القمر الأحمر (4)

Start from the beginning
                                    

يبدو أن الضياع إن أصاب أحد ما فلأنه كان قد غادر أحد آخر ، في طريق دنوا لوادي الحيتان يمرّ بتلك المناطق الخلفية لسجن مدينة تشرا ، تسمّر في مكانه بعدما شعر بوجود صديقته في الجوار ، ثم التفّ وغيّر طريقه ، حاول الجميع تغيير مساره ، غير أنه استمرّ بالسباحة على سجيّته ، يُطلق أصواتا بعيدة بين حين وآخر ، يأمل بحدسه أنه إن واصل فلا بد أن يجد آريس..

ولكن السماء بدأت تنذر بالشؤم ، لقد اصطبغت بلون الدماء ، مخيفة تثير في القلوب الرغبة في القتل ، وبعد قليل بدا القمر الأحمر المخمور الضخم يترنّح في السماء ، يبدو وكأنه يتلاشى ولكنه يظهر في جانب آخر بوضوح ثم يتلاشى ليظهر في مكان آخر ، ويتقدم ببطئ شديد للأمام ..

نظر جبر بذهول من هذه الظاهرة الغريبة ، ولكنه أُصيب بالدوار حتى حذره جلير من ذلك  ، لاحظ جبر اختباء الحور جميعا بعد أن سمحوا لجذور القاع بالنمو ، كان نموّها سريع جدا ومخيف ..

شعر جبر بنزعة شريرة تجتاحه ، فأسرع لمخزون زهرة المحيط ، وطلب من الجميع دقّه واستنشاقه ،

تتمتّع زهرة المحيط السوداء بسحب طاقة الكائن الذي يتعرّض لها وقد تقتله ، يخاف الجميع التعرّض لها ، ولكن لا أحد كان قد أدرك فائدتها في ليلة القمر الأحمر ، فهو يرفع من قوّة من يتعرّض له ويزيد من شرهه للدماء والقتل ، ولكن وجود زهرة المحيط تمنع ذلك التأثير ..
هذا ما كان مكتوبة باللفافة التي يحملها جبر

"كل الجيش الآن محصّن ضد تأثير القمر "

قال جلير مخاطبا جبر ، ولكن جبر كان يشعر بأن الأمور لا تجري كما يريد ، فلم يسمعه ، يعرف الجميع أنهم لا بد أن يقطعوا الطريق قبل أن يتعامد القمر الأحمر في السماء مع الأرض ، فسأل جبر جلير قائلا :

" كم من الوقت حتى يتعامد القمر مع الأرض ؟ "

" بحسابنا قد يستغرق نهارا أو نهارين !"

" ماذا تقول ؟! ، أليست ليلة !، وخلال ساعات ستنتهي !؟ "

" لا أحد يعرف متى ستنتهي ، هذا ما يميّز ليلة القمر الأحمر ، إنه يأخذ من الوقت ما يريده ، وبقدر تواجده يكون الدمار ، إن فكّر أحد بالتعرّض له .."

وخلال حديث جلير صاح بينيت  :

" ثلاث كائنات تتجه نحونا خذوا حذركم "

اتجه الجميع لطرف السفينة ، ميّز جبر تسو ولكنه لم يميّز تلك الحوريتين  باللونين الأحمر والأخضر ، طلب جبر من الجميع التريّث ، وعندما اقتربتا علم أنهما آرتيس وتانيا ، أمر برفع الثلاثة لسطح السفينة ..

اتجه جبر يحدثهن ، وكن ثلاثتهن يطرقن رؤوسهن بصمت مخيف  :

" لقد قلقتن عليكن ، هل ذهبتن لتنقذن تانيا دون أخذ أمر بذلك ! ، ثم مابال ألوانكن تغيّرت !؟ "

ثم اقترب منهن أكثر ومد يده ليرفع رأس تانيا :

فرفعن رأسهن مرة واحدة وكانت ملامحهن قد أصبحت أكثر وحشية ، هجمن عليه وكأنه فريسة ، ولكن جلير ورجاله تنبهوا لأمرهم ، ركض الجميع يكتمون بعض أنفاسهم بزهرة المحيط ، حتى استعدن جميعهن وعيهن الطبيعي ، وعندها صاحت آرتيس دون أن تدرك ما الذي يحصل :

" الأمر خطر يا جبر ، لقد تحدثت مع الموزيريسيين بالداخل ، ولكنهم كادوا يقتلونني ، لم نستطع غير انقاذ تانيا ، ثم ما بك تنظر إلينا هكذا "

" كدتن تقتلنني !، ما بال ألوانكن هكذا !؟ "

" هذه للتخفّي فقط "

أكملت تانيا :

" إفان لم يغيّر أماكن الجيش بالرغم من تأثير القمر ، بل إنه عيّن "نوشوك" في المقدمة ، ونوشوك كان سابقا حارسا على سلاسل مدينة موزيريس "

" لا بد أنني قابلته إذا "

" إنه يعرفك جيدا يا جبر ، ويمقتك جدا أيضا "

" حسنا إذا تبعا لأخباركن الجميلة هذه سنبدأ نحن الحرب بطريقتنا "

اتفق الجميع على خطة تقديم التنانين لتحرق جذور القاع بداية ، واقتحام مدينة تشرا ثانيا ، انطلقت التنانين تحرق كل شيء يعيق الإبحار بلهبهم الأزرق ، فبدا ذلك اللهب الأزرق وكأنه يتلاقى مع ذلك الخمري الذي يملأ السماء كاللهب ،  وكأنه ماء ينطلق للأعلى لإطفائها ..

في ذلك التجويف الصخري بدأ لوتش بالاستفاقة ، نظر ليجد والده يفترش عرشه وينظر للسماء ، كان عرشه يرتفع للأعلى ليدنو من منصة آريس التي ارتفعت أكثر ، ومالت أكثر ، ونشيده المقزز يرتفع في الخارج ويزداد وحشية ، وآريس تستميت لتبعد الأشواك التي تنمو من جديد بسرعة جنونية ، حتى لا تخدرها مجددا ..

آثر لوتش البقاء هذه المرة وعدم التسرّع حتى يتعامد القمر مع المنصة وعندها سيضعف والده وسينقض عليه ، لعل تانيا تصل في هذه  اللحظة ، ثم  تذكر تانيا ، فأرسل صوته لمحيط تشرا ، علها إن كانت هناك تسمعه ، هي دائما تحرس البوابات علّها هناك ..

كانت حركة تانيا وآرتيس صعبة على السفينة ومستحيلة في هذا الظرف في البحر ، فالتزمتا الهدوء مكانهما ، سمعت تانيا اسمها يمر في الأرجاء ، فميّزت صوت لوتش ، كيف لها الآن أن تحدد مكانه بدقة وتخبره بأنها سمعته ، تعرف أن الملك توما هناك ، وإن سمع الصوت قد يؤذيه ..

استمرت تانيا بالتركيز والاستماع ، لعله يصيبها صوته ليسمعها وتسمعه ..

يتــــــــــبع

آراؤكم الجميلة💙 وتصويتكم💛

آريس الحورية الهاربةWhere stories live. Discover now