الفصل الثلاثون

409 71 6
                                    

الثاني من مارس - غابة دهوك

لم تكن الا مسألة ثوانٍ معدودات قبل ان ادرك ان هذه الرائحة المنبعثة من يديَّ هي ليست الا رائحة البارود ، و لكن كيف جاءت إليهما هذه الرائحة بحق الجحيم!

عندها اغلقت عيني و بدأت بتذكر الاحداث تدريجياً ، وسط تسائل و استغراب تام من قبل تولين و التي في الغالب كان تتسائل عما يجول بخاطري حينها.

ترائت في ذاكرتي صورةٌ لحقيبة السهام التي اخَذَتها تولين من دانيال ، فمن المنطقي ان تحمل رائحة البارود فيما لو كان دانيال قد أطلق عياراتٍ نارية مرتدياً تلك الحقيبة.

" هاتي الحقيبة " قلتُ مخاطباً تولين

قامت تولين بتسليمها لي ، لكني و بعد تفقدها علمت انها لم تكن تحوي تلك الرائحة بتاتاً ، ثم ترائئ لي مشهد للاشجار التي استندتُ عليها في طريقنا من الكهف وصولا ًالى الممر الترابي ، لكن كلا غير ممكن ، كنتُ لأدرك الرائحة في وقتها بوضوح.

هل من الممكن ان اكون قد اكتسبت هذه الرائحة اثناء قتالي مع الذئب ؟

من المحال ان يكون الذئب مصدرها ..

لا بد ان يكون مُفتي ، لقد امسكت بيده حين حاول النهوض ، و لكن الرائحة في يديَّ كليهما و ليس فقط في يدي اليسرى ، فكيف اذن؟

و بينما كنت مشغولا ً في التفكير بمصدر الرائحة هتفت تولين قائلة :

" اقتربنا! "

قالت ذلك ما ان خرجنا من اخر اطراف الغابة بعد ان بانت ضفة النهر الجاف عن بعد ، كانت الرياح متواصلة و اشد بكثير مما كانت عليه داخل الغابة ، إذ كانت الارض ترابية منبسطة لا تحوي اي مصدات هوائية من الجهة الشرقية للنهر ، كانت سهلا ً واسعاً مليئاً بالحشائش و الحقول ، اما الجهة الغربية و التي كانت الى اليسار منا فقد كانت تتمثل بجبل شيدا.

اتذكر عندما كنت صغيراً ، لطالما كنت اعاني من صعوبة في نطق اسمه ، فكنت اشير اليه بإسم الجبل الاسود ، لأنه كان ولا يزال قاتماً ، مظلماً ، و مرعباً.

و بينما كنت احدق في الجبل سألتني تولين:

" لماذا سُمي هذا النهر بالجاف رغم كون مياهه جارية؟ "

عندها اشحت بنظري عن الكهف لثوانٍ معدودات لأنظر إليها ، قائلا ً:

" أترين هذا الجبل؟ " ثم اومأتُ صوب جبل شيدا

" نعم أراه " قالت و هي تنظر صوبه

" في الحقيقة ، خلف هذا الجبل يقع رافدٌ أكبر يصب مياهه في نهر دجلة ، فسُمِيَ هذا النهر بالجاف لقلة مياهه مقارنةً بذلك الرافد الكبير "

قلت ذلك بعد ان عاودت النظر صوب الجبل ثم تحركت شفتاي مرةً ثانية:

" بالمناسبة ما الذي قاله آدم بشأن سكنه؟ " قلتُ مستفسراً من تولين.

لا يزالون احياءWhere stories live. Discover now