الفصل الثامن والخمسون (المفتاح)

4 1 0
                                    

لم تتعجب سايلين مما رأت فهي تعرف عدوها وقوته، ولم تخف مادي من الوحوش فهي تثق به، ولم يتزحزح ليڤ من مكانه فهو عازم أن يموت فداء لهم، ولم يغير دان فريقه فهو يدرك دوره، ولم يرمش جوان طوال الوقت وكأنه آلة أو شيء غير بشري…

 بدأت الحرب ولكنها لم تكن مثل باقي الحروب بين النار والماء أو بين النور والظلام، بل كانت وجهين لعملة واحدة…

مصير العالم بين يديهم ولكن كل جهة أرادت النصر لنفسها لا لنشر العدالة بل لأمر في نفسهم…

هاجم كل طرف الأخر، انتشرت الدماء في كل مكان رائحة الموت غزت أنوفهم، لكنهم ما زالوا صامدين في أماكنهم…

هاجم جوان ليڤ وكان له بالمرصاد، قوتهم كانت شبه متساوية، ولم يعلم أحد من الأقوى بينهم فمعركتهم لم تنتهي أبدا…

وهجم دان على إكليو وكان له بالمرصاد فهو قد فعل بشكل غريزي قوته الشيطانية…

وبقيت مادي ضد سايلين الأم ضد أبنتِها…

قال إكليو وهو يصد سيف دان بيده المتصلبة 'ما هي قصتك، تحبها وترغب في قتلي'

أجابه وهو يشد من قبضته 'لا شأن لك إيها الشيطان'

قال إكليو بعد أن دفع دان للخلف بيده 'شيطان لم يؤذي رفاقه'

أشتعل دان غضبا وعاد لمهاجمة إكليو بسيفه قائلا 'هذا لأجلها'

فقال إكليو وهو يتفاد هجمات دان بكل أريحية 'وهل تظن أنها ترغب بذلك'

قال وهو يحاول طعن إكليو 'لا يهم فور أن تدخل البحر السابع ستكون مهمتي قد تمت'

توقف إكليو عن الحركة فجأة مما جعل دان يتهيأ مكانه فقال إكليو 'أنت، لماذا، لا أفهم' غضب دان ولكن أدرك أن هذا الفتى يحب معرفة كل شيء ولن يقدم على خطوة حتى يخبره بما يريد فقال 'عشت طوال عمري مع والدي في مملكة بحر عشير، في تلك القرية نفسها، والدي كان رجلا شجاعا قويا وقد كان القائد السابق، قبل أن أخلفه أنا، قبل وفاته أخبرني أني لست أبنه، وأنه وجدني في الصحراء طفلا رضيعا، وقام بالاعتناء بي مع زوجته التي لم تنجب أطفالا'

فقال إكليو 'إذا ومن تكون؟ زوج مادي؟' ضحك دان ثم قال 'كلا، أنا خُلقت لأكون حارسها وحاميها، فور أن رأيتها أدركت ذلك، كل حواسي انتفضت وعرفت مهمتي، وهي قتلك إكليو'

أبتسم إكليو وقال بكل ثقة 'لن يقتلني أحد سوى مادي'

ثم هجم بكل سرعة، سرعة خاطفة، وغرس يده في صدر دان وهو يهمس في أذنه 'لا تقلق مادي ستعيد كل شيء'…

كانت المعركة بين ليڤ و جوان عنيفة، فكلا الأثنان يمكنه استخدام السحر والقتال بالسيوف، ومهارتهما متقاربة، فكانت المعركة طويلة فإن هاجم ليڤ صده جوان وإن هاجم جوان صده ليڤ…

معركة مادي و سايلين بالعيون، فكتفت الاثنتان بتبادل النظرات، الحاقدة من عيني مادي، والهادئة الواثقة من عيني سايلين…

رغم ذلك دفة الحرب كانت مائلة لهم فكانت وحوش إكليو الأسطورية تهزم رجال سايلين، ومع ذلك ثقة سايلين لم تهتز، فقالت مادي متعجبة من تلك الثقة 'ألستِ خائفة من الهزيمة؟' فقالت سايلين 'لا بأس، كل شيء يسير وفق ما أردت' أزداد غضب مادي مما جعلها تهجم عليها على أمها التي لم تعتبرها ولا لحظة أما لها…

استعانت مادي بقوة البحار رغم معرفتها بالثمن ولكن لم يعد يهم شيء غير هزيمة سايلين، كانت سايلين تتفادى هجمات أبنتها وهي تضحك وتقول 'لن تستطيعي قتلي مهما فعلتِ' زمجر صوت من خلف مادي يقول 'ربما هي لن تفعل لكن أنا سأشرب من دمائك' كان غاضبا وعلى وشك الانفجار، علامات الشيطان قد ظهرت في وجهه فنمت له أنياب حادة، وتحولت بياض عيونه الى سواد، رغم ذلك لم تفزع مادي منه وقالت وهي سعيدة 'إكليو' ثم أدركت بوجوده أن دان قد قتل، لم تدم سعادتها ففور أن ظهر إكليو في الساحة أصبحت سايلين جادة وبدأت في الهجوم، أطلقت تعويذة سحرية جعلت من الحجارة تتطاير وتهاجم الاثنان قال إكليو ساخرا 'أتهاجمين أبنتكِ! أم نسيتِ أنني المفتاح؟' أزداد غضبها منه وقالت مهددة 'دمائك هي كل ما نريد، لذلك أبتعد عن تهنيد' صرخت مادي فيها 'ألم أقل لكِ إن اسمي مادي' صرخت قائلة 'سماكِ بهذا شخص فانِ لا يفقه شيء، فلا تتعلقِ بهذا الاسم التافه' هجمت بسكينتها الصغيرة صارخة 'أنتِ هي التافهة' أرادت أن تتجاوز ضربتها ولكن إكليو كان لها بالمرصاد فصد طريقها مما أربكها وجمدها مكانها لتفكر أي طريق تتخذ ولكن طعنة مادي وصلت الى قلبها قبل ذلك…

سقطت تواجه نهايتها أمسكت بملابس أبنتها وبوجهها لتلطخه بدمائها، وقالت وهي تواجه سكرات الموت 'كم أصبحتِ قوية مثلك والدكِ' الشيء الوحيد الذي لم تستطع سايلين قوله الى مادي هو كم أحبت والدها كثيراً…

سقط أحد رؤوس المنظمة وبقي رأس، أراد إكليو الذهاب للمساعدة ولكن ليڤ صرخ فيه 'الشمس' لا يستطيع قول الكثير فهو مركز على معركته، ولكنه أدرك مقصده، الصبح أوشك على القدم وحينها عليهم الانتظار لشهر كامل، أمسك إكليو يد مادي وضمها الى صدره، ضم الوداع، وقال هامسا في أذنها 'أنتِ كنتِ كل شيء لي، وستبقين، مهما تفرقت بنا السبل أعلم أني سأجدكِ مجددا، وحينما أجدكِ لن أكون طفلكِ المدلل' طبع على جبينها قبلة مطولة امتدت لثواني ولكنها كانت أبدية بالنسبة لهما، حاولت بكل الطرق أمساك دموعها لكنها انهمرت كشلال فائض في ليلة ممطرة، لم يوقفه شيء ولا أعتى السدود، بكيت بحرقة فها هو فتاها يودعها لتغرس سيفها في صدره، وها هي تغتسل بدموعها ودمائه، و يا حسرتها على تلك الأيام التي مضت وهي تحارب القدر، القدر الذي أجبرها على طعنه…

البحر السابع Donde viven las historias. Descúbrelo ahora