البحر كلّه بات مضطربا ، مدينة كاملة بحرّاسها مشردة في مساحات الماء الواسعة لجأ بعضهم لبعض حيتان الجُزُر ، وبعضهم وجد جزرا بعيدة ، وبعضهم كالبلونز لم يضرّه بقاؤه في الماء لفترات طويلة ، لولا أن جذور القاع أجبرتهم وأجبرت الكثير للجوء لمدن بعيدة مهملة ، ولمملكة تشرا على وجه الخصوص ..
كانت الأفواه تبالغ في قوّة الغريبين البشريين ، كانت الأصداف تثرثر عن كلّ شيء على الشواطئ حتى لم يكن هناك أهم من ذاك الخبر الذي ضجّ به البحر .. غرقت موزيريس ! ، أغرقها البشريّ !
وعلى وقع هذه الأحرف البسيطة ، بثقلها الكبير على أذني الملك ، صرخ على كل من كان مجتمعا من حاشيته للترتيب للعرس المزعوم في اليوم الذي يسبق ليلة القمر الدموية، وعلى النقيض سيأمر حراس السجن وجميع القائمين عليه بالتحضير لليلة القمر الكبيرة ، ولكن قد بدا للملك أن ذلك اليوم سيحمل حدثا ثالثا إضافيا ، وهو .. الحرب ، كيف لكل الأمور مجتمعة أن تحدث الآن ، كان الأمر أكثر سهولة في السابق ، التخطيط لعرس أحد أبنائه ، ثم عند انتهاء اليوم تكون العروس على منصة تقطر دما ، كقربان للملك ، ثم يقتل الملك ابنه ، وفي صباح اليوم التالي ، يلقي الجميع اللوم على تأثير القمر بالحادثة ، تتعاقب الأجيال وينسى الجميع ، ويعيد الملك الكرّة ، يرسل حوريات من موزيريس بحجة مراقبة البشر ، ثم يصطادهن بعض البحارة ، وما إن يتمكنّ من الهرب حتى يحصل الملك على طفل بدماء بشرية ، إنه سرّ مملكة تشرا الذي يحفظه رجل واحد ، ويسيّر الجيوش ويهدم المدن ويقيمها لذلك ، ولكن هذا البشري الغريب سيجعل الأمر أكثر سوءا ..
انسحب الملك برفقة حرسه ليعبر الممرات السفلية ثم يختلي بنفسه في غرفته ، ينظر لنفسه بالمرآة ، يلاحظ بعض الوهن والكبر بدآ بالظهور عليه ، يشعر بالغضب ، ولكنه يحاول تهدأة نفسه قليلا حتى يبحث في رأسه عن الحل ، لطالما كان يدير كل شيء ، لن يأتي هذا الرجل ليحطم كل ما بناه ببساطة ، استدار سابحا ذهابا وإيابا ، حتى لمعت في رأسه فكرة تتجاوز مجرد حماية المدينة وتكثيف حرّاسها ، فأخذ يحدث نفسه بشغف لم يبدو عليه من قبل :
" إنها تانيا .. نعم نعم .. تانيا ، سأرسلها لتقتله ، لن يأخذ الأمر منها جهدا ، فهي بغاية الجمال ، ثمّ إنها ستكون فرصتها الوحيدة للنجاة والخروج من السجن "
وبصوت عال وثابت ، نادى على حرسه الخاص ، وعند حضورهم صاح فيهم قائلا :" أحضروا لي تانيا بأقصى ما لديكم من سرعة "
رئيس الحرس مرتبكا :
" أمرك أيّها الملك ، ولكن لم يخرج أحد من السجن قبلا"
صاح به الملك :
" هذا أمر .."
استدار الحارس للخروج ولكنه تردد قليلا قبل الذهاب ، وكأنه أراد قول شيء ما ،فشعر الملك بذلك ، ومن المهم في لحظاته هذه أن يكسب تعاطف الجميع ، فتظاهر باللين محدثا له، سامحا له بالحديث:
YOU ARE READING
آريس الحورية الهاربة
Fantasyدائما ما كان يحدث نفسه بها إنها شغفه كانت ولم تزل حتى إذا اعتادت مطاردته لها شعرت بالحنين وما بينه وبين البحر احتارت حتى اختارت العودة للهروب ولكنها ارتبطت في الغربة بشيء من نوع آخر فهل تعود؟