الفصل الثلاثين (أبيض و أسود)

7 3 0
                                    

(مريب) كلمة تعرف الرجل وكل شيء فعله حتى الصندوق الذي أشار له كان مريبا، ولكن فضول إكليو أقوى من خوفه ففتح الصندوق الخشبي ليتفقد محتوياته ولكن يا الصدمة لقد كان فارغا…

خرج الأثنان من المحل دون قول كلمة واحدة، فيكفيهما نظرات الرجل لهم بعد أن غادرا المحل، توجها مسرعين ناحية المصعد يتسابقان من سيضغط الزر، وبالطبع وصل إكليو أولا ضغط على الزر وانتظرا قليلا قبل أن يُفتح الباب لهم، كان المصعد مكتظ قليلا لكنهما وجدا موضع قدم لهما ضغطت مادي على الطابق الاول أنغلق الباب ونزل للأسفل، انفتح الباب وخرج بعض الأشخاص هّمْ مادي و إكليو للنزول لكن رجل عجوز اوقفهما قائلا 'هذا الطابق الثاني وانتما ستنزلان في الاول أليس كذلك؟' قالت مادي 'أجل ولكن كيف عرفت رقم الطابق؟' ضحك العجوز ثم أشار بيده الى اعلى باب المصعد، كان هناك عجلة دوارة تدور لتشير لرقم الطابق الذي يقف المصعد عنده، فقال إكليو بحماس 'يدير الهواء هذه العجلة ايضا' قال الرجل العجوز مبتسما لهما 'أجل' توقف المصعد عند الطابق الأول وفتح الباب، نزل الاثنان من المصعد بعد أن ودعا العجوز، قالت مادي بينما هما متجهين للباب الرئيسي 'ماذا سنفعل الان' اجابها إكليو بتململ 'لا أعلم'، ما إن خرج الأثنان من الباب و وضعا أقدامهم خارج البوابة حتى أمسك مادي رجلا ملثما يرتدي السواد، نظرت مادي مسرعة الى إكليو فإذا به مأسور مثلها، حاول إكليو استخدام قوته لكن الرجل باغته وضرب خلف عنقه، خر إكليو مغشيا عليه بعد تلك الضربة، حاولت مادي مناداته لكنها ضُربت ايضا وهذا كان أخر شيء تذكره…

استيقظت مادي في مكان مظلم، شعرت بالخوف و بدأت بمناداة إكليو الذي أجابها بهدوء 'اهدأي نحن داخل عربة، لا أعرف الى أين نحن متوجهون لكني سمعتهم يتكلمون، يبدوا أنهم من الجنود' فقالت مادي 'لماذا يختطفوننا هكذا، لم نفعل شيء خاطئ' قال إكليو ساخرا 'ربما لأننا سألنا عن أبنهم الهارب' قالت مادي بعد أن استفاقت بالكامل 'ربما فعلنا شيء محرم، اظن أن ذلك الرجل هو من بلغ عنا' قال إكليو 'ربما' قالت مادي بعد أن أدركت انها مقيدة اليدين والرجلين 'لكل دولة قانونها الخاص' قال إكليو 'أجل'.
بعد عدة وقت شعر الأثنان أن العربة تتوقف فجأة، وسمعا صراخ الجنود وعرفا أنه تم مهاجمتهم، أستمر الصراخ وصوت الطعنات لبعض الوقت، الى أن فُتح باب العربة وقال صوت رجل 'اوقعتما أنفسكما في مشكلة من اليوم الأول؟' شعرت مادي أن الصوت مألوف، وقال إكليو بسعادة 'دان' ضحك دان ثم قال وهو يدخل العربة 'أنتما مثيران للأعجاب' فك دان وثاقهما وأنزلهما من العربة للخارج، بعكس المدينة لقد كانا في مكان خالي من كل شيء لا مباني ولا أشجار صحراء قاحلة فقالت مادي بتوتر 'أين نحن؟' قال دان 'مازلنا داخل مملكة بحر عشير' فقال إكليو بعجب 'لهذه المملكة جانبان مختلفان' فقال دان وهو يتوجه الى جانب العربة 'يسعدني أنك فهمت الأمر بسرعة' نظرت مادي بعجب الى إكليو فشرح لها قائلا 'ابيض وأسود' ففهمت مادي مقصده، لحق الأثنان بدان كان أمامهم ميدان المعركة الكثير من الجثث والدماء المسكوبة على الارض ذكرت مادي بالرؤية، بجانب العربة والجثث كان هناك عصبة من الفتية مكونة من عشرة أشخاص، لكل واحد منهم حصان يركبه وأسلحة مختلفة، فمنهم من حمل السيف، ومنهم الرمح، ومنهم السهام، وكان دان سياف فوضع سيفه الضخم خلف ظهره وكان طوله مناسب الى طول دان، فقد كان طويل القامة ورغم عضلات جسده المفتولة الى أنه لم يكن عريض المنكبين مثل جوان، وقف دان يداعب حصانه وقال للاثنان دون أن يلتفت لهم 'سوف نذهب لنقابل الزعيم وهناك سنشرح لكم كل شيء بالتفصيل' قالت مادي 'أين مقركم؟ ومن هو زعيمكم؟ ومن أنتم بالأساس؟' قال دان بعد أن ادار رأسه لمادي 'الكثير من الأسئلة ستعرف إجابتها عندما تأتي معنا' خاطبت مادي نفسها قائلة "هو لم يعرف أني فتاة هذا جيد" قاطع إكليو سرحان مادي قائلا بهدوء أعصابه المعتاد 'هل تعرف أين أغراضنا؟ لقد بحثت عنهم ولم أجدهم' قال دان كاتما ضحكته 'قد تجدها عند الغنائم' ثم قال صارخا 'لوان تعال' قدم فتى قصير القامة ضئيل الجسد، يحمل قوسا على ظهره وجعبة على جانبه احتوت على سهام قصيرة مناسبة الى يداه القصيرتان، قال عندما وصل بصوته الرنان 'ماذا تريد' قال دان ناظرا الى إكليو 'صديقنا يبحث عن اغراضه هل تعرف شيئا عنها؟' قال لوان 'لا' فصرخ إكليو 'كاذب' ضحك دان ثم تابع كلامه 'أنها حقيبة جلدية بلون حصانك إذ لم نجدها فعلينا تعويض ضيوفنا أليس كذلك يا سامر' قال صوت قادم من البعيد لم يريا مصدره 'بلى يا زعيم' نظر دان بحدة الى لوان فقال لوان وهو يتعرق 'حسنا أظنني رأيتها' فقالت مادي بحماس 'ماذا عن حقيبتي؟' فقال لوان 'حقيبتك ليست من جلد ولا أعرف أين هي' فقالت مادي بغيض 'وكيف عرفت أنها ليست من جلد' توتر لوان أكثر وبدأ يتلعثم بالكلام فقال إكليو متذمرا 'لص وأحمق' ضحك دان على تعليق إكليو ساخرا من لوان، فغضب لوان وقال قبل أن يغادر 'إذا كنتما تريدان حقائبكما فذهبا حيث الغنائم' تعجبت مادي من سرعته رغم قصر قامته، قال لهم لوان ليلاطفهما 'لا بأس فكل الغنائم ستأتي معنا، عندما نصل للمقر سأطلب أحدا ليحضر لكم حقائبكما' فقال صوت كان قادما بنفس الاتجاه الذي ذهب منه لوان 'لا بأس فقد أحظرتهم' كان صاحب الصوت رجلا ضخم البنية، أصلع الرأس ويمتاز بلون بني جميل ولماع أُعجب به كلا من مادي و إكليو، قال دان 'سامر شكرا لك' نظر دان الى صديقيه فإذا هما مبهوران بسامر، وتكاد عيونهم تخرج من مكانها وتتمركز على وجه سامر فقال ساخرا 'يبدوا أنك نلت أستحسانهما' ضحك دان بصوت عالي هذه المرة فجعل كلا من مادي و إكليو و سامر يشعرون بالخجل، فقال سامر ليلاطف الجو 'هذا لأنهم قابلوك بالأول لذلك ظنا أني جميل' ضحك دان من تعليق سامر ولم يبدي أي تعبير على الغيض منه، مما جعل إكليو يتعجب من الأمر فهو أعتاد على سماع سخرية مادي، ولكنه لم يكن يستحسنها أبدا وكانت تزعجه بعض الشيء.

بعد أن أعطى سامر الحقائب لهما أمر دان الجميع بالانطلاق الى المقر، ركبت مادي خلف سامر وركب إكليو خلف دان كانت أول مرة يمتطون فيها الحصان لذلك كانا متحمسان بعض الشيء أو أكثر من الازم، فهما لم يتوقفا عن الصراخ، أو التلويح لبعض، أو طلب الأسرع ليصبحوا في المقدمة، كانا حقا طفلان مزعجان، ولكن لم يمانع دان او سامر بل كانوا ينفذون ما يريدون بروح مرحة، وصلوا الى عدة جبال صخرية ضخمة عبروا من ممر ضيق يتسع لحصان واحد فقط، انزعجت مادي أن حصان إكليو هو من دخل أولا، لكن سامر قال لها أن على الزعيم أن يدخل أولا مما جعلها تهدأ.
بدأ الضوء يزداد حدة في كل خطوة يخطيها الحصان، الى أن وصلوا الى ارض فسيحة محاطة بالجبال، تأمل إكليو المكان الساحر كانت البيوت مستقرة داخل الجبال، وتم نحت الجبال ليشكلوا ممرا متصلا لكل البيوت، ودرجا ليصعدك للأعلى فالبيوت او المغارات لم تكن في مستوى واحد، بل امتدت من أعلى الجبل الى أسفله، زين الناس ابواب منازلهم بأنواع الزين، فمنهم من رسم على بابه برسومات جميلة، او وضع بعض الزهور على باب بيته، ومنهم من وضع طاولة وكرسي بجانب منزله، عندما وصلوا بدأ الناس باستقبال الفتية والتجمهر حولهم، وكانوا ينظرون الى مادي و إكليو بعجب فقال أحدهم 'هل هم سكان جدد' فرد عليه دان 'كلا مجرد رفقة' نظر دان اليهما ثم قال 'أتبعاني سآخذكما الى الزعيم'، تبعا دان الذي توجه ناحية الدرج، كان هذا الدرج مختلفا فهو توسط المكان ومواجها للمدخل الوحيد للمدينة، ممتدا الى أن يصل الى أحد البيوت ولم يكن متصلا بأي طريق أخر، صعد الأثنان الى أن وصلوا لباب البيت، فلتفت لهما وقال مبتسما 'انتظراني هنا قليلا' دخل المنزل بعد أن طرق الباب ثلاث طرقات متتالية، وبعد فترة من الهدوء خرج وأشار لهما بالدخول، فدخل الأثنان ولم يدخل دان خلفهم…  

البحر السابع Where stories live. Discover now