حلبجة - 15 مارس - عام 1988
كان يجلس في احد مقاهي المدينة رجل كبير السن ذو ملبس عربي و صوتٍ جهور بدت على محياه خشونة الريف يدعى علي النجار ، و يجلس امامه رجل اخر يرتدي الزي الكردي التقليدي الذي كان يرتديه معظم رجال المدينة ، كانا يشربان الشاي في ظهيرة يوم الخميس و يتبادلان اطراف الحديث وسط الضجة التي كان يحدثها المذياع الذي عُلّق عند باب المقهى.
محمد: ان الوضع سيؤول الى حال سيئة جداً في الايام القادمة.
النجار: و كيف علمت ذلك ؟
محمد: انت تعلم ان ابن اخي مجندٌ ضمن القوات المحلية ، لقد زارني عند الصباح الباكر و هو مرعوب يقول ان علينا مغادرة المدينة في أقرب وقت ممكن!
يبدو ان القوات المحلية قد سهّلت دخول العدو ليلا ً للمدينة ، و قد وصلتهم اخبار بأن الحكومة عازمةٌ على ضرب المدينة و الانتقام من الذين تعاونوا مع العدو ، و الاسوء من ذلك ان قوات العدو لا تملك اي دعم او اسلحة كافية تمكنها من الوصول الى مركز السليمانية او حتى الصمود امام اي ضربة محتملة من الحكومة !النجار: يا الهي .. يجب عليكَ المغادرة هذا المساء يا محمد !
محمد: لا ازال محتاراً من امر المغادرة من الصعب عليّ ترك منزلي و عملي ، كما ان سيارتي تعاني من عطلٍ في المحرك ، سيكون مهلكاً السفر على الاقدام و معي زوجتي و ابنتي.
النجار: معك حق ، لحظة .. لقد تذكرت اعرف رجلا ًلديه خبرة ليست بالقليلة في اصلاح السيارات ، علّه يستطيع اصلاح سيارتك ، و سأتكفل بالنفقة.
***
الساعة 11:00 قبل منتصف الليل
ادارَ محمد مفتاح السيارة ، و معها اشتغل المحرك و أُضيئت مصابيح السيارة الامامية.
محمد: لقد اشتغلت!
اتجه علي النجار صوب محمد بعد ان غادر سيارته ثم عانقه بشكلٍ مفاجئ و هو يقول: اسلك طريق المنخفضات متجهاً الى اربيل و ستصل مع عائلتك قبل صباح الغد.
محمد: مستحيل، ستأتي انت و زوجتك و ابنك معنا ، المكوث هنا خطر.
النجار: لا يمكنني ذلك ، فأم حسين قد اصيبت بالمرض الشديد و يجب علي اخذها غداً صباحاً الى دُكان الاعشاب لكي يصف لها علاجاً.
محمد: سنجد لها طبيباً في طريقنا !
النجار: ان حالتها سيئة كما ان السيارة لن تكفينا جميعاً ، كل ما اريده منك هو ان تأخذ معك ابني حسين و غداً بعد ان تتحسن حالة امه ان شاء الله سوف نلتحق بكم.
محمد: أعدك انني سأعتني به جيداً ، و ما ان اجد مكاناً مناسباً للاستقرار سأعود لكي اقلكم خارج المدينة.
أنت تقرأ
لا يزالون احياء
Mystery / Thrillerاحياناً قد نجد انفسنا في خضام تجربة مريرة ، قد تصنع منا اناساً جدد او قد تسلبنا كل ما نملك بما في ذلك ارواحنا .. اترككم مع احداث حكاية تسردها لنا اعماق غابة دهوك و مرتفعاتها الموحشة حين يلتقي ثلاث طلبة جامعيين بسيّاح غامضين اثناء رحلة تخييمية بعيداً...