ابتعدت عن حضنه متذكرة :
-كنت معترضـة ننزل المية ، وهو صمم ومحدش يقدر يعارضه ، وكانت أول مرة البحر يغدر بينـا ..

قفلت جفونها بتوجس وحاولت تتذكر تفاصيل هذا اليوم ، صرخة الاستغاثة ووقوعها بالبحر ، وتقاذف الموج لها حتى غابت عن الوعي تمامًا .. انخرطت دموعهـا بغزارة وقالت :
-أنا كنت راضيـة بحياتي كده .. أيه حصل قلبها للدرجة دي !! فجاة بقيت واحدة تانيـة مع ناس تانيـة وبحارب عشان بس أوصل لحقي مش أكتر ..

وضع كفه على وجنتها برفق وقال راجيًا:
-ينفع تثقي فيا المرة دي وبس .. !!

ردت بحرقـة :
-سبق ووثقت بالبحر ، خد مني أغلى ما ليا وخد حياتي .. أنا خلاص  مبقاش عندي حاجة اخسرها علشان أثق او مثقش في حد !

مسح على شعرها لتستشعر حنوه وقال :
-كل التفاصيل المؤذيـة اللي مرت عليكِ كانت بوابات فتح جديدة لعاصي دويدار ، تعرفي الحكمة اللي بتقول "مصائب قوم عند قوم فوائده " .. أحنا لسه موصلناش لنهاية الحدوتة علشان نحكم عليها !! البدايات المؤلمة نهايتها هترضينا ..

أطالت النظر بعينيه ثم قالت :
-يعني لو وثقت فيك مش هتخليني أندم !

أصدر صوتًا نافيًا :
-تؤ
ثم ضمها إلى صدره وأخذ يُداعب شعرها و أكمل :
-وقتها اختار المـٰوت ولا اوصلك لشعور زي ده ..

ثم هتف آمرًا للسائق :
-اطلع على الفندق ....

••••••••
‏لماذا لا نخسر الأشياء مرة واحدة ونبكي بكاءً واحداً ؟
لِمَ يقف لنا كل ما فقدناه بالزاوية ليُذكرنا بما فُقد ؟!
لِماذا لا تلمع الأشياء إلا عندما نفقدها ؟!
لماذا يحترق قلبي كُل يوم بألمٍ جديدٍ ؟! لما لا يتبخر الوجع منه ويتحول لرماد ولا نتذوق مرارة الألم مرة آخرى ؟!

دخلت " عالية " غرفتها ورمت حقيبتها بالأرض وتوسدت منتصف فراشها وأخذت تبكي بصوت مرتفع ، أزميل الوجع لم يتوقف عن النهش بقلبها ، والحرق بروحها ..

تركت نوران ما يشغلها وركضت إليها بلهفـة :
-عالية !! مالك .. حصل أيه ؟ مش عاصي ده قال لك هيخلصك من الموضوع اللي فتحته الست أمك..

لم تجد جوابًا منها بل تضاعف بُكاءها أكثر ، جلست نوران على طرف الفراش وربتت على كتفها :
-طيب طمنيني بس ! العياط مش هيحل حاجة والله .. لو في مشكلة نحلها سوا ..

اعتدلت عاليـة بتكاسل شديد وهي تجفف دموعها الغزيـرة وتخبرها بكلمات متقطعـة :
-روحت لمراد الشركة ..

ذهلت نوران بعتبٍ :
-يانهارك مش فايت !! أيه وداكي عنده أصلًا ..

ردت بندم يأكل بقلبها :
-عشان غبيـة ، غبية ومعرفش عملت كده أزاي !

-طيب أهدي واحكي لي .. هو زعلك ..

هزت رأسها بالنفي وقالت :
-لا خالص ، أنا روحت عشان أقوله مش مضطر تصفي شغلك وتخسر كل ده اللي حصل حصل ...

غوى بـ عصيانه قلبي ❤️‍🔥Wo Geschichten leben. Entdecke jetzt