آريس الحورية الهاربة

أرض الوطن2

وعندما تزيل حاجز المستحيل ستتدفّق اللحظات الجميلة وأسبابها تباعًا وكأنها كانت تنتظر منك اللحظة المناسبة لانطلاقها ..

لم يتبقّ على الوصول لكديميس غير يوم واحد ونصف اليوم من الإبحار إليها، لم يشعر أحد بمرور الوقت، فلقد أمضى الجميع ثلاثة أيّام في العرس الذي أقامه الأوتغارت لزعيمهم جبر وحوريّته، كان احتفالهم بهم مهيبًا مليئا بعروض النار والغناء وأخيرًا التكريم، حاول جلير ثني جبر عن العودة لمدينته بتنصيبه ملكًا على الأوتغارت ولكن جبر رفض ذلك قائلا أمام الجميع :

" أعرف أنكم أهلي وأقاربي، ولكن لي وطن وبيت صغير ورائحة والديّ في ذلك المكان الذي نشأت فيه وذكرياتي الجميلة التي لا يمكنني التخلي عنها، وبدلا مني سأنصّب جلير من رئيس المستشارين ليكون ملك الأوتغارت "

ولكن جلير استنكر ذلك قائلا له :

" تقول النبوءة أنك ستكون ملك الأوتغارت وزعيمهم ، أنت من ستنتزع الملك من اليوتنهايم ! "

" لا حق لي بذلك ، أنا مجرّد صياد تبع قلبه ، ثم إنّ طريقك هو ما تسعى له ، لا ما تمليه عليك بعض الكتب "

كان الجميع قد شعر بالإحباط من رفضه، فقد كانوا يتمنون أن يستأثروا بقائدهم الشجاع لحربهم ضد اليوتنهايم، ليغيّر جبر الموضوع ويسألهم :

" إذا ، مسيرة نصف يوم وسنفترق ، كم يتبقى لكم من الوقت للوصول ؟ "

" لا نعرف ، سنتّجه نحو حركة الجزيرة "

" لم أفهم ، ألا تعلم أين هي جزيرتكم !؟ "

" جزيرتنا على ضخامتها تبحر ببطئ في البحر، كانت تبحر نحو الجنوب بمقدار بسيط جدا ، ولك أن تتوقع كم ابتعدت منذ الخمسين عاما الماضية "

" لذلك استعديتم جيدا لتلك الرحلة وبنيتم مثل هذه السفينة الضخمة "

" بالطبع ، وإن ابتعدت قليلا فلا بأس ، لن نأخذ وقتا طويلا لإيجادها "

" بالتأكيد ، من غير سكان أرض الجحيم يستطيع تخطي كل العوائق "

قطع بينيت نهاية حوارهما وهو ينادي جبرا ليلحق به بعد أن قفز لسفينته يتجهّز للوداع:

" هيه جبر، آريس هيّا بنا"

ليانديه جلير :

" لقد تسرّعت يا رجل، لم ألقي عليك التحيّة! "

" لا عليك ، لا أحب الوداع "

ضحك جلير من ذلك العجوز ونظر إلى جبر ببعض غصّة واحتضنا بعضهم ..

ربّت جبر على ظهره مواسيا ، ثم أقبل عليه الجميع يودّعونه، وبعدها رفع صولجان الملك توما بيده ملوّحا به لوداعهم ، كرمز لانتصارهم جميعا ، فرفعوا قبعاتهم ملوّحين بها هم أيضا، ولوّحت بعض النساء بمناديلهن، كعادة نساء أوتغارت بالوداع..