الفصل العشرون - ذكريات 2

511 63 0
                                    

قبل 20 عامٍ

لا زلت اتذكر كل شيءٍ بوضوح..
عندما وصلنا انا و اخي الى الكوخ اتجهت بخطواتٍ ثابتة نحو أبي الذي كان ينحت شيءً ما ، وقفت امامه متسائلا ًماذا ينحت.

وضع السكين في جيب سترته ثم انخفض الي مستنداً على ركبته بأحدى يديه و حاملا ًقطعة الخشب الصغيرة بيده الأخرى التي وضعها امام عيني ، لقد كان نحتاً لمخلوقٍ لم أره من قبل.

- " ابي ما هذا الحيوان؟ "
- " انه الذئب يا فؤاد "
- " لكنني لم ارَ ذئباً قط في غابتنا يا ابي "
- " لا توجد ذئاب تسكن غاباتنا يا بُني ، لكني سمعت من صديقٍ لي ان هناك بضعة ذئاب رمادية يُعتقد انها من الفصيل الايراني قد شوهدت في اعالي الجبال المجاورة ، ان صيدها يعد انجازاً يسعى خلفه كل صيادي البلد "
- " ارى ذلك .. هل يمكنني الاحتفاظ بالنحت بعد ان تنهيه يا أبي؟ "
- " ستستحقه بجدارة اذا تمكنت يوماً من صيده بنفسك "
-" حسناً "

لقد كان الكوخ صغيراً فكنا غالباً ما نتناول وجباتنا على طاولة خشبية بجانب الكوخ ، كان كل شيء يبدو مثالياً حتى صرخت امي و هي تشاهد شيءً يركض من بين الاشجــار نحوها!

قفز صوبها ملتقفاً بأسنانه الحادة السمكة التي انتهت والدتي من شواءها ، دفعني ابي من امامه و ذهب راكضاً صوب امي كي يحميها ، رمى ذلك المخلوق السمكة و كأنه عثر على فريسة افضل ، كان يزمجر بأسنانه القاطعة و يحدق بأعينه اللامعة ، كان رمادي اللون صغير الحجم ، نعم لقد كان الذئب الرمادي بعينه! لحظتها راودني ذلك الشعور الفطري لأول مرة ، شعور ..

الخوف من الموت

وقف أبي حاجزاً بينه و بين امي الا ان ذلك لم يردعه عن مهاجمتها ، تقدم ابي بسرعة بيدين عاريتين صوب الذئب الذي قفز بإتجاهه ، امسك بفكيه بقوة لكن سرعة اندفاعه حالت دون ان يستطيع إحكام قبضته عليه ، استغل الذئب الفرصة فأفلت من يديه و همَّ بِعَضِّ ساقه ، غرس انيابه بقوة حتى صرخ ابي من شدة الألم ، لكن ذلك لم يردعه من إخراج سكين النحت من جيبه بسرعة و طعن الذئب في عينه اليسرى ، افلت الذئب والدي مبتعداً صوب الاشجار و هو يجر معه اذيال الخيبة و انين خسارة احدى عينيه.

ركضت فرِحاً كي أعانق ابي لكن سرعان ما تبددت تلك الفرحة برؤيتي اياه يسقط ارضاً!

لا يزالون احياءWhere stories live. Discover now