مرفوض!

3.5K 103 0
                                    

بكلمة واحدة، وبدون إبداء أسباب أتاني رد مدير دار النشر في رسالة إلكترونية مقتضبة، يجاورها وجه تعبيري سمج، بسمة كالحة أثارت غضبي أكثر مما فعلت 《مرفوض》.

الدار الأولى والوحيدة التي جرؤت على تقديم روايتي لها بعد تردد كبير عصف بكياني، ليس من السهل أن أجعل أفكاري ومشاعري مشاعًا للرائح والغادي، لكن الكلمات لا يُخلِدها سوى حبر وأوراق ودفتي كتاب، وإلا سقطت في جُب النسيان.. وهذه الحكاية أريد لها الخلود ما استمرت الحياة.. لذا كان وقع 《مرفوض》 كصفعة قاسية، فكرت في عدة أسباب مُحتملة لرفضه، لم أقف سوى على سبب وحيد يضرب فيه المنطق سهمًا، إن نهاية الرواية لم تُكتب بعد.

غالبتُ كبريائًا جريحًا، وظلمًا صريحًا، وتوجهت إلى مكتبه بالسؤال عن أسبابه التي حجبها، لم يدم اللقاء سوى دقيقة واحدة، صدقت فيها ظنوني بأنه لم يقرأ الرواية قط؛ إذ إضطرب حين حاولت مناقشته فيها، أسكتني بأن وعدني بالرد في رسالة مفصلة ، لكن بريدي ظل فارغًا كقارعة طريق مهجور.

بعثت له برسائل إلكترونية وهاتفية وبريدية.. خمس وعشرون رسالة بغير جواب! فقررت بأن يكون السؤال السادس والعشرون أكثر إبتكارًا، إلى الحد الذي لا يترك له فرصة عدم الرد، لكن هذه المرة لن أكتفي بأجابة السؤال فحسب، بل سأدفعه إلى تغيير《مرفوض》إلى مقبول.. حتى لو إستخدمتُ في ذلك أكثر الطرق جنونًا!

لأشهر طويلة أبقيتُ على غضب الأنثى ثائرًا، بجمرات أوقدها خيال الكاتبة، لكن لم يكن ذلك الوقود كافيًا لأشعال عقلي بفكرة مناسبة.. أما اليوم فهو مختلف، اليوم أنا عائدة من رحلة أستغرقت أسبوعًا، مررت خلالها بكل موضع ذكرته في الرواية، أصار رؤية المكان بداخلي عواصف الحنين والشجن، صار التنفس مؤلمًا، والرؤية ضبابية، تعترضها سُحب كثيفة رمادية.. هذه الحكاية لا يجب أبدًا أن تموت.

جمعتُ غضب الأنثى مع خيال الكاتبة، وأضفت إليهما حمم الألم، فأمتلأ رحم العقل بفكرة مُتطرفة، سيبدأ مخاضُها هذهِ الليلة بالذات.

ثاني أكسيد الحب Where stories live. Discover now