رحلة العودة

423 48 9
                                    

قد نفتح أعيننا أحيانا على أيام ٍ مختلفة عمّا اعتدناها تتغيّر وتتساقط ملامحها المعتادة كما يتساقط ورق الخريف، لنعيشها بالطريقة الجديدة التي فرضت علينا ..

تتعافى مارلين في بيت مارجريت برعاية الجدة المستمرّة لها ، لتطمأنها بعدما استعادت وعيها أنها الآن بأمان ، واستطاع والدها زيارتها ليلا حتى لا يثير تساؤلات الآخرين حول تردده على بيت بارتولوميو ، لتحاول مارلين أن تتحرك لتنزل عن السرير تهمّ بالمغادرة مع والدها ، ولكنه بأسى قال لها :

" أين تذهبين ؟ .. بل إلى أين ستذهبين بعد اليوم ؟! "
فأجابت بابتسامة متعجّبة :

" للمنزل أبي .. لن أتركك وحيدا ! "

" لن تغادري هذا المكان ، المدينة تظن أنكِ ميتة الآن "

" وماذا في ذلك؟! ، سيعلمون أنني على قيد الحياة على كل حال ! "

" لا ! ، أنا أردتهم أن يعتقدوا بموتك !، أقمنا لكِ جنازة فور عثورنا عليكِ حتى نحميكِ !"

" ماذا ؟ ،وهل سأعيش مجددا بين الجدران ؟ ، وإلى متى إلى الأبد مثلا ؟! "

" لا ، حتى نجد دليلا بتورط ماري باختطافك وبكل ما سببته للبحارة من خسائر "

صمتت مارلين وجلست على السرير دون أن تنطق بكلمة ورأسها مطأطأ بيأس إلى الأرض ، وقف والدها ، واعتمر قبعته والألم بادٍ عليه ، ثم مر بجانبها ووضع يده على رأسها يخفف عنها :

" لا بأس سيعتنون بكِ هنا أكثر مني ، ستكونين بخير "

ثم استأذن وخرج من الغرفة ، وعندما فتح الباب كانت مارجريت تحمل مشروبا ساخنا لكليهما ولكنه اعتذر منها وخرج ..

لاحظت مارجريت تلك الدموع المكتومة في عيني  مارلين ووجهها الذي احتقن بالحزن ، فاتجهت إليها بهدوء تحتضن رأسها دون أن تتكلم بأدنى حرف  ..

وفي اليوم التالي خرجت مارجريت لمشغلها وسط كل أعلام الحداد السوداء التي تعبث بها رياح الخريف الباردة ، ترتدي ثيابا سوداء حدادا على موت مارلين المزعوم ..

كان المشغل هادئا وحزينا وآثار البكاء على عيون بعضهن، والجميع يعمل بهدوء حتى جولي تتصنع الحزن حتى لا تثير الشك بمعرفتها بأن مارلين على قيد الحياة ..

بدأت مارجريت بإعطاء أوامرها حتى تُخرج الفتيات ماكينات غزل الصوف من المخزن تجهيزاً لاستقبال شحنة الصوف ، فقد تعبت للحصول عليه بسبب سوء أحوال الميناء ..

بينما كان البحر هائجا اضطر الأصدقاء الثلاثة  للذهاب للمنارة، كان الهدوء يخيّم على المكان ، بارتو يُنهي ترجمة ما تبقى ، جوسيا يتصفح الرسائل ، وفيليب يجلس متأمّلا لهيجان الأمواج تارة وهدوئها تارة أخرى، ولبدئ تشكّل الغيوم التي تغطي وجه الشمس ، ليكسر بارتو ذلك الصمت المتناسق مع صفير الرياح وصوت ارتطام الموج بالمنارة،قائلا لفيليب :

آريس الحورية الهاربةNơi câu chuyện tồn tại. Hãy khám phá bây giờ