هدنة السنين السبع ٤

330 46 1
                                    

تلك الرياح الغاضبة التي عصفت بالمدينة تشبه الغضب في قلب آريس، تنذر دائما بالفراق، كتلك التي عصفت بها في وقت سابق عندما فارقها جبر..

ولكنها وبشكل آخر حملت معها ذلك السواد الذي حلّ عليها بعيدا  ، وذلك المطر الشديد غسل الأجواء جيّدا، لترى المدينة الشمس من جديد، بعد ليلة مرعبة ارتجت من شدة عواصفها البيوت، واقتلعت خيام المشرّدين، وخرّبت واجهات المحال وبعض النباتات وتكسّرت بعض القوارب..

استيقظت مارلين بسبب ضوء الشمس على يوم هادئ لطيف، لتهب إلى النافذة وتحدّق بكل تفصيلة أمامها، البحر البيوت الشجر الناس، وتلك الجزيرة الضخمة الغريبة التي تمتد جبالها إلى السماء، تقترب من بحرهم وتبدو أكثر وضوحا هذه المرة، تحفّها من الأسفل سفنا وزوارق، تبدو غير واضحة تماما إلا أنها كثيرة..

أخذها المنظر الخلاب، ولكنها اختبأت بسرعة حتى لا يراها أحد، و تذكّرت آريس، فكلّمتها :

"صباح الخير آريس، هل أنتِ مستيقظة؟!"

ردّت عليها آريس والتعب باد على صوتها :

" نعم، لم آركِ منذ مدة"

" هل أنتِ بخير؟"

"ماري تعتني بي.. وبجبر!"

" ماذا، هل ما زالت عندك؟، هل أصابك مكروه؟!"

" نعم، لقد قارب جسدي على الجفاف حتى أنه فقد قدرته على الشفاء بسرعة، ماري على حق "

" هل تستمعين لتلك الكاذبة؟! "

" يحتاج الرجل البشري لامرأة بشرية، أنتِ لم تري كيف رتبت له ثيابه قبل أن يخرج، وكيف حضرت طعاما يراه هو شهيا جدا، فيما لم أستطع أنا أن آكل منه، ثم إنهما يعرفان بعضهما قبلا.. "

" ماذا؟!.. ومن قال لكِ ذلك، لم نعرف ماري تلك قبل حفل زفافي المشؤوم، بعد أن غادر جبر المدينة ببضعة أيام، إنها كاذبة "

" يشعر جبر بالاهتمام وهذا يكفي! "

" ألا تحبين رجلك لتدافعي عنه! "

" بلى، ولهذا أريده أن يعيش حياة سعيدة، هو ضعيف في عالمي وأنا ضعيفة في عالمه، ولا يمكن لأحدنا أن يعيش عالة على الآخر!، ولكن.. "

" ماذا هناك آريس، لا أعرف ماذا سأفعل بالطفل!؟ "

" الطفل!، أي طفل؟! "

لم تُجب آريس عليها وكأنها بدأت تفكّر وحيدة بأمرها، ولكن مارلين قالت لها :

" سأحاول أن أزوركِ ليلا.. "

استيقظ جبر منبهرا بجمال البحر الذي كاد الجميع ينساه، وبدأ بعض الأطفال والبحّارة ينزلون للشاطئ، ينظرون لتلك الجزيرة الغريبة، ثم التفّ عائدا لآريس، فحملها بفرح قائلا لها :

" هيا بنا!"

فقالت باستغراب :

" إلى أين، وكل هؤلاء الناس هناك ؟!"

آريس الحورية الهاربةWhere stories live. Discover now