الفصل الخامس والخمسون (مملكة بحر السماء)

4 1 0
                                    

ظنوا لوهلة أنهم في السماء، الى أن حركوا أرجلهم وعرفوا أنه انعكاس السماء في الماء.

كان منظر انعكاس السماء ممتد حول النظر، ألتف الفتيان حول نفسهم متعجبين من المنظر، بينما كان ليڤ يحاول التقاط أنفاسه، فقد كان منهك من المعركة الماضية فهو لم يتوقع أن يكون مساعد الكاهنة شظية بهذه القوة.
بعد مدة من الزمن وبينما كان إكليو يلعب مع مادي بالماء، كان ليڤ يراقبهم ويتساءل عن سر نشاطهم الدائم، بعد أن هدأ قال 'هذه هي مملكة بحر السماء، هي مملكة لكنها مكونة من مدينة واحدة ضخمة تمتد للأعلى ستفهمون قصدي حينما نصل، والأن دعونا نسير' تابع الجمع سيرهم نحو المملكة لم يعرفا الطريق أو أين وجهتهم فقط تبعوا ليڤ وهم يلعبون بالماء العاكس سطح السماء الصافية.

بعد مدة من المسير وصلوا الى مدينة خيالية ضخمة تراكمت البيوت فوق بعض وكأنها جبل واحد تمتد للأعلى كان المركز ضخما وضاق كلما أرتفع حتى يصل الى برج نحيف وطويل يصل الى أبعد مما يستطيعون رؤيته فقالت مادي متعجبة 'هل هذا البرج أعلى من الجبل' تقصد جبل مملكة رياح البحر فقال ليڤ 'أجل' تابع الثلاثة سيرهم وهم متعجبون من عظيم ما يرون فتلك البيوت صنعت من حجر أبيض اللون وأبواب سوداء ونوافذ من حديد.

لم يكن هناك جنود يحمون مدخل المملكة ولا حرس يحومون في المكان، بل كان سكان المملكة يسيرون في الطرقات المنحنية بكل أريحية دون انزعاج، كانت الطرقات معبدة وبيضاء ايضا كل شيء كان أبيض بشكل مزعج، حتى لباس السكان كانت بيضاء، لم ينزعج أحد من دخول الزوار الغرباء حتى ظنوا أنهم غير مرئيين بالنسبة لهم فقالت مادي بتعجب بينما كان إكليو يلوح لمن حوله عله يلفت أنتباه أحد ما 'هل يستطيعون رؤيتنا؟' فقال ليڤ وهو يشير لإكليو بالتوقف 'أجل، هم فقط لبقون ولا يرغبون بأشعارنا أننا غرباء' فقالت مادي وهي تمسك بيد إكليو الذي كان على وشك الانفصال عن المجموعة 'هم بتصرفهم هذا يشعروننا بالعزل أكثر' أبتسم ليڤ بعدما أطمأن أن إكليو لن يسبب المشاكل وقال 'لا يهم، المهم أن نصل لذلك البرج' شدت مادي من قبضتها على إكليو فكلما تعمقوا في المملكة اشتدت المغريات وصار راغبا في الهرب، أتصفت المملكة بكثرة فعالياتها فكلما ساروا وجدوا الكثير من الأشياء الممتعة، السوق الكبيرة التي شملت كل شيء، ملابس، أسلحة، مكونات نادرة، والكثير من الاشياء، طعام الشوارع ذو الرائحة الزكية، المسرحيات الغنائية، العروض الاستعراضية، رجل يلاعب حيوانات متعددة، فتاة ترسم كل من يطلب منها، نافورة ضخمة، والكثير.

وبعد ذلك الجهد الكبير من مادي وليڤ لإبقاء إكليو مع المجموعة وصلوا اخيرا الى بوابة البرج الطويل بعد أن صعدوا لمسافة طويلة، قالت مادي 'هل يمكننا الارتياح قليلا' وقال إكليو 'لقد حل المساء دعنا ننام وننطلق غدا صباحا' فقال ليڤ 'حسنا، نرتاح في الداخل' أنهى جملته بصوت معدة إكليو ثم قال متذمرا 'أنا جااااائع' أنزعج ليڤ ونظر لمادي التي قالت 'ليس لدي شيء' نفذ طعامهم في الصحراء بسبب إكليو وكانوا يأكلون السحالي بسببه، وحتى الطعام الذي زودوه بهم سكان القبائل لم يدم لهم كثيرا، أزداد انزعاج ليڤ الذي لم يكن سببه واضحا لمادي ثم قال 'أدخلوا أنتم وأنا سأذهب لجلب الطعام' سعد إكليو بهذا الخبر لأنه أراد تذوق طعام الشوارع الشهي، دخلت مادي وإكليو الى البرج الذي كان عبارة عن درج يمتد للأعلى البعيد جدا، جلست على أحد عتباته وقالت لإكليو الذي جلس أسفل منها بقليل 'لماذا ليڤ غاضب هكذا' فقال لها 'أظنه لا يحب هذه المملكة' فسألت 'كيف عرفت' أجاب 'كانت الجنيات غير مرحبات به بعكسنا' قالها بمرح وسعادة، بادلته مادي الابتسامة ثم قالت 'يحوم الغموض حول ذلك الرجل' عم الصمت لدقائق ثم قال إكليو بصوت حزين 'دان' صمت قليلا ثم تابع وهو متوتر 'كيف تشعرين؟' صمتت قليلا لأنها لا تعرف ماذا تقول، نظرت للجدار ثم قالت 'ظننت أني أكن له مشاعر خاصة، أو ربما فعلت… وظننت أن خوفي مما حدث لي في الطفولة جعلني أكره الرجال وأمقتهم… لكن نالني شعور مختلف معه' صمتت قليلا وضمت ساقيها وأكملت قائلة 'شعور غريب لا أستطيع تفسيره…' فقال إكليو بحنان 'حاولي' نظرت له تفكر بمشاعرها التي لم تعتد على تبديلها بالكلمات، كيف يمكن للمرء أن يختصر تلك الامواج الهائجة في قلبه الى بضع كلمات، وهل سيفهمها فهي لا تفهم قلبها، أطرقت بنظرها للأسفل ثم قالت 'شعرت بخوف أمن، وبأمان خائف، عندما كنا معا نحن الثلاثة شعرت بالسعادة، لقد كان يعرف ما أريد… ويعرف كيف يسعدني، بنفس الوقت شعرت بالرعب من ابتسامته' شدت على ساقيها عندما تذكرت مشاعرها وتابعت 'كانت تلك الابتسامة تخفي الكثير وتذكرني كثيرا بابتسامة أولئك الجنود' أخفت وجهها بين قدميها وكأنها تريد إخفاء نفسها من ذكرياتها.
قاطعهم صوت فتح الباب ودخول ليڤ بالطعام، فقال إكليو بسعادة لا تناسب الاجواء التي كانوا بها 'رائحة الطعام شهية' وضع ليڤ سلة مليئة بالطعام وقال 'لا تنسى أن تشاركها مع مادي' قالت مادي بصوت حزين 'لا بأس أنا بخير' نظر إكليو بحزن لمادي ثم أعاد نظره الى ليڤ مرتجيا منه المساعدة، فقال ليڤ بصوته الجاد 'عليكِ أن تأكلي فنحن مقدمون على الكثير من الصعاب' نظر إكليو بخيبة الى ليڤ وقال 'عديم الفائدة' تجهم وجه ليڤ ثم قال بعد أن جلس بجانب الباب 'هذه ليست المرة الاولى التي تُخانين فيها، اعتادي على الخيانة فهي رفيق كل من يبحث عن الحقيقة' شعر إكليو بالحزن وتذكر كل ما مروا به، شعور فقدان الأمان مؤلم، يحطم القلب وأركان الجسد، ولا يبقي من الروح إلا الفتات.

مد إكليو يده لمادي وهي تحمل رغيف خبز رقيق يعتليه ثلاث أسياخ من اللحم وقال بحنان 'نحتاج الطعام للطاقة' ابتسمت مادي بتعب وقالت 'هذا لا يكفي إكليو' قال بنبرة حزينة 'لم يجلب ليڤ الكثير' فقال ليڤ بعد أن نهض من مكانه وهو يعبث بالسلة 'لقد جلبت ما يكفي لخمسة أشخاص لا تبخل أيتها الأفة' ضحكت مادي من تعابير وجه إكليو المنزعجة من ليڤ الذي أخرج المزيد من اللحم والدجاج وبعض الخضرة المشوية وقدمها الى مادي وبينما كان إكليو يحاول منعه قال ليڤ 'هي تحتاج للطاقة ايضا' توقف بانزعاج ثم قال 'هذه المرة فقط' تابعت مادي ضحكها وقدم ليڤ لها الطعام، لم يعلم أحد منهم حينها أنها وجبتهم الأخيرة معاً…

البحر السابع Onde histórias criam vida. Descubra agora