نصر وهزيمة (2)

578 52 18
                                    

نضطر أحيانا لننتظر الضغوط حتى تدفعنا لما يجب علينا أن نقوم به ، بل لما نرغب به ولكننا لم نكن لنملك الجرأة قبل ذلك ..

ترتفع أصوات الأصدقاء الثلاثة في المطعم بعد عودة بارتو إليه من زقاق الصنّاع ، فيتلقى اتهاما ساذجا من فيليب بأنه يخفي شيئا ما ، فيما يحاول جوسيا تهدأتهما يخرج بارتولوميو عن هدوئه المعتاد ليصرخ بوجهه :

" أنا منذ أن اختفت مارلين وأنا أشعر بالمسؤولية كاملة عن اختفائها ، وأعدك يا فيليب بأنني سأعيدها إليك، فلا يأخذك حزنك وغضبك على كرهنا واتهامنا جميعا "

عندها هدأ فيليب منهارا ودارت بينهم حوارات صغيرة بين كلمات تعاضد وأمل وتربيت ..

حتى جاء روبرت من الخارج ، بيده مكنسة وبالأخرى ظرف دفعه للعم بارتو ، كان أحد الذين يعملون في مجمع البناء قد أعطاه له ثم غادر ، تفاجأ بارتو من أن المُرسل جيفرسون ، ألم يكونا معا منذ قليل ، فتح الرسالة ، وأثناء قراءتها كانت ملامح وجهه تتغير ليستشيط غضبا ، فانطلق لمنارته مكانه المفضل ليحصل على بعض الهدوء ، ليفكر ، كانت الجدة قد وصلت قبله وكانت قد أضاءت المنارة ، لترى وجهه متكدرا فتسأله :

" لأوّل مرّة أرى وجهك بهذا السوء ، ما الذي حدث لك بني "

" أرسل لي جيفرسون رسالة ، يخبرني بها بأنه سيخطب مارجريت ، وأنه أرسل الرسالة من باب الأدب لأنه صديقي "

" الجميع يعرف رغبته بذلك ، وماذا في الأمر !؟ "

" حتى مارجريت !؟ "

" بالطبع ! "

" ولكن .. "

قالت له وهي تهم بالمغادرة :

" هيّا قم وادفن رأسك بين تلك الكلمات والأحرف الغريبة واترك الآخرين يقبلون على الحياة .. ليس لي رغبة بالحديث بعد اختفاء مارلين "

" ولكن أمي ، هل خالتي موافقة على ذلك أيضا ، أمي!؟ "

كان صوت نزولها على الدرج يبتعد عن مسمعه ، ولكن صوت مارجريت كان يتعاظم برأسه ، صورتها وهي واقفة أمام البحر ، ذلك النسيم ، شعرها .. ثم جيفرسون ، لا لا ليس جيفرسون ، صاح بصوت مرتفع كالمجنون وحده ، ليرى تلك العبارة في آخر الرسالة :

" أنتظر منك الرد ليوم غد فقط "

وفي تلك الأثناء كانت روز تجلس في منتصف طاولة العشاء ، المكان الذي يجب أن يجلس فيه كبير العائلة ، ولكنها بدت متفاخرة بما تفعله ، حيث وضعت زوجها ووالديه على جانبي الطاولة ، دون أن يجرؤ أحد على منعها ، فهي بالنهاية تملك كل شيء ، ولكن ذلك الهدوء على الطاولة لم يدم ، إذ خرقه صراخ وتخبّط جعل روز ترتبك ، سمعت والدة داني صوت الفتاة القادم من الأسفل ولكنها التزمت الصمت ، وبعد أن ذهب كل لغرفته متجاهلا ما حدث ، ذهبت روز خفية بعد أن نام داني ، ولكن فجأة وجدت ظلا قرب الدرج المؤدي للأسفل ، تجمّدت عروقها واختبأت خلف أحد الأعمدة ، وما إن التفت الظل حتى تبيّن لروز أنها والدة زوجها ، فأسرعت إليها توبخها ودقّات قلبها المتسارعة بدأت بالهدوء :

آريس الحورية الهاربةWhere stories live. Discover now