك أبدًا ديما في ضهري
_ حبيبة قلبي أنا ديما نصيرك طول ما أنا نَفَسي في الدنيا اوعي تخافي من الخوف نفسه
ابتعدت عن حضنه واردفت: متأكدة من ده عمرك ما خيبت ظني
قالتها واطرق الجميع لمدة من الوقت.. وبعدها واصلت حديثها: طب هنزل أنا علشان تبقى مع مراتك براحتكم
_ مع السلامة يا قمر
نظرت إليه وابتسمت واردفت وهي تنزل الدرج: طب اعزم عليا اقعد طيب!
_ كلك نظر يا هنا يا اختي
_ ماشي.. ماشي

ذهبت، وغلق هو الباب، وأخذ يقترب من شاهستا في ابتسامة عريضة وهو يحك كفيه في بعضهما البعض وتحدث: بقى إننا آخر يوم النهاردة تحبي..
اطرق ولم يكمل..
_ احب إيه؟؟
هتفت مستفسرة
_ يعني.. عارفة من ضمن الرومانسية الجميلة اللي في الدين استحمام الزوجين من إناء واحد
_ لا أنا سقعانة ومش عايزة استحمى أنا
نظر إليها في قرف وهتف: أحسن. ده انتي عيلة بومة، خليكي قاعدة كده
_ وليد هو انت كل يوم هتنام بدري؟؟. عايزين نسهر مع بعض مرة نتفرج على افلام ونعمل سهرة حلوة، بدل ما انت بتنام كل يوم كده من الساعة عشرة
_ يخربيت الظلم يا شيخة، هو أنا امبارح مش نايم الساعة عشرة ونص؟؟
_ اه
_ سهر ده ولا مش سهر؟!

ردت وهي تخرج اسمه من بين شفتيها: وليد متعصبنيش
_ هعصبك، علشان انتي معصباني.. إلا قوليلي صح تحبي نروح شهر العسل فين؟!
اطرقت..
_ انتي بتنامي ولا إيه؟! لا فوقي كده لسه بدري..

أطلقت زفيرًا طويلًا وهتفت: وليد الدراسة قربت اوي مش هنلحق خلينا بعد التخرج نكون حوشنا مبلغ حلو ونسافر بره مصر نقضي فترة
اطرق يفكر..
_قلت إيه؟!
_ ماشي.. فكرة مش وحشة،

قالها وصمت لبعض من الوقت، وواصل حديثه مرة أخرى هاتفًا: شاهستا. بتعرفي ترقصي؟!

ضحكت واردفت في سخرية: ويا ترى هرقص على إيه يا مولانا؟!
_ على الطبلة، أنا هطبلك وانتي ارقصي، اصل أنا طبال قديم
_ مليش في الشرقي أوي
_ اومال ليكي في إيه؟! أنا نفسي أعرف ليكي في ايه!!
_ برقص زومبا حلو أوي

تأفف في في ملل واردف: يا شاهستا زومبة إيه وكلام فاضي اي!!
اطرقت.. وردت عقب مرور دقائق: وليد انزل تحت شوية عند مامتك عايزة أعمل حاجة وأما ارن عليك أطلع

عقد حاجبيه في استغراب وهتف: انزل عند مامتي؟!
_ أيوه
_ ويا ترى عايزة تعملي إيه بقى؟؟
_ انزل وهعرفك أما تطلع يلا بقى مضيعش وقت

لا يزال مستغربًا من طلبها ولكنه رد: ماشي.. بس ياريت مطوليش ها؟!
_ حاضر..

فتح الباب وذهب، وما إن دخل شقة والده حتى هتفت أمه وهي تنظف الصالة: وليد!! مالك يا بني طالع نازل كده ليه؟! سبت مراتك يعني!!
حك رأسه واردف: لا مفيش هي بس يعني دخلت تاخد دوش وأنا قلت أنزل اقعد معاكم شوية لحد أما تخلص

هتفت وهي تضع الوسادة بشكل صحيح ومرتب على الأريكة: آه قولتلي.. إلا قولي يا وليد

رد وهو يفتح باب الثلاجة وينظر إلى ما داخلها: نعم يا قلب وليد
_ مفيش حاجة جاية في الطريق؟!
عقد حاجبيه في استغراب وتابع وهو يأخذ تفاحة: مش فاهم؟!

تركت ما في يدها من عمل واتجهت نحوه واردفت في صوت خفيض: عيل يعني حفيد
_ آه وده هنجيبه منين؟؟ قصدي يعني ملحقناش يا أمي احنا لسه ملناش غير تمن تيام متجوزين، مستعجلين على إيه!
_ يا بني بيحملوا من أول يوم جواز؟!
_ بجد؟! وبيبان في أول يوم جواز بردو!! تكنولوجيا
_ اتريق اتريق ده اللي انت فالح فيه
نظر إليها وقضم التفاحة
            ******
دقت الساعة السادسة بعد صلاة المغرب، وكانت تهاني قد تهيأت للذهاب إلى حفل زفاف ابن جارتها، واخذت تجلس في الصالة منتظرة في عجل ابنتها عاليا.. وما إن أحست أنها أخذت وقتها بما فيه الكفاية، حتى هتفت في صوت عالي: اخلصي يا بنتي بقى هنتأخر

ليأتي لها صوت عالي من على بعد: حاضر يا ماما اهو بلف الطرحة
_ ماشي أدينا قاعدين

دقائق وخرجت لها هاتفة في ابتسامة: ايه رأيك فيا؟!
ابتسمت تهاني واردفت: قمر يا قلبي الفستان هياكل منك حتة، يلا بقى أنا متأكدة إن هيجيلك كذا عريس من الفرح ده مش عريس واحد...
            ******
كان وليد يجلس مع أمه في الصالة مستمع إليها وإلى احاديثها المتباينة والمتداخلة، حيث افحمت رأسه بالحديث عن جاراتها و مشكلاتهن وكان يتمنى أن تتصل شاهستا حتى يتخلص من كل تلك الثرثرة التي لا تمثل له أي داعي، استجاب الله لدعائه وحقق أمنيته وها هي شاهستا تتصل به أخيرًا، ابتسم في راحة وانتظر حتى انتهت أمه من أول حديث قد قصته عليه ألف مرة واردف: شاهستا اتصلت يا ماما هطلع أنا بقى، ده بعد اذن حوارات أم رأفت وأم جابر طبعا ، لأني خلصت حوارات أم عصام ومحمود خليكي فاكرة كده وقفنا عند أم جابر مقولتيها ش عشر مرات زي الباقين.. شكلك عندك مشكلة شخصية معاها
_ قوم ياض من هنا
قالتها وقامت بضربه على ساقه، ضحك وقبل رأسها وانطلق في سرعة..


وما إن دخل شقته، حتى أخذ ينادي عليها وذلك لأنه لم يجدها في الصالة: شاهستا.. شاهستتي!! انتي فين؟!
يقول ذلك وهو يتجه نحو غرفة النوم وما إن دخل حتى حدق عينه فاتحًا فمه قليلًا رامقًا إياها في اعجاب شديد و تحدث بعدما أطلق صفيرًا: إيه الجمال ده كله؟؟!
ابتسمت له ونظرت إلى الأرض في خجل.. كانت ترتدي فستان قصير للغاية ضيقًا فيما يخص الجزء العلوي، ثم واسعًا فيما يخص الجزء السفلي له طيات من القماش تعطيه شكلًا ممتلئًا أو متدفقًا ( فستان منفوش) مفصًلا دون أكمام لونه أحمر قاتم واختارت ذلك اللون نظرًا إلى أنها بيضاء البشرة ليجملها أكثر. وتزينت بشكل يفتن من يراها ووضعت أحمر الشفاه واختارت الأحمر بالذات حتى يلائم لون فستانها، واختارت أن تكون تسريحتها ذات تموجات تبدو في شكل رائع وطبيعي..
أخذ يقترب منها وهو لا يزال مفتونًا بجمالها وتوقف أمامها وابتلع ريقه وهمس: إيه كل ده مرة واحدة كده!! لو وقعت منك دلوقتي يعني!
ابتسمت وأحمر خديها واردفت: بتكسف
_ كنتي خافية عني كل ده ليه؟؟ حرام عليكي ده انا غلبان
لم ترد
تابع وهو لا يزال يرمقها من أعلى إلى أسفل: ما شاء الله ما شاء الله اميرتي الحلوة بقت جاهزة لأميرها صح؟!

اطرقت... ثم أجابت: وليد يلا نرقص الأول
ابتسم ابتسامة عريضة ورد: نرقص الأول ونعمل كل اللي انتي عايزاه اتمني بس وانا انفذ، احنا النهاردة ليلتنا وانا عريس
_ طب يلا نرقص
_ اعمل ايه؟! ارقصي انتي وأنا هطبل
_ لا هترقص معايا، احنا الاتنين هنرقص مع بعض
_ طب ازاي؟
_ هنرقص سالسا
عقد حاجبيه في استغراب وهتف: سالسا؟! أنا آخر معلوماتي عن السالسا إنها طماطم متسبكة بيحطوها في المكرونة زي اللي حرقناها الصبح مثلا، معرفش بقى لو نزل update  جديد منها يعني

ردت في فقدان أمل: مكرونة إيه وطماطم إيه يا وليد!! دي نوع رقصة حلوة اوي وانا بحبها خالص وهي لطيفة كمان، اتعلمتها في ال class  في المدرسة
_ معلش يا بنتي انا مدارس حكومي مش عارف ماخدتش سالسا في الclass  انا كنت باخد حصص رسم وموسيقى احتياطي مدرستش رقص
_ يوه يا وليد، اتعلم بقى علشان خاطري
_ في أي يا شاهستا؟! هو أنا اتعلمت كل حاجة في الدنيا ومش باقي غير السالسا؟! اتعلمي يا حبيبي الصلصة بتاعتنا أحسن واعمليلي بكرة صنية بطاطس محمرة وفرخة

تأففت ضاربة الأرض برجلها معترضة على كلامه واردفت: يعني عمري ما هرقص سالسا مع شريكي زي ما كنت بحلم!! قتلت طموحاتي يا وليد بجد
_ يا حبيبي مش قصدي والله بس أنا فعلا معرفش
_ هعلمك دي سهلة خالص وهتحبها والله
_ استغفر الله العظيم يارب
_ علشان خاطري بليز بليز مش هتاخد وقت. واوعدك لو اتعلمت ترقص معايا سالسا وفرحتني، هتعلم اعملك البطاطس بالصلصة بتاعتك وافرحك، خد وادي هي العلاقات كده يا حبيبي
زفر في عدم اقتناع واردف: بس يعني...
_ من غير بس علشان خاطري بقى
عقد ذراعيه أمام صدره واردف: اتفضلي علميني أما أشوف اخرتها معاكي


ضحكت وقامت بإشعال اغنية
When marimba rhythms start to play)

وقف أمامها وبدأت أن تعلمه حيث بدأت بخطوات قاعدية متناسقة مع الإيقاع، وأخذت تتحرك بين القدمين بطريقة تناغمية، وتابعت: يلا يا وليد قلد نفس الشكل بتاع رجلي كده، بص بحركهم ازاي؟؟ أول ما تبدأ الأغنية وعلى أول مقطع منها بنعمل كده برجلينا، يلا وريني
نظر إلى قدميها اللتان يتحركان في رشاقة و بخطوات متناسقة، وحاول أن يفعل مثلها ولكنه قدّم  قدم عن الأخرى وأخذ يحرك كتفيه في حركات عشوائية غير منظمة مما جعلها تضحك وهتفت: انت بتعمل أيه؟؟ هو انت أعضاء جسمك بتتحرك كل عضو لوحده ليه؟؟ فين النظام؟ بزمتك أنا عملت كده؟؟

_ لا بقولك إيه هتتعصبي عليا من الأول كده هسبلك الدرس وامشي
_ لا خلاص سوري، يلا نكمل

قالتها وقدّمت عليه واردفت: أنا هاجي عليك وانت ارجع لورا برجلك في خطوات منظمة زي اللي ورتهالك.. يلا يا وليد step back, step back  أسرع.
كان يتراجع إلى الخلف بأكثر من خطوة وبطريقة خاطئة، لذلك اردفت في ضيق: يا حبيبي هي خطوة واحدة انت راجع ميت خطوة ليه وبسرعة كأنك هربان؟!! انت بتجري من حد طيب؟
تأفف واردف: يوه زهقت مش مكمل
_ يلا بس.. انت اللي مش عايز تتعلم حطها في دماغك علشان الرقصة تبقى حلوة بليز .. يلا انت قدم عليا وأنا هرجع لورا هنبدل نفس الحركة عادي بس هنعكس

أخذ يتقدم بخطوات سريعة نحوها وهي تتراجع في نفس السرعة حتى تداخلت إحدى قدميه بقدميها فسقطت على الأرض، وما إن سقطت حتى اندلعت ضحكاته في الغرفة واردف بعدما توقف عن الضحك: من أعمالكم

قامت مرة أخرى وهتفت في غيظ: انت بتهجم عليا وبتشنكلني ليه دلوقتي عايزة افهم!! أنا برقص معاك مش عليا تار وجاي تاخده.. يا حبيبي بنقول خطوات مظبوطة ومتناسقة
_ يا ستي حد قالك إني كنت راقص سالسا قبل كده!! وعلى فكرة رقصة غتته، مفيش احلى من الرقص الشرقي يلا دلعيني وارقصيلي شرقي انا راجل شرقي مليش دعوة بالرقص الغربي بتاع الفرنجة ده..

وضعت يدها على خصرها وهتفت في اعتراض: مش هعمل أي حاجة غير أما تتعلم الرقصة علشاني ونعملها صح ونصورها كمان للذكرى ها..

أطلق زفيرًا طويلًا وهتف: أستغفرك و أتوب إليك، طب يلا نبدأ بحركة تانية غير الرجلين دي يعني هاتي في البداية حركة سهلة شوية
_ اوكيه، الخطوة التانية **التدوير واللفّ:**
يلا هتلفني كده مرة
تقولها وهي توضح له كيف سيقوم بفعل ذلك
تتابع: وبعد كده هتشدني عليك، هتميلني لتحت وتقرب عليا وبعد كده تقف مستقيم وتشدني عليك مرة تانيه وبعد كده تلفني
_ عيدي من الأول تاني كده!!
_ يالهوي عليا، حاضر

قالتها و عادت عليه الشرح مرة أخرى، وبالفعل بدأ بتنفيذ ما قالته حيث قام بتدويرها مرة ثم الأخرى وأمالها إلى الأسفل (جهة أرضية الغرفة) ساندًا إياها على ذراعه الأيمن، وامال بجسده قليلًا عليها، ناظرًا إلى عينيها، ابتسمت لأنه أتقن الحركة أخيرًا ولكنها سرعان ما صرخت، ولم تشعر بأي شيء سوى بحِمل ثقيل فوقها وذلك بعدما سقطت على الأرض وهو سقط عليها..
            *******
هبطت الطائرة مطار فرنسا، ونظرًا إلى أن الوقت بين مصر وفرنسا يختلف عن بعضه في مدة زمنية قدرها ساعة، فكانت الساعة في مصر الثامنة مساءً، إذًا فهي في فرنسا الآن السابعة مساءً. كانت تسير منة بجانب فايز في المطار، وقد ارتسمت على شفتيها ابتسامة عريضة لم تفارقهما طوال الطريق، وكان هو يكتفي بأن ينظر إليها من وقت لآخر حتى يرى تلك الابتسامة التي أضاءت وجهها..
خرجا من المطار ليجدا السيارة التي ستنقلهما إلى الفندق في انتظارهما، ركبا السيارة، وانطلق السائق وما إن تحركت، حتى فتحت منة النافذة لكي لا يفوتها جمال الطريق، واخذت تلتفت حولها تود أن تتأمل شوارع باريس كلما مرت السيارة عليها. ظل فايز صامتًا لا يود أن يخرب عليها اللحظة، ولكنه شعر بالملل وتحدث في ابتسامة: ها يا ستي مبسوطة؟!
ردت وهي مازالت تلتفت حولها: أوي أوي طايرة بجد أخيرا
_ طيب يارب ديما مبسوطة، ولسه كمان أما تشوفي الفندق وهم شكله خطير
_ إيه ده إحنا رايحين الفندق؟!
_ آه
_ لا عايزة اتعشا الأول في مطعم* لو تور دارجانتيل*  احنا قريبين منه يلا بليز قبل أي حاجة ندخله نتعشى
_ اوكيه نطلع عليه الأول..

وعقب مرور دقائق من الوقت توقفت السيارة أمام المطعم، و ترجلا الاثنان ودخلا المطعم وما إن دخلا حتى سارا في أجواء موسيقية رائعة وهادئة وجلسا على كراسي إحدى الطاولات، دقائق وأتى النادل هاتفًا في ابتسامة عريضة: "Bonsoir, que puis-je vous proposer pour le dîner"
مساء الخير ماذا يمكنني أن أقدم لكما لتناول العشاء؟
ابتسمت منة واخذت تنظر في قائمة الطعام لتطلب ما تود.. دقائق واختارت و اختار فايز أيضًا لذلك ردت هي عليه وذلك لأنها كانت تجيد التحدث باللغة الفرنسية: "Je voudrais deux portions de Coq au Vin et deux portions de Boeuf Bourguignon, s'il vous plaît."
تعني الجملة بالعربية: "أريد اثنان من الكوكوفين واثنان من بول دو بويف، من فضلك."
سجل النادل طلبهما وذهب، ابتسم فايز واردف: ها بقى يا ستي مش هتكلميني عنك؟ ولا لسه مخصماني؟!
أمسكت بكوب الماء واردفت وهي تقربه من فمها حتى تشرب: عايز تعرف إيه عني؟
_ يعني بصراحة أول سؤال خطر في بالي دلوقتي، إني أسألك هل انتي مرتبطة؟!
اطرقت..
_ سكتي ليه؟!
_ لا مش بالظبط
_ مش فاهم، ماهو يا آه يا لا
_ اعتبره آه
ضحك متعجبًا من أمرها واردف: يعني إيه اعتبره؟! ده مستقبلًا يعني؟! أنا بتكلم عن وقتنا الحالي
_ بص.. هو حب من طرف واحد
_ فهمت.. طب.. يعني ليه؟
_ ليه إيه؟!
_ ليه تفضلي تحبي واحد مش بيحبك؟؟ انتي بجد تستاهلي واحد يحبك ويخاف عليكي ويعمل أي شيء علشانك، وكل بنت تستاهل ده، تستاهل إنها تتقدر ومشاعرها تُحس، بزعل أوي أما بلاقي بنت جميلة كده مصاحبة ولد سايكو أو حشاش أو تعبها أو مدخلها في علاقة توكسيك، بزعل إنها بتأذي وبتأذي في نفسها، في حين إن الأفضل موجود.. الأفضل ديما موجود... وبزعل اكتر أما الاقي بنت بردو بتحب واحد وهو مش مديها اعتبار، وهي قاعدة بس تديله مشاعر وتحرق في طاقتها معاه على الفاضي، في حين إن ممكن يكون وده مش ممكن ده أكيد موجود اللي يستاهلها ويحبها
_ عارفة كل ده بس صدقني مبقاش فارق معايا
_ مش فاهم.. يعني اشمعنى الشاب ده؟!
_ علشان... علشان مش بيحبني

نظر إلى السقف محاولًا أن يستوعب ما سمعه، ويسأل نفسه هل ما سمعه حقيقي؟! وتحدث مستفسرًا: انتي اختارتي الشاب ده دون عن الباقيين علشان مش بيحبك؟!
_ آه.. على الأقل صريح مش بيقولي بحبك وبيخوني، عمره ما هيجرحني ده إنسان واضح

نظر إليها يسجل في ذاكرته ما قالته واردف: طب وهو مش بيحبك ليه؟!
هتفت في ابتسامة وثقة: أصله متجوز فأكيد بيحب مراته يعني، وده الطبيعي.. عاجبني فيه ولاؤه ليها، مفيش راجل ولي كده.. صمتت لحظة تُجمع أفكارها وتابعت في خيبة أمل: او يمكن كلهم معاها هي بيبقوا حاجة تانية..
_ هي مين دي؟!
نظرت إليه في انتباه وأجابت: مالك قلبت ثيرابي كده ليه!! كفاية أسئلة لحد كده أنا جعانة ومش قادرة اتكلم

تحدث مع نفسه دون صوت: لازم اخليكي تثقي فيا الأول علشان تتكلمي.. شكلك فاقدة الثقة في الجميع يا منة..
              *****
أحضر أمير المأذون في غرفته في الفندق واثنان من الشهود وكانا من طاقم التمثيل وجلس بجانبه حتى يتم الزواج بشكل سري.. وكانت جومانة تنظر إلى كلاهما وهي ترتجف تدرك جيدًا حجم مصيبة ما تفعل، ولكنها لم تحرك ساكنًا، فلم يكن لديها أي خيار آخر... دقائق مرت عليها كدهر كامل، وذهب المأذون والشهود وأصبحت زوجته...
اقترب منها وهتف وهو ينظر إلى عينيها: إيه يا روحي كل الخوف ده؟! جومانة مفيش حاجة تستدعي الخوف تمام؟! أنا بقيت جوزك عادي زي ما كنا بنتمنى أو زي ما كنا متفقين.. خايفة ليه كده؟!
_ يعني علشان تم في إطار سري وكده
_ طب ما احنا جينا رسمي ورفضوا نعمل إيه؟! وبعدين قولتلك اسرتك ناس واعية هيزعلوا شوية بس وكل حاجة بعدها هتتصلح وهيتقبلوا الوضع وهو إني جوزك
هزت رأسها موافقة
تابع في ابتسامة: طب مش يلا بقى يا مراتي؟!
ابتسمت واردفت: يلا
             ******
_ اديني جيت زي ما طلبتي يا زينو ها يا حبيبتي عايزة إيه؟ هل أي حاجة في الأجواء مش عجباكي؟ عايزة تعدلي على أي حاجة قبل كتب الكتاب؟! قولي أنا سامعك..
هتف أسر الجالس في غرفة استقبال الضيوف في منزل زينة التي اطرقت وعجز لسانها على أن يرد...
_ ايه يا زينة انتي اتصلتي بيا وقولتيلي تعالى علشان تفضلي قاعدة بصالي؟!

ابتلعت ريقها وتذكرت تهديد والدتها لها، وفكرت ألف مرة قبل أن تنطق، حتى لا تقع في أي خطأ مثلما حدث.. وأخيرًا تكلمت بنبرة صوت مضطربة: أسر.. كنت كلمتك يعني علشان.. بص بصراحة كده انت وحشتني وكنت عايزاك تيجي تقعد معايا شوية علشان اشوفك

ابتسم في سعادة وتحدث: بس كده!! ده انتي بس تفكري لمجرد التفكير وانتي تلاقيني ادامك يا بسكوتة انتي
ابتسمت في خجل
تابع: نكتب الكتاب بس ومش هحلك محدش هيعرف يطلعك من حضني
انكمشت ملامح وجهها في اضطراب
عقد حاجبيه في استغراب وهتف: مالك؟؟ مش عايزة تحضنيني ولا إيه؟! متخافيش بهزر أكيد هتطلعي من حضني أكيد يعني
عادت مرة أخرى متصنعة بسمة صغيرة وتمتمت: مش قادرة اقولك على اللي كنت عايزة اقوله وخلاص هبقى مراتك ومش عارفة أعمل إيه!!
               ******
_ وهو ازاي ابن اخوك قليل الحياء ده يتكلم عن بنتي بالشكل ده!! بقى هو بدل ما يقطع لسان اللي بيتكلم عن بنتي بالسوء رايح هو اللي يتكلم عن أخلاقها ويشكك في ادبها؟!
هتفت شهد محدثة زوجها وهما  يجلسان  في بلكون شقتهما، يحتسيان كوب من القهوة مع هدوء الليل.. رد شعبان آسفًا: مش عارف والله أقول إيه!! ده أنا لو شفته أدام عيني هاكله بأسناني.. كلمت أبوه وقالي جاي من الصبح بدري علشان هتبقى مشكلة بجد لو طلع اللي وليد قاله صح..
أمسكت بكوب القهوة ومدت يدها حتى تعطيه إياه وهي تقول: معلوم ابني معاه حق وليد مش بيكدب وأدام قال حاجة يبقى متأكد منها وكمان بنتي بنت مؤدبة واحنا عارفين احنا ربناها ازاي، أنا واثقة في أخلاق وتربية بنتي.. العيب هيطلع من ابن اخوك ده وأنا مش سكتاله، وهفهمه ازاي يخوض في سيرة بنت ويتهمها..
_ سيبك من الموضوع ده بقى علشان حاسس إني شوية وهقوم اسافر له الشرقية اخنقه.
_ ماشي..
اطرقا كل منهما وأخذا يحتسيان القهوة في صمت تام لمدة دقائق.. حتى عادت شهد إلى الحديث تارة أخرى هاتفة: شفت يا حاج قلة الذوق اللي أنا فيها!!
_ إيه حصل؟!
_ البت مرات وليد تمت تمن تيام وهي متجوزاه ولا في يوم منهم شفت مره أمها ولا ابوها ولا أختها حتى عندنا، دول مجوش حتى يصبحوا عليها يوم الصباحية.. هما مصدقوا خلصوا منها ولا إيه؟!

نظر إليها صاغي إلى كلامها في انتباه شديد، كأنها لفتت انتباه إلى أمر مهم، وتحدث: تصدقي فعلا!! بس ليه كده؟! يمكن دي مش من عادتهم في التجمع ؟!
_ ازاي بقى!! لا دي عادة مصرية عند الجميع هو احنا مش بنشوف التلفزيون ولا إيه؟! وبعدين ماشي خليهم شايفين إن زيارة العروسة يوم الصباحيه تخلف، ليه مجوش في أي يوم تاني يبصوا على بنتهم؟!
_ يمكن مستعرين منا ومن المكان اللي احنا سكنينه
هتف في سخرية
اطرقت.. ثم ردت: يمكن.. ويمكن بردو... مش عارفه مش عايزة أتكلم دون تأكيد علشان حرام، بس فاكر كلام الولد يوم ما روحنا نطلبها من أبوها؟! فاكر قال إيه؟!
_ لا فكريني، أنا فاكر إنه كان يوم مهزلة
_ بالظبط كده، قعد يقول معايا صور وهي معايا و خاض في شرفها وعرضها، وساعتها أبوها كان قاعد بارد مكنش عاجبني أدائه، تحس إنه كان أهم حاجة عنده يقنعنا ببنته أكتر ما يسكت ولا يطرد الواد كأنه معاه حق
صاح في غضب: لا اوعي تتكلمي في النقطة دي، انتي بتعيبي في ابني قبلها، عايزة تقوليلي إنه في حاجة زي كده ووليد حتى الآن مداري عليها!! مستحيل وأقسم بالله اقتله.. أنا ربيت ابني يبقى راجل مش ساتر للبنات السافلة
ردت في توتر بعدما رأت كل تلك علامات الغضب على وجهه: ماهو هو ده اللي محسسني إني مش معايا حق، انا عارفه ابني اكيد مش هيقبل، هدي نفسك انت بس يا حاج تقتله أي بس!!
_ اهو تجنني وفي الآخر تقولي هدي نفسك يا حاج!!
_ خلاص يا خويا حقك عليا أنا هخرس خالص، البت زي الفل وابني زي الفل متزعلش نفسك، هما تلقاهم فعلا مستعرين من المكان
نظر إليها نظرة تعني أنه غير مرتاح..
              ******
_ ما خلاص بقى يا علا أنا كل شوية هروح واجي من الشرقية على القاهرة؟! من ساعة فرح وليد وأنا عمال أقولك خلاص
هتف سيد محدثًا علا في غرفة وليد القديمة حيث كانت تسكنها علا هذه الفترة
ردت: أنا لو رجعت فهيكون علشان خاطر ابني يا سيد مش اكتر بس وقسما بدين ربنا، لو مديت ايدك عليا تاني مانا قعدالك فيها نهائي بقى..
_ ماشي يا ستي مش هيحصل تاني، يلا بقى البسي ولمي هدومك وخلينا نروح، وحشاني يا علا بقالك كتير بعيدة عني

مطت شفتيها إلى الأمام في قرف وهتفت: طبعا عايزني علشان مصلحتك أكيد
تمتم: والله ما شايفلك لازمة تانية..
ثم تحدث بصوت أعلى: لا طبعا يا حبيبتي انتي الحتة الشمال اومال!!
_ آه آه مانا عارفة
قالتها واقتربت نحو الخزانة وتابعت: أطلع بره هلبس وهجهز حاجتي وجيالك..
              *****
كانت ريناد تجلس على الأريكة في بهو ڤيلتها تقرأ مجلة عن الفن وبينما هي تقرأ، صدح جرس الباب.. نادت بصوت عالي: يا دادا يا دادا
جاءت مسرعة: أمرك يا ست هانم
_ شوفي مين
_ حاضر
قالتها وانطلقت نحو الباب...
تجاهلت ريناد أمر من أتى ولم تهتم بأن تعرف، وأخذت تتابع قرأتها للمجلة، وبينما هي مندمجة في القراءة، هتف وهو يقف جانب الأريكة التي تجلس عليها: مساء الخير يا طنط؟!
رفعت إليه عيناها وتحدثت في اندهاش: عمر!!
_ في كلام كتير عايز أقوله إذا سمحتي.. عارف إنك زعلانة مني بس أنا لازم اتكلم ارجوكي متقوليش لا زي ماهي قالت لا كتير الموضوع بتاعي في غاية الخطورة والأهمية

وقفت في سرعة وهتفت: موضوع إيه خضتني؟! قول سمعاك
             ******
_ اهي هي اللحظة دي أحلى حاجة عملتها السالسا وربي
هتف وليد الواقع فوق شاهستا، والناظر إلى عينيها في شغف وحب
_ يا عم اوعى كده فطستني وبوظتلي الرقصة
قالتها وهي تبعده عنها وتحاول أن تقوم
_ هو في إيه يا بنتي، هو أنا جايبك من شارع الهرم!!

وقفت مستقيمة وأخذت تعدل شعرها و فستانها. وردت عليه: انتقي الفاظك يا حبيبي
_ وانتي انتقي أفعالك يا قلبي
_ عملت ايه انا؟؟
_ بتبعديني عنك ليه كل أما اقرب؟!
ردت في صوت مضطرب: أنا!! خالص.. أنا بس زعلانة علشان الرقصة باظت، ليه بتقول كده؟؟ ده انا حتى لبست الفستان ده علشانك وجهزت ليك

اقترب منها وتابع ناظرًا إلى عينيها: طب ما يلا مستنية إيه؟!
_ انت مستعجل على إيه؟!
_ لا خلاص أنا مش ورايا حاجة، هو إيه اللي مستعجل!! حضرتك أنا بقالي تمن تيام قاعد
_  و انت عايز ايه يعني؟!
عقد حاجبيه في استغراب وهتف: عايز سلامتك يا قلبي
_ تمام أنا كويسة الحمدلله
_ لا ده انتي شكلك عبيطة بقى، ريناد مش طيقاني ومفهمتكيش حاجة
قالها و خطى خطوات قليلة نحو الكرسي مبتعدًا عنها..
نظرت إليه وشعرت أنه قد يأس تصرفاتها وحججها... ظل الصمت بينهما لمدة دقائق عديدة لا أحد يتحدث.. حتى أخيرًا قررت هي أن تنطق وتحدثت في توتر: وليد.. أنا عايزة اقولك على حاجة..
نظر إليها في خوف...
          ******
بس كده متنساش توقعاتك ورأيك مهمين بالنسبالي..
دمتم بخير
لقاؤنا الاثنين القادم بإذن الله
سلمى خالد





الجعة يشوبها الأخلاق حيث تعيش القصص. اكتشف الآن