الحلقة السابعة والعشرون

3.4K 145 23
                                    

الحلقة السابعة والعشرون
#رواية_وسام_الفؤاد
وقبل البداية
★★★
المرء إن كان عاقلًا ورعًا
أشغله عن عيوب غيره ورعه
كما العليل السقيم أشغله
عن وجع الناس كلهم وجعه
"الإمام الشافعي"

صلوا على خير الأنام❤️
✨✨✨✨✨✨
"ما أنا مش هسيبك تروحي من إيدي زي ما رحيل راحت من ايد أخويا!!!"
"سيب ايدي يا عامر"
قالتها بنبرة حادة وهي تحاول انتزاع ساعدها من قبضته وهو يجرها جرًا نحو تلك العربة ذات الثلاث عجلات "التوكتوك" وهي تصيح دون توقف:
"بقولك سيب ايدي إنت مبتفهمش"
التقط بصرها سائق التوكتوك الذي طلما ما كان يطاردها هي وأختها دومًا، لم يكن عامر في وعيه على الإطلاق بل كان مغيبًا، عيناه الدمويتان وجفونه المتهدله تجعل أيًا من ينظر إلي يُجزم بأن هذا الشخص قد احتسى مخدرًا ما لتوه! هدرت به كثيرًا لكنه كان يسحبها غير آبه لصياحها ورجائها حاولت استجماع أنفاسها الاهثة والسيطرة على مشاعر الخوف الذي كاد أن تدك قلبها، لا لن تصرخ كالضعفاء هي ليست ضعيفة وتستطيع المدافعة عن نفسها، أجل! هي تستطيع المواجهة؛ طمئنت نفسها بتلك الكلمات، رفعت البيشة عن مقلتيها لتستطيع الرؤية جيدًا وثبتت قدميها أرضًا بقـ وة، حاول عامر جذبها مجددًا ولكنها ألصقت قدميها بالأرض زم شفتيه وأخذ يحاول جذبها وهي تحاول الرجوع للخلف التفت يُطالعها بأعين تشع غضبًا، كان يقف قبالتها تفصلهم فقط مسافة ذراعها الممدود بينهما! عقلها بخبرها أن تلكمه بيدها الأخرى أو تحاول انتزاع يدها منه بكامل قـ.وتها لكنها لم تفعل كذلك! بل رفعت إحدى قدميها وركلته بمنتصف بطنه، فترك عامر يدها وعاد للخلف متأوهًا وعاقدًا ذراعيه أمام بطنه، قالت سديل بنبرة حادة ولاهثة:
"انتوا مينفعش معاكم غير العنـ ف"
التفتت حولها تُطالع الناس الذين يرمقونها بتعجب ممزوج بالإعجاب، لم ييأس عامر ودنا منها ليمسك ذراعها بقـ وة وقبل أن يتدخل أحد الموجودين قبضت كفها الأخر ولكـ منه بوجهه، فترك ذراعها ووقف يلمس فكه متأوهًا فقالت بسخرية:
دنت منه مرة أخرى وركلته بقدمها مرة أخرى فاىتطم بالأرض اعتدلت واقفة وهندمت ثيابها قائلة بسخرية:
-"ابقى سلملي بقا على أبوك"
ولت ظهرها لتنصرف وكأنها لم تفعل شيئًا، فارتجل الشاب "حوكش" من التوكتوك وأطلق ضحكات ساخرة وهو يساعد عامر لينهض عن الأرض ويُطالع سديل التي تُسرع خطاها مغادرة قائلًا:
-قوم يا عامر شكلك بقا وحش قدام البنات!
صرخ عامر بغضب وهو ينظر لأثر سديل قائلًا بتوعد:
-ماشي يا بنت عمي!!!
بقلم: آيه السيد شاكر

*******
لم تنتبه أن عينها باتت ظاهرة وأخذت تبكي وتشهق اختارت مكان يكثر فيه المارة من الناس خوفًا من أن يعترض ذاك البغيض طريقها مرة أخرى، جلست على مقعد صخري على الرصيف، صدع هاتفها بالرنين برقم أختها وجاهدت لتُخرج صوتها طبيعيًا فلا تريد إخافتها، وعندما سألتها عن صوتها الحزين قالت:
"أصلي محلتش كويس في الامتحان"
أغلقت مع أختها ليضيء هاتفها مجددًا برقم أحمد فأخبرته بمكانها ووقفت تنتظره.
كان الناس يرمقونها بتعجب ويمرون جوارها وهي تشهق بالبكاء، حاولت كبح شهقاتها ودموعها محدثة نفسها لا لن أبكي أمامه هيا سديل هيا اكبحي دموعكِ فأنت قوية، نعم! قوية، يكفي بُكاء لا يجب أن يرى حالتك تلك! توقفي أيتها الدموع يكفي عويل فارغ! وأخيرًا كبحت دموعها في محاولة واهية للتماسك قبالته، تنفست بعمق وهي تراه يقبل نحوها حتى وقف أمامها وقال:
"مستنتيش قدام المدرسه ليه؟"
"أصل أنا...."
تلجم لسانها بالطبع لن تخبره عما حدث ولن تخبر أحد، دقق النظر لعينيها فمازال بهما أثر الدموع، سألها بلهفة:
"إنتِ باين في عنيكِ الدموع الإمتحان كان صعب ولا ايه؟"
وكأنه ضغط زر بكائها فارتفع صوت نحيبها لم تستطع التمالك عن أي امتحان يسألها هل امتحان دراستها أم امتحانها الأصعب وهو الدنيا! وابتلائها وهو عمها وأبناءه ارتفعت شهقاتها، حاولت اشاحت وجهها بعيدًا عنه منهارة تمامًا بالبكاء.
جلس أحمد جوارها مكبل اليدين لا يستطيع الاقتراب منها ولا يستطيع تركها، ولا يريد منعها من إفراغ حزنها بالبكاء علها ترتاح وتهدأ قال بنبرة شجية:
-معلش إنت عملتِ إلي عليكِ احمدي ربنا يا سديل وركزي في الي جاي
أخرج من جيبه منديلًا وقال بمزاح:
-خدي أنا عامل حسابي وجايب مناديل لزوم الدموع وكده أصل أنا عارف البنات بيحبوا يعيطوا كتير
ابتسمت من خلف دموعها وأخذت المنديل من يده لتجفف دموعها محاولة التماسك، أردف بنبرة جادة:
-أنا عايزك تقولي ورايا يلا "حسبي الله لا اله الا هو عليه توكلت وهو رب العرش العظيم"
رددت وراءه بصوت متحشرج وظلت يرددها وهي تردد وراءه ٧ مرات حتى هدأت واستقر صوتها، قالت بنبرة هادئة:
-تمام... أنا هديت خلاص يلا نمشي أنا عايزه أنام
حاول معها كثيرًا لتغير رأيها وتتغدى معه لكنها تريد الذهاب للبيت لإفراغ شحنة غضبها بطريقتها المعتادة...
استغفروا❤️🌹
__________________________
"لأ يا جوري مش كده اسمعيها مني الأول كامله كده وبعدين هنرددها سوا"
قالتها هبه وهي تُجلي الأواني وچوري تجلس على طاولة المطبخ تتلو سورة «التين» لكنها تخطئ بأحكام التجويد، أخذت هبه تردد الآيات بصوت نديّ ومؤثر.
من ناحية أخرى فتح آصف الباب بهدوء كان يحمل بيده المثلجات والمسليات، وحين سمعها حرص على التزام الهدوء ليستمع للمزيد خلع حذائه وضغط شفتيه معًا وهو يتسلل على أطراف أصابعه حتى وقف أمام المطبخ وتوارى خلف الجدار ليتثنى له سماعها، وقف يبتسم بفخر فقد رزقه الله بزوجة صالحة تستحق العناء وتستحق الحب، وبعد أن رددت السورة مرتين، قالت:
-يلا بقا نردد مع بعض يا چوري... قولي ورايا كده... والتين والزيتون
وقبل أن تنطق چوري دلف آصف للمطبخ مبتسمًا، فقالت چوري بسعادة: بابا
جحظت عيني هبه حين رأته وتسارعت دقات قلبها، وهو يضم چوري ناظرًا لعبه التي تطأطأ ىأسها لأسفل فلم تكن تريده أن يسمع صوتها أبدًا ما حيت! تذكرت ذاك اليوم حين أرسلت لآيمن مقطع صوتي لها وهي تغني إحدى الأغاني الرومانسية فاستهزأ بها وبصوتها ومذ ذلك الوقت وهي لم تغني أو تُظهر صوتها أمام أحد حتى عائلتها! وضع آصف الأكياس على الطاولة أخرج المثلجات لچوري وأرسلها للخارج ثم نظر لهبه وقال بحب:
-إيه الجمال والحلاوة دي! معقوله بقالنا كتير متجوزين ومعرفش إن صوتك حلو أوي كده.. بجد اللهم بارك
-بطل مبالغه
قال من خلف ضحكاته:
-لأ بصراحه ليك حق تتريقي على صوتي بالجمال ده
هزت رأسها قائلة:
-كداب قوي وبكاش وبتبالغ أنا صوتي عادي خالص
همت أن تغادر المطبخ فجذبها من يدها نظرت لوجهه بتبرم، فغمز لها قائلًا بمكر:
-طيب مش حافظه حاجه رومانسي كده تبل ريقي
نظر لبؤلؤ عينيها بعمق وغنى بصوته الذي عهدناه، قائلًا:
"بتحبني ولا الهوى عمره ما زارك بتحبني ولا انكتب على القب نـ ارك"
حدقت بملامحه ونظراته التي تُخبر عن مدى حبه لها.
قد يكون هو الوقت المناسب لتنطق بتلك الكلمة الثقيلة على لسانها ثقل الصخر على الصدر، هو زوجها يحق له أن يسمع تعابير الحب وكلمات الغزل من بين شفتيها، إلى متى سينتظر وإلى متى ستهرب منه؟! تحاشت النظر لعينيه وأطرقت رأسها لأسفل قائلة بخفوت:
-بحبك
وكأنه كان يفهم ما يمور بجعبتها، انغرجت شفتيه بابتسامة باهتة، قبل رأسها وضمها لصدره هامسًا جوار أذنها:
-أنا فاهم يا برتقالي إنك لسه خايفه مني وأتمنى أقدر أطمنك في يوم من الأيام... ولحد ما يجي اليوم ده متتعبيش نفسك
تركها وسار خطوتين ليخرج من المطبخ ثم استدار مرة أخرى وقال بابتسامة وبثقة:
-اتأكدي إن هيجي اليوم إلي ترفعي عينك وتبصي في عيني وتقوليلي بحبك يا أحمر من غير ما أحس بنبرة الخوف إلي بتحاولي تخفيها
ابتسم بجاذبية وأردف: أصل جوزك بقا بارع في لغة العيون وخصوصًا عنيكي
ابتسمت بخجل ووقفت تُحدق به وبابتسامته حتى غاب عن نظرها وخرج من المطبخ! تجمعت غمامة الحزن فوق رأسها، فهو يستحق كامل الحب لكنها لا تستطيع تفسير مشاعرها نحوه أو كما قال هي تخاف! كم هي حمقاء ممَ تخاف!!
"لا شك أن الخوف من أقرب إنسان لقلبك وروحك هو شعور يستحق السحق"
آيه شاكر
_____________________
دخلت فرح لشقتها وتبعها يوسف الذي أمسكها من ذراعها ونظر لعمق عينيها قائلًا بحنان:
-متعرفيش أنا قلقت عليكِ ازاي لما وقعتِ...
ضمها بحب وأردف:
-الحمد لله إنك بخير يا حبيبتي
خرجت من بين ذراعيه كانت ملامحها جامدة ولم يلحظها، طالعته وهو يضع مفاتيحه وحاويته جانبًا متسائلة ألتلك الدرجة يحبها ويخاف عليها! نظر لها مبتسمًا وقال:
-واقفه كده ليه يا حبيبي يلا ادخلي غيري هدومك؟
لم تحرك ساكنًا سوى أنها أغلقت جفونها بحسرة وقالت بجمود:
-طلقني يا يوسف أنا مستاهلش حبك ده

رواية وسام الفؤاد لـ آيه شاكر Where stories live. Discover now