PRINCE OF THE NIGHT || ATEEZ...

By Lilas_psh23

74K 4.8K 30.9K

|مكتملة| |قيد التعديل| من قال أن الرّقص وسط حلقة النّيران يحرق؟ ربمّا يجعلك فقط تزداد اشتعالاً وجموحًا.. ال... More

[The Extremists are back]
٠٠| حرب العصابات انبلَجت.
٠١| عليكَ اللّعنة جونز.
٠٢| كيفَ ستُلملمُ آثارَها الأن؟
٠٣| الفضول قتل القطّة.
٠٤| العقدَة تتشابكُ أكثر.
٠٥| انزاح القناع.
٠٦| ابر القشّ تلسع.
٠٧| وقعت المُعضلة.
٠٨| بيتٌ جديد.
٠٩| مهزلة مع آل باركر.
١٠| جثة.. بلا رأس.
١١| اقتفاء المشاكل.
١٢| وليمَة عزاء (١).
١٣| وليمَة عزَاء (٢).
١٤| تهديدات صريحة.
١٥| والجة العرين.
١٦| غريب أيها الأشقر.
١٧| ممدد.
١٨| هذّب حواسك.. الخونَة في كل مكان.
١٩| توجس وارتياع.
٢٠| الفأس وقَعت والرّأس انقسَم.
٢١| أدهَم.
٢٢| ميثاق سينسِف كل شيء.
٢٣| المستنقَع لا يهواه غير كائناته.
٢٤| كلنَا خونَة في نقطة ما.
٢٥| زائغَة وسطَ المعمَعة.
٢٦| الانتصَار هو حماقَة عدوكَ.
٢٧|عرِين الذّئاب يرّحب بالمتطفلّين.
٢٨| في حضورِ الدّهمَاء.
٢٩| شَرخ في الأفئدَة.
٣٠| آثار ذكرى.
٣١| عِتاب منفصِم.
٣٣| تمهيدٌ للجزاء.
٣٤| اختبار تقييم.
٣٥| في غمار الموت.
٣٦| نبشٌ بين صفَحات المَاضي.
٣٧| خط أحمر.
٣٨| الجانب المتوارِي.
٣٩| هفوة جسيمة.
٤٠| نكران.
٤١| صفعَة الحقيقَة.
٤٢| خدعَة الشّيطان.. ليليث.
٤٣| أَخدَع أم أُخدَع؟
٤٤| صدِيق الطّفولة لم يكن سيئًا.
٤٥| انتِكاسَة الشّيطان.
٤٦| اللّعب بين القطبَين.
٤٧| شفاه مباغتة.
٤٨| اضطـراب.
٤٩| أفواه مكمّمة.
٥٠| حقيقَة مزيّفة.
٥١| آيروس وسايكي.
٥٢| المتطرّفون.
٥٣| آيروس أخطأ مجددًا.
٥٤| تأجج الجمرة.
٥٥| على شفا الضّمور.
٥٦| أمير اللّيل.
٥٧| الحَمقى فقَط من يندفِعون.
٥٨| لا واحِد ولا اثنان.. زمنُ الصّفر قد حان.

٣٢| ملاك.. بجنَاحٍ واحد.

613 63 461
By Lilas_psh23

ييرون:

"أسرع لقد تأخرنا." صحتُ بعصبية وأنا أحكمُ الإمساك بملعقتي وأكبح نفسي عن رميها في وجهه. "لا زلتُ جائعًا، كما أن الوقت لا زال مبكرًا." أجابني بوجنتين ممتلئتين ونظره ثابت على هاتفه الذي يعبث به وهو يرمي بقطعة البيض في فمه بكل لؤم.

"لكن الإجراءات تأخذ وقتا طويلاً، إيما أخبرتني أنه يجب أن نكون هناك عند السابعة والربع على الأقل." أحاول الحوار معه كالبشر الطبيعيين على الأقل في هذا اليوم.

ابتسم بسخرية ولا يزال يتجاهل النظر في وجهي قبل أن يتحدث بلهجة نصف مفهومة لتكدس الطعام بفمه: "هل ستستمعين لدودة الكتب تلك؟ أراهن أنها الأن أمام بوابة المركز، ولربما ستفتح البوابة مع الحراس وترحب بنا قبل اجتياز الإختبار."

طفح الكيل بي. لم أعد أستطيع إمساك أعصابي التي تلِفت بسبب توتر الإختبار وها هو الأن يكمل علي. هو لا يلقي للأمر بالاً إنه هادئ الأعصاب ومزعج كعادته.

أمي صعدت لتغيير ملابسها ولا زالت لم تنزل، جيد إذا. رفعتُ الملعقة ولوحتُ بها أغمض عيني اليمنى لأركز باليسرى على الهدف مباشرة. رأسه.

"إياك!!" نبس أليكساندر محذرًا وهو يخطف الملعقة من يدي كونه كان جالسًا بجانبي، فرفع آيزك رأسه باستغراب نحونا وفغر فاهه بعدم تصديق عندما استوعب ما كنتُ على وشكِ فعله.. وإدراكه بأنه كان سيتوجه للمشفى بدل مركز إجراء الإختبار.

زممت شفتي بامتعاض شديد وأنا أحدق في أليكساندر بعبوس فتجاهلني وهو ينهض من على الطاولة مغادرًا، قبل ذلك رمى بجملته علي يجعل ابتسامتي تظهر بينما تعابير وجه آيزك تطحَن في استنكار.

"فقط إلى حين أن تجتازا الإختبار، وبعدها افعلي به ما يحلوا لك."

لم يسع الوقتُ آيزك للتعليق لأن أمي نزلت وكان الحارسان يحملانها داخل مقعدها، حدقتُ بملابسها التي كانت بذلة نسائية رسمية رمادية اللون وكانت التنورة الضيقة تصل إلى ركبتيها لأنها جالسة وتضع قفازين رماديين مع قبعة كبيرة بنفس اللون تمتد فوقها ريشة كبيرة.

واو!! سينعتني الجميع بالغبية لأني لا أتعلم منها موضة الأزياء، بل أكتفي بارتداء بناطيل داكنة اللون وقمصان بسيطة لا تحمل أي علامات أو ماركات حتى.

"هل انتهيتما؟" استرعت انتباهي مجددًا بسؤالها وقبل أن أجيبها صدح صوت الوغد من بعيد بنبرة مهذبة. "أنا فعلت لكنها كما ترين يا سيدتي ترغب في جعلنا نتأخر بسبب معدتها الجائعة." كان يقف عند البوابة بابتسامة لئيمة يتشمتُ بي.

حتى أن رين عض شفته كابحا نفسه عن الضحك بسخرية وهو يمضغ طعامه ببطء.

الحقير، كيف وصل إلى هناك؟ ثم أنه قلب الوضع وجعلني سبب التأخير!! سأنتقم منه، حقا سأفعل اليوم وبعد أن نخرج من قاعة الإختبارات مباشرة.

توجهنا إلى مركز إجراء الإختبار والذي لم يكن الثانوية التي ندرس فيها بل في واحدة أكبر وأرقى وتقع في مكان بعيد قليلاً عن البيت. بالطّبع رافقتنا أمي كما يفعل جميع الأولياء في هذا اليوم المهم بالنسبة لأبنائهم أما السيدة سومين فقالت أنها لا تستطيع مغادرة البيت في عدم وجود السيدة ولم يبدو آيزك مهتما بالأمر أصلا.

إنه حتى لا يبدو متوترًا أبدًا بل يعبث بهاتفه بكل راحة ويبتسم من حين لأخر، بينما أنا كنتُ أعض أصابعي بتوتر وأنا أحدق من خلال النافذة، حتى تفاجأتُ بيد دافئة تسللت لتقبض يدي.

نظرتُ إلى أمي التي تبتسم نحوي بدفء جعل من راحة طفيفة تسلك طريقها إلي، وجهها الجميل والرقيق الذي يبدو لإمرأة في الثلاثين يجعلني أطمئن. همست بهدوء: "كل شيء سيكون بخير، لقد درستِ بجد واجتهدتِ لذا ستنالين ما تستحقينه في النهاية. فقط ثقي بنفسك يا صغيرتي."

كلماتها لعبت دورها في تهديء أعصابي فأومأت بلطف في نفس اللحظة زاغت عيناي إلى آيزك الذي يجلس بجانبها وكان يرمقها بنظرة صقيعية من طرف جفنه وعندما انتبه لتحديقي به أعاد انتباهه للهاتف متجاهلا إيانا.

ما خطبه؟ هذه ليست أول مرة يفتعل هذا التعبير البارد على محياه ويرمق أمي هكذا وكأنه ينفر منها. هل هكذا يعاملُ سيدة تكرمت بجعلِه هو ووالدتَه يسكنان بيتها؟ أم أن هناكَ أمورًا لا أعرفها حول علاقتهم؟

عندما وصلنا اضطربت نبضات قلبي مجددًا حين رأيت مخرج الثانوية يعج بالطلاب وأوليائهم، حتى أننا لم نجد مكانا قريبا لركن السيارة فيه واضطررنا لركنها بعيدا والسير حتى باب الثانوية. حشد كثيف وضجة كبيرة تجعل مني أشد على حقيبتي تلقائيا وابتلع ريقي بوئيدة.

بحثتُ بعيناي عن إيـما وجايدن ووصلتُ إلى البوابة هناك حيث رأيتُ ما أثار استغرابي. جايدن وإيـما كان يمسكان بكتاب ما وكل واحد منهما يسحبه إلى نفسه وتعتلي ملامح الغضب كلا وجهيهما. المفاجئ في الأمر أيضا هو أن آركيت ولوكاس كانا هنا أيضًا ويراقبانهما بملامح متململة.

"أتركيه يا عنيدة." صاح جايدن بصخب لتصيح في المقابل: "مستحيل، اتركه أنت وإلا أقسم بأني سأعضك."

اقترب ثلاثتنا منهم وصاح آيزك من جانبي بسخرية: "ما هذا؟ عرض مسلٍ ينسينا التوتر قبل أن ندخل للامتحان؟ ثم هل انتقلَ داء الكلَب من عائلة وانغ إلى ميلر بهذه السرعَة؟" دفعتُ جسده بخاصتي. "سترى داء الكلب على أصوله بعد الإختبار. انتظر فقط."

"آه ليس أنتما أيضًا." لوكاس ضرب جبينه.

ما إن استرعينا انتباه جايدن لنا ترك الكتاب متنهدًا عندها ارتدت إيما للخلف ووقعت على مؤخرتها ليصعد الفستان الصيفي الذي ترتديه إلى فوق ركبتيها قليلاً.

جميعهم إلتفتوا لنا وحيوا أمي أولاً وإيما ذهبت بعدها إلى مكان قريب قليلاً تعاود الإستذكار وهي تدور في دائرة صغيرة. مهووسة الدّراسة هذه.

"مالذي كنتما تفعلانه؟" سألتُ جايدن الذي نظر لها من طرف عينه بانزعاج شديد ثم تحدث بحنق: "كانت تستذكر أمامي منذ نصف ساعة بصوت عال وأحسستُ أن المعلومات التي بالكاد كنتُ أخزنها لفرط التوتر انسابت بسبب ازعاجها."

ابتسمتُ بخفة كوني لا أزال متوترة أنا أيضا وبالكاد أحافظ على هدوئي. ظهر صوت أمي باهتمام نحو لوكاس وآركيت: "ومالذي تفعلانه أنتما هنا؟" تبسم لوكاس بلطف وهو يشير بيده: "لقد جئنا مكان أولياء آيزك وجايدن لنشجعهما_" نظر إلي بتردد قبل أن يشيح بصره ويكمل مغتبطا: "والفتاتان أيضا مادامتا منا الأن."

إرحمنا أرجوك!! هل تبدو هيئات الحمقى من حولي وكأنّهم يحتاجون إلى مرافقين؟ آركيت كان ينظر نحو إيما بين الفينة والأخرى وهو يبتسم بسخرية وكأنه يتشمتُ بوضعها.

"لا أفهم لما تولون الأمر كل هذه الضجة والبلبة، إنه اختبار عادي كالاختبارات التي نجتازها عادة ولا أرَ سببا مقنعًا لمرافقة العائلة كلها لابنهم لأجل شيء كهذا." إنه يسخر عبر لفظ العائلة يشير إلى عددنا الكبير.

ومن غير بارد القلب آيزك سيسخر في موقف كهذا؟

"اوه!! وهل نجحتَ أنت في تلك الإختبارات العادية التي تتحدث عنها؟" أشار آركيت لكلمة 'العادية' بين قوسين بيديه وهو يترقب إجابة آيزك على أحر من الجمر.

وهكذا بدآ جولة من المناقرة والقصف يجعلانني أتنهد وأنا أحرك رأسي بيأس. شعرتُ وكأن الكهرباء ضربت رأسي فأسرعتُ بالإلتفات إلى مصدر الشعور وتصادمت عيني بخاصة لوكاس والذي سارع بإشاحة بصره بعيدًا.

تذكرتُ شيئا ما واقتربتُ منه عدة خطوات لألحظ استغرابه لذلك، همستُ بخفوت وأنا أنظر إلى إيما: "ألم يأتي سام؟" لانت ملامحه قليلاً وهو يزفر بعمق ويضع يده عن خصره. "إنه هنا."

إلتفتُ إليه بوجه تشدق من الاستغراب والدّهشة فزمّ شفتيه بقلة حيلة وعسليتاه تطوف في وجهي: "لا يزال داخل السيارة ولم يجرؤ على الخروج ومواجهتها، أخبرني أنهما تشاجرا بالفعل قبل عدّة أيام، ويظن أن مزاجها سيتعكّر بمجرّد رؤيته." سخر بخفة هازًا رأسه: "لكنّه أحمق، لقد لمحتُ بالفعل لمعة من الخذلان تعبر عينيها وهي تراني أنا وآركيت نتقدم. لأخر لحظة كانت تنتظر ظهوره."

تابعتُ باستهزاء أيضا: "ولو رأته الأن ستتجاهله وتغضب منه وكأنه أخطأ بالقدوم أيضا. في كلتا الحالتين هي لن ترضى." زفرتُ بسخرية وأومأ لي.

أعلم أنه أخطأ بعد كل شيء بسلوكه لهذا الطريق الخاطئ وتدنيس نفسه بالخطايا، لكنها تتألم وتؤلمه بوضعها لهذا الحاجز بينهما لدرجة أن حياتهما انقلبت رأسا على عقِب. حتى لو كانت مجبرة على الإنضمام للعصابة، فهي فعلاً ستنضم وستصبح مثله. مالفرق الأن بينهما؟

فلتنظر لي أنا التي علقتُ مع العصب المركزي، لدي أخوان بدل واحد، أحدهما القائد، والأخر قاتل مختل أحمق. ولا ننسى اللّعنة المزعجة التي سُلّطَت على حياتي. آيزك.

"صباح الخير." إلتفتُ إلى صاحب الصوت الرقيق المميز لتقابني ابتسامته المتسعة وعيناه المقوسة بلطف. "أهلاً!!" لوحت وأنا أومئ له بلطف فتساءل وهو يحدق بالجماعة التي كنتُ معها: "هل أحضرتِ المنزل كله معك؟"

ابتسمتُ بإرتباك وقهقهتُ بتوتر أتوعد آيزك -الذي كان يرمقه بنظرة منزعجة- بالموت إن نطق بحرف واحد. "لا، لقد جئتُ رفقة والدتي فقط، وهؤلاء قدموا رفقة آيزك وجايدن." أومأ بتفهم وقبل أن ينطق بسؤال أخر سبقته: "وأنتَ، من حضر برفقتك؟" ارتفع حاجبه باستيعاب ثم ابتسم واستدار ليريني باصبعه السيارة التي كانت مركونة على جانب الطريق بالقرب منا. "هناك، حضرتُ رفقة شقيقي."

"اوه!! هل عاد من نيوزيلاند؟" تساءلتُ باستغراب وأنا أرى زجاج النّافذة القاتم ينخفض ببطء ليظهر شاب ذو شعر بني وأعين حادة سوداء و.. لحظة!! هذا الشاب!! أليس هو من كانت سيارته ستدهسني منذ يومين؟

إنه هو بلا شك!! لا يمكنِني إخراج مظهرِه من ذاكرتي لأنه بدا مألوفًا وقضيتُ وقتًا ليس بالقصير في محاولة تذكرّه دون جدوى.

حتى أنه كان يرتدي نظارته شمسية نفسها والتي تخفي عينيه، وحتى السيارة نفسها.. الأن فقط تذكرتُ بأنني رأيتُ صورته في منزل ديلين، ولهذا كانت ذاكرتي مشوشة بشأنه.

أوه!! يا للصدف القدر.

لوح لنا بابتسامة جانبية جذابة وانتبهتُ أن ديلين كان يلوح له، لكن نظرته كانت عليّ حين رفع نظاراته، شديدة وواضحة وكأنها تقول 'ها قد التقينا مجددًا يا صغيرة.'

لكن الأمر لم يستمر لأن الضجة ازدادت والإحتشاد زاد حتى ما عادت تظهر لي سيارته والسبب أن الحراس طلبوا من الطلبة الدخول إلى الساحة بهدوء. سبقني ديلين إلى الداخل أما أنا فقد ألقيتُ نظرة أخيرة على أمي التي كان حارساها يحاولان إخراجها من هذا الإكتظاظ، حينها التفت لتلوح لي وبادلتها.

عندما أخذتُ خطوتين للأمام شعرتُ بكف وُضعت فوق كتفي ووجه لوكاس قابلني حين استدرتُ، صمت وكأنه يحاول لملمة كلماته قبل أن ينطق وهو يعطيني نظرة دافئة: "ابذلي قصارى جهدك وكوني واثقة من نفسك. يمكنك فعلها." أومأت له بابتسامة يشوبها الاستغراب الطفيف ثم تركته.

ما خطبه؟ إنه يبدو غريبا جدا هذا اليوم.

لنؤجل التفكير فيه إلى حين لاحق ولنركز على ما سيقابلني بعد أن أدخل المبنى. نبضات قلبي كانت تسابق الرياح في خفقانها والرجفة أحكمت عمودي الفقري. أغلقت عيني وأخذتُ نفسا عميقا قبل أن أفتحهما مجددًا.

ها نحن ذا.

_______

لوكاس:

كان يحدق بي بتعبير أكثر ما يقال عنه سخيف، يظن نفسه ممتعًا لكن بالنسبة لي هو مجرّد معتوه أخرق ولا يجيد إلا استخدام بندقيته في اللّهو بالدّماء.

"إنّها كاملة سيدي."

وأخيرًا!! ظننتهم لن يفرغوا من العدّ حتى اللّيل فأنا حقًا سئمتُ النّظر إلى وجه هذا البليد. حمل الرجال الحقائب ودسوها في صندوق سيارتهم بأمرٍ منه، حينها رفعتُ جسدي عن هيكل السيارة وحدثته بملل: "الأن نحن لا ندين لكَ بشيء، غادر البلاد ولا ترنا وجهكَ ثانية."

قهقه بفكاهة وكأني لا أطرده الأن ثم مدد يديه مطرطقًا عظام رقبته وكأنه استيقظ توًا. "بالمناسبة، لما لم يأتي أحد الشقيقين وأرسولك مكانهما. هل يعقل أنهما خائفان على سبيل المثال؟"

رفعتُ حاجبا باستنكار لجرأته هذه قبل أن أزفر باستخفاف، فكرة تجاهله جيدة لكني أعلم أنه لن يصمت وسيستفزني أكثر حتى أجيبه. لذا لنضع له حدًا الأن ونختصر الوقت.

"عليكَ أن تشكرني لملاقتكَ بدلاً عنهما، تعلم أنهما لا يهويان لعب الأطفال وصبرهما محدود." هززتُ كتفي وقلتُ ببداهة: "ولربما لو كان أحدهما مكاني هنا لعاد جسدكَ إلى أمريكا دون رأسكَ."

هزّ رأسه نافيًا بأسَى وثغره السّقيم يطلق صوتًا دلالَةوعلى رفضِه. "مالأمر مع مزاج الحوامل هذا أيضًا يا لوك؟ ثمّ لا يعقَل لصديقي ألكس أن يغدِر بألفَة سنوات ويرفضَ توديعي حتى، هذا مؤسِف."

حدقتُ بساعتِي في يأس متنهدًا. "هل انتهَيت؟" لدّي اجتماع بعد قليل ورأسي ليس مستعدًا لتقبلِ تعقيبات أليكساندر المزعجَة.

«نحنُ ملائكَة بجناحٍ واحد، الأوّل أبيَض والثّاني خلفَه راكِد.»

تصنمتُ مكاني، بصري على عقرب السّاعة المتحرّك ولا شيء سواه. حاجبي ارتفعَ عقبَ ارتفاع نظرتي نحوَه وابتسامَته ذات المغزى العميق ضربتني.. وجعلت من شفاهي تتقوسُ بشكلٍ تلقائي في واحدَة مشابهَة لخاصته.

أو أكثرَ خطورَة وهو وحدَه يدركها.

يدايَ عادت تستحلُ جيوب بنطالي ورأسي يميل ببطء مع نظرَتي. "هل مللتَ من هذه الحياة بسرعَة يا جيكوب؟ يبدو أنّ منصبكَ جعلكَ تعيشُها أسرع من الأخرين وتسارِع للقاء حتفِك."

رفع كلتا يديه في حركة استسلام مع بندقيتِه وقد طأطأ رأسه لثوانٍ. "على رسلكَ يا ز_ لوكاس." عاودَ يرفع رأسه مع ابتسامَة متكلّفة. "كلّ ما في الأمرِ أنني أردتُ انعاشَ ذاكرتِي، لأنني حتمًا منبهرٌ مما آراه." عيناه كانت تفشيَان الانبهار الذي يتحدَث عنه، اللمعان ضدّ وجهي. "أنا_ أقسِم أنني كدتُ أصدّق." ضحكته بدأت صغيرَة ثمّ ارتفعَت حتى أصبحَت صاخبَة، مجنونَة.

هززتُ رأسي ساخرًا.. مضطَربٌ نفسيًا؟ لا شكّ في ذلك.

تركتُه في حالته الهيستيرية والتفتُ أركبُ سيارتي، تحت نظرات آركيت المنتصبَة على المجنون أمامنا. "ما كان هذا؟"

"عندما أعلم، سأخبرك." تنهدت أشغل المحرّك وجيكوب أمامنا أنهى جولته الساخرَة وها هو يحيينا ببندقيته قبل أن يلتف نحو مركبته.

شعرتُ بنظرة آركيت المتفحصَة علي فالتفتُ تزامنا مع دوران المقوَد وتحركّ السيارة. حاجبٌ مرتفِع وأجفان حادة.. نظرة لا تسرّني حتمًا.

"مالأمر؟ هل تشعرُ بالغيرَة لوجود شخصٍ ذو حالة عقليَة أعوصَ من خاصتّك؟" سخرتُ لكنني شعرتُ بأن نظرتَه لم تنهدّ أو تختفَت. "ربّما." بنصف جفنٍ رأيت شفاهه تتقوس في ابتسامتِه المعتادَة.

"تعلم أنكَ قدوتي في الردود." ابتسمتُ بسخرية وأنا أنعطف عند منعطفٍ صغير: "بالتأكيد، لدرجة أني لا أستطيع مجابهة ردودك النكدية حين تصر على أن الأمر الذي تفعله صحيح."

قهقه يستمتع بإغاضتي وتجاهلته، لكنه صمتَ بعد ثوانٍ قليلة فقط واحتلَ السكون السيارَة. قبضتُ على المقودِ أكثَر وأصابعي راحت تطبطِب على الجِلد بخفّة. بعد عشر دقائق أخرى رنّ الصوت الذي كنتُ أنتظره، هاتفي الموصول بشاشة السيارة فضغطتُ عليها وظهر صوت أليكساندر: "مالأخبار؟"

تنهدتُ معقبًا: "كل شيء سار على ما يرام إلى حد الساعة، لكني لا أصدق أنه سيغادر البلاد هكذا دون ترك هدية لنا على الأقل." صمت قليلاً قبل أن يجيب: "أدرك هذا، ولهذا أرسلتُ خلفه أربعة جواسيس أتمنى فقط ألا تعود إلي رؤوسهم فقط دون أجسادهم."

ولا أظن أن أمنيتكَ ستُحقق، ذلك المتعجرف ذكي وحذر في كل خطوة ومن الصعب التنبؤ بأي خطوة يخطوها. بالطّبع فقد تربى بين أيدي الأمركيين الذين لا يسعون في قاموسهم لغة الحوار، حوارهم يكون بالدّم والرصاص.

"أين أنتَ الأن؟" نظرتُ إلى محدد المواقع مجيبًا: "ربع ساعة وأكون عندك." همهم: "جيد، هم أيضا على وشكِ الوصول." ثم أغلق الخط حينها ركزتُ على الطريق مجددًا.

كنتُ أحدّق نحو آركيت بين الفينَة والأخرى من طرفِ جفني، لكنني أدركُ أن يستشعرُ ذلك ويستمرُ بتجاهلِ الأمر. صمته لا يريحني، ولا أدري إن كانَ عليّ الشعور بالقلق لهذا أم لا. عادة هو لا يتركُ لنا خيارًا في التفكير بأن هنالك ما يؤرِقه لأنه يستمرُ بالتصرّف على طبيعتِه المستفزّة دائمًا.

آركيت لا يكون هادئًا إلا في حالَة واحدَة.

"ماذا لديك الأن؟" كسرتُ الصمت بسؤالي فأتاني صوته الهادئ: "لا شيء جديد، سأعود إلى مقر التدريب فلدي اختبارات تقييمية عديدة علي الإشراف عليها." همهمتُ بتفهم ولم أضف كلمة.

كونه الوحيد بدون وظيفة رسمية أو دراسة في الحياة العملية فهو يقضي معظم وقته في المقر رفقة المتدربين من أفراد العصابة ويشرف على كثير من المهام هناك، لذا هو بارع بكل شيء ويستطيع أن يعوض نقص أو غياب أي مشرف.

"الفتاتان!!" التفتُ له بعد كلمته ثم أعدت رأسي إلى الأمام أنتظره أن يتابع: "متى ستلتحقان بالتدريبات؟" استنكرتُ قليلاً سؤاله لكني هززتُ كتفاي بغير علم: "لا أعلم، فكما تعرف هذا قرار السيدة جيوڨانا وهي الوحيدة التي ستقرر ذلك رغم أنها أخبرتهما بالفعل أن تبدآ بعد إختبار اليوم."

لا يعقَل أن سبب سكونه هذا هو تفكيرُه في الفتاتين.. لا أنتَ لن تخدَعني أيّها الذّكي، لقد سهوتَ عن كونِ قراءة لغة جسدي من أمامي أسهلُ وضع رأسي فوق الوسادَة.

رغم ذلك لم أضف كلمة أخرى حتى وصلنا إلى الشركة وهناك افترقنا، أنا صعدتُ إلى مكتب أليكساندر لأجده كالعادة غارقًا بين الأوراق يقرؤها ويوقع بعصبية. بينما قوارير الخمر الفارغة متناثرة فوق مكتبه.

حتى أنّ هناكَ فنجانين للقهوَة.. هذا مذهل.

هذه حالته عندما نمر بضغط كبير في الشركة وتكون أسهمنا في الحضيض مما يعني عملاً مضاعفا ثلاث مرات عن الأيام العادية. القهوة التي لا يستسيغها عادة تصبح كالماء بالنسبة له في هذه الفترة.

"تأخرت!!" تلفظ دون أن يرفع عينيه لي ودحرجتُ مقلتيّ لألقي بجسدي فوق الأريكة السوداء بجانب مكتبه. "هل عليّ التبرير لكَ كل مرة بزحمة الطريق؟ أم علي كتابتها على جبيني في كل مرة أخرج فيها؟"

لم يجبني وتنهدت أعدل وضعيتي في جلسة عادية: "هل وصلوا؟" أومأ وقد وضع القلم أخيرا وأغلق حاسوبه، حمل هاتفه وهم بالخروج فتبعته بإرهاق إلى قاعة الإجتماعات.

بدأنا الإجتماع وكان علينا إقناع الطرف الأخر بالتعاون معنا لأنها شركة عالمية كبيرة جدا وستكون ممولا ضخما لنا يجعلنا نخرج من الأزمة التي نحن فيها.

"نحن كمُلاّك أعمال مهتمون بالتقييم المتوقع لمشروعك الاستثماري بعد خمس سنوات في حين أن لجنة استثمار الشركات قد تؤكد ما إذا كان مشروعك الجديد سيتجاوز معدل عائق الاستثمار في الشركات."

أومأتُ لهذا الكهل بثقة والتفتُ إلى الشاشة الرّقمية خلفي أجيبه عن سؤاله المخفي: "بالطّبع، نحن نضع في حسباننا الاستثمارات، بل ونصنفها كأولويتنا قبل الشرّوع في أي عقد، لذلك وضعنا اهتمامنا على عنصر رأس المال البشري بالإضافة إلى العمليات التصديرية والسعي إلى جذب المزيد من التدفقات خصوصا الإنتاجية منها."

بينما كنا في خضّم النقاش انطفأت فجأة شاشة العرض الكبيرة خلفي وانتبهتُ أن الأضواء الخافتة المثبتة على الجدران أيضا قد انطفأت، ثوان قليلة لم تسعنا لإدراك الأمر حتى صدح صوتُ الطوارئ.

الطامة الكبرى أنه تم تشغيل المياه من السقف والتي هبطت فوقنا كالمطر السحيق. مالذي حدث حتى تم تشغيل إنذار الحريق؟

الجميع تحركوا يدخلون تحت طاولة الإجتماعات الكبيرة يأخذون أوراقهم التي تهالكت بالفعل وهمساتهم صدحت يتساءلون عما يحدث. أليكساندر وقف يغادر الغرفة بغضب بعد أن كان مصدوما هو الأخر مما يجري وتبعته نتجه إلى مكتبه لنأخذ مسدساتنا فمن يدري مالذي حدث.

"سحقا!!" الأوراق التي كانت فوق مكتبه تبللت أغلبيتها فرماها من فوق السطح إلى الأرض ودفعها بقدمه بخشونة شاتما قبل أن يخرج مسدسين من الدرج ويرمي بواحد لي.

"مالذي يجري؟" كنتُ قد هاتفتُ أحد العمال مسبقا وها هو يجيب: "ليس هناك أي حريق، وتم تفتيش جميع المداخل ولم يكن هناك أي اقتحام أيضا. سنتحرى في الأمر أكثر سيدي."

أغلقتُ الخط تزامنا مع توقف المياه عن الانسياب لكن الأوان قد فات، فأنا أحس بأني أصبحت أثقل وزنا مرتين بسبب ملابسي المشبعة بالماء وشعري الذي انزلق من جبيني يلتصق بوجهي. نفس الشيء مع أليكساندر الذي كان يبعد خصلاته عن عينيه بغضب وهو يشتم ويسرع في خطواته.

أيا من كان السبب في هذا، فهو سيكون في عداد الموتى بعد أقل من عشر دقائق.

_______

ييرون:

"أتركيني أيتها المجنونة!!" صرخ بحدّة ما إن سحبتُ شعره للخلف أكثر أكاد أقتلع فروة رأسه من مكانها: "هذا لتتوقف عن العبث معي أيها اللعين." ألم أقل بأني سأنتقم منه هذا الصباح بعد أن استفزني على طاولة الفطور؟

ها أنا ذا أفعل هذا وفي وسط الطريق وأمام حشد من الناس الذي ينظرون إلينا وكأننا حيوانات هربت من الحديقة. نزعتُ يدي ونفضتها وأنا أرمقه بانتصار وهو يمسد شعره بألم مهسهسًا: "سأقتلك وانغ."

"جرب أن تفعل ذلك." أجبته أرمش ببراءة قبل أن أركض لاحقة بإيما وجايدن اللذان تبرآ منا منذ خروجنا من بوابة المركز وفضلا السير منفصلين عنا لكي لا يظنهما الناس مجانين مثلنا.

لففتُ ذراعي حول كتفي جايدن بصعوبة: "إذا ما خططك لهذا المساء؟" حدق فيا بطرف عينيه ببرود قبل أن يتنهد: "أرغب بتحطيم بعض الرؤوس وكسر بعض العظام، هل تتطوعين؟" سحبتُ ذراعي ببطء وابتسامة بلهاء: "لا شكرا، لا زلتُ أحب نفسي ولا أخطط للموت الأن. لكن لا أمانع أن أشاهدَك تطبقُ هذا على آيزك، سيكون هذا ملحميًا."

"ماذا؟!"

تجاهلتُ انضمام الأرعن لنا وهو يرمقني بحقدٍ ولا يزال يفرك شعره بألم، حينها قاطعت إيمـا نظراتنا بسؤالها: "كيف حللتم مسألة ذلكَ المدعو براون؟" التفت لها جايدن نصف التفاتة برأسه وبدا مترددًا في الحديث: "لا أعلم الكثير عن الأمر، لكني أعرف أنهم يعملون على حله سلميًا دون إراقة دماء أكثر."

براون؟ تذكرته، ذلك اللعين الذي كاد أن يحرقني.

حسنًا، لم أظن أن الأمر سيتم حله بهذه السلمية. أعني أن ذلك الشخص لم يبدو من هذا النوع الذي سيتحاور فقط دون اللعب ببندقيته، لقد صدقنا المرة الفائتة أنه سيعود أدراجه دون أي لعبة لكنه فاجأنا بالنيران التي أشعلها في خطٍ مستقيم يتجه مباشرة نحوي.

"لستُ متأكدًا من هذا." صوتُ آيزك كان ساخرًا وهذا يؤكد وجهة نظري، لابد أنهم يعرفونه حتى يتوقعوا هذا الأمر.

على كل، رميتُ التفكير في هذا البراون إلى مؤخرة عقلي وبدأتُ أفكر في أين سنمضي بقية اليوم، سألت بملل: "إلى أين تخططون للذهاب اليوم؟"

"إلى المنزل بالطبع." أجابت إيما ببلادة ودحرجتُ عيني بسخط، لا لن تذهبي ما دمتِ معي الأن. التفتُ إلى آيزك الذي كانت عيناه على هاتفه وعندما شعر بنظرتي رمقني بحقد: "ماذا؟ لا تنظرِي إلي هكذا، لن أرافقكِ إلى البيت فلدي مكان أود التوجه إليه."

فجأة التفتت إيما نحوه ورمقته بنظرة غريبة وبادلها هو نفس النظرة يجعلانني أقطب جبيني بحيرة، هل هما يتبادلان الكلمات عبر النظرات الصامتة الأن؟ منذ متى؟

قاطع تواصله البصري معها زفر باستسلام متمتمًا: "سأذهب إلى مقر التدريب، اشتقتُ إلى التفاخر بقدراتي أمام الأغبياء الذين يدعون أنهم مقرصنين."

"خذنا معك."

رأسه انقلبت نحوي وليس وحده فقط بل الرأسان الأخران أيضًا ينظرون إلي وكأني شيء غريب. ماذا؟ مالذي قلته حتى تكون ردة الفعل هذه؟

"هل جننتِ؟ بعد كل ما فعلتيه تريدين أن آخذكِ معي؟ لا بد أن عقلكِ تخرب كليًا!!" حشوتُ كلامه في مؤخرة عقلي وهززتُ كتفاي بلا مبالاة: "لقد وضعتُ الفكرة في رأسي وصدقني لن تنتزعها مني أنت أو غيرك. نذهب معك، أو أنشر ذلك الفيديو الذي كنتَ تراقص فيه تلك السمينة على حسابي ولكَ حرية تخيل الضجة التي ستحدث بعدها."

توقف عن السير وعيناه جحظتا عليّ بعدم تصديق: "من أين حصلتِ عليه؟" نظرتُ إلى أظافري وأنا أنفخ فيها قبل أن أرفع حاجبي: "لا يهم من أين فعلت، المهم أني سأنشره فقط إن قلت لا."

لا تكفي الكلمات لوصف التعابير الحانقة التي يرشقني بها الأن وهو يتمتم صاكًا أسنانه: "أيتها اللعنة التي ابتليتُ بها في حياتي." صدقني أنا من ابتيلتُ بك.

وشكرا لكريستيان على هذا المعروف الذي أسداه لي.. سيصبح صديقي المفضل قريبًا.

عندما لم يتحدث ثانية، علمتُ أنه موافق فابتسمتُ بانتصار وأنا أتشبث بذراع إيما التي رمقتني بحنق: "لماذا تتحدثين على لساني؟ من قال أني أريد الذهاب إلى هناك؟"

ضربتُ كتفها: "اصمتي، ليس وكأنكِ لم توافقي على الإنضمام في ذلك اليوم دون أن تأخذي برأيي. ثم لا تنكري أنكِ فضولية مثلي لرؤية مقرهم."

"لقدر رأيته من قبل؟" ردت ببرود واتسعت عيني عليها. "ماذا؟"

تنهدت مدحرجة عينيها. "في ذلكَ اليوم الذي اختطفني فيه آركيت، هل نسيتِ؟" فغرتُ فاهي بإستيعاب وأنا أومئ متذكرة تلك الحادثة التي سردتها لي، لكن صوت جايدن قاطعنا: "ذلك المكان ليس مقر التدريب."

نظرت كلتانا نحوه لكنه قابلنا بظهره يوقف سيارة أجرة ليفتح الباب الخلفي ويتكئ عليه بذراعه، أشار لنا برأسه للسيارة: "لنذهب ونريكم المكان الصحيح."

وأنا حقا لم أتوقع أن يكون المقر هو هذا المكان، رفعتُ رأسي لأواكب ارتفاع المبنى الشاهق وأغمضتُ عيناي بسبب أشعة الشمس التي تنعكس بسبب زجاج المبنى لتسقط على مقلتي تمامًا. كلمة 'ZARA' باللّون الأسود المطّعم بنقوش ذهبية لاحت فوق المدخل تمامًا.

أين كنتُ أنا عن هذا المكان طوال الأشهر الماضية؟

"هل المقر هو الشركة؟" نبستُ بدهشة وأنا أراقب الموظفين والعمال يخرجون ويدخلون من المدخل الرسمي، سيارات فخمة متوقفة أمام البناء وأناس ببذلات رسمية ومشية ثابتة.

"ظاهريا لا، لكن عمليا أجل." أجابني جايدن مبتسمًا ومعجبا بذهولنا، وأخذ طريقه نحو الدّاخل يتبعه آيزك، حدّقتُ وإيما ببعضنا البعض فهززتُ كتفي بغير حيلة ولحقنا بهما.

كان هناك ممرٌ صغير مشكل من أعمدة معدنية يقودنا إلى آلة ما، فأخرج جايدن بطاقة ما من جيبه وجعل الماسح يكشف عنها قبل أن يمر ونتبعه نحن الثلاثة.

حدقتُ في التصميم الدّاخلي حيث كان البلاط أزرق لامعًا ورطبا يجعلني أبطئ في خطواتي، كانت جدرانها الخارجية زجاجية أما الداخلية فهي سكرية بخطوط مزركشة من الأزرق الفاتح، وحتى الرّخام عند مكاتب الاستقبال كان بنفس اللّون.

الكثير من الأشخاص، كلام متسارع وغير مفهوم وردهة لا تفرغ من سير الجميع فوق بلاطها. تبعنا جايدن إلى المصعد وانتظرنا وصوله وخروج الأشخاص منه ليدخل أربعتنا فقط الحجرة.

حرك جايدن اصبعه في لوحة الأزرار التي كانت تشير إلى كوننا في الطّابق الأرضي وضغط على الأرقام بشكل عشوائي لتظهر فجأة شاشة صغيرة في أسفل اللوحة تومض باللون الأخضر وظهرت رسمة لبصمة يد بنفس اللون فوضع جايدن ابهامه عليها.

"إلى المقر!!" صدح صوت المرأة الآلي تزامنًا مع تحرك المصعد، نحو الأسفل!!

مالذي يحدث؟

توقف المصعد أخيرا بعد ثواني وتمسكتُ بجسد إيـما بسبب الدوار الذي أصابني وهذا لكون سرعته لم تكن طبيعية بتاتا. "إلى أين نحن ذاهبون؟" سألتُ جايدن بوجه ممتقع وأنا أضع يدي على رأسي بسبب الصّداع.

"ألا تريدين رؤية المقر؟ نحن متوجهون إليه." فُتح الباب وخرجنا لتقابلنا ردهة صغيرة مظلمة نسبيا وبعدها درج قصير.

"أحس وكأننا في إحدى القصور المهجورة نبحث عن كنز الملك المفقود." همستُ لإيـما لكن كان صوتي مسموعا مع صوت طرق أحذيتنا للأرضية بسبب هدوء المكان.

"أنتِ من أصريت على القدوم، إياكِ والتذمر فوق رأسي الأن." ضربت رأسي بخفة تجعل من عيناي تتسعان بعبوس، لكنها تجاهلتني وتابعت السير. توقفتُ أفرك مكان ضربتها التي تلسع بألم وأنا أحدق بجانبي حتى لمحتُ بابا عند الزاوية.

كان لونه أحمر قرميزي ولم يكتب على واجهته شيء وهذا أيقظ فضولي الجالب للمشاكل فاتجهت إليه وحركتُ المقبض ويا للمفاجئة، كان مفتوحا بالفعل.

لم يصدر الباب صريرا عاليا وهذا جيد، دلفتُ المكان الذي كان مظلمًا أكثر من الرّدهة وكنتُ بالكاد ألمح ظلالا قاتمة تدل على أشياء كبيرة موضوعة على الأرض، رحت أتلمس بكلتا يدي الحائط الذي بجانبي أبحث عن مفتاح الإنارة.

ونعم وقعت يداي على المفتاح، لكن لما هو كبير هكذا؟ إنه تقريبا بحجم يدي واسترعى لتشغيله الضغط بكلتا يداي حتى فعلتها.

لكن الضوء لم يشتعل كما توقعت بل صدح صوت جعل جسدي يقفز من مكانه من الفزع. كان مثل صوت الإنذارات.

سمعتُ صوت خطوات عديدة قادمة نحو الباب، ثم صدح صوت آيزك: "مالذي تفعلينه؟" مع جملته أحسستُ بقطرات ماء كثيفة تسقط فوق جسدي وكأني أقف في ليلة ماطرة بغزارة.

تساءلتُ بهلع وأنا اقترب نحوهم ببطء: "مالذي يحدث؟"

"لقد ضغطت على إنذار الحريق يا حمقاء." كان صوت آيزك عاليا وغاضبا وأنا كنت أحاول استيعاب كلماته. لهذا كان الزر كبيرا هكذا، يا للغباء!!

شعرتُ بشخص تجاوزني ثم سمعتُ صوت الضغط على الزر مجددا بقوة وعقِبها بدأ الماء في التوقف تدريجيا حتى توقف تماما. ثم أحسستُ بيد تقبض على ذراعي وتسحبني معها وصوت جايدن القلق ظهر: "لنخرج من هنا قبل أن يدركوا بأننا السبب."

تساءلتُ بحيرة وتوتر: "هل من المفترض أن يكون ما فعلته سيئا؟" وقبل أن يجيبني أحدهما نطقت إيما باستيعاب: "لا تقل أن الإنذار يخص الشركة كلها؟"

"بالضبط!!" قال جايدن وشعرت بقبضته تضغط أكثر على ذراعي حتى بدأت أشعر بالألم.

"قفوا مكانكم، لا أحد يتحرك." رجال ببذلات رسمية يحملون مسدسات خرجوا من المصعد الذي كنا سنصعد فيه وتلقائيا رفعت إيما ذراعاها في حركة استسلام.

"هيه!! ألا تعلم من أكون يا هذا؟ كيف تجرؤ على التح_" توقف آيزك عن التذمر حين أشار الأخر بسلاحه نحو رأسه مباشرة. زفر بتهكم قبل أن يرمقني بحقدٍ وهو يتمتم بشيء ما.

يشتمني على الأرجح.

صعدنا معهم إلى الطابق الأرضي وتفاجأتُ بأن الجميع كان مبللاً مثلنا وأخذوا يرمقوننا بنظرات حانقة وهم يتهماسون فيما بينهم خصوصًا الموظفات.

ابعدتُ خصلة ملتصقة بوجهي ونظرتُ إلى إيما التي كانت ترفع رأسها وتنظر إلى الأعلى، ورقبتها تحركت في حركة دلت على أنها ابتلعت ريقها وهذا جعلني أرفع رأسي لأرى مالذي تنظر إليه.

كان مصعدًا صُمِمَ وسط الردهة من الزجاج البني الشفاف والذي جعل من هيئتيهما تبرزان في حجرة المصعد التي تهبط. ينظران إلينا كما نفعل نحن.

"اللعنة!! نحن في ورطة." سمعتُ همس إيما بعصبية وقلبي ارتجف وأنا أرى المصعد يُفتح ويخرج منه أليكساندر ولوكاس يتجهان نحونا بملامح.. لا تبشر بالخير بتاتًا.

حدقتُ في كل من آيزك وجايدن بجانبي لأستنجد بهما لكن عيناي اتسعت وأنا أرى كلاهما يرفعان ذراعيها ويشيران إلي بسبباتيهما. ماللعنة؟

وصلا إلينا أو إلي بالأصح وانتبهتُ أيضا إلى خصلاتهما المبللة وملابسهما الرسمية أيضا والتي التصقت بأجسداهما تجعل من تفاصيل جسديهما تبرز و_ واللعنة لا تنظري يا ييرون!!

لوكاس حدق بنا بتمعن قبل أن يبتسم بعدم تصديق ويدلك جبينه بقلة حيلة، بينما أليكساندر.. حسنا كيف علي وصف تعابيره الأن؟ الكلمات لن تكفي للإدلاء بغضبه الذي يحاول عدم تفجيره.

وأخفضتُ ناظري إلى يده التي تحكم الضّغط على مسدسه أرجوا فقط ألا يخطئ ويرمي برصاصة في الأجواء أو فيّ بالأصح.

"يالها من مفاجأة!!" قالها بهدوء وهو يرفع سلاحه ليفرك بطرفه فروة رأسه. وردة فعل أسلم من المتوقع.

لكن يقال: اقلق من الهدوء في مواقف كهذه لأنّه غضبٌ بمضاعفات شديدَة.

تقدم نحوي فجأة: "هل كان علي أن أتوقع هذا؟ أينما تحلان تحدث المصائب." تفاجأتُ به يقبض ياقتي ويجذبني نحوه ليصفعني بعيناه المتقدتان، طرف بهما للجانب حيث إيما وهمس: "لكنكما لن تنجوا من مصيبة اليوم، فقد جعلتماني أخسر صفقة بملايين الدولارات."

بقدر هول كلماته التي سقطت علي، لك أكن أفكر بالحزن على الأمر بقدر تفكيري حول الهروب من هنا. هل أطلب من إيما ركله في تلك المنطقة ثم نفر بجلدينا من هنا؟

______
يتبع..

سلام عليكم وجمعة مباركة على الجميع ♥️ اخباركم ايه؟ يارب تكونوا بخير بس.

شكلي والبارتات صارت بطول دوبل البارتات قبل يعني البارت صار فحدود ال4000 كلمة 🙂🙂

- اوكيه بنعمل استفتاء وكذا: تختارو بارت طويل كل جمعة، او بارتين بس قصيرين يوم الجمعة والثلاثاء؟

شخصيا احس الطويل احسن، صح تستنوا أطول وكذا، بس فالأخير تنالوا على قد صبركم وتتفاعلوا مع الأحداث وكذا ولأني أحب اكتب التفاصيل اللي تعيشكم اجواء والي تاخذ مني وقت وكلمات كثيرة، مو مثل لو كان قصير رح ينقطع الحماس فلقطات ملحمية وكذا. هذا رأيي.

- عموما رأيكم فالبارت وأفضل مقطع؟

- وويونغ بطاولة الفطور😂😂 لو كنتو مكان ييرون شكنتوا رح تعملو؟ أنا شخصيا ارمي عليه الصحن بدال المعلقة.

- نظرات وو لجيوڤانا، مالسر وراءها؟

- هونغ وسان، وسبب مجيئهم؟ ما خطب هونغ؟

- يونهو اجا ومارضي يجتمع معاهم😭 عشان كان فبالو انو لما تشوفو أخته رح تغضب وكذا وممكن ماتعمل مليح فالامتحان، فرضى بالمشاهدة من بعيد.

- الي شوي ودهس ييرون كان فعلا جين، وبعضكم توقع الأمر. وحابة أطلعكم على أمر: الرواية أساسا كتبت على أساس علاقة جين بيوسانغ وسونغ.. يعني احنا اقتربنا من هدف الرواية الأولي والحقيقي.

طبعا الجزء الثاني رح يحتوي قصة مختلفة تماما رح نبدا نمهدلها بعد كم بارت. والحقيقة اني بدأت امبارح فعلا بكتابة أول بارت من شدة الحماس 😭😭 اخاف أخلط الأحداث هون لأني بدي انهيها بسرعة.

- جيهوب!! رح يختفي تماما او يرجع؟

- ييرون عملت مصيبة ووقعت الثلاثة معها 😂😂

- وويونغ وجونغهو  الخاينين 😂😂 (صراحة ذي الحركة اقتبستها من نفسي، فلما نكون فالفصل وتعمل صديقتي مصيبة او ضجة والكل يتلفت لينا بيلاقوني رافعة صبعي أوتوماتكيا عليها ومن يومها صارت تناديني الخاينة.)

- شتتوقعوا سونغ يعمل فيهم؟

- باقي بارت بس ونبدا التدريب وتولع الأجواء. مستعدين🔥🔥

- نمط مينغي: ESFP ونمط جونغهو: ISTP
توقعتوا؟ البارت الجاي نمط وويونغ ويونهو.

في الفصل القادم:

"توقفي عن البحلقة فيّ فأنا لن أختنق بالطّعام كما تأملين."

"أنا صامتة دائما هكذا، لكن اليوم كان عليكِ سرقة الأضواء بهذا العرض الدرامي المبتذل."

"هل أنت غبية؟ ألا تستطعين قراءة وثيقة رسمية واستخلاص المفيد منها؟"

"كنتُ أظن أن وويونغ هو الطفل الوحيد في هذا البيت!!"

"معك حق، لم أكن لأفعل نفس الشيء بل كنتُ لأقتلها قبل أن ترمش حتى."

"اذهب إلى غرفتك واستلقي فوق سريرك المريح لتزورك هذه الأحلام الوردية أيها الوغد. على جثتي سأفعلها."

"أخبريها أنها ستعض أصابع يديها ندما على ما تجرأت بفعله الأن."

- نسبة حماسكم للبارت الجاي 😭

Continue Reading

You'll Also Like

30.9K 2.2K 7
بارد فاتن و آسر، الحسناء التي خلقت من ألسنة الشمس الملتهبة تخيفها لمحة من الدفء، مملكته المتجمدة دفنت قلبها، ينظر لها تذيب جليده بأعين واهية، متردد ق...
17.5M 898K 181
حينما يحاسبنا على الذنب أهل الذنب أنفسهم! قد كان يطمح في حياة هادئة، شاب اقتحم الحياة وفتح ذراعيه لها فلم يجد نفسه إلا شريد لا يعرف أين الطريق و أصب...
Les Miserables By LayanLayan7

Mystery / Thriller

14.6K 549 90
عائلة كيم هي الاشهرة و الاقوى في كوريا حيث أن جيسو كيم فتاة أعمال مشهورة و جيني كيم مدربة ملاكمة في نادي رياضي و تلتقيان ماذا سيحدث عندها و مالذي يخب...
135K 9.5K 92
وَ لَقَدْ أَصْبَحْنَا نَتَنَهَّدُ أَكْثَرَ مِمَّا نَتَنَفَّس .. ( #1 في "البوح". ) (#1 feelings.) (#1 thoughts )(#1 في "خواطر". ) - ممنوع الاقتباس أو...