الفصل التاسع عشر

505 62 2
                                    


كانت الشمس تميل ناحية الغرب اكثر فاكثر معلنةً عن اقتراب موعد الغروب.

كنت قد انهيت لتوي المكالمة مع اخي ، عندها عقّبت تولين قائلةً " يبدو اخوك مرحاً " فأجبتها و انا انظر في الاتجاه المعاكس ماشيا بخطوات قصيرة مبتعداً عنها " انكِ لا تعرفين شيءً! " و بوجهٍ تملأه الملامح الجادة ، فتراجعت تولين عن نبرتها الحماسية و خيم عليها الصمت بعد ردي هذا.

بعد مضي عدة دقائق ..

سحبت الفتاة ذات الخصلات السوداء ركبتيها نحوها هامسةً " انا اتضور جــوعاً "
بالكـاد استطعت سماع تلك الكلمات التي حال بيني و بين السخرية منها ما فيها من يأس و ضياع ، لقد اعتدت السخرية من اخي كلما صرخ جائعاً امام والدتي لكني غير قادر على افعل ذلك هذه المرة ليس مع مَن انقذ حياتي.

فـجأةً خطرت على بالي فكرة  دفعتني ان أمسك بالقوس قائلا ًمع ابتسامةٍ واسعة
اعرف جيــداً كيف سأستثمر هذا القوس
اقتربتُ من تولين طالباً منها ان تناولني حقيبة السهام ، فناولتني اياها قائلةً " ماذا ستفعل؟ "
اخذت الحقيبة قائلاً بكل ثقة
" فقط راقبي و تعلمي! "

خرجتُ من الكهف لأنظر عالياً صوب اســراب الطيور ، كان المنظر فِردوسياً ، حينها شعرت و كأنني اعمل على تخريب هذا المنظر عندما وقفت مصـوباً نحو السماء ، هكذا نحن البشر ، دوماً نفسد جمال الطبيعة ، لكن لا مفر من ذلك فنحن بحاجة ماسة لوجبة عشاءٍ الليلة.

كانت الحقيبة تحتوي على 5 سهامٍ فقط ، استعدت لتصويب السهم الاول مستهدفاً سربِ طيور يحلق فوق الكهف مباشرةً ، افلتت السهم لينطلق الا انه اخطأ السرب و بفارقٍ كبير نتيجة تأثير شدة الرياح ، جهزت السهم الثاني للتصويب واضعاً بعين الاعتبار شدة الريح و البعد ، مرّ السهم وسط السرب الا ان الحظ لم يحالفني كي يصيب احدها.

استهلكت سهمين من اصل خمسة ، كان على الحظ ان يحالفني هذه المرة ، و ضعت السهم الثالث و كّلي تركيز على السرب ، اطلقت السهم!

مدهـش..

قالت تولين وهي تقف خلفي تشاهد سقوط الطائر الذي اصبته ، لقد كنت منغمساً في التصويب لدرجة انني لم اشعر بوجودها على هذه المقربة مني.

-" كيف فعلت ذلك؟" قالت تولين بدهشة
-" انا وليد البريّة ، الصيد بالنسبة لي كـشرب الماء" قلت بتبجح ثم واصلت " لقد سقط الطائر هناك يجب ان اذهب لاحضاره حالا ًو الا التقفته احدى حيوانات الغابة "
-" لا تبتعد كثيراً فقد تجرح يا سيد وليد البريّة " قالت ضاحكةً
-"لن اتأخر"

تزلتُ الى الارض على عجلٍ تاركاً تولين وحدها في الكهف ، و بعد ربع ساعة من البحث عثرت على فريستي على بعد ما يقرب المائة متر من الكهف ، حملت الغنيمة متوجهاً نحـو الكهف ماراً بين الاشـجار الكثيفة بخطوات بطيئة و انا احدق في السـماء مسترجعاً ذكريات الماضي.

لا يزالون احياءWhere stories live. Discover now