هدايا التنانين 4

626 48 11
                                    

البحر كلّه بات مضطربا ، مدينة كاملة بحرّاسها مشردة في مساحات الماء الواسعة لجأ بعضهم لبعض حيتان الجُزُر ، وبعضهم وجد جزرا بعيدة ، وبعضهم كالبلونز لم يضرّه بقاؤه في الماء لفترات طويلة ، لولا أن جذور القاع أجبرتهم وأجبرت الكثير للجوء لمدن بعيدة مهملة ، ولمملكة تشرا على وجه الخصوص ..

كانت الأفواه تبالغ في قوّة الغريبين البشريين ، كانت الأصداف تثرثر عن كلّ شيء على الشواطئ حتى لم يكن هناك أهم من ذاك الخبر الذي ضجّ به البحر .. غرقت موزيريس ! ، أغرقها البشريّ !

وعلى وقع هذه الأحرف البسيطة ، بثقلها الكبير على أذني الملك ، صرخ على كل من كان مجتمعا من حاشيته للترتيب للعرس المزعوم في اليوم الذي يسبق ليلة القمر الدموية، وعلى النقيض سيأمر حراس السجن وجميع القائمين عليه بالتحضير لليلة القمر الكبيرة  ، ولكن قد بدا للملك أن ذلك اليوم سيحمل حدثا ثالثا إضافيا ، وهو .. الحرب ، كيف لكل الأمور مجتمعة أن تحدث الآن ،  كان الأمر أكثر سهولة في السابق ، التخطيط لعرس أحد أبنائه ، ثم عند انتهاء اليوم تكون العروس على منصة تقطر دما ، كقربان للملك ، ثم يقتل الملك ابنه ، وفي صباح اليوم التالي ، يلقي الجميع اللوم على تأثير القمر بالحادثة ، تتعاقب الأجيال وينسى الجميع ، ويعيد الملك الكرّة ، يرسل حوريات من موزيريس بحجة مراقبة البشر ، ثم يصطادهن بعض البحارة ، وما إن يتمكنّ من الهرب حتى يحصل الملك على طفل بدماء بشرية ، إنه سرّ مملكة تشرا الذي يحفظه رجل واحد ، ويسيّر الجيوش ويهدم المدن ويقيمها لذلك ، ولكن هذا البشري الغريب سيجعل الأمر أكثر سوءا ..

انسحب الملك برفقة حرسه ليعبر الممرات السفلية ثم يختلي بنفسه في غرفته ، ينظر لنفسه بالمرآة ، يلاحظ بعض الوهن والكبر بدآ بالظهور عليه ، يشعر بالغضب ، ولكنه يحاول تهدأة نفسه قليلا حتى يبحث في رأسه عن الحل ، لطالما كان يدير كل شيء ، لن يأتي هذا الرجل ليحطم كل ما بناه ببساطة ، استدار سابحا ذهابا وإيابا ، حتى لمعت في رأسه فكرة تتجاوز مجرد حماية المدينة وتكثيف حرّاسها ، فأخذ يحدث نفسه بشغف لم يبدو عليه من قبل :

" إنها تانيا .. نعم نعم .. تانيا ، سأرسلها لتقتله ، لن يأخذ الأمر منها جهدا ، فهي بغاية الجمال ، ثمّ إنها ستكون فرصتها الوحيدة للنجاة والخروج من السجن "
وبصوت عال وثابت ، نادى على حرسه الخاص ، وعند حضورهم صاح فيهم قائلا :

" أحضروا لي تانيا بأقصى ما لديكم من سرعة "

رئيس الحرس مرتبكا :

" أمرك أيّها الملك ، ولكن لم يخرج أحد من السجن قبلا"

صاح به الملك :

" هذا أمر .."

استدار الحارس للخروج ولكنه تردد قليلا قبل الذهاب ، وكأنه أراد قول شيء ما ،فشعر الملك بذلك ، ومن المهم في لحظاته هذه أن يكسب تعاطف الجميع ، فتظاهر باللين محدثا له، سامحا له بالحديث:

آريس الحورية الهاربةWhere stories live. Discover now