الفصل الثالث والعشرين(بحر مملكة إغريق)

6 3 1
                                    

عاد الأثنان الى منزل الشجرة بقي مادي يفكر طوال الليل ما هي الخطوة التالية أيعود الى جوان وعائلته؟ ام يستمر بالبحث عن أصله رغم ثقل الحقيقة؟

اما إكليو فقد غفا وكأن شيء لم يكن مازال طفلا يجهل حقيقة الثقل الذي على كاهله، مادي لا يعلم أن البشر مختلفون فهناك من يظهر حزنه و كربه وهناك من يخفيه داخل قلبه وشتان بين الاثنان فالأول لا يوجد شيء يمنعه من إظهار مشاعره لا عزيز يخاف عليه من حزنه ولا إحساس بما قد يُسبب حزنه، أما الثاني فيخاف حتى من نفسه على نفسه وأنه قد يزعج رفيقه ويقلقه عليه أياً يكن ذلك الرفيق عزيز عليه ام لا، فينام الثاني حتى لا يقلق الاول ويبقى الاول ساهر ليله يحسد الثاني على هدوء أعصابه.

في صباح اليوم الثاني استيقظ مادي متعجبا من نفسه فمتى نام من الاساس؟ وكانت بجانبه بعض الفواكه ولم يكن لإكليو أثر، جلس مادي جلسة الحزين وبقي مكانه يفكر وكأن الليل لم يكفيه، قاطع تفكيره صوت إكليو قائلا 'ألم تنتهي من عزلتك أيها الطائر الحزين' رفع مادي رأسه ليجد وجه إكليو قريب من وجهه فدفعه بيده بعيدا عنه وقال 'ليس من شأنك' ثم تابع قائلا بوجهه الحزين 'أنت لن تفهم مشاعري أبدا' قال إكليو ساخرا وهو يقطع بعض الفواكه 'ها قد بدأ الفتى الحساس، هل تظن أن الجميع عديمي إحساس عداك؟ أنا أيضا أمر بالكثير لذا هل يمكنك التوقف عن التصرف بدلال' غضب مادي وصرخ قائلا 'دلال؟ عن أي دلال تتكلم أنا تحت مسؤولية كبيرة مملكة مدمرة وعائلة مالكة هذه الحقائق أكبر مني' قال إكليو وهو يأكل 'ألا تشعر بالخجل من نفسك طفل أصغر منك وقد تقبل مصيره وأنت الثور الكبير لا تستطيع تقبل حقيقة أمرك؟' صرخ مادي قبل أن ينقض على إكليو 'من الثور أيها النعجة' هاجم مادي إكليو وبدأ الاثنان معركة بالأيدي إذ كنت تظن عزيزي أن المعركة كانت قوية فأنت مخطأ مادي كان يسحب شعر إكليو و إكليو يرد بالمثل كالأطفال وبينما هما كذلك قال إكليو 'ما الذي يزعجك أيها الجبان إن كان ذلك الحمل كبير عليك تخلص من القلادة وعش حياتك تحت إبط عزيزك جوان' قال مادي 'أنا جبان وما المشكلة في ذلك ليس عيب أن تكون جبان' قال إكليو 'لا تلطف الامر على نفسك أيها الطفل الباكي انت لست مجرد جبان بل ضعيف ونكرة أنت لست إلا عالة على هذا الكون أذهب وجد لنفسك جحر لتختبئ فيه' قال مادي 'أصمت أيها الوحش المخيف ألم ترا نفسك كيف هزمت جوان وحش مثلك لن يفهم مشاعر البشر' حينها توقف إكليو عن شد شعر مادي وابتعد عنه ونظر له بوجه حزين قائلا 'أنا أعلم ذلك لا أحتاج الى طفل جبان مثلك ليخبرني بذلك' ثم غادر مسرعا من المنزل حزين وغاضب ليس على مادي بل على نفسه التي لا يعرفها متجها نحو الشجرة المقدسة لأنه يشعر بالراحة قربها، اما مادي فأحس بتأنيب الضمير لما قاله وشعر انه قسي قليلا بالكلام على إكليو فمهما جرى هو يبقا طفل…  

وصل إكليو الى الشجرة واضعا رأسه على جذعها باكيا 'امي…ابي…معلمي…كلهم تركوني لوحدي لأواجه هذا المصير الصعب أين أنتم أنا أحتاجكم' لم يستطع الصمود واقفا لوقت طويل فذلك الكم الهائل من الحزن لا يستطيع تحمله لوحده ولا يوجد أحد يستطيع أن يتكأ عليه وبينما كان بحزنه سمع صوت من خلفه 'لما هذا الكم الهائل من الحزن أيها الفتى' التفت إكليو فإذا به الجني الذي قابلاه في الامس مختار ثم أكمل كلامه وهو متجه الى إكليو 'الليل هو أفضل وقت لإخفاء دموعنا فما الذي يبكيك نهارا؟' قال إكليو 'وحدتي وقلة حيلتي' ابتسم مختار وقال 'هذا كلام كبير على طفل صغير' تجهم إكليو ثم قال 'بعض الاحيان أشعر أني أكبر مما أظن لا أحب أن يعاملني أحد كطفل' ضحك مختار بوقار ثم قال 'هل تعلم أنت تعيش في حرب من الحقائق، الكثير من الاشخاص قد كذب عليك وعليك ان تفرق بين الحقيقة والكذب' قال إكليو 'ولماذا يكذبون علي؟' قال مختار 'لغرض في نفسهم ففي هذا الوقت هناك الكثير من الاعوان لذلك الرجل' قال إكليو 'هل لذلك الرجل أسم؟' قال مختار 'لا، لا أحد يعرف شيء عنه سوى أنه حينما يظهر تحدث المصائب' صمت إكليو لفترة حينها قال مختار 'انظر إنها صديقتك قد أتت لكي تصالحك' قال إكليو بتجهم 'اتى ليزيد الامر منذ متى وذلك الاحمق يجيد تخفيف الامور' قال مختار 'أيمكنني أن اسألك شيء ما؟' قال إكليو 'بكل تأكيد' قال مختار 'لماذا تخاطبه بصيغة المذكر ألا تعلم أنها فتاة؟' قال إكليو 'بلا عرفت ذلك منذ لقائنا الأول مادي يظن أني أحمق ولا أميز بين الاجناس ولهذا هو مرتاح معي لا أعرف لماذا أخفى جنسه ولكن طالما هو يريد ذلك أنا سأفعل ما يشاء فتى أم فتاة أنسي أم جني لا يهمني فمادي هو مادي' أبتسم مختار وقال قبل أن يختفي 'الأن فهمت' تعجب إكليو من جملته الاخيرة حينها اصبح مادي بالقرب من إكليو وقال بتوتر 'أنا أسف لم أقصد السخرية عليك او شيء من هذا القبيل أنا فقط' صمت مادي قليلا ليهدأ نفسه ثم أكمل بصوت باكي 'أشعر بالغيرة منك لا تخاف شيء ولا يمنعك شيء من مواجهة الاخطار لكن أنا مهما حاولت أجد نفسي هاربا رغم أنك أصغر مني مع ذلك أنت أشجع واقوى مني هذا مؤلم.....أنا أيضا أريد أن أكون قوي......قوي كفاية حتى أستطيع حكم هذه المملكة.......قوي كفاية حتى لا يستطيع أحد الوقوف في وجهي.......قوي كفاية حتى أستطيع الوقوف بجانبك......قوي كفاية حتى أستطيع القتال معك.......وأن.....لا......أكون عقبة في طريقك' بدأ مادي بالبكاء كطفل لكن ليس ذلك ما أبقى إكليو متعجبا إنه الضوء الذي ظهر من القلادة حتى أعمى عين إكليو وحينما فتح عينيه وجد مادي قد أختفى…

البحر السابع Where stories live. Discover now