الفصل الاول - مقدمة

2.5K 219 17
                                    

كل شيء بدأ في صبـاح الثاني من مـارس.

كنتُ جالساً على كرسـيِّ الخشبي بجـانب النافـذة متسمراً بأشعـة الشمس الدافئة في صباح احد ايام الربيع و انا اتأمل اصوات الغابة من زقزقةِ طيورٍ و حفيفِ اشجارٍ و هدير ماءٍ.

لقد اعتدت العيش هنا في هــذه الغابة حيث عملي الدائــم و هو النــجارة ، ذلك العمل الذي ورثته عن عائلتـي التـي زاولـت هـذه الحـرفة منـذ الحـرب العراقية الايرانية عام 1980 حين قرر جــدي ترك بغــداد و العيش بين سهول شمــال العراق بعيــداً عن الحــرب قـدر المسـتطاع في مـحاولـةٍ لـعيش حـياةٍ اكــثر اســتقراراً و مـزاولة حـرفـةٍ بســيـطةٍ تساعده على تأميـن لقمــة العيش.

على الرغم من ذلك لم ينل جدي تلك الحياة الهانئـة التي تمناها ، فبعدها بـ 8 سنوات و في عـــام 1988 بالتحديـد قُتِلَ جدي ابان حملــة الانفـال التي شنها النظـام السابق على القرى الكـردية في حلبجـة اواخر ايـام الحرب العراقيـة الايــرانية ، لحســن الحظ فرَّ والـديَّ من تلك المجزرة و سكنا في هذه الغابة المحاطة بالجبال و التي تبعد 155 كيلو متراً عن مركز مديــنة دهوك.

لكنني لطـالما كرهت نمط الحياة الريفية هذه!

على كـل حال، لا يمكنني التذمـر من مـزاولة هــذه الحرفـة خصـوصاً بعد ان هربـت من المدرسة التي كانت يمكن ان توفر لي الحياة المدنية التي طالما تمنيتها ، و لكـن على الرغم من ذلك فان النجــــارة تؤمن لي ما يقارب الـ300 الف دينـار شهرياً و هذا المبلـغ يعد كـافٍ جداً لشابٍ ريفـيٍ اعزب في العقد الثالث من عمره.

-----------------------------------------------------------

ملاحظة: هذا الفصل و الفصول الخمسة القادمة كتبتها قبل سنتين وقتها كنت أقل تمكناً من السرد و الحوار لكني لم ارغب بإعادة كتابتها كوني أرغب بالحفاظ على بداياتي كما هي على بساطتها 🌹

لا تنسى التصويت (علامة النجمة) ❤

لا يزالون احياءWhere stories live. Discover now