شعر الملك توما بالكثير من الراحة والانتصار، بعد أن علم بنجاح ابنه لوتش في اصطياد هذه الحورية البيضاء ذات العينين الذهبيتين ، وأمر بتشديد الحراسة عليها من ناحية ، وتدليلها وعدم إثارة غضبها من ناحية أخرى ..
استأذن لوتش الملك لمقابلته في غرفته الخاصة كابن وليس كقائد الجند، فأذن له ، كان الملك توما يرتفع على ذيلة المغمور بالماء في غرفته الشاسعة المليئة بالكتب والأغراض الشبيهة بأغراض البشر وبعض حاجياتهم ،تبتعد عن الماء مسافة مناسبة لتبقى سليمة دون أن تتلف ، ولكنها ممتلأة بالماء بدرجة كافية ليتنقل بها الملك توما وحاشيته ، بالضبط كباقي الغرف ، بل كباقي بيوت مدينة تشرا كاملة ..
يسمح حراس الملك بمرور لوتش من الممر المائي المؤدي إليه ، يسبح لوتش حتى يصل ، فيخرج من الماء بهدوء ، مؤديا التحية ، يحني رأسه قليلا ، ويضع قبضة يده بمحاذاة قلبه ، يستدير الملك توما وهو يعيد كتابا بيده لمكتبته ، قائلا :
" ماذا عندك أيها القائد ؟!، لعلني نسيت تحديد مكافأتك على نجاحك في هذه المهمة !"
فقال له لوتش مستغربا :
" مكافأة ! ، أبي ! ، آريس هي مكافأتي ، أنا أحبها وأنت تعلم ذلك ، تحدث إلي كإبن وليس كقائد جند ، جئت لأعلم سبب تأجيلك لزفافنا شهرا كاملا ، وأنا لا أر داع لذلك! "
بدأ لون الغضب الأحمر يشوب ملامح الملك توما ونبرته بشكل غير مبرر بالنسبة للوتش ، فقال له :
" حتى ولو كنت ابني ، ووريث عرشي ! ، لا تظن أنني سأسمح لك في يوم من الأيام من التدخل بأمور العرش ، والقرارات الملكية ، وحفلات التنصيب والزواج من تلك القرارات ، قلت أن ذلك سيكون بعد شهر من الآن وكفى "
" ولكن أبي ! ، أنت تعلم أن التاريخ اللذي حددته هو تاريخ ظهور *القمر المخمور ، وهو لا يظهر إلا في هذا اليوم من السنة ، وأنت تعلم أن هذا اليوم يوم مشؤوم لأرض الحور جميعا وللممالك كلها ! ، وهم يختبؤون جميعا بعيدا عن ضوئه!"
يبتسم الملك توما ابتسامة صفراء ، تبرز لوهلة بعض مكنونات نفسه اللتي لا يبوح بها لأحد وكأنه يقول في نفسه :
" هذا هو المطلوب !"ثم تنبّه لوجود ابنه ، وقال بضحكة مفتعلة :
" لا تقلق يا بني ، ستنتهي المراسم قبل ظهور ذلك القمر المخمور الجميل! ، ثم إنها فرصة لك لتجعلها تتعرف إليك أكثر"
صمت لوتش ، وقد أحس بأنه في هذه اللحظة قد شك فعلا بنوايا والده ، ولكنه لا يعلم من أي ناحية ، ولا يعلم لماذا ..
عند انتهاء هذا الحوار ، تسبح حورية جميلة بشعر أحمر طويل جدا، ترتدي زيّ الحرس ، مبتعدة عن نافذة غرفة الملك الكرستالية اللتي تعزل ماء البحر عن الدخول إليها، كانت على عجلة من أمرها لمقابلة الملك وإخباره بتلك الأخبار الجديدة بوجود بشريّ آخر تعتقله موزيريس ، مع أنها دائما ما كانت تتعجب من خوف هذا الملك القوي من وجود بشريّ، إلا أنها كباقي الحرس تنفذ الأوامر دون سؤال ، ولكن ما إن سمعت حوار لوتش مع الملك عند اقترابها ،سبحت مبتعدة متألمة بقلب محطّم فهي لم تعلم بتعلق لوتش بتلك الحورية البيضاء لهذه الدرجة ، ابتعدت « تانيا » ودموعها المالحة تختلط بعذوبة ماء بحرهم ، فلا يعلم أحد عن أسرار قلبها الرقيق بذلك الجسد القوي ، إنها إحدى حارسات البوابة الخارجية للمملكة ، لطالما كانت تساعد لوتش بجمع المعلومات والأخبار المختلفة عن المدن ، تعلم كم يثق بها ، ولا يعلم هو كم تحبه ، يرى الجميع جمالها ، إلا لوتش كان خيال آريس في عينيه يحجب أي جمال آخر دونه ، كم تعرضت تانيا الطيبة في دفاعها عن لوتش أثناء حروب المملكة المختلفة وصراعهم مع موزيريس قبل أن تنفصل ، كم تعرضت للموت ، تلك الجروح وآثار الأسلحة الحادة والحارقة على ذيلها و و بعض الخدوش الصغير على رقبتها تشهد بذلك ، لعلها تشبه مارلين في أشياء كثيرة ، برغم المسافات اللتي تفصل هاتين الفتاتين ، إلا أن الألم متشابه، متشابه كالغريم اللذي يتشاركانه ، وهي آريس .
YOU ARE READING
آريس الحورية الهاربة
Fantasyدائما ما كان يحدث نفسه بها إنها شغفه كانت ولم تزل حتى إذا اعتادت مطاردته لها شعرت بالحنين وما بينه وبين البحر احتارت حتى اختارت العودة للهروب ولكنها ارتبطت في الغربة بشيء من نوع آخر فهل تعود؟