الحلقة الواحد والعشرون

3.9K 145 15
                                    

الحلقة الواحد والعشرون
ما كل ما يتمناه المرء يدركه
تجري الرياح بما لا تشتهي السفن
المتنبي
صلوا على خير الأنام ❤️
✨✨✨✨✨✨✨✨✨✨✨

"أنا متأكد إنك صاحيه"
انقلبت على ظهرها شهقت باكية وسحبت الغطاء على وجهها، فنهض على الفور وأضاء سراج الغرفة وهو يقول باقتضاب:
-معقوله يا هبه بتعيطي في الظلمه؟!
أقبل وجلس جوارها مجددًا ثم سحب الغطاء عن وجهها، فقبضت على الغطاء بيديها لتستر أكتافها جيدًا أغلقت جفونها وهطلت الدموع من عينيها، وعندما رأى حالتها قال معاتبًا:
-يا الله! يا هبه شاركيني إلي بيحصلك... يعني ليه تقعدي تعيطي لوحدك!
تنهد بعمق وأردف:
-أنا كنت متأكد إن فيه حاجه حصلت!
اعتدلت جالسة ومسحت دموعها بالغطاء الذي تتدثر به جيدًا، وحاولت التماسك قائلة بثبات:
-محصلش حاجه أنا بس كنت مخنوقه شويه و...
قاطعها قائلًا بسخرية:
-متحوريش عشان چوري شافت كل حاجه وحكتلي... وقالتلي أن مامتك ضربتك!
تقوس فمها لأسفل وأدمعت عينيها مجددًا قائلة بنحيب:
-مش عارفه والله ليه أمي بتعاملني كده! أنا ساعات بحس إنها مش أمي!
أغلق جفونه وفتحها قائلًا بإشفاق:
-عشان خاطري بلاش دموع والله كل حاجه هتتعدل ان شاء الله
مسحت دموعها بالغطاء مجددًا قائلة بثبات ظاهري:
-خلاص... خلاص أهوه سكتت روح ناملك شويه قبل السحور
هز رأسه نافيًا وهو يقول:
-لأ طبعًا أنا مش هسيبك تنامي لوحدك وإنتِ كده!
حاولت التظاهر بالثبات لكن كسفتها نبرتها المتحشرجة وهي تقول:
-أنا بقيت كويسه صدقني!
-لأ والله مش هسيبك تنامي لوحدك
-طيب وجوري هتسيبها لوحدها؟
-لأ هننام جنبها أنا وإنتِ السرير واسع... يلا قومي
-أقوم إيه! لأ أنا.... أنا هنام هنا مبعرفش أغير مكاني
-لا اتعودي يا حبيبتي لأن أصلًا مكانك هناك... ودي هتبقى اوضة أولادنا في المستقبل إن شاء الله
رمقته بطرف عينها وظلت مكانها صامتة فنهض وأردف بنزق:
-هاه هستنا كتير؟
ازدردت ريقها وقالت بارتباك:
-أ... طيب هاتولي الروب من وراك
رفع إحدى حاجبيها وقال ساخرًا:
-روب!! اه ماشي فهمت
دنا منها وعلى حين غرة أزاح الغطاء عنها وحملها بين ذراعيه فشهقت بصدمة، وضمت يدها لصدرها وهي تقول بضجر:
-إيه ده نزلني... بقولك نزلني
قال دون أن ينظر إليها:
-هو إنتِ لسه هتتكسفي مني!!!
وبنبرة مرتفعة قالت وهي تضغط على كل كلمة:
-بقولك نزلني إنت بتفهم إزاي؟
قال بنبرة هادئة:
-هووووش البنت نايمه... وبعدين فيه حاجه كنت مخبيها عليكِ ولازم تعرفيها
صمتت وكرمشت وجهها بامتعاض فسار نحو غرفته مردفًا بهمس:
-فاكره لما كنتِ تعبانه لما الستات دول ضـ ربوكِ منهم لله...
فتح باب غرفته بقدمه ثم وضعها على السرير الذي يلتصق بالحائط وابنته تنام بالداخل "جوار الحائط"، استلقت على ظهرها وأغلق هو باب الغرفة ثم استلقى جوارها ورفع رأسها ليضع ذراعه أسفلها ثم همس جوار أذنها:
-المهم يومها بقا مش لما فوقتي لقيتِ هدومك نظيفه هيكون مين إلي غيرلك يعني! عاطف مثلًا؟!
كانت مترددة لسؤاله عن هذا الموضوع وها قد أعطاها الإجابة دونأن تتكلف عناء السؤال، لم تستطع التفوه ببنت شفه، اعتدلت جالسة تبحث عن غطاء تتدثر به فجلس أيضًا وسألها:
-بتدوري على إيه؟
-على الغطاء
سحبها من يدها لتستلقي جواره وقال بابتسامه:
-تعالي بس هدفيك
جلست مرة أخرى وقالت بخفوت:
-آصف لو سمحت متعصبنيش أكتر من كده!
تظاهر بالبراءة قائلًا بمكر:
-إنتِ فهمتِ إيه والله ما قصدي حاجه... وبعدين البنت نايمه جنبنا! أنا قصدي هحضنك يعني
نفخت بحنق وقالت:
-مش عايزه أحضان.. الدنيا حر مبحبش أنا التلزيق ده
قطب جبينه قائلًا بتعجب:
-تلزيق!!!
سحبت الغطاء عليها وولته ظهرها لتنام، فنظر لها واستلقى جوارها قائلًا بنزق:
-طيب تصبحي على خير يا برتقالي... قال تلزيق قال!
استغفر الله وأتوب إليه ♥️
__________________________
صمت طاغي ران عليها، لم تعد تستطيع رفع عينها عن الأرض حياءً، نظرتا كل من فرح ووسام لبعضهما وابتسمتا فكانتا تنتظران طلبه بفارغ الصبر، عقبت الجد بابتسامة:
-نقول السكوت علامة الرضا!
لم تنطق رحيل وشعرت بتزايد حرارة جسدها حتى التهب وجهها واشتدت احمراره، ظلت تفرك يدها بارتباك، فقال محمود:
-ممكن تردي يا رحيل لو سمحتِ؟
تنحنحت بخفوت لتجلي حنجرتها واستجمعت شجاعتها لتقول بصوت مرتجف:
-حضرتك شخص محترم و... وأي بنت تتمنى زوج زي حضرتك بس...
صمتت مجددًا لتستجمع شتات نفسها، وترتب كلماتها، لا يدري لمَ شعر بنغزة في قلبه فمسح على ذقنه ثم قال بترقب :
-بس إيه؟
ابتلعت العلقم الذي سيطر على حلقها وقالت بنبرة مترددة:
-أ... أنا آسفه مش هقدر أوافق
تجهم وجهه بل عبست وجوه الجميع، مع شهقات وسام وفرح التي جحظت عيناها من هول ما سمعت آذانهما، أغلق محمود جفونه بحزن وأطرق رأسه لأسفل بإحراج، فنهضت رحيل واقفة وأخذت تعدو من أمامهم وهم ينظرون لأثرها بذهول، هب محمود واقفًا وقال باقتضاب:
-بعد إذنكم يا جماعه
غادر وتبعه أحمد وفؤاد وأيضًا يوسف، وتبعتا رحيل فرح ووسام وقفت سديل لبرهة تنظر لأثر أختها ولطيف محمود تنفست بعمق وهرولت لتلحق بمحمود...
********
"استني بس يا محمود متبقاش عيل صغير"
قالها فؤاد وهو يركض خلف محمود الذي وقف جوار سيارته وسند مرفقه عليها، فأردف فؤاد مبررًا:
-يا عم هي ممكن تكون اتحرجت ولا حاجه!
لم ينبس محمود بكلمة فقال يوسف الذي يضع يديه بجيبي بنطاله:
-معلش يعني يا حضره الظابط إنت غلطان... كان لازم تكلمها الأول قبل ما تحرجها وتحرج نفسك بالشكل ده!
نفخ محمود بحنق وقال:
-خلاص يا جماعه حصل خير كل حاجه نصيب... عن إذنكم
فتح باب سيارته فقال أحمد بضجر:
-محمود متبقاش متسرع البنت شكلها بتحبك
ابتسم محمود بسخريه وهو يفتح ذراعيه قائلًا:
-أيوه واضح طبعًا أنها بتحبني والدليل أنها رفضتني من غير تفكير!
فؤاد: بتحبك يا محمود بس إنت إلي اتصرفت غلط لو كنت قولتي كنت نصحتك متعملش كده
يوسف: بالعقل كده واحده عايشه في بيت ناس غريبه وأهلها ممرمطين بكرامتها الأرض غير سمعتها إلي متشوهه وكمان معهاش فلوس تجهز نفسها عاوز تروح تتقدملها تقولك إيه؟! كان لازم تتكلم معاها الأول...
تنهد محمود بعمق وقبل أن ينطق، أقبلت سديل نحوهم وقالت بنبرة مرتبكة وهي تنظر أرضًا:
-السلام عليكم..
ردوا السلام
فقالت بتلعثم:
-كـ... كنت عايزه أقول حاجه..
فؤاد: اتفضلي يا سديل
تنحنحت بخفوت وقالت بحياء:
-كنت عايزه أقول حاجه لحضرة الظابط
محمود:
-اتفضلي يا سديل عايزه تقولي إيه؟
ارتبكت حين شعرت بتحديقهم بها، لا تدرى أما تفعله صواب أم خطأ لكنها لغت كل أفكارها وقالت بكلمات متقطعة:
-أختي... يعني... رحيل...
تنفست بعمق واستجمعت شجاعتها لتقول: ممكن تدينا فرصه... يعني أنا بعتذر بالنيابه عنها... ممكن فرصه بس هتكلم معاها وكده..
ابتسم محمود وقال بتفهم:
-ماشي يا سديل كلميها وهستني منك رد
أومات رأسها وقالت:
-شكرًا لحضرتك... عن إذنك
وبعد أن غادرت قال يوسف بإعجاب:
-ما شاء الله والله سديل دي عاقله كده وهاديه ربنا يباركلها والله
فؤاد بابتسامة:
-وكمان حافظه القرآن وجميلة في الشكل
طالعه أحمد بغضب وقال بحدة:
-وإنت عرفت منين بقا إنها جميله؟
فؤاد: وسام ومريم إلي قالوا وبعدين ما هي أكيد حلوه شبه أختها
محمود بغيرة: انتبه لكلامك يا فؤاد!
رفع أحمد إحدي حاجبيها وقال بتبرم:
-وإزاي مريم تقولك كده أصلًا... وتقولك ليه؟
ربت فؤاد على كتف أحمد وغمز بعينه قائلًا بمشاكسة:
-فيه إيه يا برنس مالك محموق كده! هي غمزت ولا إيه!
أشاح أحمد يده بضجر وركب للسيارة دون أن ينبس بكلمة فاستأذن محمود قائلًا:
-طيب عن إذنكم يا جماعه

رواية وسام الفؤاد لـ آيه شاكر حيث تعيش القصص. اكتشف الآن