الفصل الثاني والثلاثون (حياة و موت)

12 2 0
                                    

ما إن اضمحل الدخان حتى بدأ هجوم الجيش بسلاحهم العجيب الذي يشبه النَشَابِيَة او القوس المستعرض ولكنه أسرع واقوى تأثيرا سهم واحد كافي لتحطيم الجدار.

قالت مادي بينما هي تهرب خلف سامر وتحمي رأسها من الحجارة المتطايرة 'يا له من سهم قوي' فقال سامر بعد أن اختباء خلف جدار 'السر في سرعة السهم وليس فقط قوته فهم يستخدمون قوة الرياح ليطلقوا السهام' ثم نظر الى مادي وقال 'سأشرح لاحقا' تابع الاثنان الركض الى أن التقوا بمجموعة اخرى خاطبهم سامر قائلا 'علينا أن نجد مخرج' فقال أحدهم 'لا يوجد فالسكان اغلقوا جميع المنافذ' فقالت مادي 'ماذا عن السطح؟' لم يسمح لهم الجند بالتفكير كثيرا، فهم قد أصبحوا داخل المبنى يطلقون سهامهم السريعة في كل مكان، رغبة بدفن الموجودين فيه. قالت مادي بعد أن استرقت النظر للجنود 'الدرج الرئيسي لم يعد متاحا' قال سامر 'ماذا عن درج الطوارئ' فأجابه أحد الفتية 'مغلق' فقالت مادي بغضب 'هؤلاء حقا فكروا في الموت هنا' قال سامر 'لا وقت لدينا إن الجند يقتربون علينا الهرب' فرد عليه أحدهم بتوتر 'وأين نذهب كل الطرق مسدودة' وبينما صوت أقدام الجنود تتحرك سمعت مادي صوتا مألوفا لها قائل 'نادني' تذكرت مادي القوة التي تملكها، أغمضت عينيها و وضعت يدها فوق قلادتها، ثم نادت 'سايلين' عم الهدوء فجأة ولم تعد تسمع صوت خطوات الجنود أو أنفاس رفاقها، ففتحت عينيها و يا الصدمة لم يكن هناك أحد في القاعة.   

بدأت مادي تتجول في المكان تنادي بأسماء رفاقها لكن لا أحد يجيبها، عم الهدوء المكان حتى الحطام توقف عن التساقط وكأن الوقت توقف، خافت أن الامر حدث مرة أخرى وأنها فعلا السبب في اختفاء سكان مملكتها، عندما استخدمت قوة أمها، وبينما كانت تتجول في المكان بدون هُدى لمحت شخص واقف ينظر لها من مسافة، سعدت لكون هناك شخص أخر غيرها فركضت تجاهه، تباطأت خطواتها عندما أدركت أن ذلك الشخص هو مختار، بملامحه الهادئة واللطيفة قائلا لها 'عزيزتي لا تستخدمي قوتكِ' فقالت بانفعال 'لكن إن لم استخدمها سيموت الجميع' فرد عليها 'ثقي بي ولا تستخدمي قوة البحار، ستعرفين السبب قريبا' فصرخت 'ولماذا لا تخبرني أنت' أبتسم لها مختار قبل أن يصدر منه ضوء أعشى عيني مادي، أغمضت عينيها وحاولت حجب الضوء عن عينيها وعندما فتحتهم عاد كل شيء لما كان، ولكن باختلاف شيء لقد كان الجنود اموات وكان دان يحادث رجل غريب لم تعرفه، وكان سامر يخاطب البقية ويعطيهم الأوامر، وعندما لمح نظرات مادي أبتسم لها وقال لها 'هل أفقتي أخيرا' فقالت متعجبة 'ما الذي حدث؟' فقال لها 'أقنع دان الجماعة أن تأتي معنا' امسكت كتفا سامر وقالت وهي تهزهم 'ما الذي حدث لي؟' فقال لها بتعجب 'لم يحدث شيء، أخبرتك أن تبقي هنا بينما نقاتل، ما الذي حدث لكِ؟' قال جملته الأخيرة بقلق فأجابته مادي بهدوء 'لا.. لا شيء'  قرر الجمْع العودة الى القرية بعد موافقة المهاجرين بالذهاب معهم، فلم يعد المكان أمن لهم وكما قال دان، كانت مجموعة من الرجال والنساء والاطفال، كان لديها الكثير لتفكر به لكنها وبشدة أرادت الحديث مع من بقي من سكان مملكتها، فتوجهت لرئيسهم بينما كانوا يجهزون المتاع للرحيل، قائلة له 'مرحباً، انا مادي من مملكة بحر إغريق.... هل يمكننا الحديث؟' أبتسم الرجل بلطف وقال 'بكل تأكيد، هل أنتِ مهاجرة مثلنا؟' قالت بتوتر 'أجل' ثم تابعت كلامها 'منذ متى وأنتم هنا؟' هز الرجل رأسه وكأنه عرف مقصدها، ثم قال بعد أن جلس على أحد الانقاض 'لقد كنا هناك عندما بدأت الإبادة، لكن استطعنا الهروب بسبب الرجل ذو الرداء الأسود' تعجبت مادي عندما سمعت عن ذاك الرجل، فهو الشخص الشرير في القصة، فلماذا يساعد شعبها، تابع الرجل كلامه قائلا 'لقد بدأ كل شيء منذ شهر، عندما بدأ الجيش فجأة بقتل وتدمير قُرى الاشخاص الغير مؤمنين، وليس هذا فقط بل حتى الأشخاص المؤمنين، سمعت بعض الجند قالوا أن الملك أتته رؤية أن الملك أخبره بذلك' صمت قليلا ليعطي مادي بعض الوقت للتحمل الصدمة القادمة، بعد وقت من الصمت قالت مادي بخوف 'بعدها....ماذا....حدث' تلعثمت في كلامها خوفاً من القادم، فقال الرجل بوجه جدّي 'فجأة وبينما كنا نحاول الهروب للنجو بحياتنا، ظهر ضوء عظيم في السماء بلون البحر العاصف، وبدأ يملأ الأرض كذلك، خفنا منه لذلك هربنا فإذا برجل يرتدي رداء أسود لا يظهر من وجهه شيء، صد الضوء عنا بقوة عجيبة وكأنه جدار أوقف تحركه بيديه، قال لنا أن لا نخاف ونهرب الى أرض عشير فهناك سنجد الأمان' صمت قليلا فيبدوا أن هذا الرجل يحب الإثارة، ثم قال 'ليس هذا فقط، أخبرنا أيضا أن هناك فتى بروح رجل سينقذنا جميعاً' "أنه يقصد إكليو" فكرت مادي، لكن من ماذا سينقذهم، من هو الرجل ذو الرداء الأسود؟ من هو الشرير؟ ومن هو الطيب؟ شعرت مادي بألم في رأسها الكثير من الأفكار ولماذا حذرها مختار من قوة أمها؟ شعرت بعدم الأمان والخوف، بدأت ترتجف في مكانها كسمكة أُخرجت من بحرها، شعر الرجل بالقلق عليها لكنها لم تستطع سماع صوته، يدٌ لطيفة أحاطت بجسدها الهزيل، وأخرى وضعت فوق رأسها وبدأت تمسح على شعرها المُنسدل الناعم وبصوته الدافئ قال لها 'لا بأس أنت بخير، ما دمت معنا فأنت ستكون بخير' شعرت مادي بالاطمئنان في حجره لسبب غريب، فهدأت قليلا وعندما توقفت رجفتها أبعدها من حجره، ونظر مباشرة الى عينيها الخائفتين وأبتسم لها بلطف فائق لم تعهده قط قائلا 'أنت بخير الان رأيت؟' ابتسمت مادي، لا للطفه، بل لكونه مازال يكلمها بصيغة المُذكر، ولأول مرة في حياتها رغبت أن يتم معُاملتها كفتاة…

عاد الجمع الى القرية وأستقبلهم الجميع عدا إكليو فسألت مادي عنه فقالوا لها لم يخرج من غرفته، الرحلة دامت أكثر من يوم قلقت عليه كونها لم تجهز الكثير من الطعام، ناسية أنه معتاد على الحياة لوحده، جرت مسرعة الى المنزل وفتحت الباب بقوة فائقة، صرخت بأعلى صوتها 'إكليو' أجابها راكضا 'ما الأمر، هل حدث شيء لكم' عندما رأته سليما معافا شعرت بالراحة، لدرجة أنها عانقته وهي تبكي 'أنت بخير كم أنا سعيدة' شعر إكليو بالراحة لأول مرة منذ زمن، فمادي عادت كما عهدها مبالغة في مشاعرها ومنفعلة. بعد أن هدأت جهز لها مشروبا ساخنا وبدأت في شربه، بينما هو كان يراقبها بهدوء وهي تشرب الشاي بحزن مبالغ به، قال لها 'لقد قرأت كل كتب زعيم هذه القرية، أكثرها مذكرات جنود كانوا مع المؤسس، ومنها عرفت أين يقع بحر عشير' توقفت مادي عن الشرب ورفعت رأسها بهدوء لتنظر الى عيني إكليو، وحينها تذكرت كلام الرجل ذو الرداء الأسود 'طفل بروح رجل' كانت عيناه تفيض بالقوة والشجاعة التي ارعبت مادي، فهل هو حقا المنقذ أم المدمر؟ شعر بخوفها فقال لها 'هل أنتِ بخير؟' أجابت مادي بعد أن انتفض جسدها 'بخير...واين هو هذا البحر' اجاب بعد صمت 'قريب من هنا، سنذهب نحن الأثنان ليلا' قالت مادي 'ولماذا ليلا؟' عرف أنها تخفي شيء ولكن صبره أكبر من فضوله، فقال 'لا تريدين أخبار الجميع أننا هنا لسرقة بحرهم أليس كذلك؟' أجابت مادي بتوتر 'أجل معك حق' ثم تابعت شرب الشاي بينما كان يراقبها بهدوء…

البحر السابع Where stories live. Discover now