هبه وآصف

2.6K 100 11
                                    

"نفسي أعرف مين إلي اتهـ. جم على بيتي وضـ. رب مراتي بالشكل ده! بس أكيد هعرف... لازم أعرف"
كان آصف يحدث نفسه بغضب عارم ممسكًا بإحدى ساعديها ومحدقًا بتلك التي تسكن الفراش بوهن شديد.

-آه... آه... آه
صدر صوت أنينها فوضع راحة إحدى يديه لتلتصق براحة كفها، وربت بالأخرى على ظهر يدها بحنو وهو يقول بلهفه:
-هبه... إنتِ سمعاني؟
أصدرت أنينًا أخر فأردف بلهفة أشد:
- إنتِ كويسه طمنيني عليكِ! مين إلي عمل فيكِ كده؟

فتحت جفونها وتعالى صوت بكائها ممزوجًا بأنات متقطعه، فتنهد بقـ. وة ورتب على يدها مرة أخرى قائلًا باقتضاب:
-بتعيطي ليه بس!؟

كبحت شهقاتها وردت بوهن وبنبرة متحشرجة:
-أنا عاوزه أقولك حاجه معرفش تهمك ولا لأ؟

زم شفتيه بحسرة وهو يحدق بوجهها الواهن وقال بنبرة هادئة:
-قولي أنا سامعك

التوت شفتيها لأسفل كطفلة تكبح بكائها وقالت بتلعثم وبتردد شديد:
-أنا... أنا مـ. ريضه... يعني عندي السكر من وأنا صغيره...

قطب جبينه وأطلق تنهيدة طويلة ثم حاول كبح جماحها قائلًا:
-ارتاحي يا دكتوره مش وقت الكلام ده!

ابتلعت غصة تتلوى بحلقها وقالت بنبرة خافتة وواهنه:
-أنا اطلقت عشان مقولتش لأيمن على مـ. رضي...

انفـ.  جرت بالبكاء وإزدادت شهقاتها، فنفث الهواء من فمه عله يهدئ ما يجيش بداخل صدره، ونهض واقفًا جوارها ليمسح على شعرها بحنان تعهده للمرة الأولى فقد ظنت أن شخصيته قاسية اعتقدت أنه بلا رأفة وبلا قلب!

تشجعت أكثر ونظرت لها بانكسار قائلة:
- ماما هي السبب... أقنعتني إنه لما يحبني مش هيسيبني... بس...  كمان صاحبتي خانت سري وراحت قالتله يوم الفرح... عارف عمل إيه؟
نظر لدموعها التي تهطل من مقلتيها لتغرق الوسادة أسفل رأسها وسألها عاقدًا حاجبيه بأسى:
-عمل إيه؟
شهقت وقالت:
-ضـ. ربني وشتمني... بهدلني قوي

ضغط على أسنانه قائلًا بحنق:
-الحيوان!

هزت عنقها محدقة بملامحه تحاول تفرس ملامحه لمعرفة ما بقلبه وقالت بندم:
-بس أنا معترفه إني غلطانه... مكنش ينفع أخبي عليه... كنت عيله صغيرة والله وكان المفروض يفهم كده.. أنا مشيت ورا ماما من غير تفكير... بس هو أكيد قال وأنا إيه يجبرني أعيش مع واحده مريـ. ضة سكر!

حاول تغير مجرى الحديث ومشاكستها بلطف فابتسم وهو يقول:
-يبنتي ما هو طبيعي قمر زيك لازم يكون عنده السكر أنا كده عرفت سر جمالك مسكره بزياده

ابتسمت لمداعبته وعبس وجهها
مجددًا وهي تقول بحسرة:
-يمكن حظي وحش جدًا في الدنيا... بس أنا حاسه إن ربنا عنده أحسن من هنا... يمكن مش مكتوبلي السعاده في الدنيا وربنا شايلي نصيبي في الأخره!

عاد يمسك يدها مجددًا وهو يقول بحنو:
-متقوليش كده تفائلي إنتِ بس وسيبي الباقي على رب العالمين

الآن فهم ما يقصده أيمن ذلك الغبي! نظرت هبه ليدها التي يقبض عليها بحنو، شجعها فرط حنانه ورأفته فأغلقت عينيها ثم فتحتها سريعًا عازمة أن تخبره بأخر سر تخفيه لتكشف كل أوراقها أمامه، نادته بوهن:
-آصف

حدق بها فلأول مره تنطق اسمه مجردًا بدون إضافة أستاذ أو تناديه باسم عائلته كما تفعل بمشاكسة، ابتسم قائلًا بحب:
-نعم!

بللت شفتيها بتوتر وابتلعت العلقم الذي طغى على جوفها لتقول بفراسة وبنبرة مرتعشه، متحاشية النظر لوجهه:
-ربنا سبحانه وتعالى بيقول بسم الله الرحمن الرحيم ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا ۖ فَمَتِّعُوهُنَّ وَسَرِّحُوهُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا﴾
التفتت إليه لتحدق بوجهه مردفة:
-فاهم معنى الآيه دي؟!
اومأ رأسه بتفهم وهو يقول بثقة:
-أيوه طبعًا يعني لو واحد تزوج واحده وطلقها قبل ما يدخل بيها فملهاش عده و....

اتسعت حدقتيه فجأة حين أخطأ في فهم المغزى مما تقصد وقال بصدمة:
-هبه هو إنتِ عايزه تطلقي ولا إيه؟

انفرجت شفتيها ببسمة وقالت ساخرة:
-دا إلي فهمته إني عايزه أطلق؟!
عقد جبينه متعجبًا يحدق بها متفحصًا مغزاها دون أن ينبس بكلمة، فتنهدت بعمق مردفة:
-يعني أنا مكنش ليا عدة من أيمن...

تحجرت عيناه بصدمة وهو يطالعها مرددًا بشرود:
-يعني إنتِ....

قاطعته وهي تغلق جفونها:
-لو سمحت طفي النور أنا عايزه أنام شويه..
#رواية_وسام_الفؤاد
#روايات_آيه_شاكر
#كتابات_آيه_السيد_Aiah_Elsayed

رواية وسام الفؤاد لـ آيه شاكر حيث تعيش القصص. اكتشف الآن