هدايا التنانين (6)

621 58 13
                                    

وككل من تلاحق عينيه كل شيء عدا ما يملكه ، فكذلك ماري ، كانت تلعن حظها الذي رماها في هذه الحياة الفقيرة ، وحيدة في منزل رثّ ، بينما تلك الغبية روز غارقة في نعيم لا تستحقه ، هكذا وكل يوم تفكر بذات الطريقة ، ترسم من غيرتها وحقدها على كل شيء، عقدة من الأفكار بين حاجبيها تكاد تنطبع علامة بارزة ، لولا أنها تضطر لفردها بين الحين والآخر في أدوارها التمثيلية بالاتزان والحكمة ، التي لا تظهر إلّا بين الناس لتحصل على ما تريد ..

قطعت أفكارها وعملها، صوت جرس الباب المعلّق ، من سيزورها في هذا الوقت من الظهيرة ؟!، بل من سيزورها أصلا؟! ، فتحت الباب فإذا بزوجة العمدة تلتقط أنفاسها بصعوبة ، عندها ارتفع حاجباها بدهشة لم تظهرها ، وارتسمت ابتسامة غاية في المكر لا لشيء لكنها اعتادت ان تصطاد في أي موقف قد تظن أنه سيفيدها ،وعلى أيّة حال فإن زوجة العمدة بشحمها ولحمها تطرق بابها، لا بد وأن شيئا كبيرا قد حدث ..

أدخلت ماري زوجة العمدة لبيتها ، كانت تتحدث بسرعة وبعدة انفعلات غير مفهومة ، فأمسكتها ماري من كتفيها وهزّتها قائلة :

" اهدأي ! ، أنا لا أفهم شيئا مما تقولينه على الإطلاق ، تكلّمي ببطئ أرجوكِ "

" ماري .. نساء البحّارة لقد اقتحمن منزلي ، وهربت منهن من الباب الخلفيّ ، وجئت إليكِ لتساعدينني ، ماذا أفعل ، أوه يا إلهي ! "

" ولماذا يفعلن ذلك ؟ "

" إننا نقوم بإخلاء مكان السفن المركونة للإصلاح لأنه المكان الأمثل لبناء دار الأوبرا ، وهذا سيجعلهم بلا عمل .. و .. "

" وثارت نساؤهن عليكِ ، بالمناسبة هل رأينكِ وأنتِ تهربين؟ "

" لا لم يرنِ أحد ، لم يعلم أحد أنني كنت بالمنزل عندها "

" إذا عليكِ العودة بسرعة و... "

هبّت زوجة العمدة مقاطعة :

" ماذا ، هل جننتِ؟!"

" لم أكمل حديثي بعد ، عليكِ العودة وإقناعهن بالتالي ... "

استمرّت ماري بتلقين زوجة العمدة ببعض الكذبات حتى تقنع نساء البحّارة بأن هذا المشروع سيوفر عملا أفضل من إصلاح السفن لأزواجهن ، وبعائد أكبر ، وبأنهن يجب عليهن شكرها بدلا من هذا كله ..

وبالفعل وكعادة النساء فإنهن يقلبن موازين قلب الرجل بالجملة ، عندما تريد إحداهن إقناعه بشيء ما ، وبالتالي هدأ الرجال ، وقبلوا بالمشاركة ببناء دار الأوبرا كعمّال مأجورين ، بعد أن كانوا يملكون أعمالهم الخاصة مهما كانت بسيطة ، أثار ذلك سخط فيليب والد مارلين ورجاله، ولكن ذلك لم يحرّك ساكنا ، فاضطرّ الرجال لسحب سفنهم نحو جزيرة كبيرة بعيدةٌ نسبيا عن مدينتهم مدة ثلاثة أيّام تقريبا لتصبح مقبرة للسفن، ولم يبق غير سفينة جبر المركونة بالقرب من بيته، وبعض القوارب الصغيرة للصيد  ..

آريس الحورية الهاربةWhere stories live. Discover now