الفصل الخامس والاربعون (المَلْك والمُلْك)

5 1 0
                                    

الجميع يرغب بالهروب من الواقع، ولكل شخص طريقته الخاصة، منا من يهرب بالخيال، ومن يحاول إنشاء واقع أخر، والبعض يشغل نفسه بالعمل، ويضيع الوقت، ويبقى مجرد هارب.

قال الحاكم متابعا قصته، هو يعرف أنهم لن يرضوا حتى يجدوا أجوبة كاملة، لذلك عليه التركيز ليحكي لهم القصة كاملة 'أول من حصل على الحجر كان جدي الاكبر، لا نعرف القصة كاملة، كل ما نعرفه أن الجنية نفسها من ضحت لأجلنا، هل أخبرتكم أننا نسل أخر غير البشر والجن، نحن ما يسمى بالهجين، نصف بشر ونصف جن، ربما أخبركم أحد أن الجن لا يتزاوج مع البشر، فينجبون أطفالا معاقين، لا يعيشون طويلا، لكن هنا أتت قوة البحر، فجدي الأكبر أستعان بقوتها حتى يتزوج من جنية وينجب منها طفلا، ويمكنه أن ينجب طفلا واحدا فقط، والطفل الذي ينجب من الجنية يكون الحاكم، من نسل عائلتنا فقط، فجدي الأكبر أنجب جدي، وجدي أنجب والدي، و والدي أنجبني، وأنا أنجبت طفلي الذي سيحكمني من بعدي، أما باقي شعبنا فإذا تزوج أنسي من جنية وأراد الإنجاب منها فعليه أن يقدم قربانا الى البحر وهو روح، ولكن البحر لم يحدد نوع الروح، فتقدم أحد البشر بالتضحية بشاه يملكها، فقبل البحر ذلك وحملت زوجته بطفلهم، وبات البشر والجن يقدمون الاضاحي للتكاثر، وهكذا أصبحنا بهذا العدد. جميعكم تعرفون أن الجن يملك قوى عجيبة وعلم قديم لم يندثر، لذلك استفدنا من هذا العلم و القوة في بناء بيوتنا واستخدام السفن' أنهى كلامه قائلا بكل جدية 'نحن لم نستخدم قوى البحر إلا في الإنجاب'.

عم الصمت المكان فهذه قصة لا تصدق، لم يقابلوا مملكة فعلت شيء كهذا، ولكن أكثر ما أجفل مادي حقيقة أن البحر لم يحدد نوع الروح وأنهم كان بإمكانهم التضحية بالحيوانات بدل البشر.

قال إكليو 'وكيف تعرفت على ليڤ؟'

هذا السؤال كان في جوفهم منذ البداية ولكن لم يسأله أحد، ليس خوفا ولكنهم قد نسوه.

أجاب الحاكم وهو ينظر الى ليڤ 'أجيبهم أم تفعل؟' أشار له بالكلام فتابع حديثه مبتسما 'عرفته منذ الصغر، فقد كان يزور والدي حينما كنت صغيرا، لعبنا كثيرا معا' ضحك لتذكره الماضي، شاح إكليو نظره نحو ليڤ وقال في جدية 'كم عمرك أنت؟' فرد عليه ليڤ بعداء 'إذا عرفت عمرك اسألني عن عمري' أنزعج إكليو من كلامه فهو للأن لا يعرف كم عاما عاش.

بعد أن هدأت مادي سألت الحاكم 'لماذا تستخدم ثلاث سفن فقط؟ ثلاث للصعود وثلاث للتنقل، ألن يأخذ هذا وقت طويل، أليس الأفضل من كثرتهم؟' نظر إليها بتعجب أسند يده على كفه بملل وهو يقول 'هل ستحاسبينني الأن على طرقي في الحكم؟' قالت بخجل و انزعاج 'كلا، أنا فقط فضولية بشأن هذا' قال بعد أن أعتدل في مجلسه 'إذا كان هكذا سأجيب، لتنمية عجلة الاقتصاد' بدأ يعبث ببعض الاوراق على مكتبه ويقرأها وهو يقول 'إذا زادت الخدمة قل سعرها وإذا قلت زاد سعرها، أحاول الحفاظ على توازن الرواتب في كل مكان' أرادت التكلم لكنه قاطعها قائلا 'يوجد الكثير من الأعمال هنا، لذلك لن تجدي عاطلا، كما أننا نحصد عدد المواطنين، وإضافة ستنتهي هذه المملكة فور حصولكم على البحر' صمتت مادي ولم تعرف ماذا تقول فهو يسلمهم مستقبل مملكته بكل بساطة، قال دان متعجبا 'هل ستحكم على مملكتك بالهلاك؟' فقال الحاكم 'كلا، لأن العالم كله سيهلك قريبا' هدوء الملك سبب العجب في قلوبهم فهو يبدوا أنه غير مكترث لدمار العالم، او ربما واثق من نجاح خطته.

قال مقاطعا تفكيرهم 'إذا ماذا تريدون؟ متابعة مهمتكم؟ أو التوقف؟'

التوقف! هل هو شيء ممكن الحصول؟ تساءلت مادي.

مهمة؟ هل هي مهمتي إنقاذ العالم أم تدميره؟ تساءل إكليو.

قال دان 'أنا سأذهب أين ما تذهبان لذلك هو قراركما أفعلا ما تشاءان' ابتسمت مادي لتشجيع دان اللطيف، وبدا من وجه ليڤ انه لا يصدقه، لم يعرف حينها إكليو لماذا هذا العداء بين الأثنان، فهو أحبهما على سواء، لديه الكثير ليحتار بأمره وعلاقتهم هي أخر شيء يريد التفكير فيه.

لأنه يعلم بضيق الوقت الذي يملكه نظر إليها وهو يقول 'أنا أريد المتابعة' ثم أبتسم بلطف وقال 'لأني أعلم أنكِ ستحميني، وستغيرين مستقبلي' بادلته الابتسامة، ولكن هذه المرة بثقة وعزم وقالت 'لن أدع أحدا يؤذيك' تغير وجه ليڤ من الغاضب الى الراحة، مع ابتسامة حاول إخفائها بقوة، حتى لا يشعر أحد بها، ولكن الجميع شعر بها.

سعد الحاكم لقرارهم ثم قال 'هذا جيد إذا لنذهب' قال دان وهم ينهضون 'الى أين' فأجاب الحاكم وعيناه تلمعان 'الى البحر'…

البحر السابع Where stories live. Discover now