يبدو أن الضياع إن أصاب أحد ما فلأنه كان قد غادر أحد آخر ، في طريق دنوا لوادي الحيتان يمرّ بتلك المناطق الخلفية لسجن مدينة تشرا ، تسمّر في مكانه بعدما شعر بوجود صديقته في الجوار ، ثم التفّ وغيّر طريقه ، حاول الجميع تغيير مساره ، غير أنه استمرّ بالسباحة على سجيّته ، يُطلق أصواتا بعيدة بين حين وآخر ، يأمل بحدسه أنه إن واصل فلا بد أن يجد آريس..
ولكن السماء بدأت تنذر بالشؤم ، لقد اصطبغت بلون الدماء ، مخيفة تثير في القلوب الرغبة في القتل ، وبعد قليل بدا القمر الأحمر المخمور الضخم يترنّح في السماء ، يبدو وكأنه يتلاشى ولكنه يظهر في جانب آخر بوضوح ثم يتلاشى ليظهر في مكان آخر ، ويتقدم ببطئ شديد للأمام ..
نظر جبر بذهول من هذه الظاهرة الغريبة ، ولكنه أُصيب بالدوار حتى حذره جلير من ذلك ، لاحظ جبر اختباء الحور جميعا بعد أن سمحوا لجذور القاع بالنمو ، كان نموّها سريع جدا ومخيف ..
شعر جبر بنزعة شريرة تجتاحه ، فأسرع لمخزون زهرة المحيط ، وطلب من الجميع دقّه واستنشاقه ،
تتمتّع زهرة المحيط السوداء بسحب طاقة الكائن الذي يتعرّض لها وقد تقتله ، يخاف الجميع التعرّض لها ، ولكن لا أحد كان قد أدرك فائدتها في ليلة القمر الأحمر ، فهو يرفع من قوّة من يتعرّض له ويزيد من شرهه للدماء والقتل ، ولكن وجود زهرة المحيط تمنع ذلك التأثير ..
هذا ما كان مكتوبة باللفافة التي يحملها جبر"كل الجيش الآن محصّن ضد تأثير القمر "
قال جلير مخاطبا جبر ، ولكن جبر كان يشعر بأن الأمور لا تجري كما يريد ، فلم يسمعه ، يعرف الجميع أنهم لا بد أن يقطعوا الطريق قبل أن يتعامد القمر الأحمر في السماء مع الأرض ، فسأل جبر جلير قائلا :
" كم من الوقت حتى يتعامد القمر مع الأرض ؟ "
" بحسابنا قد يستغرق نهارا أو نهارين !"
" ماذا تقول ؟! ، أليست ليلة !، وخلال ساعات ستنتهي !؟ "
" لا أحد يعرف متى ستنتهي ، هذا ما يميّز ليلة القمر الأحمر ، إنه يأخذ من الوقت ما يريده ، وبقدر تواجده يكون الدمار ، إن فكّر أحد بالتعرّض له .."
وخلال حديث جلير صاح بينيت :
" ثلاث كائنات تتجه نحونا خذوا حذركم "
اتجه الجميع لطرف السفينة ، ميّز جبر تسو ولكنه لم يميّز تلك الحوريتين باللونين الأحمر والأخضر ، طلب جبر من الجميع التريّث ، وعندما اقتربتا علم أنهما آرتيس وتانيا ، أمر برفع الثلاثة لسطح السفينة ..
اتجه جبر يحدثهن ، وكن ثلاثتهن يطرقن رؤوسهن بصمت مخيف :
" لقد قلقتن عليكن ، هل ذهبتن لتنقذن تانيا دون أخذ أمر بذلك ! ، ثم مابال ألوانكن تغيّرت !؟ "
ثم اقترب منهن أكثر ومد يده ليرفع رأس تانيا :
فرفعن رأسهن مرة واحدة وكانت ملامحهن قد أصبحت أكثر وحشية ، هجمن عليه وكأنه فريسة ، ولكن جلير ورجاله تنبهوا لأمرهم ، ركض الجميع يكتمون بعض أنفاسهم بزهرة المحيط ، حتى استعدن جميعهن وعيهن الطبيعي ، وعندها صاحت آرتيس دون أن تدرك ما الذي يحصل :
" الأمر خطر يا جبر ، لقد تحدثت مع الموزيريسيين بالداخل ، ولكنهم كادوا يقتلونني ، لم نستطع غير انقاذ تانيا ، ثم ما بك تنظر إلينا هكذا "
" كدتن تقتلنني !، ما بال ألوانكن هكذا !؟ "
" هذه للتخفّي فقط "
أكملت تانيا :
" إفان لم يغيّر أماكن الجيش بالرغم من تأثير القمر ، بل إنه عيّن "نوشوك" في المقدمة ، ونوشوك كان سابقا حارسا على سلاسل مدينة موزيريس "
" لا بد أنني قابلته إذا "
" إنه يعرفك جيدا يا جبر ، ويمقتك جدا أيضا "
" حسنا إذا تبعا لأخباركن الجميلة هذه سنبدأ نحن الحرب بطريقتنا "
اتفق الجميع على خطة تقديم التنانين لتحرق جذور القاع بداية ، واقتحام مدينة تشرا ثانيا ، انطلقت التنانين تحرق كل شيء يعيق الإبحار بلهبهم الأزرق ، فبدا ذلك اللهب الأزرق وكأنه يتلاقى مع ذلك الخمري الذي يملأ السماء كاللهب ، وكأنه ماء ينطلق للأعلى لإطفائها ..
في ذلك التجويف الصخري بدأ لوتش بالاستفاقة ، نظر ليجد والده يفترش عرشه وينظر للسماء ، كان عرشه يرتفع للأعلى ليدنو من منصة آريس التي ارتفعت أكثر ، ومالت أكثر ، ونشيده المقزز يرتفع في الخارج ويزداد وحشية ، وآريس تستميت لتبعد الأشواك التي تنمو من جديد بسرعة جنونية ، حتى لا تخدرها مجددا ..
آثر لوتش البقاء هذه المرة وعدم التسرّع حتى يتعامد القمر مع المنصة وعندها سيضعف والده وسينقض عليه ، لعل تانيا تصل في هذه اللحظة ، ثم تذكر تانيا ، فأرسل صوته لمحيط تشرا ، علها إن كانت هناك تسمعه ، هي دائما تحرس البوابات علّها هناك ..
كانت حركة تانيا وآرتيس صعبة على السفينة ومستحيلة في هذا الظرف في البحر ، فالتزمتا الهدوء مكانهما ، سمعت تانيا اسمها يمر في الأرجاء ، فميّزت صوت لوتش ، كيف لها الآن أن تحدد مكانه بدقة وتخبره بأنها سمعته ، تعرف أن الملك توما هناك ، وإن سمع الصوت قد يؤذيه ..
استمرت تانيا بالتركيز والاستماع ، لعله يصيبها صوته ليسمعها وتسمعه ..
يتــــــــــبع
آراؤكم الجميلة💙 وتصويتكم💛
![](https://img.wattpad.com/cover/136081539-288-k655580.jpg)
YOU ARE READING
آريس الحورية الهاربة
Fantasyدائما ما كان يحدث نفسه بها إنها شغفه كانت ولم تزل حتى إذا اعتادت مطاردته لها شعرت بالحنين وما بينه وبين البحر احتارت حتى اختارت العودة للهروب ولكنها ارتبطت في الغربة بشيء من نوع آخر فهل تعود؟
القمر الأحمر (4)
Start from the beginning