.......

343 31 0
                                    

يونس ككائن الأسفنج، يمتص من البحيرة خيراتها، إلا إن الأرض الصلبة التي أتى أليها لم تروِ للأسفنجةِ ضمأ، ولم تمنحها ما تستطيع أن تهبه للآخرين؛ فتعطلت وضائف يونس عن العمل، اعتاد على هذا العطل، ولم يسع قط إلى أصلاحه.
نشأ حاجز بينه وبين الآخرين يمنعه من أن يهبهم أي شيء، وكأنه دفن جزءًا جوهريًا من أنسانيته في أعمق بقعة في بُرُلُّس.
أجبرته الحياة على أن يتقن صيدًا من نوع آخر، من أسماك البحيرة إلى صيد الصفقات، والعقود، والأعمال التي تزيد من نجاحات المصنع، وأخيرًا اصطاد عروسًا يبني معها بيتًا ويعمره، في الحقيقة سهّل الجد مهمة الصيد، إذ إنه أختارها بنفسهِ من بين كل موظفات مصنعه، ولم يكن على يونس سوى أن يتوجه نحوها ويرمي بالطُعم، وعد بمستقبل مُشرق يجمعهما كان طُعمًا كافيًا لأصطياد آلاف الفتيات.. تزوج يونس لأن الزواج محطة على طريق قطار الحياة، يجب أن يمر بها.
برَّ يونس بنصف وعده وبنى معَ عروسهِ مستقبلًا، وحنث بالنصفِ الآخر إذ لم يكن مشرقًا كما تأمل؛
إكتشف إن ما اصطاده لم يكن سوى سمكة سامة تحمل له سُمًا زعافًا في جسدها.
شكر المصعد، فلولاه لظلَّ حتى الآن عبدًا لسُلطان هذا السُم.

ثاني أكسيد الحب Where stories live. Discover now