PRINCE OF THE NIGHT || ATEEZ...

By Lilas_psh23

74K 4.8K 30.9K

|مكتملة| |قيد التعديل| من قال أن الرّقص وسط حلقة النّيران يحرق؟ ربمّا يجعلك فقط تزداد اشتعالاً وجموحًا.. ال... More

[The Extremists are back]
٠٠| حرب العصابات انبلَجت.
٠١| عليكَ اللّعنة جونز.
٠٢| كيفَ ستُلملمُ آثارَها الأن؟
٠٣| الفضول قتل القطّة.
٠٤| العقدَة تتشابكُ أكثر.
٠٥| انزاح القناع.
٠٦| ابر القشّ تلسع.
٠٧| وقعت المُعضلة.
٠٨| بيتٌ جديد.
٠٩| مهزلة مع آل باركر.
١٠| جثة.. بلا رأس.
١١| اقتفاء المشاكل.
١٢| وليمَة عزاء (١).
١٣| وليمَة عزَاء (٢).
١٤| تهديدات صريحة.
١٥| والجة العرين.
١٦| غريب أيها الأشقر.
١٧| ممدد.
١٨| هذّب حواسك.. الخونَة في كل مكان.
١٩| توجس وارتياع.
٢٠| الفأس وقَعت والرّأس انقسَم.
٢١| أدهَم.
٢٢| ميثاق سينسِف كل شيء.
٢٣| المستنقَع لا يهواه غير كائناته.
٢٤| كلنَا خونَة في نقطة ما.
٢٥| زائغَة وسطَ المعمَعة.
٢٦| الانتصَار هو حماقَة عدوكَ.
٢٧|عرِين الذّئاب يرّحب بالمتطفلّين.
٢٨| في حضورِ الدّهمَاء.
٢٩| شَرخ في الأفئدَة.
٣٠| آثار ذكرى.
٣١| عِتاب منفصِم.
٣٢| ملاك.. بجنَاحٍ واحد.
٣٣| تمهيدٌ للجزاء.
٣٤| اختبار تقييم.
٣٥| في غمار الموت.
٣٦| نبشٌ بين صفَحات المَاضي.
٣٧| خط أحمر.
٣٨| الجانب المتوارِي.
٣٩| هفوة جسيمة.
٤٠| نكران.
٤١| صفعَة الحقيقَة.
٤٢| خدعَة الشّيطان.. ليليث.
٤٣| أَخدَع أم أُخدَع؟
٤٤| صدِيق الطّفولة لم يكن سيئًا.
٤٥| انتِكاسَة الشّيطان.
٤٧| شفاه مباغتة.
٤٨| اضطـراب.
٤٩| أفواه مكمّمة.
٥٠| حقيقَة مزيّفة.
٥١| آيروس وسايكي.
٥٢| المتطرّفون.
٥٣| آيروس أخطأ مجددًا.
٥٤| تأجج الجمرة.
٥٥| على شفا الضّمور.
٥٦| أمير اللّيل.
٥٧| الحَمقى فقَط من يندفِعون.
٥٨| لا واحِد ولا اثنان.. زمنُ الصّفر قد حان.

٤٦| اللّعب بين القطبَين.

757 59 445
By Lilas_psh23

كريستيان:

يدٌ مرتعشة.

ملامح وجه منكمشة.

وأخيرًا عينان مشتتان.

هززتُ رأسي بيأس مقتربًا منها وفي ظلّ توترها الشّديد هي لم تنتبه لوجودي حتى أجفلت لامساكي بيدها. رفعت عينيها السّوداوتين إليّ والتي لمعت ببريق تشتت إختفى بمجرّد شدي ليدها حتى أبعدها عن اللّوحة.

"انظري إليها الأن."

أخفضت نظراتها بحذر نحو القنبلة أمامها ولمحتُ حركة حلقها اثر ابتلاعها.

"لننسى الواقع قليلاً ولنتخيّل أنكّ عالقة معها في مكان ضيّق وستنفجر بعد دقيقتين."

أشرتُ باصبعي إلى رأسي ثم إلى فتحة القنبلة أمامي: "لديكِ عقلكِ ودقيقتين فقط في يدكِ لتنجي بنفسك، مالذي ستفعلينه؟"

ارتفعت يدها في حركة لا تزال مرتعشة وبدت مشتتة أكثر وهي تلتقط المقص الصغير لا تعلم أين تأخذه.

لا أصدق أنه تمّ قبولها في هذا المكان!!

هل لديهَا واسطَة؟ أتذكرُ أنها من المجموعَة التي أحضرها جايدن، ذلكَ الأحمق لا ينتقي إلا الخاسرين.

قلبتُ عيناي بتململ: "لا أصدقكِ حقا.." أشرتُ بعيني إلى الأسلاك: "إذا وجدتِ أكثر من سلك واحد لونه أحمر، وكانت آخر خانة في الرقم التسلسلي رقماً فردياً، فاقطعي آخر سلك أحمر."

أومأت بتردد قبل أن تقطع السلك ليتوقف المؤقت بالفعل وتزفر هي براحة، أردتُ معاتبتها أكثر على هذا المستوى المتدني الذي تلّوث به المجموعة لكن القدر وقف معها لأني رأيتُ ما أثار اهتمامي بالفعل.

وضعتُ قنبلة أخرى أمامَها وضبطتُ المؤقت على دقيقة واحدة لأقلب نبرتي في تهديد: "أجرئِي فقط على الفشلِ هذه المرّة وسأتأكدُ من أن تنفجرَ القنبلة التاليَة في رأسِك." أجفِلت في رعبٍ قبل أن تومئ بارتياع وتولي القنبلة اهتمامها.

تركتها أركض نحو الباب مسرعًا قبل أن ألقي نظرة منه وألمح جسده يبتعد مسرعًا قبل أن يختفي داخل المصعد. مالذي يفعله هنا؟ ظننت أن أكوام العمل متراكمة فوق رأسه خاصة بعد مغادرة لوكاس!!

هل يعقل أن ما أخبرني به آيزك صحيح؟ كيف لذلك الأخرق أن يكون على حق؟

لنتأكد من الأمر.

انتظرتُ وقتا وجيزا قبل أن ألحقه وأنا على دراية توقعية بأين سيكون، هذا على حسب توقعات آيزك كما قلت مسبقًا.

استقبلني الحارسان الضخمان بمجرّد وصولي فسألتُ بلكنتي الثّخينة: "هل هو هنا؟" أومأ أحدهما بينما فتح الأخر لي الباب ببطاقته فدخلتُ بخطوات هادئة رددت صدى في المكان.

لا أزال أتساءل.

لماذا اختار 'الصندوق السّاخن' من بين كل الأماكن؟

هل يظّن أن بجسدها المصاب هذا سيمكنها تجاوز كل الفخاخ والفرار من هنا؟

أشعر وكأنني خارج الأحداث هذه الفترة والكثير فاتني بالفعل.

تقيظّت مستقبلاتي الحسية اثر.. صوته!!

إنني أسمعه الأن ويبدو منفعلاً بسبب نبرته المتجهمة، رغم ذلك لا يقابله شيء، لا رّد. اوه لا انتظر!! ها هي همساتها الخافتة تصدح مقابل خاصته السّاخطة.

مالذي يحدث بينهما؟

يبدو أنهما على معرفة ببعضهما حقا!!

هذا مثير للاهتمام!!

أم أنّه يقوم باستجوابهَا؟!

الصوت خفت وقد رفعتُ حاجبي دون إدراك للصمت الذي عمّ المكان فجأة. هل استشعرا وجودي لذا توقفا عن الحديث؟

رغم ذلك لم أجد مانعًا من الظّهور أمامهما وأنا ألتبس ابتسامتي السّاخرة المعتادة..

والتي سقطت في تدّرج وبهتان.

مالذي تلقفه عيناي الأن؟

حتمًا هذا ما أعنيه بالأمر المثير.

لم أمنع نفسي من التصفير بإعجاب للمشهد المثير أمامي استقطبُ انتباه كِليهما، رغم أنني أظن أنهما استشعرا وجودي منذ أن ولجتُ المكان.

عيناها الزرقواتان طرفت نحوي ببطء وابتسامتها الفاتنة اتسعت أكثر لتخفض يدها من وجهه نحو قميصه وبكل جرأة لم أتوقعها هي فتحت الزر الثاني من قميصه، أكثر ما فاجأني أنه لا يدفعها عنه بل يحدّق فيها بتمعن ونظرة غريبة لم أعرف ماهيتها.

المثير في الأمر أنها لم تحاول حتى ستر نفسها بسبب قميصها الممزق من الأسفل أمامي والذي امتدت التمزيفة حتى كتفها الأيمن.

هل عليّ التقاط صورة لهذا المشهد الجامح الذي لا نراه كلّ يوم؟!

"آسفة، يبدو أننا أحدثنا قليلاً من الضّجة." تأوّهت بصوت مزيف موجهّة حديثها إلي رأسها مالت قليلاً نحوي: "أحسد صبركم أمام غضبه وعنفه.." رفعت أخيرا طرف قميصها لتدثرّ كتفها العاري. وقد انتبهت للتو لجرح قدمها المضّمد غير أنها تقف عليها بكل سلاسة.

هذا ما عليّ توقعه من لـيلـيث!

شيطانَة روسيا.

زميتُ شفتي ساخرا ويدي صعدت تخدش عنقي في ارتباك مصطنع قبل أرفع كتفي: "العتب على فضولي.. تابعا ما كنتما تفعلانه أنا لم أرى شيئا."

هنا كان دور أليكساندر لينظر إلي بطرف جفنه أخيرًا نظرة حادّة جعلتني أرفع حاجبي ببلاهة. هل قلتُ شيئا خاطئا يا ترى؟

"استمتعا أرجوكما وتناسيا وجودي.." أضفتُ بمكر ملوحًا لهما قبل أن أبتعد بخطوات هادئة سرعان ما تحولت لمتحمسة شبه راكضة مغادرًا المكان وقد أخرجتُ هاتفي لأضعه في أذني.

عندما صدح صوته المتذّمر قاطعته بخباثة غلبت نبرتي: "آيزك لعنة جونز، أنتَ حتمًا دجال سافل.. اسمَع، أنتَ لن تصدق ما سأسرده عليك."

______

ييرون:

صرختي صدحت في أعقاب البيت كلّه وإيمـا بجانبي سقطت من فوق السرير هلعة قبل أن تعاود التشبث بالسرير لتخرج لي بشعرها المبعثر متمتمة: "ماذا؟! ماذا؟! مالذي يحدث هنا؟ لماذا تصرخين؟"

هان بدوره فزع لصوتي وتملّكه الهلع خصوصا مع عدم سقوطي ملامحي الغاضبة، قفزتُ من فوق سريري نحو المرآة أتأكد من أن ما رأيته على كاميرا الهاتف غير حقيقي ومن وحي خيالي.

لكنه لم يكن كذلك مع الأسف.

شعري الجميل!!

أمسكت خصلاته المتوسطة أتأملها بملامح عابسة، هي حتى ليست مجذّبة باعتدال.. بل تمّ قصها بعبثية وهمجية. وساقط واحد فقط سيجرؤ على فعل شيء كهذا.

"سآكل لحمكَ اليوم جونز لعنة حياتي!!"

أجزم أن حيوانات المزرعة انتفضت لصراخي، فكل من أمرّ أمامه الأن يحدجني بنظرة مرتبكة ميالّة للخوف والارتباك، هم كانوا يبتعدون من طريقي ولم يجرؤ أي أحد على الوقوف في وجهي حتى وصلت إلى قاعة الطّعام..

الجميع رفعوا رؤوسهم إلي يناظرونني بفضول، لكني بعينيّ كنت أبحث عن اللعين الذي اتضح أنه ليس هنا.

"ما بـال شعركِ يـا فتاة؟" هتف آركيت باستنكار قبل أن يفلت قهقهته الصّاخبة وهو يشير بيده إلى شعري، أمي تناظرني بانذهال تفشى فيه الاستنكار أما رين ولوكاس لم يخفيا صدمتهما لكنهما يعانيان في محاولة للحفاظ على ملامحهما الرتيبة أمامي، لكن يبدو أن لوكاس فشل في الأمر فها هو يخفض رأسه ليبتسم بصمت.

"مالذي حدث لشعركِ؟" تساءلت أمي بقلق وعيناي جابت القاعة أقبض على أصابعي بقوّة متهكمة: "أين هو ذلك السّافل؟ أقسم إني سأجعله أصلع اليوم.."

"لقد سبقكِ بالأمر بالفعل.."

حدجته بسخط ونظرة حادة جعلت منه يبتلع متوقفا عن الضّحك ل.. خمسة ثوان كحد أقصى قبل أن ينفرج ثغره مجددًا. "آسف.. لكن مظهركِ_" صمت اثر ضربة لوكاس له على ظهره فاستدار يتذمر نحوه.

هنا عيناي انتقلت إلى رين الذي كان يبتسم بدوره محدقًا فيّا فتملكني الإحراج وأنا أدفع بغرتي نحو الأعلى أعود بانتباهي إلى أمي التي تحدثت: "خذي الأمر كنوع من التغيير، اذهبي بعد الفطور إلى صالون التجميل لقصه وتعديل أطرافه."

عبستُ زامة شفتاي قبل أن أومئ وأعود أدراجي إلى غرفتي ولا زالت سخرية آركيت تصلني. إلـٰهي ارحمني.

وجدتُ إيـما التي كانت قد انتهت من تجهيز هان حيث كانت تلبسه حذاءه، عندما دخلتُ عليهما لم يمنع هان نفسه من الضحك على شكلي فصرختُ به ليسرع إلى الأسفل مجفلا.

إيمـا عادت إلى السرير تدثر نفسها لكن صوتها المبحوح وصلني مع نبرتها الساخرة: "علمتُ أنه لن يفوت الأمر فغضبه بالأمس لم يكن مزحة." رفعت رأسها عن الفراش قليلاً لتتمعن في شكلي رغم أنها نزعت نظراتها ثم أومأت باستحسان: "هذا يشفي غليلي قليلاً لما فعلته بي.."

وحسنا أنا لم امنع نفسي من حمل قارورة العطر واستهداف كاحلها تماما لأنها بعد أقل من ثانية تأوهت بصوت عال تشتم: "سافلة!"

تجاهلتها داخلة الحمام وأنا أنزع ثيابي في الطريق، أغلقتُ الباب ورحتُ أملؤ الحوض وأنا أملّس خصلاتي بتوعد.. لن ينتزعني أحد عن ذلك السافل إذا رأيته.

أدركتُ أمرًا لذا عدتُ إلى الباب أفتحه لأجد إيـما عادت للنومِ مجددًا، حملتُ خفي الذي تركته أمام باب الحمام ورميته عليها مجددًا لأسمع صرختها الغاضبة وهي تنتفض بغضب فوق السرير، أمسكت الخف وراحت تلوح به فأسرعت أغلق الباب لأسمع صوت ارتطام الخف به.

أظنني أطلقت سراح الوحش بداخلها.

"تبًا لك أيتها اللعينة." زمجرت بغضب أكثر وأشك أن من بالمنزل سمعها لأنها صوتها الرجولي صدح.

"أحضري ملابسي من الخزانة فقد نسيتها." غصتُ في الحوض والمياه الدافئة التي جعلت عظامي تسترخي.

"في أحلامك!!"

فتحتُ عيناي بازعاج صارخة: "هيا بربك!! لا تربطي الأمور ببعضها.. تعلمين بأني غاضبة ولم أستطع التحكم في تصرفاتي."

"لستُ كيس والدتكِ لتفرغي غضبكِ بي."

"إيمـا أرجوك.. على الأقل المنشفة."

"على جثتي.." ثم سمعتُ صوت اغلاق الباب بقوة بعد زمجرتها لأدرك بأنها خرجت.

اللعينة.

أكملتُ استحمامي ولحسن الحظ دخلت إحدى الخادمات الغرفة لتنظفها فطلبت منها إحضار ملابسي، بعد أن خرجت جففت شعري وربطته للأعلى في ذيل حصان رغم ذلك بانت أطرافه غير المقصوصة باتقان.

رصيت على أسناني قبل أن أهبط إلى قاعة الطعام وأجد أمي مع إيمـا تتجاذبان أطراف الحديث وقد تعمدت الوغدة تجاهلي. وحتى أمي ابتسمت في وجهي فقط وعادت تحادث إيمـا في.. موضوع الملابس والأزياء!!

لهذا أمي تبدو متحمسة هكذا!!

ارتشفت من كأس العصير قبل أن أضرب الكأس على الطاولة بقوة.. إيمـا نظرت إلي من طرف جفنها قبل أن تعيد اهتمامها نحو أمي.

بدأت أتناول الفطور وأنا أتعمد صدم الملعقة بقوة في الصحن مرة.. مرتان حتى أصبحت أكل بسرعة وشراهة وهنا أخيرا التفتتا نحوي تناظرانني باستغراب.

"هل أنتِ بخير؟" سألت أمي بقلق التمح في نبرتها بينما إيمـا هزت رأسها بسخرية قبل أن ترتشف من كأسها باستفزاز. هل تريد أن تكون هدفي على طاولة الفطور؟ تعلم بأني اعتدت فعل هذا كل صباح مع آيزك. بالكاد يمر يوم دون أن أرمي به شيئا نحوه.

"نعم.. شعري فقط يزعجني كما تعلمين." تكلفت ابتسامة صفراء نحو أمي التي ارتخت تعابيرها عائدة لتسند جسدها على كرسيها. "أخبرتكِ أن تذهبي لقصه وسترافقكِ إيـما."

توقفت ملعقة إيـما داخل ثغرها واتساع طفيف لعينيها وهي تقلبهما علي وعلى أمي. نظرت أمي لرسغها حيث ساعتها الذّهبية: "اوه عليكمَا الإسراع سيعود الشّبان بعد قليل لنذهب لتناول الغداء خارجا."

أومأت لها كما فعلت إيمـا وبعد دقائق كنا خلف إحدى الخادمات التي ستأخذنا إلى أحد صالونات التجميل، دفعتُ إيمـا أثناء سيرنا فتوقفت تنظر إلي باستنكار شديد وهي ترفع نظاراتها عن تلّة أنفها، أخرجتُ لساني نحوها باستفزاز فتنهدت معقبة: "أرغب في قتل نفسي لأنني وافقت على مرافقتكِ في هذه الرحلة، ستكون أياما طويلة وعسيرة."

توقفت خلفي ما إن فعلتُ أنا ذلك، لقد تجاهلتُ باقي حديثها عندما انصب بصري على شخص واحد، أجزم أن عيناي احمرتا من الغضب الأن بل وأشعر بأن شراييني ستنفجر في أي لحظة.

لم أعي اللحظة التي كنتُ أركض فيها مسابقة الرياح بكل ماستطعت، لا أدري حتى كيف قفزتُ من فوق سور المزرعة مرة واحدة وتجاوزتُ كل عثرة تقف في طريقي لأصل إليه. رغم أنه التفت بسبب الجلبة التي حدثت إلا أن الوقت لم يسعه لفعل أي شيء خاصة وأنه مقرفص الأن.

"آيزك لعنة جونز أنتَ ميّت."

لا أدري كيف قفزتُ من هذه المسافة أو حتى كيف أصبحت فوقه لأنني لم أتردد لحظة في رطم رأسي بخاصته بقوة لدرجة جعلتني أشعر بالصداع وألم كبير.

"كيف تجرؤ على لمسِ شعري أيها اللقيط؟ من أذِن لكَ بدخول غرفتي من الأصل؟ ستـ.." سددتُ لكمة لوجهه مرّة لكن ذلك لم يشفي غليلي وكدتُ أضيف الثانية لكنه تفاداها وأمسكَ بقبضتي بقفازه لأستشعر ملمس السائل اللزج المقزز. هسهس بألم وفك منقبض: "مالذي تظنين نفسكِ بفاعلة أيتها اللعينة؟ انهضي من فوقي قبل أكسر رأسك.."

"هيه!! تعلم أن الكسر اختصاصي أنا." تذمر جايدن من خلفي.

"ليس قبل أن ألقنكَ درسًا لتتعلم ألا تقترب مني وأنا نائمة." حاولتُ تحرير يدي من قبضته إلا أنه كان شديد الإحكام عليها.

"ليس وكأنكِ لم تفعل نفس الشيء أيتها المقيتة."

هل خطئي أنني لم أستطع إخافة أليكساندر لذا وجدته كأسهل فريسة قد ينجح بها مقلبي؟ ما ذنبي إن كانت صرخته كدجاجة هاربة من قُنها؟

"لكني لم أمس شعركَ، كان بإمكانكَ إخافتي أو فعل أي_"

"لماذا تضغط هكذا؟ أشفق على البقرة المسكينة بين يديكَ الأن."

علقت الكلمات بحلقي وتجمد جسدي حين التقطتُ جملة إيمـا على مسامعي.

هل قالت.. بقرة؟!

استدرتُ إلى اليسار وأول شيء قابلني هو جسدها العملاق ذو الجلد الأبيض ذو البقع السوداء، صعدت عيناي تنظر نحوها مبتلعة ببطء.

اوه لا..

استغل اللعين هذه الفرصة أمامي ودفعني للجانب الأخر لأخِّر ساقطة على ظهري وقبل أن أنهض فعل هو قبلي ووضع قدمه فوق معدتي يضغط علي بقوة متوسطة.

"هل علي القفز فوق الأن واخراج أحشائك من فمك؟ ذلك سيكون منظرا جميلاً بالمناسبة." تهكم ساخرا يحدجني بنظراته التي تقدح شررا بينما يديه تعدلان القفازات الزرقاء التي يضعها.

بصري اتجه مجددًا خلفه لأجد ذلك الكائن الضخم، تمضغ العشب بين أسنانها وهي تنظر هنا وهناك بينما جايدن يقوم بحلبها.

كيف لم ألاحظها؟

هل غضبي أعماني لدرجة عدم انتباهي إليها؟ كنت على مقربة انشات منها!! يا إلـٰهي!!

"هل تتجاهلينني ال_" لم يكمل جملته لأني درتُ بجسدي للجانب أجعل من توازنه يختل ليسقط وتكون جزء من قدميه فوقي، دفعته عني ونهضتُ أركض مبتعدة عنهم وأنا أنفض ملابسي حتى ابتعدتُ انشات لأتوقف.

كان آيزك يسبني وهو يضرب الأرض بغيظ بينما أمال جايدن رأسه نحوي باستغراب ولا يزال يحلب البقرة، إيمـا الوحيدة التي كانت تطالعني بشماتة فهي الوحيدة التي تدرك ذلك.

تدرك رهابي من الأبقار!!

ونعم، إنها سابقة لكنها حقيقة.

أنا أستطيع التعامل مع أي حيوان حرفيا ما عدا الأبقار والسحالي.

كائنان يستحيل على جسدي اللّبث بقربهما.

الخادمة التي كنا نسير خلفها منذ قليل ظهرت من خلفي لتحمحم بخفوت، نظرتُ لها لأرى أنها تحاول تكفل ابتسامة صفراء: "آنستي، هلا ذهبنا كي لا نتأخر عن موعدنا؟"

صحيح.. نسيت أمر الصالون.

أشرتُ لإيمـا التي كانت تحادثهما وتنظر إلي بأن تأتي مشيرة للخادمة بجانبي فأومأت مقتربة بهدوء. النظرة الخبيثة التي أعطاني إياها آيزك وهو يمسح على جسد البقرة جعلتني أجفل في قلق.

رائع علمَ الملعون بأمر رهابي هذا وأقسم بالكتاب المقدّس أنه سيستغل الأمر لصالحه.

عليّ تدارك الأمر في الحال.

______

"هل أنتِ جادة؟"

صرخت بملئ صوتها المزعج فأسرعتُ أغطي ثغرها بيدي. "اخرسي أيتها الحمقاء، هل تريدين أن يسمعوا صوتك؟"

حركت جسدها بقوة لتنفضني عنها وتتنفس بقوة معدلة نظاراتها الكبيرة. "أنتِ مجنونة!! ثم من أين أحضرتها؟ لو كانت والدة آيزك هنا لكانت من ركضت خلفكِ بها."

أشارت إلى ما في يدي فما كان مني سوى اعطائها ابتسامة كسولة قبل أن أرفع المقلاة بكلتا يدي والتي بالمناسبة تسع جسدي كله لتطهيه. ثقيلة.. لكن لا بأس ما دامها توفي هذه المهمة. 

"اذهبي الأن قبل أن أغير الخطّة وأهبط بها على رأسكِ الصغير." ابتسمتُ محذرة فتراجعت خطوة للخلف تحدق برعب نحو المقلاة ثم إلي.. لأنها تعلم بأني سأفعلها حقا ولستُ أمزح.

استدارت تسير مبتعدة وهي تمتم بامتعاض: "اللعنة.. قتلت الأول وتريد الثاني ومن يدري إل_" واختفى صوتها تدريجيا ما إن اختفت عن ناظري.

لن يشفي غليلي غير الانتقام منه ولو أن هذا لن يعوض خصلاتي الجميلة التي ذهبت. لم أستطع فقد انفجرت باكية قبل قليل أمام مصففة الشعر التي ارتبكت وتوقفت عن قص شعري تسألني مالخطب.

شعري كان أغلى ما أملك ولستُ أتذكر آخر مرة قد قصصته فيها، ليأتي هذا اللعين وبكل وقاحة يضع يده عليه ويفسده.. لا أدري حتى كيف لم أستيقظ فنومي خفيف كالريشة.

وهذا لن يكون إلا انتقاما أوليا فقط.. فالصحيح قادم قريبا.

ربما عقلي مريض.. أجل. لكن مع آيزك يزداد مرضا.

بعد لحظات قليلة اعتدلت بجسدي ما إن سمعتُ صوته يعلوا شيئا فشيئا.

"ما أحاول قوله هو أن تتخلي عن عنادكِ هذا وتستسلمي فقط.."

أخبرتها أن تجعله يركض لا أن يمشي مستريحا هكذا. اللعينة هي الأخرى.

"هناكَ طرف آخر انضم لساحة المعركة وهذا لن يكون في صالحنا أبدًا."

ما إن تكهنتُ بأنه وصل للمنعطف أخيرا هبطتُ بالمقلاة عليه لكنه واللعنة أمسكها في أخر لحظة وهو يصرخ بفزع: "ماذا؟ مالذي يحدث؟"

رأسه طلت من خلف المقلاة وما إن سقط بصره علي حتى احتدت ملامحه المتفاجئة في غضب لكني لم أدع الوقت له لأني صرخت أرفع المقلاة للأعلى وأهوي بها مجددًا لكن اللعين تفاداها مرة أخرى يبتعد عني.

"هل تحاولين قتلي أيتها المجنونة؟" صرخ بفزع وهم بالركض ما إن فعلتُ أنا خلفه صارخة بتوعد: "من الأفضل أن تركض إلى أن تتنمل قدماكَ أيها الساقط.. سأحولكَ إلى بطاطا مهروسة."

كانت حركتي بطيئة بالطبع لكوني فتاة لعينة ذات سيقان قصيرة وبسبب وزن المقلاة، لكن كل هذا لم يثني عزيمتي عن اللحاق به.

من الحديقة الخلفية وحتى الأمامية ونحن نركض كالمجانين.. أنا كنت أصرخ من فرط الغضب والقهر لكن هو لا أدري لماذا يفعل ذلك.

آه!! ربما لأنه على وشكِ الموت.

عندما أوشك على الانعطاف مجددًا عزمتُ أمري على شيء واحد لأني بدأتُ أشعر بالتعب ويستحيل أن ألحقه الأن.. لوحتُ بالمقلاة قبل أن أرمي بها نحوه والتي حلقت في مستوى منخفض لتهبط..

على رأس لوكاس الذي ظهر فجأة!!

تبا.. هذه مصيبة!

حدقتُ في آيزك الذي فعل المثل بعيون هلعة قبل أن نركض نحو لوكاس الذي كان راقدا في الأرض.. أرجوا ألا يكون فاقدا للوعي.

سمعتُ صوته المتألم ويده التي وضعها على رأسه، ملامحه الناعمة انكمشت بألم.

"لوكاس.. هل أنتَ بخير؟"

"أنا متأكد من أنه ليس كذلك.. لقد شارفتِ على قتله أيتها الحمقاء."

حدقتُ بسخط في آيزك الذي رفع رأسه على مهل ليضعه في حجره. تأوه لوكاس ما إن لمس الأخر رأسه قبل أن يفتح عينيه ببطء، عندما هبطت نظراته علي بدا عليه التشوش وهو يغمض عينيه ويفتحهما عدة مرات.

غمغم منزعجا: "ظننت أني بخير لكني لست كذلك.. لما أرى خصلات بيضاء في شعرها؟"

رفع آيزك بصره باستغراب نحوي لتتسع عيناه أكثر بعدم استيعاب.. الغبي يبدو أنه لاحظ هذا للتو فقط..

"هذا صحيح، لستَ تتوهم.." مسحتُ على رأسه فكتم أنينه لأبعد يدي مسرعة وشعور بخسٌ من الذنب يتوسدني..

كان من المفترض أن تقع على ذلك الضبع المتوحش لا على هذا الكائن اللطيف.

"إلـٰهي!!"

وحسنا لا ينقصني إلى صوت إيمـا المرتع ووجودها ليكتمل المشهد.

قرفصت إلى جانبي وحيث كان آيزك يساعد لوكاس على الاستقامة. "ما كان عليّ تركك، علمتُ بأنكِ ستقتلين أحدا بها!!"

نظر لها آيزك بنظرة تهكمية يسألها: "هل كنتِ تعرفين وجعلتني أذهب معك؟"

هزت كتفيها بقلّة حيلة: "كانت خطتها، ماذا أفعل؟"

أطلق آيزك نفسا حادًا ينظر إلي بنظرات يكاد شررهما يحرقني: "هكذا إذا.. أنتِ لا تودين إنهاء هذه الحرب على الرغم من أنك من بدأتها."

"استسلم واجعلني أحصل على انتقامي الأخير وحينها فقط سأفكر في عقد هدنة معك."

صر على أسنانه في غضب وقبضته تكورت يكاد يرمي بها علي.

"رفاق!! أنا لا أزال أتألم هنا.. وثرثرتكما تزيد من صداعي."

تنهد آيزك واستقام ليساعده على الوقوف ويسنده عليه متمتما بأن عليهم الذهاب إلى رين لفحصه. والذي بدوره لم تشفى إصابة رأسه بعد، فقد أفاقَ من غيبوبتِه القصيرَة ليلَة أمس.

لا أعلم لما أستهدف الرؤوس كثيرا هذه الفترة.

"لو علمت السيدة جيوڤانا بالأمر_" قاطعتها أضع سبابتي على شفتي. كنا نسير خلفهما عائدين إلى البيت.

"لا لن تعلم، أنتِ إياكِ أن تفتحي ثغركِ الثرثار، متأكدة من أن لوكاس لن يتفوه بحرف أما ذلك الأحمق ف_"

"آه سيدة جيوڤانا أتيتِ في وقتك."

تجمد جسدي على أثر صراخ آيزك المغتبط لأمي التي كانت تتحدث في الهاتف وتدير عجلة كرسيها بنفسها. وعندما انتبهت لنا التفتت بتعابير مستغربة قبل أن تتحدث وتغلق الهاتف لتقترب منا ببطء تنظر إلى لوكاس.

لا، لا يجب أن تعرف.

"مالذي حدث له؟"

"لقد سقط وأصابَ رأسه." قاطعتُ آيزك وأنا أقف في الجهة الأخرى أطوق ذراع لوكاس وأبتسم لأمي ابتسامَة مهتزة كالهلام تمامًا: "كنتُ أركض ودفعته من دون قصد لذا تبدو ضربة قوية.." نظرتُ إلى لوكاس بنظرة راجية آملة أن ينقذني وهو بالفعل أومأ موافقا بعينيه الناعستين لأمي.

نظرت نحوي نظرة صارمة وكانت ستبدأ جولة تأنيبها إلا أنني قاطعتها: "آسفة.. أشياء كهذه تحدث دائما." لو علمت السبب الحقيقي لركلت مؤخرتي إلى العاصمة مباشرة.

عيناها الزرقاء القاتمة اتسعت بحيرة وهي تنظر لشعري قبل أن تبتسم بخفة: "أحببتُ القصّة ولونه الجديد.. تبدين مختلفة وجميلة."

أومأتُ لها شاكرة ثم سحبتُ لوكاس وآيزك المغتاظ برفقتي أودعها بحجة أن علينا أخذه إلى رين.. حتى تجاوزناها أخيرا بمسافة جيدة.

"ستعلم بالأمر عاجلاً أم آجلاً حين ترى المقلاة التي لا تزال ملقية في مسرح الجريمة." تمتم آيزك محاولا إغاضتي فاتسعت عيناي برعب متذكرة أنني تركتها في مكانها، التفتت إلى إيمـا التي كانت تتبعنا بملامح متململة وعندما لاحظت نظرتي نفت برأسها. "لا، لن أذهب."

"ساقطة.. كان علي البدء بكِ." شتمتها وتركتُ جانب لوكاس أعود إلى المكان الذي حدثت فيه الجريمة لكن خطواتي توقفت عندما وجدتُ أمي تتحدث على الهاتف وهي تحدق بالمقلاة وعندما سمعت صوتي التفتت تنظر إلي بنظرة..

"ييرون باركر، أنتِ لن تنجي من العقاب أيتها الشابة."

______

ها نحن ذا قد وصلنا إلى المطعم والذي يقع تقريبا على شاطئ البحر، وقد علمتُ من آركيت أنه مطعم للمأكولات البحرية.

ترجلنا من السيارات وأول شيء لمحته هو سوجين التي راحت تركض نحو الشّاطئ وجايدن الذي دحرج عينيه بتذمر قبل أن يصرخ متوعدًا وهو يلحقها.

لو لم تكن قبضتها فولاذية كخاصته لشككت في أنها شقيقة اللعين بقربي.

التفتُ بملل من حولي قبل أن أدرك شيئا.

أين هان؟

التفتُ في كل الاتجاهات حتى لمحته يركض خلف جايدن الذي أمسك شقيقته، وها هو هان يتجاوزهما ليعبر إلى البحر. وأنا واقفة هنا كالبلهاء انظر إليهم.

لحسن الحظ سبقتني إيمـا راكضة نحوه لتمسكه قبل أن يصل إليه، فلم يكن ينقصنا إلا أن يبلل ثيابه.

تنهدتُ براحة.

كيف نجوتُ من العقاب وأنا معهم هنا؟

في الحقيقة لقد حدث الكثير. فبعد أن علمت أمي والتي للتو أدركتُ أنها تمتاز بذكاء حادٍ ركضتُ هاربة تحت نظراتها.. كنتُ أعلم أن العقاب يشمل تركي في المنزل وعدم ذهابي للمطعم معهم.

وهذا ما لن أسمح بحدوثه بالطبع. الرحلة أقيمت على شرفي بينما هو يستمتعون على ذمتي.. مستحيل!!

وكان عليّ اللجوء إلى سلاحي السري.. لقد ركضتُ إلى أن تجاوزتُ الثلاثة وصعدتُ إلى غرفة رين لأقتحمها كأحد المرتزقة، كان يقرأ أحد الكتب وهو يجلس على كرسي مقابل الشرفة واهتز جسده لصفعة الباب.

"من هذا اللّعين الذي ي_" توقف صوته الغاضب عن الصدوح حين التفت ووقعت نظراته عليّ، بدا منسجمًا لوهلة بل وارتخت تعابيره واختفت حدة وغضب عيناه.

"شعرك!!" همس.

تقدمتُ نحوه بسرعة أومئ بثقة: "أجل أعلم أنه مختلف وجميل.. لكنه ليس الوقت المناسب للتفاجئ به."

لم تتغير نظراته نحوي لذا تنهدتُ: "اسمعني.. عليكَ مساعدتي، لقد حصل ذلك بدون قصد، كان خطأ لكن.. أعني كان مقصودا لكن للشخص الخاطئ، أردتُ فقط الانتقام من الفاسق آيزك لكن حصل ما حصل وأمي هنا تريد معاقبني، لذا عل_ هيه!! هل تستمع إلي أصلا؟"

صرحتُ بشك عند أخر جملة لكني تفاجأتُ به يسحبني لأجد نفسي جالسة على قدميه، ذراعاه أحاطتا خصري يتملكني وسمعتُ صوتَ وقوع الكتاب على الأرض من خلفي.

م_مالذي يفعلُه؟!

وجهه كان يبعد انشات قليلة فقط من وجهي ويده اليسرى صعدت تعبث بخصلات شعري المصبوغة ليلف أحدها بسبابته، همس بصوته الثقيل: "راقني التغيير."

بالطبع سيروقك.. من لن يحب شعري الجديد والذي قصرتُ منه وجعلته بطول متوسط قبل أن أصبغ بعضا من خصلاتي الأمامية باللون الرمادي. استغرق مني الأمر ثلاث ساعات لتبييض سبع شعيرات لعينة.

يبدو أني استغرقتُ في التفكير لدرجة أني لم ألحظ اقترابه أكثر حتى بتُ أشعر بأنفاسه تضرب وجهي.

مالذي يفعله؟ هذا ليس تصرفًا قد يبذرُ من شخصٍ عاقلٍ نحو صديقَة طفولتِه.. أو أسوَء نحو أختِه. إنه يتمادَى في تصرفاتِه. 

فجأة فتح ساقيه بسرعة وكل ما شعرتُ به هو ألم مميت يصفع مؤخرتي ثم باب الغرفة فتح ليظهر الثلاثة من خلفه.

الأحمق اللعين.. ألا يعرف كيف يطلب مني الوقوف بلطف بدل كسر مؤخرتي هكذا؟ هل هو ينتقم لرأسه مثلا؟

ونعم بعد تلقي النظرات المتمعنة والمرتابة من قبل ثلاثتهم خاصة لوكاس الذي صمت فجأة ولم يعد حتى يتذمر بشأن الألم.. أقنعت رين أخيرا بالتحدث مع أمي رغم أنه رفض الأمر في البداية، إلا أن تدخل لوكاس وقوله بأنه سيتحدث إليها كونه الضحية جعل من رين يضغط على رأسه أثناء تضميده له ثم غير رأيه فجأة وأخبرني بأني سآتي برضاها أو بدونه.

أحمق، لكني لن أنكر فضله وفضل لوكاس في تواجدي هنا.

عدتُ إلى الواقع ونفسي انجبس تماما عندما شعرتُ بأصابع تتخلل خاصتي تبث في أوصالي القشعريرة، التفتُ إلى رين الذي مرر يده في خصلاته الذهبية حتى ضماد رأسه دون أن يحدق فيّا قبل أن يسحبني خلفه لنكون أول الداخلين إلى المطعم.

حاولتُ انتزاعَ يدي عنه لكن هيهات، أبدو كطفلٍ صغير يقاوِمُ جسدَ بالغٍ بقبضَة حديديَة.

"هيه!! مالذي تفعلُه أتركني، نحن نجذِب الأنظار بالفِعل." همستُ بحنق، لم أجرؤ على الإلتِفات ومقابلَة الجميع خلفنا لكنني أراهن على نظراتِهم.

بل أنني أشعرُ وكأن ظهري تحترق.

"أمسكُ بيد أختي، من له الحق في أن يعترِض؟" دحرجتُ عيناي لنبرته الساخرَة ولم يكلف نفسه حتى عناء النظر لوجهِي ومواجهتِي. لأنّه يعلَم حجمَ المصائب التي يفتعِلها.

لابدّ وأن ضربَة رأسِه أثرّت على خلاياه وجعلت من عقلِه يفقِد رجاحَته أكثر ممّا ينبغي.

تجاهلتُه ما إن ولجنا المطعَم الذي كان يشبه المنتجَع في تصميمِه، حتى أن هناكَ مسبحًا يتوسّط الطّابق الأرضي، بينما كان الزجاج الصلب هو أرضية الطابِق الأول المطل على المسبَح، لكننا توجهنا إلى ركنٍ عادَت فيه الأرضيَة إلى مادتها الأصلية.. الخشب.

لحسن الحظ أن الطاولتين المحجوزتين كانتا عند الزّاوية وبعيدتين عن باقي الطاولات. وما أكمل روعة المكان كان المنظر أمامي حيث كان الحائط زجاجيا يجعل من زرقة البحر تمتد حتى الأفق ملاصقة للون السماء الفاتح.. مع اندماج لون الرمال الذهبي اكتملت اللوحة..

أنا حتى لم أدرك بأني نزعتُ يدي عن خاصة رين والتصقتُ بالزجاج كالحمقى لأن كلا من سوجين وهان قلداني وأبيا الإنفصال عنه.. حتى أمرتنا أمي بالتزام أماكننا.

الطاولة عند الزاوية تماما كانت تحتضن كلا مني، رين، أمي، إيمـا ولوكاس. هذا كان ترتيب جلوسنا بالمناسبة، بينما الطاولة الأخرى جلس فيها كل من سوجين وهان، بجانب سوجين كان شقيقها، آيزك ثم آركيت أخيرا.

تكفلت أمي بطلب العديد من الأطباق التي شكلّت عقدة بلساني عندما حاولت نطقها لكنني بالطبع عرفتُ جميع حيوانات البحر المتضمنة إياها، بينما ناقشها لوكاس في بعض المواضيع حتى انزوى نقاشهما إلى العمل والأزياء.

آه!! ألا يملان؟ ظننتها رحلة للاستجمام ونسيان لندن ومشاكلها قليلاً.

"لم أكن أعلم أنكِ معجبة بأسلوبي؟"

أدرتُ رأسي نحو صاحب الصوت، آركيت الذي كان يجلس خلفي حيث كان بدوره مستديرا ويضع ذراعه فوق مسند الكرسي، راقص حاجبيه بتلاعب ينظر إلى شعري.

ابتسمتُ بكسل له ورحتُ أجلس بالمعكوس أسند كلتا يدي بدوري على ظهر الكرسي لأومئ ثم سايرته: "أجل لكن المصففة الحمقاء صبغت خصلات بدل واحدة.. ياللأسف!!"

"أخبرتكِ سحري لا يقاوم حتى في شعري.. لقد سقطتِ أخيرًا." غمزَ وأنا أعطيتُ صفعة لمؤخرة عنق آيزك الذي كان يمثل التقيء. معه حق أرغب في التقيء معه أيضا بسبب غزل آركيت المبتذل لكني أستغل الفرصة ضده فقط.

"كفا عن هذا الحوار غير السوي أمام الأطفال الأن وأنتِ أيتها الشابة اعتدلي في جلستكِ قبل أن يقلدك الصغيران."

ونعم هذه كانت أمي التي لا تزال غاضبة علي ولم تكف عن مناداتي بالشابة.. من هي الشابة؟ أنا لا أزال مراهقة لم تستمتع بحياتها بعد، ولم تفتعل الكثير من المصائب بعد، لم تبصق فوق قبر آيزك بعد.

"اوه!! أظنكِ تأخرتِ بعتابكِ يا خالة.." صوتُ إيمـا جعلني أضع انتباهي على صوت الصغيرين الذي ملأ المكان.

"أنا من أمسكتها أولا.."

"قلت أعطها لي.."

سوجين كانت تقف فوق الكرسي وتحاول سحب قارورة من يد هان الذي كان يضمها إليها آبيا منحها إياها، رأس القارورة كان في اتجاه سوجين التي تضغط عليه.

هل يتشاجران حول قارورَة الصّلصة؟ علاقتهما حقا تنافسُ خاصتنا أنا وآيزك.

"ثلاثة.."

التفتنا جميعا إلى آيزك، وتلكَ الذكرى ظهرت في عقلي تلقائيًا.

"اثنان.." أتبعتُ بعبث وحماس.

"واحد!!" نطقنا في الأن ذاته.

قارورة الصلصة انفجرت بوجه سوجين التي سقطت من الكرسي، وبعد ثانيتان اهتز المطعم ولربما الجزيرة كاملة لصوتها الباكي.

هذا ما توقعناه أن يحدث فقد حصل شيء كهذا ذات مرة لنا في المرحلة الاعدادية.. نفس الأمر بحيث كنتُ ألعب دور سوجين وآيزك دور هان هنا. لهذا الأرعن يبتسم بحماقة نحوي الأن.

الجميع ظلّ يرمقنا باستغراب وانزعاج حتى الموظفون الذين تمالكوا أنفسهم عن طردنا.. بالطبع فقد كان جايدن يحاول تهديء سوجين التي تتوعد هان والذي بدوره يبكي منكمشا في إيمـا التي ذهبت إليه تحاول تهديئه.. آركيت يعبث معها كالعادة وهي تحاول تجاهله. أنا التي كنت أصفع رأس آيزك بشكل متتالٍ لإزعاجه وعندما طفح الكيل به أصبح يبادلني.. أمي التي ابتعدت بمقعدها قليلاً تتحدث عبر الهاتف.. وفقط لوكاس ورين الشخصان الطبيعيان فينا.

بعد دقائق قليلة حضر الطعام ومُلئت الطاولة بالعديد من الأصناف التي لم أرها في حياتي، وكنتُ أول من حمل العيدان والملعقة لتذوق كل صنف.

لم يكن الأكل بالعيدان صعبًا فقد كان وسيلتنا الرئيسية في الميتَم، مذ أننا جميعا آسيويون.

"حسنا كفي عن الصراخ.. ستأخذك ييرون إلى الحمام لتغتسلي."

سقطت العيدان من يدي واستدرتُ أبحلق في جايدن بجمود. "في أحلامك."

لكن رؤية سوجين تحاول حك عينها بينما هو يمنعها بسبب الصلصة وشهقاتها التي أبت التوقف جعلت قلبي اللعين يلين.

زفرتُ بقوة أنهض من مكاني، أمسكتُ بيدها أجرها خلفي وقد أعطاني جايدن قبلها ابتسامة امتنان. لا تفرح كثيرا، أنا لا أقدم شيئا بالمجان أبدًا. 

داخل الحمام، كنتُ قد أخذت ورق الحمام ومسحتُ الصلصة عن وجهها، شعرها وثيابها. كانت لا تزال عابسة وتشهق من حين لأخر.

"هيا توقفي عن البكاء كأولئك المثيرات للشفقة." ارتجفت شفتيها أكثر منذرة بإطلاق قنبلة صوتيه أخرى. تنهدتُ وأنا أبلل يدي لأمسح وجهها الصغير وأحاول تلطيف نبرتي: "أنتِ فتاة ذكية وقوية، أرى مستقبلكِ زاهرا منذ الأن لكن تنقصكِ بعد الحيل لتكتمل قوتك.. لم يكن عليكِ جعل رأس القارورة نحوك.. ها قد رأيتِ النتائج بالفعل.." بللتُ شعرها قليلاً: "عندما تكونين في نزاع تأكدي من أن تكوني الطرف الرابح حتى ولو لم يكن هناك رابح.. أو على الأقل تأكدي من أنكِ ستخرجين بأقل ضرر ممكن. اجعلي الكفة دائما لصالحك."

لا أدري إن كان عقلها يستوعب ما أتحدث به لأنها فقط كانت ترمش بعدم فهم نحوي.

ذكرني كم كان عمرها؟

"لا عليكِ.." تنهدتُ لأتركها وأقف لأغتسل أنا.

حدقتُ في وجهي ثم لخصلاتي الملونة أتذكر جملته. 'راقني التغيير.'

هل أعجبه حقا؟ لم أكن أنوي صبغه لكن الفكرة طنت في رأسي عندما رأيتُ فتاة بجانبي تصبغه.. ولم أكن محددة للون معين إلا عندما أرتني المصففة صورا لبعض الصبغات.

لم أدرك أن وجنتاي اكتستا اللون الزهري بالفعل، صفعتهما بخفة أحرك رأسي وأحاول استعادة رشدي..

أفعالُه هاذين اليومين، لا يمكنني تجاوزها أبدًا. التغير الجذري الذي أصابَه يجعل من التشتت يصبُ مثواه داخلي. من المستفز، الأحمق، المختل الذي لا يكف عن ذمي إلى اللّين الذي يحاول انتقاء كلمات أقل حدّة، الغزلِي، والمتهوّر الجريء.

هناكَ عطبٌ في عقله حتمًا. لا يعقَل أنّ كل هذا فقط ليعيد صداقتنا القديمَة إلى نُصبِها؟ هل كنتُ صديقته الوحيدَة لهذا تعلّق بي ويريد استردادِي؟

التفتُ ووجدتُ المكان فارغا إلا من فتاة كانت تعدل من شعرها وتضع ملمع شفاه قاتم.. رمقتني باستنكار وهي تهمس ب'ماذا؟' قبل أن تعاود النظر في المرآة متجاهلة إياي.

أين تلك اللعنة الصغيرة؟

كنتُ أحاول اقناع نفسي بأنها عادت للطاولة وهي الأن تشاركهم الطّعام. لكن هيهات، فها أنا ذا أختبئ كأحد اللصول أتلصص النظر إليهم وهي لم تكن موجودة قط.

مصيبة.

أين يمكن أن تكون كتلة المشاكل تلك؟

نظرتُ من حولي بتريث وأحاول تلبس تفكيرها، لو أردتُ إحداث مصيبة دون الاهتمام بالعواقب أين سأذهب؟

كانت عيناي تجوبان محيطي حتى توقفت حيث مصدر الضّجة الخافتة. المطبخ؟!

لم أفكر مرتين وأنا أرمي بساقاي نحو المكان المنشود متجاهلة النظرات المستغربة من طرف العمال. وبالفعل كنتُ على حق فها هي ذي أمامي تجلس مقرفصة ومستندة بجسدها على البار الحديدي وتحمل بيدها قارورة صلصة أخرى.

حقا؟!

انتبهت لخطواتي الصارمة نحوها وكما توقعت هي أطلقت الريح لقدميها فارة مني، ركضتُ خلفها متجاهلة النظرات والصرخات الغاضبة علي من طرف الطباخين، اصطدمت بالبعض وأظنني تسببتُ بالقليل من الفوضى هنا.

أعني تسببنا بالكثير من الفوضى!!

"أيتها اللعينة، توقفي مكانك.." صرختُ بقهر حين أصبحت تحبوا تحت البار وتخرج من الجهة الأخرى ولم أتردد ثانية في اتباعها.. وانتهى بي الأمر أصطدم بالعديد من الأقدام بل وأني أشعر بالعديد من السوائل تصب فوقي كلما دخلت تحت بار وأخر.

احتك جسدي بالأرضية أكثر لأني تجاوزتُ مرحلة الحبو إلى التزّحلق بجسدي كاملاً لأمسك قدمها وأخيرًا. "أمسكتك."

لم أخلع حذري أو حتى أترك قدمها حينما حاولت رفسي بقدمها الأخرى، بل وأنها تعلقت بقدم الرجل تجعله يصرخ بفزع.

لم تترك إحدانا الأخر حتى سمعتُ صوت أواني المطبخ التي يبدو أنها بحوزته وقعت لتنكسر بجانب سوجين التي تركت قدم الرجل فزِعة.. الأمر لم يتوقف على هذا بل إن صوت طرطشة قوي صدح وما إن رفعتُ نفسي ممسكة بسوجين حتى..

انعكس ضوء اللهب في مقلتي ودوى صوت انفجار عالٍ أجفل الأذان.

إلـٰهي!!

أنا حقا أكره حياتي.

______

إيمـا:

لا أذكر أخر مرّة نمتُ فيها بسلام.. من يفعل ذلك أصلا بوجود ييرون؟

صوتُ شخير خفيف أعادني للواقع وتلبس وجهي الإنزعاج وأنا أئن بتذمر وأرمي بيديّ في الأنحاء، تقلبتُ للجهة الأخرى ورفعتُ الغطاء الخفيف أدثّر به رأسي.

رغم ذلك.. لما واللعنة لا زلتُ أسمع صوت الشخير؟ منذ متى وييرون تشخر؟ بل وأن الأمر تطور لأشعر باحتكاك شيء خشن بالغطاء ليلامس وجهي.

إلى متى عليّ تحمل مقالب هاته الحمقاء التي لا تنتهي؟

"اللّعنة ييرون، سأق_" عيناي انجبستا تحدقان في الكائن الزّهري الذي يحدّق بي بعينيه الصغيرتين، رمشتُ مرتين قبل أن أطلق صيحة من أعمق جوفي وأعود للخلف حتى سقطتُ من فوق السرير.

صوتُ ضحكاتها وصلني، رغم الألم الذي اجتاح مؤخرتي وظهري للمرة المليون أنا أسرعتُ في النهوض مبتعدة عن السرير أتسلق الأريكة الجانبية وعيناي تدرسان حركتها بحذر وهلع.

"أخبرتكَ يا صغيري بأنكَ ستعوض منبّه هاتفها.." ربتت فوق جلده الزّهري تجعل من ملامحي تتكشّر في اشمئزاز ومن جسدي يقشعر لمجرّد التفكير في أن هذا الحيوان المقزز كاد أن يلمسني.

أعني لربما ليس مقززا للبعض.. لكن بالنسبة لي هو كذلك.

عدتُ خطوة للخلف عندما أصبحت تقترب مني ضاحكة، نهرتها بتهديد: "أحذركِ من الاقتراب أكثر أيتها المجنونة، أقسم بأني سأقتلك."

ابتسمت ببراءة: "اقتربي مني أولا وحينها سنفكر في أمر القتل بعد ذلك."

"كيف أحضرته إلى هنا؟ لا أظن أن السيدة جيوڤانا كانت لتسمح لكِ بادخاله!!" هبطتُ من الأريكة وعدتُ إلى الخلف عدّة خطوات وقد لاحظتُ التصلب الطفيف لكتفيها وحينها فقط وصلني الجواب. هي أدخلته خلسة والإلـٰه وحده يعلم كيف.

بدأ الخنزير يتحرك بين كفتيها بشكل همجي أكثر وهي استغربت الأمر وبدأت تحاول إحكامه بين يديها، انفر جسدي بإجفال حين أُفلت من يديها ووقع على الأرض وأصبح يركض.. نحوي!!

صرختُ لا اراديا ورميتُ قدمي في قفزة كبيرة نحو الأريكة الثانية لأجده قد اصطدم بباب الحمام، ركضتُ إلى الأمام عكس ييرون التي التقت بي في طريقها إليه لتمسكه.

توجهتُ إلى باب الغرفة بغية الفرار من هناك لكن الباب فُتِح قبل أن أفعل أنا وظهر جسدان من خلفه جعلاني أتوقف قبل أن أدخل فيهما. مر ذلك الخنزير من بين قدمي وتجاوز كلاً من آيزك وآركيت اللذان أفسحا الطريق له ليفر.

ثم اندفع جسدي للأمام اثر دفعة ييرون التي دفعت الأخران وهمت راكضة خلفه. رمش كلاهما بعدم استيعاب وصدر صوت آيزك منصدما: "مالذي يحدث؟"

أردتُ الصراخ عليه بـ'هل أنتَ أعمى؟'

تجاهلتُ كليهما وأسرعتُ خلفها أركض في أنحاء المنزل وأسمع صوت ضجة خافتة لكن مكانها غير واضح.

"ييرون باركر!!"

تيبس جسدي إثر صرخة السيدة جيوڤانا القادمة من الأسفل، وقد لمحتُ آيزك يخرج من الغرفة وهو يحاول كبتَ ضحكته إلا أنه فشل في ذلك.

مصيبة!!

لا أظن أن رين موجود الأن ليمنع عقابها لثاني مرّة.

_______

تجاهلتُ صوت صراخها وتذمراتها للمرة الألف ثم سمعتُ صوت ارتطام يليه صوت صيحة آيزك. لا أرغب في مشاهدة حربهما العالمية لأني مللتُ من الأمر. أكملتُ محاولة تثبيت هذا السّهم اللعين في مكانه.

ذكرني من اللعين صاحب هذه الفكرة؟

لحسن الحظّ أن الصغيرين مشغولان بامتطاء الحصان رفقة جايدن الذي علق معهما منذ الصباح، عندما أيقظته سوجين عند الثامنة باكية وتقول أنها تريد امتطاء حصان كما فعلت في حلمها.. وبالطبع هان لم يفوت الأمر.

أما أنا فقد علقتُ مع هذين الأحمقين اللذين لا يطبقان شفتيهما على بعضهما لثانية من الزمن.

لو فقط كنتُ أجيد التصويب لركلتُ كلا مؤخرتيهما بهذا السّهم اللعين الذي بين يدي والذي يبدو لي د_

"أيتا الفاسقة.. أنتِ ميتة!!" تمتمتُ بفكٍ مقبوض وصف أسنان مرصوص بحقد وأنا متأكدة من كونها سمعتني لأن صوت مناوشاتها مع آيزك توقف.

"اوبس، أخطأتُ مجددًا." التفتُ إليها ببطء أعطيها نظرة ممتزجة ما بين البرود والحقد ولا لم تبدو لي متأسفة حقا كما تقول لأنها اقتربت مني بعد أن ألقت الكيس الذي بيدها والتقطت الملقط الحديدي من الأرض بعد أن كسرت ظهري به.

آيزك كان بعيدًا عنا وشعره كان فوضويا وأظن أن هذا بسبب شد ييرون له، رغم ذلك هو ابتسم باستفزاز نحونا ورمى بعلبة العصير الذي كان يرتشف منه أمامه يدفعها بقدمه. "لا تنسي تنظيف هذا المكان أيضا.. لا زلتُ أرى الكثير من الفضلات هنا."

"الفضلات ترى نفسها.." بالطبع ذات اللسان الساقط بجانبي لن تصمت.

هز كتفيه بلا مبالاة متمتما بشيء ما قبل أن يدير قدميه ويبدأ بالابتعاد بعد أن دس يديه بجيوب سترته الخفيفة. وهنا تم انتزاع السهم والقوس من يدي في لمح البصر وبعد ثانيتين كان السهم ملتصقا بمؤخرة آيزك.

أحسستُ بالألم مكانه بالرغم من أن حافة السهم لم تكن حادة بل مجوفة تحتوي على لاصق يثبتها باللوح.. والمؤخرات على ما يبدو!!

وبعد ثانيتن أخرتين اختفيا من أمامي لكني لا أزال أسمع صوت شتمات آيزك إلى جانب ضحكات تلك المستفزة.

ليتهما يبتعدان ولا يعودان إلى أن أريح رأسي قليلا منهما.

التقطتُ القوس الذي ألقته عندما ركضت ثم أخذتُ سهما جديدا من جعبة السهام الموضوعة بجانبي وعاودتُ أحاول تثبيته في القوس.. لما الأمر صعب لهذه الدرجة؟

لا أدري إن كان تثبيته صحيحا لكني ركزتُ بانتباهي على اللوحة ثم رميته ولم أتفاجأ حين سقط في منتصف الطريق يجعلني أزفر بتعب.

لحسن الحظ أن الأحمقان ليسا هنا وإلا لكانا قد جعلاني أضحوكة القرن.

ولا أتمنى حضور آركيت بدوره..

أنا بالكاد أحاول تجاوز تلك الليلة.. أحاول مسح صورته الغريبة تلك من ذهني، أحاول محو حديثنا وأخيرا تناسيَ ما كان على وشكِ فعله وكنا على وشكِ الوقوع فيه.

حاولتُ تجنبه قدر المستطاع رغم ذلك فهو وكعادته حاول الاحتكاك بي بالأمس وقد بدا على طبيعته.. ويبدو أنه هو الأخر يحاول تناسيَ الأمر وكأن شيئا لم يكن.

لم يتجنبني كما أفعل ليحاول عدم خلق سوء الفهم.. كانت رسالته واضحة 'اطوي تلك الليلة.'

وأنا أعلم بأني لن أستطيع فعل ذلك.

ما يؤرقني أكثر هو ماذا إن علمَ سام بما حدث؟ هل سيغضب؟ سينزعج؟ رغم أنني لا يجب تجاهل أمر كونه من جعل آركيت قريبا مني هكذا..

إنّ كنّ آركيت شيئًا نحوي فسيكون بسبِبه لا محالَة. 

بغض النظر عن علاقتهما، فسام بالطبع لا زال يخفي الكثير عني.. رغم زلة لسان آركيت تلك الليلة فلا زالت هالة كبيرة من الغموض تلفه.

لن أكذب وأقولَ بأنه لم يوقِظ فضولي حول طفولتِه أكثر وحول سرّ علاقته بأخي لكنني في نفس الوقت أخاف تبِعات هذا الفضول والصدمَات التي تأتي بعده.

لذا فلأمزق تلكَ الليلة من كتاب ذاكرتي للأبد ولأبقى بعيدةً فحسب.

بسبب شرودي لم أنتبه أني رميتُ بسهمين أخرين وكلاهما لم يتجاوزا نصف المسافة حتى.

واو!! أنا منبهرة من نفسي حقا.

أخذتُ سهما أخر وثبته مرة أخرى لكني أجفلتُ فجأة لتلك الذراعين اللتين التفتا حولي، واحدة أمسكت بالقوس فوق يدي والأخرى فعلت نفس الشيء بالسّهم. وجسدي انكمش أكثر لإحساسي بصدر صلب يلتصق بظهري ورأسه التصق بمؤخرة رأسي.

حتى عندما همس التصقت شفتيه بلحمة أذني مسببة لي المغص: "مازلتِ كما أنتِ، أعظم فاشلة في التصويب رأتها عيناي."

اتسعت عيناي لصوته الذي كسر توقعاتي. مالذي يفعله هنا؟

______
يتبع..

السلام عليكم وجمعة مباركة على الجميع، يارب تكونوا بخير وصحة وعافية♥️♥️

السبب فتأخري كان طول الفصل، 5700 كلمة 😩😩 ان شاء الله استمتعتوا فيه بس.

- رأيكم فالفصل وأفضل مقطع؟

- مين اشتاق لليليث؟ وأي توقعات عن ما شاهده مينغي 🙂؟

- وويونغ، ليليث، سونغ؟

- انتقام وو وستايل ييرون الجديد؟

اتس سامثين لايك ذات- أكثر ستايل يشبه إلي بمخيلتي.

- خوف ييرون من الأبقار؟ من توقع 😂

- الموضوع الي كان وو يحاكي إيما عنه؟

- هونغ الضحية 😢😢 على هذا المنوال، ييرون تقضي على رؤوس الشبان قبل ما تنتهي الرحلة.

- التطور بين كوبلنا اللطيف🥺 صبرا ما باقي شي على الرسمي.

- سوجين😂 بنت ييرون 100%

- مناوشات وو وييرون الي مستحيل وإيما رح تكون الضحية بيناتهم 😩

- أخيرا الشخص الي ظهر بالأخير 🙂🙂 الأمر واضح شويتين.

البارت الجاي كوميدي أكثر من كذا، والرحلة لسا مطولة شوي.. مللتوا أو لا؟

• يعني باقي حوالي 3 بارتات فهاد الرحلة، بس أنا مخططة أرجعهم بارتين وأحذف مومنتات كثيرة رح تكون تكون بين الكوبلز.. بس بالمقابل نرجع لجو المافيا أسرع. خبروني برايكم بليز.. فصلين أو ثلاثة؟

• تذكرت أني نشرت رواية مترجمة لأيتيز بعنوان "Illusion" نفس تصنيف أمير. في لي شافها بالفعل ولي ماشافها يروح يشيك عليها.. الرواية فعلا حلوة♥️

في الفصل القادم:

"أرأيتِ؟ لقد التقى التوأمان أخيرا.. انظري لكمية الشبه التي تؤلم العين."

"أنتِ لم تدفعيني، عكس الثور الهائج التي كادت تفقدني عائلتي المستقبلية."

"لم يستطع أي أحد بالقاعة التحكم في نفسه.. أنتم لم تروا وجهه المحمر وكيف لعن ييرون على مسامع الجميع.."

"سننسى العالم وفساده لبضعة أيام ونستمتع بتنفس الهواء وكأن لا شيء خلفنا."

"هيا اذهبي إليه.. منظركِ جيد. سأتكفل أنا بابعاد تلك القردة عنه."

"المرة القادمة لا ترتدي ملابس فاتحة فوق القاتمة.."

أراكم في الفصل القادم بإذن الله ♥️💞

Continue Reading

You'll Also Like

30.9K 2.2K 7
بارد فاتن و آسر، الحسناء التي خلقت من ألسنة الشمس الملتهبة تخيفها لمحة من الدفء، مملكته المتجمدة دفنت قلبها، ينظر لها تذيب جليده بأعين واهية، متردد ق...
1M 37.5K 43
روايتي الرابعة " مستمرة " كُتبت بواسطة : الجُّود بِنت آل مطّلق 🤎
1.4K 119 3
عندما يكون حُبًا غريبًا، مُتطفلًا ومُفاجئًا. كالمرض يدخُل لخلاياهُم. لكنهُ ممنوع، لكنهُ مُحرم، لكنه خطيئة. عندما تُحِب من لا يجِب أن تُحبه، بشكلٍ مُف...
2.4K 214 21
يوما ما الوداع سيأتي ... نهاية الخوف ذلك انا اتعايش معه