أرض الجحيم (نبوئات الخلاص )

686 56 17
                                    

كانت مدينة كديميس تعيش حالة من الفوضى ، وكان الرجال عندما يجتمعون في مطعم جوسيا ترتفع أصواتهم ونقاشاتهم ، بعضهم يلعن عائلة مارتن ، والآخر يلقي اللوم على عائلة العمدة ، والبعض الآخر لا يأبه لما يجري في المدينة ، ولكن حالة الفوضى والمشاكل تستمر بالتفاقم مع صغر حجم الشاطئ الذي يستخدمه الصيّادون لركن قواربهم ، لقد كان قبل ذلك ميناءً متسعا ، والآن سيؤثر حجم الشاطئ على عمل البحّارة ، وهذا ما يثير السخط بينهم وعلى رأسهم فيليب ذو الرقعة ، ولكن لا أحد يستطيع فعل شيء لما يحدث ، فدار الأوبرا ستقام رغم أنف الجميع ..

كانت ماري تستمع لما يدور بين البحّارة وتعرف التفاصيل من نسائهم ، وتشعر بالفخر من نفسها ، فلا أحد يعلم أنها من تسببت بتلك الفوضى كلّها ، وهي حريصة على أن لا يعلم أحد بذلك أيضا ..

تستمرّ في طريقها نزولا إلى الزقاق الذي يضم مشغل مارجريت لتلتقي بروز ، لربما ستستمر بلقائها في هذا المشغل إلى نهاية الصيف ، حيث سيستعد والديها لرحلتهم المعتادة لجلب السكر للمدينة قبيل بدئ الشتاء ، وحينها يمكنها زيارتها في منزلها ..

كان المشغل بالكامل يضجّ بفستان روز ، حيث كان القماش باهظ الثمن ويحتاج لتلافي أيّ خطأ في الخياطة ، أو حتى حمايته من الاتساخ ، أو تغيير تصميمه ، كان القماش يمتد لأمتار ، تحيط به العاملات من جميع النواحي ، بالإضافة لمجموعة الأحجار الثمينة التي بحوزة خادمات روز اللواتي يرافقن الثوب والعاملات ، لحمايته من السرقة أو العبث به ..

كانت مارلين قد ضاقت ذرعا بتصرفات روز وخادماتها وصديقتها في المشغل ، وكذلك بدا الانزعاج على وجه مارجريت ، لم تتوقع أن تبدو روز بهذه الوقاحة التي تجعلها تتجرأ لتتدخل في أمور المشغل ، ولكنها لا تستطيع طردها ، فهي من زبائنها المهمين ، فأومأت لمارلين لتتصرف ، هامسةً لها :

" أخرجي هذه المتعجرفة من هنا "

ثم استدارت ، وتركت مارلين لتتصرّف ، عندها توجّهت مارلين لروز ، وجلست على كرسيّ يقابل روز وماري وخادماتها ، وضعت رجلا على رجل ، ورمقتهم بعينين ثابتتين ، كان الجميع قد انتبه لها ، وصمتن عن أحاديثهن الجانبية ، لتبدأ مارلين بحربها الكلامية الممتعة :

" إذا ... روز ، أهذا أغلى ما تملكين ؟! "

ضحكت روز باستخفاف ، وتكلّمت بسطحيتها ، فالمواجهات الإرتجالية لا تمكن ماري من التدخل بحريّة ، مما يجعل روز المتعجرفة تبدي كل ما يحويه دماغها من غباء :

" لا أيّتها الغبية ، يا ابنة البحّار ، أمتلك أضعاف أضعاف أضعاف هذا القماش وهذه الأحجار ، هذا بالفعل لا شيء مما أمتلكه ، أيّتها الفقيرة !"

لم تستطع روز استفزاز مارلين ، فهي لم تنتهي بعد من كلامها حتى تحقق الهدف منه ، فأردفت :

آريس الحورية الهاربةWhere stories live. Discover now