الفصل السادس والعشرين(العاصمة)

15 3 4
                                    

أستمر سفر الاثنان لما يقارب الشهر وكانا يمران بعدة قرى مُدمرة ولم يروا اثراً لأنسان، لا جنود، ولا قطاع طرق، كانوا يمرون بأراضي قاحلة مرة، وبغابات مرة أخرى، تزودوا بالطعام والماء من الغابات، ساعدتهم خبرات إكليو في البقاء ومادي في الطبخ حتى اقترابهم من العاصمة.

عاصمة مملكة إغريق تغير اسمها على مر العصور فكل ملك استلم الحكم غير أسمها حتى استقرت على أسم راما، تشتهر العاصمة بكثرة المباني فسكانها وصل الى مليون وخمس وستون ألف شخص، كما أشتهر قصر الملك، لم يكن ضخماً مثل باقي القصور، ولكن جمال بنيانه هو الذي جعله مشهوراً، فالقصر بُني من حجر الزفير (الياقوت الازرق) فكان القصر يضيء كلما اشرقت الشمس وغربت، ومن هنا كسب هذا القصر أسم شمس إغريق.

كانت مباني العاصمة مبنية من الطوب والخشب والطين باختلاف الطبقات، فالطوب للنبلاء، والخشب للأغنياء، أما الطين لباقي الشعب، الحياة في العاصمة كانت صعبة بسبب القوانين الصارمة في البناء، ينص القانون أن هناك تصاميم محددة على الشعب الالتزام بها، وكانت صعبة البناء وتتطلب مبالغ كبيرة، فحتى المنازل الطينية لم تسلم من الشروط الصعبة، تم تحديد نوع ولون محدد من الطوب حتى أصبحت جميع منازل النبلاء بنفس اللون المحمر وكأن القصور بُنيت من دماء، ونوع محدد من الخشب البني فأصبحت منازل الاغنياء كأنها صندوق من الخشب، ونوع محدد من الطين ذو اللون الاسود وكأنها منازل غربان وسحرة. تباين الاوان في العاصمة جعلها غريبة جدا و وجدها البعض ملفتة للأنظار وذو طابع جذاب.

وصل مادي و إكليو الى العاصمة، كانت البوابة مفتوحة فوقت النهار تفتح ابواب العاصمة وتغلق مع غروب الشمس، لكنهما تعجبا من خلو المكان من طابور التجار والمسافرين، ازداد عجبهم عندما دخلا البوابة فلم يكن هناك حراس او جنود، بدأ الأثنان بالصراخ علهم يسمعون جواب لكن لم يصل صوتهم إلا لجدران السور والبيوت.

توغل الأثنان الى داخل العاصمة ولكنهم لم يجدوا أحدا فيها دقوا الابواب ودخلوا البيوت ولكن لم يكن هناك جواب أو أثر للحياة.

تجمع الاثنان وسط العاصمة عند نافورة ماء ضخمة تزين وسطها مجسم جنية بدون ملامح وجه بعد أن تفرقا للبحث عن أحدٍ ما وقالت مادي لاهثة 'لم أجد أي أثر لأنسان او جان وكأن الناس اختفت' قال إكليو حائرا 'هل لاحظتِ شيء غريب' قالت مادي بعد ان ابعدت قارورة الماء من فمها 'غير اختفاء الناس؟' قال إكليو 'كل القرى التي ممرنا بها كانت مدمرة وأثار الحروب واضحة فيها لكن هنا... المنازل سليمة حتى الطعام لم يكن عفن وكأن الحياة اختفت منذ ساعة فقط' قالت مادي متعجبة 'أنت حقا دقيق' تعجب إكليو من هدوء مادي وقال 'أنا لا أمزح مادي هل تعرفين شيئا وتخفينه عني؟' قالت مادي وهي ترتب حقيبة ظهرها 'لو كنت أعرف لأخبرتك بكل تأكيد لكني حقا لا أعرف شيء' لم يستطع إكليو تصديق كلامها لكنه اخفا الامر وقال 'سأتجه الى القصر فهناك مكتبة تحتوي على الكثير من الكتب السرية قد أجد شيئا هناك' قالت مادي وهي تنهض من مجلسها 'بينما تفعل سأذهب للبحث عن بعض الطعام' قال إكليو وهو يسير في طريقه بأتجاه القصر 'من أصبح همه الطعام الان' فقالت مادي صارخة 'لا تتكلم إذ لم تكن مرافق لجاموس لا يشبع'.

وصل إكليو الى القصر العظيم جذبه لون القصر وبنيانه، فكان كأنه لوحة فنية بشكله العجيب، وما زاد عجبه أن الأبواب كانت مفتوحة عنوة وكأن القصر قد استقبل ضيفاً غير مدعو. دخل القصر بتوجس وحذر شديد لكن لم يكن هناك أثر لأحد، شيء ما أخبره أهو حسه الصائب؟ ام ذكرى منسية؟ انه إذا توجه الى عرش الملك هناك ممر سري سيوصله الى غرفة مخفية يوجد فيها ما يبحث عنه. تجاوز الممر الطويل والحديقة المليئة بأنواع الزهور العطرة، ولم يكترث لها رغم جمالها الأخاذ، وتلك اللوح المهيبة للملوك المعلقة على جدران القصر، والتحف الفنية الثمينة المتشكلة بأشكال مختلفة موضوعة على أعمدة من ذهب، بالنسبة لإكليو كان القصر متعب للعيون بسبب ألوانه والزين الكثيرة.

وصل الى باب عظيم بطول ثمان امتار، وعرض خمس امتار، مزين بزخارف من ذهب، مصنوع من الزمرد الازرق مثل باقي القصر، تعجب إكليو من شكل الباب وقال في نفسه يا له من ذوق عجيب، فتح إكليو الباب على غرفة مزينة بأعمدة من ذهب لماعة وكأنها أعمدة من نور، على طول الطريق من الباب الى العرش لم يلتفت إكليو الى باقي الغرفة لأن الاعمدة اعمت عينه، فتابع طريقه الى العرش الضخم جدا يكفي غولاً لا إنسان، مصنوع من الالماس بدا وكأنه كتلة من الثلج المصقول، لم يكن هناك شيء يميز العرش سوى وردة موضوع على قمة العرش، صعد إكليو على العرش وبدأ بالقفز حتى يستطيع ضرب الوردة ذو اللون الأزرق، وجد صعوبة في البداية بسبب قصر قامته، فقفز اكثر من مرة حتى أستطاع ضرب الوردة، ثم بدأ العرش بالتحرك مما أجبر إكليو على الجلوس حتى لا يقع، كشف العرش المتحرك عن درج يقود الى غرفة سرية…

البحر السابع Where stories live. Discover now