الفصل السادس عشر

546 67 4
                                    

الساعة الثانية و النصف بعد منتصف الليل ..

و بخلاف ما تنبأت به الانواء الجوية في المناطق السهلية المجاورة كانت الرياح شديدة و مصحوبةً بإنخفاض في درجات الحرارة في المنطقة المقابلة لجبل شيدا تلك الليلة، كانت الفتاتان مستغرقتان بالنوم داخل خيمتهما الصغيرة المجاورة للنهر الجاف.

كان كل شيء يبدو طبيعياً حتى استيقظت تولين من نومها على صوتٍ غريب لم تكن الرياح مصدره كما بدى الامر للوهلة الاولى ، ركزت تولين سمعها صوب مصدر تلك الضجة التي لم تكن تبعد سوى بضعة امتار عن خيمتها  "شيءٌ ما يتم سحبه، شيء ثقيل! "

همت تولين تحاول ايقاظ رفيقتها  قائلةً " سولاف استيقظي! " لكن دون جدوى لقد كانت سولاف تغط في نومٍ عميق كجثة هامدة لا تسمع شيءً على الاطلاق.

كان صوت السحب يبتعد شيءً فشيءً و بعد اقل من دقيقة اختفى الصوت كلياً ، حاولت تولين العودة الى النوم بعد ان شعرت بقليلٍ من الطمأنينة لزوال الصوت ، غير انها لم تمضي سوى بضعة دقائق قبل ان تفزع لسماع صوت خطوات اقدام شخصٍ ما ... لقد كان احدهم في الجوار!

هل استيقظ فينوار ؟

بدأ صوت الخطوات يرتفع تدريجياً ، لقد كان يسير نحو خيمتها و قبل ان تدرك الامر بدأ ذلك الشخص ذي الجسد البدين بفتح سحاب خيمتها ببطئ شديد ، تجمدت تولين في مكانها و هي ترتجف خوفاً، و قبل ان تدرك الامر سُحِبت سولاف و هي داخل حقيبة نومها الى الخارج الخيمة.

بقيت تولين في مكانها مرعوبةً دون ان تحرك ساكناً ، كانت ضربات قلبها تتسارع مع تدفق الادرينالين في جسمها ، لقد كانت عاجزةً تماماً !

" دعها لي ، اما انت فقم بسحب الفتاة الاخرى " قال رجلٌ بصوته الأجش بلغة انكليزية ذات لكنةٍ استرالية
ما إن سمعت تولين تلك الكلمات و ذلك الصوت حتى ادركت جيداً مع من تتعامل ..

نعم انهما آدم و دانيال بلا شك

استجمعت تولين كل شظايا ذهنها المبعثرة لتركز على الحوار الذي دار بينهما ، فهي تعلم جيداً ان الاستعجال ليس الخيار الأمثل في هذه اللحظة.

" لننقلهما بواسطة تلك السيارة سيكون الامر أيسر علينا " قال دانيال و هو يلوح بمفاتيح السيارة
" كلا .. قيادة السيارة في وقتٍ متأخر سيجذب الانظار بكل تأكيد " رد آدم       
" مَن عساه يمر  بهذه الغابة الموحشة " قال دانيال "عند قدومنا لاحظت دخان مدفأةٍ في وسط الغابة .. لا بد ان هنالك كوخ يقطنه بعض السكان" قال آدم                                                                               "ما العمل اذن ؟ " قال دانيال
" بينما يتم سحب ذلك الصبي الى كوخنا مباشرةً سنقوم بالمثل مع هاتين الفتاتين .. لا حاجة لوسيلة نقل" قال آدم
" حسناً سأقوم بسحب الاخرى الآن " قال دانيال
احس آدم بإحساسٍ غريب ، كما لو ان هناك اعينٌ تراقب بصمت من خلف الاعشاب فقرر التحري من الأمر بنفسه.

" سأتجول قليلاً للتأكد من شيءٍ ما .. اما انت فتعرف ما يجب عليك فعله "

خطى الرجل بجسده البدين خطوات ثقيلة مقترباً من الخيمة تحت ضوء القمر ، كانت الفتاة مستلقيةً فوق حقيبة النوم بدل ان تكون داخلها ، و بدون انتظار انحنى ليسحبها خارجاً ...

لا يزالون احياءWhere stories live. Discover now