الفصل الثالث

1.2K 108 11
                                    

بعدة بضع دقائق من الجري...

" حمداً لله لقد اضعناه " قالت الفـتاة
لم اوافقها الرأي بعد ان شعـرت بظل شخـص يحومُ بين الاشجـار التي تحيط بالمكــان فبادرتها بالقـول:  " اخفضي صوتك .. انـه لا يـزال خلــفنا "

" يتوجب عليـنا الجـري صوب ذلك الجبل " قالـت و هي تشيـر الى جبـل فِرعيـن الذي يقابل جبل شيدا على الجانب الآخر من الغابة، ثم أردفـت قائلةً " لا بد اننا سنجـد هنالك ملجئً و لكـن علينا اولا ًان نبتعد قـدر الامكان عن هنا حتى نضـمن عدم لحـاقه بنا "

" حسـناً ، فقـط اتبعيني " قلـت لها ذلك بكل ثقة فمن غيري اعلـم بهذه الغابة و انا الذي قضيت طفولتي بأكملها العب و اجري بين اشجـارها مع اخــي الاكبر ، فقد كـنا نقضي وقت ما بعد الظهيرة بملاحقة الحيوانات البرية الصغيرة مما اكسبني سرعة في الجـري منذ ان كنت في الخامسة من عـمري.

بعد 30 دقيقةٍ من الجري...

لقـد تأكـدنا تماماً من اضاعته بين الاشجار بـعد ان وصلـنا الى جـبل فِرعين و الذي يبعد اربـعة كيلو مترات عن الكـوخ.

- قلت لها " لقد اضعناه " تلت كلماتي تنهيدة خفيفة
- فأجابتني بصوت متردد " يمكنك قول ذلك "

ثم اشارت الى كهف داخل الجبل كان على ارتفاع ما يقارب الـعشرةَ امتارٍ
و قالت لي: " يمكنكَ التسلق ، اليس كذلك؟ "
فأجبتها: " بكل تأكيد.. و لكنني لا اظن ان بأستطاعتك ذلك و انتِ خائرة القوى على هذه الحال"

بقيـَتْ صامـتةً لبرهة، بينما كنت اتمعن في وجهها الـذي كـان شاحباً كمن كان يصارع المرض، قلت لها و بكل ثقة " تمسكي بكتفي جيداً عندمـا ابدأ بالتسلق" كنت قاصداً بهـذا ان ادعوهـا بشكل غير مباشر الى ان تدعني احملها على ظهري ، كانت تبدو موافقة على اقتراحي كمـن ليس لديه خيارٌ آخر.

ثــم بدأتُ بالتسلق حاملا ً اياها على ظهـري، ليس من السهـل تسلق الصخـور و انت تحمل احــدهم على ظهرك و لكن لحسـن الحظ انها لم تكـن بذلك الثقـل.

" شكراً " قالت بإبتسامةٍ ضاعت وسط تعابير وجهها المرهق ، لكن علـى الرغم من بسـاطة هـذه الكلمـة الا انـها اثلجت صدري بشكلٍ عجيب ، لا اعلـم لماذا.

" تمسكـي جيداً نحن على وشـك الوصول " قلت لها ذلك و انا على بعد بضعِ اشبارٍ من الكهف و عند الوصول انزلتها من على ظهــري ببطأ ، كانت يداي تؤلمانني بشــدة لطـالما كان من الصعـب تسلق جبل فرعيـن لشـدة وعورة صخورهِ .

" حمداً لله أن كـان الكهـف قريباً من الارض و الا لكنا في ورطــة كبيرة! " قلتُ ذلك و انا احدق في هـذا الكهـف البـارد و المظلم ، لم يبدو كـهفاً راقٍ ذي خمسِ نجــوم و لكــن تحتم عليـنا البقــاء هنا لبعض الوقت.

جلسـت تلك الفتـاة ثم اتكأت على جــدار الكهــف و هي تضمُ ساقيـها نحوها مغطيةً وجهها بذراعيها اللذان يحيطان بركبتيها ، لقد كانت مرهقـةً جـداً ، و لكــن كان يجب ان اعــرف مالذي يحــدث هنا بحق الجحيم!

- " أستخبريني بالقصة ام لا؟ " قلتُ ذلك لها
-  " أيَّةُ قِصة؟ " اجابتني بصوت منخفض و هي لا تزال تغطي وجهها.

عنــدما قالت ذلك انفجرت غضباً في داخلي ، احسست و كأنها تسخر مني !
- " مــن انتِ؟ و لمــاذا تحملــين هـذا القــوس على ظهرك؟ مـن ذلك الشخـص الـذي يلاحقنا بحــق السماء!؟ " قلـت ذلك بنبـرة صوتٍ غاضب

- " حسناً اهدأ قليلا ً ... انظر انا فعلا متعبـة دعني اتمالك انفاسي لبعـض الوقــت و بعـدها سأخبرك بكل شيء " اجابتني بهـذه الكلمات التي بالكــاد استطاعت قولها.

لا يزالون احياءWhere stories live. Discover now