القمر الأحمر (4)

525 49 5
                                    

لحظات الهلع التي قد تصيبنا في الفقد تجعلنا نتصرف في كثير من الأحيان بعيدا عن العقل ، يعود الإنسان لطبيعته البدائية في انفعالاته ولا يهمه حتى لو كان على خطأ ..

يدخل فيليب ذي الرقعة بيته وقد اعترته ريبة مبدأيّة بسبب عدم وجود اضاءة في المنزل كالعادة ..

أضاء المصابيح وحمل مصباحا بيده وهو ينادي ابنته :

" مارلين .. ! ،مارلين أين أنتِ يا ابنتي !؟"

بحث في كل أرجاء المنزل ، في غرفتها وفناء البيت ، أيقن أن الأمر خطر وأنها مفقودة ، أخذ مصباحه وبندقيته وانطلق لمطعم جوسيا ، كان الرجال ما يزالون يتناوبون على حراسة من تم أسرهم ، وصل فيليب وعلى وجهه علامات الغضب والتوتر صارخا يطرق الباب بكل قوته  ، الأمر الذي أيقظ الهدوء في المكان ، حتى أن بعض البيوت المجاورة أنارت بسبب استغرابهم من هذا الصراخ :

" جوسيا ..."

استيقظ روبرت هارعا للباب ، قام بفتحه ليدخل فيليب على عجل ، صعد الدرج للعلية حيث غرفة جوسيا ، كان قد استيقظ بعد تلك الجلبة ..

اتجه إليه فيليب بعد أن اعتدل جوسيا على طرف السرير ، نظر لوجهه وكان جوسيا للمرة الأولى في حياته يراه خائفا ، جثى على ركبتيه ليقابل وجهه وبنبرة مرتجفة :

" جوسيا .. مارلين اختفت ! ،ابنتي اختفت لم تعد للمنزل  "

"  وماذا ننتظر ؟ ، سنبحث عنها جميعا .. هيّا بنا ،لا تبتأس سنجدها "

ثم انتفض واقفا وارتدى ملابسه ..

بقي الرجال حتى الصباح يجوبون المدينة ، حتى أن معظم سكّانها انضموا إليهم ، توسّعوا في نطاق البحث و بحثوا في الاتجاه الآخر نحو المزارع وطريق العربات المعبّد وجزء من الغابة البعيدة ..

عادت تلك الجموع عند الظهيرة ،مجتمعة في الساحة أعلى درج المدينة ، ووجوههم لا تبشّر بأن أحدهم عثر عليها أو على شيء ما يخصّها ..

عندها استشاط فيليب غضبا وضرب بقبضته عمودا خشبيا بقوة ، نظر للجميع قائلا لهم :

" سأفتّش البيوت إذا .. ومن لا يبدي تعاونا في ذلك سيكون متّهما وسأزجّه مع الخونة داخل المطعم "

هز جوسيا برأسه موافقا ، وبالفعل أبدى الجميع تعاونا بعدما رأوا جديّة فيليب ..

وفي ذلك القصر الذي يبعد ويرتفع عن المدينة والساحة ، تقف الاثنتين روز وماري على أعلى شرفة فيه ، تنظران للجموع وتغرقان في الضحك والقهقهة بصوت عال، وهما تتناولان الشاي والحلوى وكأنهما تشعران بانتصار ما ..

لا يمكن لأحد في المدينة أن يتصوّر ما الذي قد حدث لمارلين ، فتيات المشغل ومارجريت أصبن بالصدمة ، الجدة تشعر بالذنب لسماحها لمارلين بمرافقتها في وقت متأخّر ، فيما اتجه بارتولوميو لصديقيه ليشاركهما البحث ، لم يحدث مسبقا شيئا كهذا في مدينة تحترم القانون دون أن يكون هنالك من يفرضه  ، ولعل آخر بيت اتجه الجميع لتفتيشه هو بيت العمدة ..

آريس الحورية الهاربةWhere stories live. Discover now