الفصل الثامن عشر (القرية المحرمة)

7 3 0
                                    

دخل الاثنان الى القرية كان مادي متعجبا من جمالها فالمنازل الخشبية تزينت بالورود والاشجار المزهرة وكان هناك مجرى لنهر صغير يعبر القرية كلها والشمس كانت تضيئ القرية وكأن ضوء الشمس ينجذب الى جمال القرية…

بالنسبة الى إكليو كانت مناظر مألوفة ويسير بكل ثقة نحو منزل العجوز والناس تتصفح وجه إكليو العائد وتتهامس فيما بينها 'من هذا الفتى الذي مع المزعج'… 'هل عاد المزعج للقرية'… 'ما الذي اعاد المزعج مجددا' تسأل مادي 'من هو المزعج؟' قال إكليو بمرح 'هذا كان اسمي هنا فكما اخبرتك لم يكن لي أسم هنا فكان أهل القرية ينادوني بالمزعج' قال مادي 'لا ألومهم' ضحك إكليو من تعليق مادي ثم قال 'لقد وصلنا' المنزل كان خشبيا ملونا فجدار البيت كان ازرق وسقفه كان احمر والباب لون بالأسود طرق إكليو الباب وقال بصوته العالي 'ايتها العجوز هل انتِ هنا؟ اتيت لأنه لدي بعض الأسئلة هل يمكنني الدخول؟' انزعج مادي من صراخ إكليو لكن الباب فُتح بهدوء فدخل إكليو بدون تردد وتبعه مادي الذي التفت حوله ليبحث عن من فتح الباب لكنه لم يرى احد فارتعش جسده فظلمة المكان زادت من خوف مادي.

كانت العجوز تجلس على الارض وسط غرفة فارغة، اشعلت نارا امامها، كانت ترتدي السواد وتغطي وجهها وجميع بدنها، لم يظهر منها سوى اطراف اصابعها التي كانت تلعب بالنار، وقف إكليو امامها وقال 'هل تسمحين لنا ايتها العجوز' قالت العجوز بصوت رزين 'مر وقت طويل منذ ان ناداني احد بالعجوز' قال مادي 'اعتذر عن تصرف إكليو غير المهذب' قالت العجوز 'لا بأس اجلسا' جلس الاثنان أمام النار لم يكن هناك شيء ليجلسا عليه فأجسادهم لامست الارض مباشرة وكأنهم جالسين في كهف ما. قال إكليو 'انا' لكن العجوز قاطعته قائلة 'أعلم لما انتما هنا لقد اخبروني بذلك' قال مادي 'من اخبرك بذلك' لكن العجوز لم تجب على سؤاله واكملت 'إن العالم مختلف تماما عما تعرفوه بالنسبة لكما سيكون العالم مجرد شخص ما او ذكرى من الماضي ترغبان بمعرفتها… لكن الامر مختلف… مصيركما مرتبط ببعض اينما تذهبان ستجدان خيوط القدر تعيدكما لبعض من سينجو ومن سيموت كلها امور بيد القدر' قال إكليو 'انا لا أفهم ما تقولين' قال مادي 'ولا انا' تابعت العجوز كلامها 'كل واحد منكما يرغب بمعرفة اصله لكن المعرفة سلاح ذو حدين قد يرضي فضولكم لكنه لن يرضي ضميركم ستبحثون مجددا الى ان تجدوا اجوبة اخرى وحينها هل يستطيع طفلان ان يحملا هذا الثقل الكبير؟' قال إكليو 'اجل استطيع' قالت العجوز 'لكل معرفة ثمن فهل ستدفع ثمن المعرفة' قال مادي بتعصب 'لا شيء مجاني في هذا العالم سندفع لكِ ما تريدين' قالت العجوز 'جيد هذا يكفي لليوم تعالا غدا صباحا والان لماذا لا تري صديقك مادي منزلك القديم يا إكليو' قال إكليو بحماس 'فكرة جيدة حسنا موعدنا غدا إذا' غادر الاثنان على عجل فتلك العجوز سببت الرعب في قلبيهما عندما عرفت أسمائهما.

صعد إكليو ومادي الى اعلى احد الجبال الى ان وصلوا الى منزل اعلى شجرة انزل إكليو السلالم بحركة لا يعرفها غيره وصعد الاثنان، كان المنظر في الاعلى جميل جدا فهو يطل على القرية من الاعلى وشكلها كانت كلوحة فنان قال مادي 'كنت تراقب هذا المنظر طوال حياتك لا عجب انك شخص هادئ' قال إكليو 'لقد كنت وحيدا طوال الوقت' قال مادي 'ومن كان يطعمك إذا' قال إكليو 'جزء من ذاكرتي يتذكر رجلان احدهم اظنه والدي والاخر شخص كنت اطلق عليه معلمي كانا يعتنيان بي عندما كنت طفلا' تعجب مادي وقال 'ليتني افقد ذاكرتي مثلك' قال إكليو 'فقدانها او بقائها كلهم سواء' قال مادي 'على الاقل ستنسى الاشياء السيئة في حياتك' تجهم وجه إكليو وقال 'لا أرغب بنسيان تلك الامور السيئة' قال مادي 'لأنك أحمق، تلك الذكريات الصعبة نعيش معها كل يوم تأكل من روحنا وكأنها أفة' استلقى إكليو على ظهره ثم قال 'إذا عش بالذكريات الجميلة واترك تلك الذكريات السيئة في صندوق كبير' قال مادي 'ولماذا لا اتخلص من ذلك الصندوق' قال إكليو بصوت جدي لم يعهده مادي قط 'لأنه حينها نرغب بالقتال سنحتاج تلك الذكريات، الاشياء الجيدة لا تبني الشجاعة والقوة بل تلك الاشياء السيئة هي ما تخرج الاقوياء' قال مادي بعجب 'من اخبرك بهذا' قال إكليو 'لا اعلم ربما معلمي او والدي' ابتسم مادي وبقي عقله يفكر بكلام إكليو.

في المساء خرج الاثنان للبحث عن شيء ليأكلاه من الغابة بالنسبة الى مادي كان السير في الغابة متعب جدا والحاق بإكليو كان متعبا اكثر لذلك قرر ان يتوقف وقال صارخا 'انا سأنتظرك هنا' اجابه إكليو 'لا بأس لن اتأخر فأنا اعرف اين اذهب' تابع إكليو سيره بكل خفة اما مادي اتكأ على جذع شجرة واغمض عينيه مستنشقا الهواء العذب شعر بثقل اجفانه لكن شيء ما ايقظه كان صوتا شبيها بالضحك وهمسات خفيضة، لطالما اشتهر مادي بسمعه القوي لذلك استطاع سمع الهمسات القائلة 'انظري من اتى' فأجاب الصوت الثاني 'اجل لقد اتت' ازدادت الضحكات لقد كانت الاصوات تستبشر بقدوم مادي للغابة 'لقد اتت' 'اخيرا اتت' 'اخبروا الجميع انها هنا' 'لقد احظرها' 'يا لها من فرحة' 'يا لسعادتنا' 'هي هنا' شعر مادي بالخوف من هذه الاصوات فصرخ عاليا 'من هنا؟… اكشف عن نفسك' لكن لم يجبه أحد بل على العكس اختفت الاصوات بصراخ مادي. شعر مادي بالخوف و الوحدة بدأ يلتفت حول نفسه باحثا عن مصدر الصوت قال لنفسه 'لابد اني متعب اجل هذا بسبب السفر الطويل جسدي وعقلي متعبان' ثم سمع صوتا من خلفه يقول 'لقد عدت' صرخ مادي فزعا مما جعل إكليو يتعجب من صراخه قال ضاحكا 'ما بك هل انت بخير' غضب مادي ثم قال 'اصدر صوتا وانت قادم يا احمق لقد افزعت قلبي' قال إكليو 'اي صوت سأصدره سيفزعك يا صاحب القلب المرهف' غضب مادي كعادته وضرب إكليو على رأسه ثم قال 'لنعد فأنا متعب' تقدم مادي الطريق وهو غاضب فتبعه إكليو قائلا 'هل تعرف طريق العودة حتى'…

البحر السابع Onde as histórias ganham vida. Descobre agora