أرض الجحيم(نبوئات الخلاص 2)

617 58 10
                                    

في هذا الوقت من السنة وتحديدا في هذا اليوم ، يتوقف الجميع عن كافّة أعمالهم ، البحّارة وأصحاب الحرف والأعمال اليدوية وبعض التجار الصغار والمزارعين ، حيث تتفرّغ المدينة لهذا اليوم بالكامل منذ الصباح وحتى صباح اليوم الذي يليه ، إنه يوم احتفال الحلوى ، وفي هذا اليوم بالذات يصل بائعو بذور الكاكاو والقهوة وثمار جوز الهند ، حيث يقيمون احتفالا في ساحة المدينة المرتفعة ، بعد أن يزينها أهالي المدينة ، وينزلون بضاعتهم بالكامل ليبدأوا الاحتفال ، حيث تجلس النساء منهم ويبدأن بجدل شعر جوز الهند وتحويله لحبال ويتناول الرجال باقي الثمرة يستخرجون عصيره ويبيعونه للأهالي ويبشرون الباقي ليخلطونه مع بذور الكاكاو والبندق بعد طحنها ليصنعوا كميّات هائلة من الشوكلاته تنعش الاحتفال ، وينتهي كل هذا بمشروب ساخن من القهوة للجميع ..
وكذلك فعلت مارجريت ، أوقفت جميع أعمالها لهذا اليوم ، حتى يتسنى للفتيات الاحتفال ، ارتدت مارلين ثوبا أبيضا ، فهي تعشق جوز الهند ، ولا يمكنها تفويت هذا الاحتفال بالذات ، وتزينت بأشرطة حمراء داكنة ، مع رفعة شعر مهملة ، آهٍ كم مرّ وقت على تلك الابتسامة اللتي شعرت بها في مرآتها ، كم مرّ عليها من وقت دون أن تبدو تلك الابتسامة بكامل عفويتها على وجهها ، الذي ربما يبدو لها جميلا لأول مرة منذ زمن ..
كان الباعة المتجولين قد وصلوا إلى المدينة غير أن صغر حجم الشاطئ قد أجبرهم على إرساء السفن في مكان بعيد عن القرية ، ثم البدء بنقل بضائعهم بقوارب صغيرة ، وهذا قد استهلك وقتا كبيرا ، مما جعل أهل المدينة يشعرون بالضجر والحنق على تلك الدار اللتي ضيّقت عليهم ..
كانت مارلين وجولي ومارجريت وباقي الفتيات قد انشغلن بأحاديثهن المضحكة ، تلك التي جعلت الجدة التي تجلس بالقرب منهن تهتز من الضحك لأول مرة ، بينما الملل باد على بعض الرجال الذين انتهوا مبكرا من تجهيز ساحة الاحتفال ، الاطفال كانوا يبتكرون ألعابا تحاكي مهن أولئك الباعة ، ويستمتعون بتقليدهم ، كان جوسيا يتهادى نزولا على ذلك الدرج الطويل بعد اغلاق مطعمه ، حيث التقى ب فيليب ورجاله واتفقوا على انزال بارتولوميو من مكانه ولو بالقوة ، ليأخذ هو الآخر قسطا من الراحة ، والاستمتاع بهذا المهرجان ..
بينما كانت روز وماري يراقبن فتيات المشغل بقدر كبير من الغيرة من انسجامهن مع بعضهن ، وداني ووالدته ووالده العمدة لا يتجرأون على المشاركة ، يخافون من ردود الفعل الغاضبة التي تجددت بسبب تأخر الاحتفال الذي تسبب به صغر حجم الشاطئ الذي تسببوا به ..

اقتربت روز من مكان جلوس الفتيات ، على غفلة من ماري ، وتصنّعت تمزقا بفستانها بعد مرورها خلف جولي ، ثم صرخت بها :
" هيـــه أيتها السمينة ، لقد مزّقتِ فستاني الجميل بسبب حجمك المقرف ، سوف تخيطينه لي الآن ! "

ولكن جولي هذه المرة كانت قد تعلمت الكثير من مارلين ، وأن القوة التي تظهرها ، ليست فقط قشرة بل يجب أن تنعكس بداخلها جيدا ، لتسمعها ردا للمرة الأولى :
" هه ، هل تغارين بأنني ممتلأةً ودافئة ، أنتِ يا لوح الخشب البارد ، لن يرغب أحد بالاقتراب منكِ ولن تلفتي نظر أحد ما ، حتى خطيبك الجبان ، يندس تحت ذراعي والدته يخاف من غضب البحّارة ، ولذلك لا حاجة لإصلاح شقٍ افتعلتيه يا هذه !"
وعندها نظرت  مارجريت لروز قائلة لها :
" أعتذر لكِ عزيزتي ، نحن في إجازة كما ترين ، تستطيعين خياطته بنفسك "
عندها زاد حنق روز ، وصرخت فيهن وهي تستعد للعراك كالصبية الصغار تماما :

آريس الحورية الهاربةWhere stories live. Discover now