الحلقة السادسة عشر

3.5K 140 12
                                    

الحلقة السادسة عشر
#رواية_وسام_الفؤاد
صلوا على خير الأنام❤️🫶

لم تستطع صد اللكمات الموجهه لمعدتها والضـ ربات المصوبة لوجهها، كانت إحدى السيداتين تحجب حركتها وتكتم صرخها وأنينها والأخرى تضـ. ربها بلا شفقةٍ ولا رحمة، ظلت تُصدر همهمات مكتومه حتى خارت قواتها وتهدل جسدها بيد إحداهن غائبة عن وعيها، لم تتوقف الأخرى عن تسديد اللكمات غير مبالية بحالة هبه، تركت الأخرى جسد هبه ليرتطم بالأخر وهي تهتف بفزع:
-كفايه البت هتمـ. وت في إيدك
لتعقب السيدة بقـ. سوة:
-ما تمـ. وت! الي زي دي يستاهل المـ. وت
ركلت جسد هبه بقدمها ركلاتٍ قاسية، فسحبتها الأخرى وهدرت بها:
-يخربيتك كفايه هتلبسينا مصيبه... كفايه هي كده اتعلمت الأدب خلاص
سحبتها وفتحتا الباب ثم خرجتا يتحسسان الطريق بحذر ...

وبعد ما يقرب من النصف ساعه فتحت هبه جفونها وهي تأن بألم، الرؤية مشوشة أمامها لا تستطيع سماع شيء لا تكاد ترى أمامها سوى منظر هاتان السيدتان، كانت تفترش الأرض وتأن من ألمٍ بسائر جسدها وهناك سائل أحمر يهطل من فمها وأنفها بلا توقف، حاولت النهوض مرتكزة على الحائط لكنها شعرت بدوار يلفح رأسها ووقعت مجددًا، قاومت مرة أخرى وتحاملت على نفسها لتقف تريد هاتفها لتتصل على أحد لنجدتها، سرعان ما تذكرت أن هاتفها بحوزته، فأجهشت بالبكاء بقلة حيلة وهي تهوى مجددًا بقلة حيلة، صرخت بأنين وأخذت تزحف على ركبتها لتدخل للمرحاض، فتحت صنبور المياه وخلعت اسدالها بوهنٍ وأخذت تكتم سيلان الد**ماء بطرف إسدالها للحظات، ثم ألقت بكامل جسدها أسفل المياه علها تُسكن آلامه، صرخت بالأنين ثم أغلقت عينيها واستسلمت.....
_______________
ومن جهة أخرى ضـ. رب آصف الطاولة بقبضته بغضب فقد انتابه الشك وتسلل إلى قلبه من ناحيتها فتح هاتفها بكلمة السر التي حفظها من أول مرةٍ وقعت على مسمعه، وبدأ يتفحص محادثاتها ودليل هاتفها بعصبية، لكن لم يلفت نظره أي شيء مريب، كل شيء بدا طبيعي، نهض واقفًا واستقل دراجة نارية تخص المطعم وقبل انطلاقه سأله أحد العمال:
-حضرتك ماشي ولا إيه؟
عقب بجمود:
-لأ ساعه وراجع
قطع الطريق صافلّا يفكر بها، الآن يود معرفة حقيقة طلاقها! أصبح لا يحتمل، سيواجهها ليعرف فلا يعقل أن تكون زوجته التي يقترن اسمها باسمه ولا يعرف عنها أي شيء سوى اسمها ووظيفتها! أي مهزلة هذه؟ صعد درجات السلم بوجه محتقن غاضب، حاول الهدوء فتنفس الصعداء وهو يفتح باب شقته، دخل ووضع مفاتيحه جانبًا، نظر لباب غرفتها المفتوح، واستمع إلى صوت خرير المياه الصادر من المرحاض فنادى:
-دكتوره هبه... يا برتقالي... دكتوره
لم ترد عليه بل لم تسمعه من الأساس، سار ببطئ نحو المرحاض فلفت نظره بقع من الد**ماء تلون أرضية الشقه، وقف أمام باب المرحاض لبرهة، لا يفهم ما يجري، ركض نحوها صائحًا بلهفة:
-هبه فيه إيه؟
اقترب منها يتحسس كدمات وجهها وهو يقول بصدمة:
-إيه إلي عمل فيكِ كده؟!
بدأ يهزها بعـ. نف وهو يتحسس جسدها المرتخي هاتفًا بلوعة:
-يا هبه ردي عليا بالله عليك... بالله عليكِ فتحي عينك وكلميني
لا يعرف كيف يتصرف توقف عقله عن التفكير، أخرج هاتفه في سرعة وطلب رقم صديقه "عاطف" وبعد أن أجابه قال باندفاع:
-الحقني يا عاطف!
_____________________
"إنت نزلت من نظري قوي"
كان فؤاد ممسكًا بمقبض الباب، استدار يطالعها في حسرة وهي تُعدل من شعرها المبعثر وملابسها المتهدلة، كانت تتحدث بجمود دون بكاء.
أغلق عينيه بألم فلم يكن ينوي فعل ذلك هو فقط أراد أن يكشف عن أجزاء جسدها ليخبرها أنه يتقبلها على أي صورة كانت، يريدها ويحبها كما هي! لا يدري كيف ضعف أمامها هكذا وفعل ما فعله! طأطأ رأسه بخجل وتنحنح ليقول بصوت خافت جاهد لإخراجه من حلقه:
-أنا آسف يا وسام آسف
أشاحت وجهها بعيدًا عنه، فأنهي جملته وخرج من الغرفة بأكملها ليفتح باب الشقه الذي يُطرق بعـ. نف مع صيحات باسمه، ليجد نوح الذي هتف بتبرم:
-ايه يا فؤاد ساعه على ما تفتح... مريم تعبانه قوي وعاوزك توصلنا للمستشفى
هتف فؤاد بلهفه:
-مريم! مالها مريم؟
صفع الباب خلف ظهره وخرج، لتخرج هي من غرفتها بحذر لتتأكد أنه غادر، تنهدت بارتياح لانصرافه، أقبلت نحو باب الشقة لتوصده من الداخل ثم هوت على أقرب مقعد تتذكر اللحظات التي مرت عليها قبل قليل، توسلاتها وهلعها واستجدائها كيف تجاهل كل ذاك لينفذ رغبته! فقد ظنته مصدر أمانها الآن أصبح هناك مصدرًا جيدًا لخوفها، مسحت دموعها التي تساقطت على وجنتيها، وتردد في عقلها جملته الأخيرة: "أنا آسف"
كيف تتقبلها! كيف تثق به بعد الآن، كيف سيرأب ذلك الصدع بينهما!
__________________________
وفي عصر اليوم جلست رحيل جوار أختها وهي تقول بتبرم:
-إنتِ واعيه للي بتقوليه يا سديل! الراجل كتر خيره وقف جنبنا وجابلنا مكان نقعد فيه وكمان هيساعدنا في مشكلة بيتنا عاوزاني أروح أقوله شوفلي شغلانه كمان.. ليه معنديش د**م!
-يا رحيل أنا بفكر معاكِ بصوت عالي مقولتلكيش روحي قوليله
زمت رحيل شفتيها وقالت بقلة حيلة:
-مش عارفه هنعمل إيه! الفلوس دي مش هتكفينا يومين كمان!
بللت سديل شفتيها وقالت:
-هتفرج والله وزي ما ربنا كرمنا بالظابط ده في طريقنا قادر يفرجها
أردفت سديل بتسائل:
-هي وسام لسه موبايلها مغلق؟
اومأت رحيل رأسها قائلة:
-أيوه مش عارفه راحت فين والله قلقت عليها!
صدع هاتفها بالرنين فنظرت لشاشته ثم لوجه أختها قائلة:
-رقم مش متسجل!
سديل: طيب ردي بسرعه ممكن يكون الظابط
نظرت رحيل للهاتف هنيهه، كانت مرتبكه، فأشارت لها سديل لتفعل، فتحت الخط ثم مكبر الصوت وازدردت ريقها بتوتر وهي تقول:
-السلام عليكم
لياتيها أخر صوت توقعته:
-عليكو السلام... إنتِ يا بت مش هتبطلي حركاتك دي!
أغلقت سديل عينها بتبرم ونفخت بحنق فما كان ينقصهما غير عمها، هتفت رحيل بتلعثم:
-ح... حركات إيه؟
عقب بسخرية:
-حضرة الظابط إلي جيباه يتوسطلك!
-هُـ..... هو كلمك؟
-كلمني وخد ميعاد يقابلني...
أردف عمها بحدة: اسمعي يا بت إنتِ أنا جبت أخري منك إنتِ وأختك وأعلى ما خيلكم إركبوه... الأراضي كلها باسمي والدار كمان باسمي
عقبت رحيل بنبرة حزينه:
-يعني ده ذنب بابا إنه وثق فيك... حرام عليك هتروح من ربنا فين
عمها بصرامه:
-أنا مش عايز مواعظ أنا مكلمك أقولك كلمتين احترمتوا نفسكم ووافقتوا تتجوزوا عيال عمكم أنا عنيا ليكم غير كده متدخلوش بيتي ولا تبعتولي حد عشان مش هتاخدوا قشايه واحده!
أغلقت جفونها بألم وهي تقول:
-حسبي الله ونعم الوكيل فيك إنت ظالم... ظالم
-خلص الكلام
قال جملته الأخيرة وأغلق الخط، فأجهشت رحيل بالبكاء، ربتت أختها على ظهرها وقالت بتماسك وبحنو:
-متعيطيش يا رحيل... هو قبل على نفسه حق اليتامى... واحنا مش أي يتامى دا إحنا ولايا...
حدقت سديل بالفراغ وأردفت بأسى:
- يعني لا قد عمك... ولا عياله.. ولا سالم ومش هينفع ندخل حـ رب نهايتها محسومه وخسارتها من نصيبنا
ضـ. ربت رحيل فخذيها بيديها وقالت بحسرة:
-حسبنا الله ونعم الوكيل... دا مش عمي دا غمي... هنعمل إيه ياربي؟
تنهدت سديل وقالت:
-متخليش الظابط ده يروحله يا رحيل... لأن مفيش فايده منه مش هيدينا حاجه..
نظرت لرحيل وأردفت بحـ. ماس:
-إحنا هنشوف أي شغلانه نعيش منها ونأجر شقه على قدنا ونكمل تعليمنا وأكيد ربنا هيقف معانا إنتِ مش واثقه في ربك ولا إيه؟
مسحت رحيل دموعها وقالت:
-طبعًا كلي ثقه في الله
قامت سديل لترتدي ثيابها وهي تقول:
-أنا هروح ل مي صاحبتي أجيب منها أي كتب أزاكر فيها لحد ما نجيب حاجتنا من عند المدرس ده!
نهضت رحيل قائلة:
-طيب استني أجي معاكي
عقبت سديل:
-يبنتي دي هنا في البلد مش مستاهله نخرج إحنا الإتنين..
أخرجت رحيل ورقات نقدية من حقيبتها وقالت:
-طيب خدي هاتيلنا معاكِ أي أكل
______________________
خرجت فرح من غرفة الطبيبة النسائية تمسك بيد يوسف، مازالت تشعر بالإرهاق، طمئنتها الطبيبه بأنه اضطراب لهرموناتها نتيجة الضغط النفسي لا أكثر ونصحتها بالإسترخاء، قبض يوسف على يدها بحنو وقال:
-سمعتِ الدكتوره قالت إيه يارب تنفذي بقا
أومأت رأسها وقالت بتفهم:
-حاضر يا حبيبي... مـ ممكن توديني عند جدو وماما عشان وحشتوني
أشار بسبابته لعينيه قائلًا بحب:
-دا إنتِ تأمري وأنا أنفذ يا فراولتي
ابتسمت قائلة بخفوت:
-والله بحبك
حاوطت كتفيها بذراعه وقال:
-ربنا ميحرمنيش منك أبدًا
__________________________
وأمام البوابه الحديديه للبيت جلست وهيبة على حصيرة معلله أنها تستمتع بالهواء النقي لكنها تتابع الطريق وتستمتع بمشاكسة كل من يمر أمامها...

رواية وسام الفؤاد لـ آيه شاكر Where stories live. Discover now