الثاني من مارس - غابة دهوك
اخذنا انا و تولين نكمل طريقنا صوب المخيم في محاولةٍ للعثور على صديقيها او معرفة مصيرهما على اقل تقدير.
سار مُفتي خلفنا لمسافة دون ان ينطق بكلمة ، كان الشعور المزعج الذي ينتابني تجاهه لا يزال قائماً ، و كنتُ متأكداً من ان بقاءه معنا سيفسد كل شيء!
لكن تولين لم توافقني الرأي ، فما إن استدرت لأمنعه عن اللحاق بنا بالقوة حتى أمسكت بذراعي لتمنعني.
-" فؤاد أرجوك توقف " ثم اردفت قائلةً " نحن لسنا هنا لخلق المزيد من الاعداء! "
- " و من قال انه ليس عدواً بالفعل؟ "
-" لقد انقذني يا فؤاد! "
-" و أنا من قتل الذئب في نهاية المطاف! " قلتُ صارخاً بوجه تولين
عندها بدت بوضوح ملامح الخيبة ممزوجةً بالحزن على وجهها المُرهق ، حنت رأسها بصمت و تنحت عني بضع خطواتٍ حتى بانت مسافة واضحة تفصلنا عن بعض.
ما الذي فعلتُه..
هبت موجة ريحٍ قوية لتسقط المزيد من الاوراق في طريقنا ، كانت اصوات طائر البوم تتعالى هنا و هناك وسط الظلام الذي احاط بالمكان ، كانت السماء تتلألئ بالنجوم كما اعتادت دوماً في هذه الغابة حيث تنعدم الاضاءة المزدحمة للمدن ، كانت أجواءً جميلة كما كانت مخيفةً في الوقت ذاته ، لقد كنا نسير نحو المجهول بأقدار غير واضحة ، و ازدادت الامور سوءً بهذا الخلاف مع تولين ، و لكن ما الذي دفعني للتشكيك بمُفتي منذ اللحظة الاولى ..
أهو حقاً شعوري بالخطر ام هي مشاعر الغيرة التي تملكتني؟
دائماً ما ننظر الى افعال الآخرين بمنظار ما هو خاطئ و ما هو صواب ، و لكن عندما يتعلق الأمر بنا نحن ، نكاد نجزم بأن مشاعرنا و آراءنا هي الصواب دوماً ، حتى عندما يرينا الآخرون اخطاءنا نقف بكبرياء لننكر ما اقترفناه من ظلم و خطيئة.
ربما لم يكن مُفتي بهذا السوء ..
و لكن كيف سأتمكن من تصحيح الامور الآن و هل سآتي بالكلمات المناسبة لأقولها بعد هذه الاتهامات التي وجهتها نحوه؟
" تولين " ناديتُ بإسمها بصوتٍ هادئ
فالتفتت اليّ قليلا ً دون ان تقول شيءً.
-" آسف ، لقد كانت نبرة صوتي مرتفعة قبل قليل " ثم اردفتُ قائلا ً " لم اكن أعني ما قلته ، اذ لا يهم من قتل الذئب بل المهم انكِ بخير ، و طالما إنّي على قيد الحياة فأنتِ تعلمين أني سأساعدكِ بصدق حتى اخر لحظة "
بعد تلك الكلمات المتواضعة انتظرت ردها بحذر ، تحركت شفاهها ببطئ لتقول بضع كلمات دون ان تحرك رأسها الذي كان منحنياً بإتجاه الارض.
أنت تقرأ
لا يزالون احياء
Mystery / Thrillerاحياناً قد نجد انفسنا في خضام تجربة مريرة ، قد تصنع منا اناساً جدد او قد تسلبنا كل ما نملك بما في ذلك ارواحنا .. اترككم مع احداث حكاية تسردها لنا اعماق غابة دهوك و مرتفعاتها الموحشة حين يلتقي ثلاث طلبة جامعيين بسيّاح غامضين اثناء رحلة تخييمية بعيداً...