الفصل العاشر - الاستجواب 1

769 86 14
                                    

الثالث من مارس - مركز شرطة دهوك

في غرفة مظلمة و عازلة للصوت كانت تجلس فتاةٌ  امامها طاولة فـارغة الا من قنينة ماء بجانبها قدح و مصباحٍ منضدي صغيـر موضوعٍ عليها و ضـوءه مسلطٌ على منتصف الطاولة ، التي كانت تفصل بين مقـعدين اولهما كانت تجلس عليه امـا الاخــر فقد كان فارغا.

فُتِحَت بابٌ حديدية ببطأ و دخـل ضابط شرطة الى تلك الغرفـة الصغيرة التي كانت عبارةً عن جـدرانٍ معتمةٍ من جانبين و جانب ثالث يحوي على باب خاصة لدخول المتهم و جانبٍ رابع يحتوي على بابٍ حديدية و بجانبه نافذةُ زجـاجٍ مظللة لا يـمكن الرؤية خلالها الا من الغرفة المجاورة بالاضـافة الى كاميرة مراقبـة موضوعـة في زاوية الغرفة المقابلة للباب ،
جلـس الضابط الممتلئ البدن و البالغ من العمر سبعةً و ثلاثين عـاماً على المقـعد المقابلِ للفتاة ثم وضع جهـاز تسجيلٍ على الطاولة و نظر الى وجهها الذي كانت تحجبه ظلمة الغرفة قائلا ً

" مسـاء الخيـر آنستي الشابـة "

بقيت الفتاة صامتةً و لم تنطق بكلمة ، القى الضابط نظرةً على سـاعة يده ثم ضغط على زر جهاز تسـجيل الصوت.

الضابط: " الثالث من مارس من عام الفين و ستة عشـر ، يوم السبت السـاعة الثامنة و ثلاثٌ و اربعون دقيقة مســاءً ، القضية رقم 001-073.962.84 ... آنستي معكِ الضابط آلِند فِرهاد من فرقـة المباحث المعنية بالتحقيق في حادثة ليلة البارحة ، انا الان اقوم بتسجيل الاستجواب رجـاءً اخبريني بإسمكِ الكامل و تاريخ الميلاد و المهنـة و عنوان السكن "

شـدت الفتاة شعرها البني الى الخلـف و قرّبت وجهها ذي البشرة السـمراء من ضوء المصباح المنضدي حتى بانت ملامح وجهها بوضوح للضابط.

الفتاة: " اسـمي سـولاف... سـولاف رافيار شيركو ، مواليد 9 ديسمبر عام 1996 ، اسـكن في السكن الطلابي الخاص بجامـعة دهـوك "
الضابط: " و عائلتكِ ؟ "
سولاف: " اربيل ، لدينا منزل في اربيل "
الضابط: " و ماذا بشأن المهنة؟ "
سولاف: "طالبـة ... في كلية اللغات قسم اللغة الانكليزية "
الضابط: " حسـناً ، تبدين مرتبكة هل انتِ بخيـر؟ " سـولاف: " انا متعبة .. هل يمكنني تأجيل الاستجواب؟"
الضابط: " معذرةً آنستي ... انتِ مشتبه به في جريمة وقعت ليلة البارحة ، هل تعين ذلك؟ "
سولاف: " اعي ذلك حضرة الضابط ، و لكنني فـعلا ً متعبة .. هل يمكنني على الاقل رؤيـة والدتي الآن؟؟"

سـكب الضابط ماءً في القدح الذي على الطاولة و قـدمه لـسولاف التي كانت مضطربة.

الضابط: " انها جالسةٌ في غـرفة الانتظار ، ستتمكنين من رؤيتها حالما تدلين بشـهادتك ، ارجو تعاونكِ لمعرفة ملابسات القضية "

حملت سـولاف قدح الماء بيدها التي كانت ترتجف ، اخـذت رشـفة من الماء و اعادت القدح الى الطاولة ثم قالت:
" لا استطيـع تـذكر الامـور جيـداً ... ذاكرتي مشوشة"
وضعت سـولاف يديها على رأسها و بدت و كأن صـداعاً حاداً قد اصابها ، اقترب الضابط اكثر من الطاولة ثم وضـع يده في جيب سترته و اخـرج صورةً ورقيـةً صغيـرة بحجم كـف اليد ثم قال:
" لا تـجهدي نفسكِ كثيراً آنسـة سولاف كل مـا اريده منك هو ان تري هـذه الصورة و تجيبي على اسئلتي بـنعم او لا "

رفـعت سولاف رأسها و نـظرت الى الصورة بتمعن تحت ضوء المصباح المنضدي و في لحضات اتسـع محجر عينيها.

الضابط: هل تـعرفين الضحية التي في الصورة؟
استجمعت سـولاف قواها و قالت
" نـعم "
الضابط: " هل سـبق و ان تحدثتي مع الضحية؟ "
سـولاف: " نـعم "
الضابط: " هل تـعترفين بأنكِ قتلتِ الضحيـة ليلة امــس؟ "
سـولاف: " كلا! ... لا اعــلم! .. لا اتـذكر شيءً على الاطلاق!! "

اجابت سـولاف بطريقة هستيرية ثم امسـكت برأسها الذي كان كما لو انه يريد ان ينفجر و هي تصرخ المـاً.

الضابط: " تمالكـي نفسـكِ آنسـة سولاف ، هل تحتاجين الى حبـوب مهدئة؟ "
سـولاف: " اخبرتك انني لا استطيع تـذكر شيء الآن! ...كل ما احتاجه هو رؤية والدتي!! "
الضابط: " اهدئي آنستي ، لكِ ما تريدين فقط تعاوني معي بـضع دقائق "
اخــرج الضابطُ صورةً اخرى من جيب سترته و بنفس حجم الصورة الاولـى لكن بمحتوى مختلف ثم وضعها على الطاولة امام سـولاف قائلا ً:

حسـناً اظن ان هـذا يمـكن ان ينعـش ذاكرتكِ قليلاً آنسة سـولاف

لا يزالون احياءWhere stories live. Discover now