.......

378 32 0
                                    

اجلّت حواء الجولة الثانية بما يكفي، وعليها الآن خوض غمار المعركة.. إيماء سكرتيرة الجد سلطان برأسها دون كلمة، جلسته خلف مكتبه دون نظرة، الحركة الرتيبة ليده وهي تطرق بعصاه الذي يتوكأ عليها؛ فتصدر فوق الأرض أصوات نقرات تترا؛ كل ذلك دلّ على أنه كان بأنتظارها.
تعلم أنها لم تكِن له ما يكفي من الأحترام والتقدير لتودعه قبل مغادرة المصنع، ولشرح أسباب طلاقهما، رغم ثقتها إن حفيده يونس قد قام بهذه المهمة على وجهها الأكمل، وهل يرضى يونس بوجه غير الكمال؟!
جلست في المقعد أمام مكتبه، تشتهي معه وصلًا لا ينقطع بطلاقها، لم تملك طاقة كافية لتتحدث، وكأنها طفلة تتعلم الكلام للمرة الأولى، تستطيع أن تواجه الجميع وتملأ الدنيا صراخًا وهي تدق بقدميها أرضًا، لكنها لا تقوى على ذلك أمام الجد سلطان، لا يربط بينهما قرابة دم، لكنه أستطاع خلال عام كزوجة لحفيده، وعامين قبله كموظفة في مصنعه، أن يحتل جزءًا بارزًا من أرضها، ويرفع فوقه رايته، برغبتها ورغبته،  وجدت فيه الأب الذي فقدته، ووجد فيها الأبنة التي لم يحظِ بها، فجمعهما الفقد.

ثاني أكسيد الحب حيث تعيش القصص. اكتشف الآن