.......

2.1K 74 0
                                    

غرق وجهي في سُحب خانقة، يُدخن الرجل بشراهة مدخنة، دون أن يعبأ بوصلة طويلة من سعالي المتقطع، يظن أنه بهذهِ الطريقة سيجبرني على إعادة تشغيل المصعد.. لم يجد بحوزته سيجارًا ثالثًا فثارت ثائرته؛
- إذا لم تدعيني أخرج من هنا في الحال سأقدم بلاغًا ضدك، لا تريد شابة لطيفة مثلك أن تدخل السجن.. ها.

بالطبع 《لطيفة》تجر ورائهاجيوشًا من السخرية، فشكلي ووصفي في هذه اللحظات بعيدة كل البعد عن《لطيفة》وأخواتها..

لاحت مني التفاتة صوب المرآة المثبتة في ظهر المصعد، فطالعني وجه مُحمل بالتعب، جبين مُغظَّن، وعينان تبارزان السهاد، حمراوان كليلتان بلون الغسق في اللحظات الآخيرة من أحتضار الشمس في قبر الأفق، ذابلتان كزهرتان تفارقان الأغصان، مغبرتان مبعثرتان في الطرقات، تطوقهما حلقتان بلون الليل.

- سأنسى كل ذلك، أعدكِ، فقط دعي المصعد يعود إلى العمل.

- لن يعمل قبل السادسة صباحًا.

قتلت أمله في الخروج، أمسك هاتفه الخلوي وعبث فيه للحظات، رغم أنه يعلم مثلي أن الشبكات تتقطع أوصالها في مصعد البناية، فشلت كل محاولاته لألتقاطالشبكة؛فتجهم وجهه أكثر.

- لماذا رفضتها؟

لم يكن ذلك هو السؤال السادس والعشرين، بل الثاني والثلاثون، سبع مرات منذ أن دخلنا المصعد ولم أتلق الجواب بعد.

أن كان يراهن على نفاد صبري فلم يعرفني بعد، الصبر والعناء صفات أثيرة متأصلة في جيناتي أتيت بهما إلى هذه الحياة.
نطق أخيرًا بالجواب:

- لم أقرأها.
قلت ألومه بغضب:

- لكنك رفضتها!

أخرجت رسالته الألكترونية المحفوظة على هاتفي، ولوحت في وجهه بكلمة 《مرفوض》.. رفع راية الأستسلام أخيرًا، قال:

-رفضتها نعم، لكنني لم أقرأها.. لأنني لا أنشر الروايات الرومانسية.
هكذا ببساطة قالها، سألته:

- لماذا؟
هز كتفيه ببساطة أشد، أجاب:

- لأنها تافهة!
لم يكتف بذلك، بل أردف بتغطرس:

- الحب وهم ميتافيزيقي صنعته قلوب النساء لتقييد عقول الرجال، الحب أسطورة خرقاء، كذبة فاجرة، وحقيقة هلامية، وأنا رجل واقعي لا أؤمن بالأساطير والخرافات.
أغضبتني كلماته كما لم يفعل شيء يومًا هذا الرجل يحتاج إلى درسٍ قاسٍ في التربية.

ثاني أكسيد الحب Where stories live. Discover now