سياج السانيت

1.1K 79 21
                                    


كانت الشمس الدافئة اللتي تشرق من خلف بيوت كديميس العالية البعيدة عن البحر ، تبدو وكأنها تشرق من عنق ساعتها الرملية الضخمة وكأنها تزاحم الرمال المتساقطة في ارتفاعها للشروق ، أو كأنها تزاحمها في وظيفتها الرئيسية وهي الوقت ، فلقد أعلنا سويّة بدء يوم جديد ، على خلاف جبر وآريس فلقد باتت الشمس تلحظهما من بعيد .

كان جبر ينظر إلى الشمس وقد ابتعدا عنها حتى أصبحت بحجم رأس الدبوس بالنسبة إليهما ، وتكاد لا تنير من الظلام الشيء الكثير ولا حتى تبعث حرارتها ما يساعدهم على التدفئ قليلا ..

يدفعه الفضول للتخلي عن كل شيء مقابل التعرف على عوالم جديدة.

نظرت إليه آريس وهو ينظر إلى الشمس البعيدة قاطعة شروده فيها :-

" هل أنت خائف من المضيّ قدماً ؟ أم أخذك الشوق بعيدا ؟"

" تقتحمين رأسي عنوة ، وتتحدثين إليّ متى شئتي ، ثم تسحبينني لعالمك البعيد ، ثم تسألينني الآن عن الخوف ؟! "

"ما اللذي يشغل بالك الآن إذا ؟! ، هل مللت من الحديث إلي ؟! "

"نظرت إلى الشمس وهي كرة نار ، ثم تذكرت النار اللتي اعتدت عليها ، وهذه النار الأخرى ، فتسائلت في نفسي بعدما كنت أعتقد أن النار واحدة ، هل النار مخلوقة متعددة الأشكال في هذه الحياة ؟! ، كالبشر والحوريات ، في رأسي الكثير من الأسئلة لا أعرف من أين أبدؤها ، فعلها تتضح لي مع الوقت "

ثم قالت له وهي تنزل من الصدفة وتفلت حبال الدلافين :-

"تريد أن تعرف إذا كيف أشعلت النار"

"نعم كيف فعلت ذلك بهذا الغبار الأحمر ؟!"

ضحكت آريس من فضوله اللذي يشبه فضول الطفل ثم قالت له :-
" إنه الطمع !! "

"ماذا !!! كيف ؟!"

"هذا الغبار الأحمر هو عبارة عن حيوانات لاحمة شديدة الدقة تنبت في زهرة النار وهي نبات لاحم ، في حويصلات تحميها الزهرة ببتلاتها ، تُزرع على ضفاف أنهار اللافا من قبل مزارعي أرض الجحيم الضخام، يقومون بزراعة زهرة واحدة بمساحة أرض كبيرة حتى لا تقتل بعضها من الجذور ، يقومون بسقائها دهن الحيوانات الميتة ، ويقطفونها بسرعة عند نضوجها قبل أن تلدهم هذه الحويصلة، ويقعون على الأرض المليئة بالدهن وعندها كل ذرة غبار ستتقاتل مع أختها على الدهن تريد أخذه كله فتشتعل النار نتيجة لقتالهم ، ويحترق المحصول كله على مسافات واسعة ، وبذلك ولصعوبة الحصول عليها فهي باهظة الثمن ، ولكن بالمقابل يمكن لذرتي غبار فقط إشعال كمية بسيطة من الدهن لمدة ثلاثة أيام حتى لو كانت مغمورة بالماء ! "

" أرض الجحيم !! وهل بإمكاننا الإبحار إليها ورؤيتها ؟"

" لو كان بإمكاننا ذلك لتمكنّا نحن الحور من زراعتها بدل التجارة مع أولئك المزارعين ، قد نحترق بمجرد أن نصل لمحيطها فقط لأن الماء يبدأ بالغليان والتبخر ، عدا عن الأدخنة والظلام ، إنها ظروف قاسية لا يقدر على العيش هناك إلا هم ومزروعاتهم الكثيرة والغريبة ، ثم ..لا وقت للتحدث أكثر يجب علينا الإنتباه من السانيت ، حتى نتمكن من العبور"

آريس الحورية الهاربةWhere stories live. Discover now