عالمكم مختلف2

Start from the beginning
                                    

وصلت لمنزلها بصعوبة، وألقت بنفسها على سريرها لتنام ، وتبعها فيليب أيضا الذي غطّ بنوم عميق فور وصوله ..

استيقظت ماري وهي ما زالت تقلّب في ذاكرتها كل ما حدث لتجد حلّا ما ليس لروز  ، بل إن ما يحدث لها كله خططت له بإحكام مسبقا وستقنعها بأن هذا جيّد فور انقضاء باقي الأسبوع وهي فرصة روز من والدها لإصلاح الأمر، بل كانت تفكر لتجد فكرة ما للانتقام من جاك الذي تجاهلها وخطب جولي، ولكنها فجأة تذكرت شيئا غريبا، جوليان ذلك الرجل الذي اقتحم قصر روز في ليلة اختفاء مارلين كان يتحدث مع روبرت صبي جوسيا الذي في المطعم الليلة الماضية، وكان يبدو عليه وهو يتلفّت حوله أنه لا يريد لأحد أن يراه، فعزمت على معرفة ما كان يدور بينهما، جهّزت نفسها بينما لفتها درج الأوراق مفتوحا قليلا، فدفعته بيدها ووضعت عليه قفلا صغيرا دون أن تتبيّن إن كانت تلك الأوراق موجودة أم لا، فهي لم تتوقع أن يدخل أحد منزلها أبدا ..

خرجت ماري تقصد مطعم العم جوسيا، وكانت نساء المدينة يبدأن صباحهن ببعض التنظيف، وأخريات بإعداد الإفطار، أو بالتحدث مع بعضهن، وكان مما سمعته ماري وجعل ريقها يجفّ، هو انتشار قصّة شبح مارلين بينهن، وكلما تعمّقت في المدينة أكثر، سمعت عن تلك الإشاعات أكثر حتى شعرت بالخوف في نفسها، هل فعلا ما رأته عند الشاطئ ذلك اليوم هو شبح مارلين، هل شبحها ينوي الانتقام منها، دون أن تدرك أن السبب في انتقال هذه الإشاعة هو خادمة روز تلك التي استمعت لحديثهما قبل أن تطرق الباب  ..

وبالرغم من ذلك أزاحت تلك الأفكار عن رأسها عندما رأت روبرت ينظّف المدخل كالعادة، لتناديه :

" هيه أيّها الفتى ؟ "

" تفضلي يا آنسة .."

" ما الذي كان يريده منك مساعد العمدة ليلة أمس، هل ينشر العمدة خبرا ما للسكّان، فلم يصلني شيء ؟"

" لا كان فقط يبحث عن العم فيليب "

" أها !، هذا جيّد "

تعرف ماري كيف تحصل على الأخبار من الناس دون أن تثير الشكوك بسؤالها، تركت روبرت وراءها واتجهت تبحث عن جوليان الذي كان ينام على كرسي الحراسة أمام مدخل بيت العمدة ويغطي وجهه بقبعة قش، فقامت بضرب قبعة القش بيدها حتى سقطت عن رأسه إلى الأرض ، ثم قالت :

" طلع الصباح "

انحنى ليلتقطها قائلا :

" وما شأنكِ أنتِ ؟ "

" ستؤدي لي خدمة، وإلا سأفضح أمر ولائك لفيليب "

" ماذا؟!، من أخبرك بهذا ؟! "

" إذا هذا حقيقي!ّ، لم يخبرني أحد، أستطيع تخمين ذلك، أو كما أخبرتك والدتك عندما كنت صغيرا، ستظهر الحقيقة على جبينك يا صغيري ! فلا تحاول الكذب"

" تحدثي دون وقاحة، ماذا تريدين؟ "

" تعجبني رغبتك بمساعدتي.. ذلك المدعو جاك "

" لا أعرفه "

" لا يهم، سأدلك عليه، وسأخبرك ما عليك فعله به "

ثم أخفضت صوتها وأخبرته بما عليه أن يفعله بالضبط ..

عاد جبر هو الآخر لكوخه، بعد أن أنهت آريس إخفاء آثار دماء مارلين، وبقيت تتكئ على كرسي بجانبها تنتظر عودته، وعندما دخل ورآها ابتسمت في وجهه، وهمست في رأسه :

" لقد تركتني فترة طويلة، ألا يجدر بنا البقاء بجوار بعضنا إلى الأبد "

" عالمكم مختلف يا عزيزتي، هنا لا نلتصق ببعضنا للأبد، هنا يخرج الرجال للعمل ويبتعدون عن بيوتهم فترات طويلة"

" لماذا ؟!"

" لتأمين عوائلهم بالغذاء، والملابس، والمسكن .."

" هذا هيّن، البحر مليء بالأسماك، والأحجار الثمينة"

" أتذكرين عندما وصفتيني بالضعيف في عالمكم، ماذا قلت لكِ حينها ؟"

" أنني لو كنت بعالمك لكنت أنا الضعيفة "

" ولكنني حريص أن لا تكوني كذلك أبدا "

"بل أنت تشعر بالغرور الآن، تتحرّك بحريّة على قدميك بينما أزحف أنا على هذه الأرضيّة الخشبيّة المؤلمة "

وضع جبر سمكة كبيرة في قدر ووضعه على النار، وأخذ يطهو، ثم سأل آريس :

" هل تذوقتِ يوما سمكًا مطهيا بطريقتنا.."

فانتبه ت لشروده لتسأله:

" ما الذي يشغل بالك يا جبر، تبدو شاردا ؟"

" نعم، أنتِ على صواب، ذلك الكتاب الذي يمتلكه العم بارتو حيّرني "

" وماذا قرأت في ذلك الكتاب؟!، أخبرني "

فتجاهل سؤالها، ثم أنهى طهو الطعام وهي تراقبه، وضع الطعام على الأرض ليكون قريبا منها، ووضع لقمة بفمها قائلا :

"تذوّقي"

" لذيذ، ولكن مبالغ به قليلا، أفضلها دون طهو أو محترقة فقط"

ولكنه بقي شاردا أيضا، حتى ساد صمت بينهما وهما يأكلان، ولكنه قطع ذلك الصمت يسألها سؤالا غريبا وكأنه يدرك حتميّته :

" آريس، هل ستتركينني وحيدا في يوم من الأيام.. إلى الأبد "

تعجّبت كثيرا من سؤاله، لتجيبه :

" لا أعرف ما الذي قرأته في ذلك الكتاب، ولكن لا شيء سيبعدني عنك أبدًا "

" أشعر بالنعاس، هل بإمكاني أن أغفو قليلا؟! "

" بالطبع"

"هل بإمكانك البقاء بجانبي هذه المرة دون أن تذهبي للبحر "

لم تشأ أن ترفض مع أنها تشعر بألم بالغ في بشرتها فهي لم تنزل للبحر بسبب قضائها الليلة تعالج مارلين، كان يبدو حزينا جدا، اقتربت آريس لتقرأ أفكاره، ولكنها خشيت أن ترى شيئا لا يعجبها فأحجمت عن ذلك، وتركته ينام بعمق على غير العادة ..

يتبــــــــــــــــــع

آراؤكم الجميلة 🌊 وتصويتكم🌟

آريس الحورية الهاربةWhere stories live. Discover now