الحلقة التاسعة عشر

3.6K 136 14
                                    

#رواية_وسام_الفؤاد
الحلقه التاسعه عشر
صلوا على خير الأنام♥️
✨✨✨
"إنتِ شكلك نايمه والله... طيب هبقا أكلمك بعدين"
عقبت رحيل في سرعة:
-ولا قبلين
تعالت ضحكاته قائلًا:
-رحيل إنتِ أكيد نايمه وبتهلوسي ولا... ولا حد شربك حاجه أصفره ولا إيه؟
وبصوت ناعس وخافت قالت:
-لأ أنا أكلت عسل
عقب من خلف ضحكاته:
-معقوله العسل يعمل كده؟
-إنت بتعاكسني؟
قال بابتسامة واسعة:
-هو أنا معاكستش بس مستعد أصلح غلطتي إلي أنا مغلطهاش دي!
ساد صمتها فناداها:
-رحيل... الو.. رحيل إنتِ نمتِ ولا إيه؟
دقق السمع، فلاحظ انتظام أنفاسها أثر غوصها في نومٍ عميق،لذا أغلق الهاتف، وجلس يتذكر حوارهما ويضحك حتى أدمعت عيناه.
______________________________
"ما كان فراقك هين، ولا كان بُعدك لين، ولكنك عدت متأخرًا بعد أن تعافيت منك ونضب حبي لك، ويا ليتك لم تعُد فقد نبشت عن ألمي الذي دفنته لسنوات وجاهدت لنسيانه"
كتبتها وهي تتذكر أيمن وكلامه وعرضه عليها اليوم، كانت تجلس في الشرفة على أريكة طويله بعرضها وأمامها طاولة صغيرة ومستديرة، تركت الدفتر مفتوحًا على الطاولة واستندت عليها بمرفقيها منكسة رأسها بينهما، كم تشعر بثقل في صدرها أخذت تبكي علها تخفف من ذاك الحمل الذي أزهق روحها، لا تدري لمَ تبكي لكنها تكاد تختنق وتفرغ ما عبئ صدرها بالبكاء.
هناك تناقض بمشاعرها فهي كأي فتاه تتمنى زوجًا يُحبها لكن لا تريد التعلق مجددًا خشية أن يكون ألم جديد تفرح في بدايته وترفرف في سماها ثم تهوى مجددًا وينكـ سر جناحها، أغلقت جفونها، وتركت عقلها بيد أمواج أفكارها، حتى أخرجها صوته يسألها:
-إنتِ كويسه؟
رفعت رأسها بدهشة فقد ظنته نائمًا، جففت دموعها بأناملها وهي تقول بصوت متحشرج:
-كـ.. كويسه.. أيوه..
جلس جوارها ونظر نحوها قائلًا:
-كنتِ بتحبيه؟!
-هـ.. هو إيه ده؟!
-طليقك؟ كنتِ بتحبيه؟
ران عليها الصمت، نعم كانت تحبه بل كانت تهيم به عشقًا، لم تتحرك مشاعرها إلا له ولم تتخيل قط أن تكون لرجل غيره، انتظرته كثيرًا عله يشفق عليها ويعود! حين طال صمتها مد بصره ليقرأ ما كتبته بدفترها، ثم أرسل تنهيدة قـ. وية وقال:
-أنا حاسس بيكِ
ضمدت جملته جـ رحها النازف رغم أنها لم تُسكن ألمه إلا أنها عالجته، أطالت النظر إليه بشرود تستعيد ذكرى سنوات تؤلمها، كم تمنت أن يفهما أحد، لكم تمنت كلمة تربت على قلبها المتألم ولم تجد، نظرت للفراغ أمامها وقالت بنبرة مختنقة:
-تعرف... كان نفسي ألاقي حد يحس بيا... حد يقولي كلمة تطمني كنت تايهه مش عارفه أنا بعمل إيه كلمته كتير وبعتله رسائل كتير بس تجاهلني... ومرت الشهور وأنا برده بحاول...  بس فجاه زهقت.. كان لازم أفوق لنفسي.. ووجهت تركيزي كله للدراسه..
نظرت له فوجدته يحدق بها، سألت دموعها عيناها بصمت وأردفت:
-بس أمي كانت هي السكـ. كينه البارده إلي بتدبـ. حني بكلامها... أنا فكرت أنهي حياتي أكتر من مره بس...
ابتسمت بسخرية من خلف دموعها وأردفت:
-خوفت من المـ. وت... أصل أنا بعيد عنك جبانه
أغلقت جفونها تعتصرهما وتمسح أثر الدموع عن وجنتيها وهي تتنفس بعمق،
كان يستمع لكلامها بإنصات وبصمت يريدها إفراغ ما يؤرهقها مد يده ليلمس ظهر يدها بحنو، وقال:
-تفتكري يا هبه ربنا حكمته إيه من إني أقابلك؟
نظرت له ولم تعقب فأردف بنبرة هادئة:
- أنا إتجوزتك لما حسيت إن چوري محتاجالك... لكن غصب عني قلبي متعلق بيكِ...
أردف بنبرة راجية: هبه أنا محتاجلك زي ما أنا متأكد إنك محتاجالي...
كانت تدقق النظر بملامح وجهه وهو كذالك يُطالعها بتحديق، ساد الصمت بينهما وظلا هكذا للحظات، أستفاقت هبه وحركت عنقها بنفي قائلة:
-لأ...
سحبت يدها منه وابتعدت عنه مسافة ثم نظرت بعيدًا عنه و أردفت بحزم:
-مينفعش... انا وإنت لأ... إزاي أصلًا دا إحنا مش بنبطل مناقره... ومن أول يوم اتقابلنا فيه واحنا بنتخانق... دا إنت إلي قائل احنا بينا تنافر زي الأقطاب الموجبة
ابتسم قائلًا:
-مسمعتيش المثل إلي بيقولك ما محبه إلا بعد عداوة... وبعدين تنافر إيه إلي بينا... دا إحنا الجاذبية بينا أقوى من الجاذبية الأرضية
ضحكت ونظرت له قائلة: لا حلوه وعجبتني الجمله دي
قال بابتسامة واسعة:
-أيوه كده اضحكي خلي الدنيا تنور
ظلت تتجاهل أعراض انخفاض سكر د**مها وفجأة تفاقمت الأعراض، دوار رأسها مع رعشة انتابت جسدها وأيضًا بعض التعرق، فحاولت النهوض لتذهب للمطبخ وتأكل أي شيء لكن ترنح جسدها وهوت مجددًا جالسة على الأريكة، دنا منها ومسك يدها المرتعشة قائلًا بقلق ولهفة:
-فيه إيه مالك؟
أجابته بإعياء ولاهثة:
-السكر... السكر نزل... هاتلي حاجه مسكره بسرعه
ركض للمطبخ ليحضر وعاء السكر ومعه بعض الفواكه، وعاد إليها، انحنى أمامها ووضع بفمها ملعقة من السكر ثم قال بقلق:
-أنا عايزك تأكلي الفاكهه دي
كانت تستند بضهرها للحائط، فتحت جفونها وقالت بصوت خافت وبتعب مع ابتسامة ضائعة:
-متقلقش أنا متعوده على كده... شويه وهفوق
وجلس جوارها وجذبها إلي صدره قابضًا على يدها بقلق، فقالت:
-هتستحمل واحده مريضة سكر؟
-لأ مش اي واحده! يعني لو واحده زي القمر وعينها ملونه واسمها هبه يبقا افديها بروحي
لا تُنكر أن كلماته لمست أعماق قلبها، فسندت رأسها على صدره وأغلقت جفونها، فقال:
-إنتِ كده مش هتعرفي تصومي!
-لأ عادي هتسحر كويس وخلاص
-طيب بقولك إيه... أنا عاوزك تفردي ضهرك شويه
ساعدها لتستلقي على ظهرها وسند رأسها على فخذة، وبدأ يمسح عرق وجهها بيده، لم تقاومه وأغلقت جفونها فهي تريده ولكن هناك هاجس يردعها عنه بكل قـ. وة، مسد على شعرها متمتمًا بعاطفة:
-هبه.. عشان خاطري إدينا فرصه... قلوبنا محتاجه فرصه عشان تعيش من تاني..
فتحت جفونها تطالع ملامحه التي باتت حنونة ومحبه، قالت بتفكير:
-سيبني أفكر
وحين لاحظ لينها انفرجت شفتيه بابتسامة واسعة أظهرت قواطعه وقال:
-وأنا مش مستعجل خدي وقتك
أغلقت عينيها ومر الوقت وهو يمسد على رأسها ويداعب خصلات شعرها متأملًا ملامحها ومبتسمًا، ظلت مغمضة العينين حتى ظنها نامت، لكنها كانت تفكر، تفاجأ حين قالت دون أن تفتح عينها:
-أنا... أنا موافقه يا أحمر
قطب جبينه وسألها بدهشه:
-موافقه على ايه؟
-موافقه نكمل حياتنا زي أي زوجين بس... بس بعد رمضان...
اعتدلت جالسة ثم نهضت واقفة وغادرت دون أن تلتفت إليه، ولا تدري هل استعجلت بموافقتها أم لأ! لكنها تريد أن تعيش معه ومع ابنته باقي عمرها ولن تقبل بلقب مطلقة مرة أخرى..
________________________
نظرت والدة فؤاد من النافذة المطلة على الحديقة فوجدت هشام يجلس مع زوجته وابنه ومريم فنزلت إليهم مسرعة.
على جانب أخر
ابتسمت شاهيناز وقالت:
"يعني أنا كده بقا عندي فيكبوس يا نوح"
رفع شفاهه العلوية بسخرية ثم قال بتعجب:
-فيكبوس! اسمه فيسبوك يا ماما
حدقت شاهيناز بشاشة الهاتف في يدة وقالت وهي تشير نحوها:
-طيب ضيفلي فرح والبنات كلهم عشان أبقى أكلمهم... وضيف أبوك عشان أشوف بيكلم مين من ورايا
قال هشام بتبرم مصطنع:
-جبتلنا وجع الدماغ يا نوح
ضحكت مريم قائلة:
-ليه بس يا خالو خلي ماما تاخد فرصتها وتنطلق
أقبلت والدة فؤاد نحوهم وقالت:
-إنتوا بتعملوا إيه قوموا نامولكم شويه قبل السحور!
مريم: تعالي يا ماما شاركينا لحظة قص الشريط الأحمر ودخول ماما شاهيناز عالم الفيسبوك
جلست والدة فؤاد جوار نوح مبتسمة تتابع شرحه لوالدته كيف تتعامل مع الفيسبوك فأومأت شاهيناز رأسها بتفهم وقالت:
-خلاص فهمت متقلقش
نوح: أهي كده فرح قبلت الأد بتاعك
ضيقت شاهيناز بين حاجبيها وقالت:
-يعني إيه؟
نوح بنفاذ صبر: يعني بقيتوا أصحاب
شاهيناز بدهشه:
-أصحاب إزاي يبني أنا أمها!
نهض هشام واقفًا وهو يضحك قائلًا:
-ربنا يعينك يا نوح أنا داخل أنام
صوبت والدة فؤاد هاتفها لنوح وقالت:
-وأنا كمان يا نوح علمني على الميسبوك ده
نظر لها نوح بطرف عينه وقال:
-اسمه الفيسبوك يا عمتو... تعالي..
نظر لوالدته وقال:
-تعالي يا ماما اسمعي الشرح تاني عشان مش عايزين فضايح
-لأ أنا فهمت سيبني اتعامل بقا وأكلم فرح  
_______________
"لم تكن حياتي معتمة لكنني أغمضت جفني بقـ. وةٍ، فظننت أن الدنيا حولي ظُلمةً"
دخلت وسام لصومعة ذكرياتها القاسية، تسمع صوت ضحكات سالم الساخرة وألم الحـ. ريق ينهش روحها، مرت الأحداث بجعبتها بسرعة أكثر حتى رأت حالها تجلس مقابل طبيبتها النفسيه تحكي معها ما تعانيه من أرق وتلك الأصوات التي تدور برأسها، تسارعت الأحداث أكثر لتتذكر ضـ. رب والدها لها وتعنـ يف زوجة أبيها الدائم، ازدادت ضربات قلبها وتسارعت أنفاسها لكنه لم ينتبه لحالتها تلك بل كان يمشط شعرها بعناية متمتمًا بكلام كثير لم تسمع منه أي شي...
"هو أنا بكلم نفسي ولا إيه بقا يا ست وسام!"
عادت من أطلال ذكرياتها أثر جملته، ففتحت عينيها وهي تقول بصوت خافت:
-هاه... كنت بتقول حاجه؟
ربط شعرها ورفعه لأعلى على شكل كعكة وثبتها جيدًا برابطة الشعر وهو يقول بسخرية:
-لأ دا إنتِ مش معايا خالص...
ضمها من الخلف وقبل عنقها ثم أسند ذقنه على كتفها قائلًا بابتسامة:
-إيه رأيك بقا ينفع أشتغل كوافير
لا تُنكر أنه قادر على إنتشالها من بحر أحزانها لضفة الأمان، هدأت خفقات قلبها لتدق بحبه، احمر وجهها خجلًا من قرب أنفاسه منها، ومع ذلك ابتسمت قائلة:
-لو ليا أنا بس فينفع
قبل وجنتيها قائلًا بصوت أجش:
-بحبك يا وسامي...
نهضت واقفة وقالت بارتباك:
-قوم بقا روح أوضتك عشان ألحق أنام شويه قبل السحور
هز رأسه نافيًا واضجع على السرير ليفرد ظهره بأريحيه وقال بمكر:
-أنا هنام هنا جنب مراتي حبيبتي
زمت شفتيها بنزق ولم تنطق فنهض وجذب مرفقها وهو يقول:
-تعالي بس عايز أتكلم معاكِ
جلست على طرف السرير بضجر، ونظرت له متسائله بابتسامة:
-عايز إيه؟
ارتسمت الجديه على خلجات وجهه وقال بخفوت:
-اتحـ. رقتي ازاي يا وسام؟
أعادتها جملته لبؤرة الماضى فمسكت يده وقالت بنبرة مرتعشة:
-مصمم توجع قلبي وترجعني لأسوء فترة عيشتها في حياتي...
زفرت بقـ. وة لتخرج انفعالاته السلبية وقالت بحزم:
- فؤاد أنا مش عايزه أفتكر ومش عايزه أحكي
-وأنا مش هضغط عليكِ لما تبقي جاهزه وقادره تحكيلي هكون مستنيكِ
أشاحت بصرها بعيدًا وأرسلت تنهيدة طويلة ثم قالت:
-طيب سيبني دلوقتي وأكيد هحكيلك وأنا ليا مين غيرك يعني!
ربت على يدها بحنو وقال:
-براحتك يا بابا أنا مستنيكِ
ابتسمت فنهض عن الفراش وقال:
-طيب أسيبك بقا تنامي شويه قبل السحور
فتح باب الغرفة والتفت مجددًا ليلقي لها قبلة في الهواء وقال:
-تصبحي على خير يا وسامي
________________________
"شوفت ماما عملت فيسبوك يا يوسف"
كانت تتحدث بابتسامة واسعة وهي ترقد في فراشها بجوار يوسف الذي يعبث بهاتفه المحمول، عقب:
-أيوه بعتتلي أد وقبلته
تجهم وجهها فجاة واعتدلت جالسة حين رأت والدتها أشارت إليها بمنشور لصورة لها وهي بعمر الثلاث أعوام ومكتوب أعلى الصورة " الصوره دي كنتِ لسه عامله بيبي على نفسك وصورناكي للذكرى حتى شوفي معلم في البنطلون إزاي هههههه "
صرخت فرح وقبل أن تحذف البوست وجدت تعليقات كثيرة من أصحابها وعائلتها يسخرون من هيئتها فصرخت وقالت:
-منك لله يا مرات أبويا...
قطب يوسف جبينه وسألها:
-مالك يا فرولتي؟
-أ... لأ.. أصل... مفيش متاخدش في بالك
نظرت لشاشة هاتفه فوجدته في تطبيق اليوتيوب تنهدت بارتياح وحذفت المنشور، لكن ظلت الصورة تظهر لأصدقائها في أخر الأخبار ورآها الكثير.
ولم تكتفي والدتها بذلك فأرسلت منشور أخر بصورة نوح مع عمتها "والدة فؤاد" وكتبت عليه: "شوفي نوح بيشرح لعمتك درس عن الفيسبوك ما هو لسه شارحلي برده بس عمتك دماغها تخين"
تأملت فرح الصورة لعمتها وهي تفتح فمها ببلاهه ونوح يزم شفتيه بنزق فانفـ جرت ضاحكة وهي تحذف المنشور مرة أخرى وقالت:
-اتصلي على نوح يا يوسف أصل ماما هتفضحنا الليله على الفيسبوك
-ليه عملت ايه؟
-بتكتب بوستات وتعملي منشن فيها على أساس أنها على الخاص
ضحك يوسف قائلًا:
-يا نهار أبيض
طلب يوسف رقم نوح وأعطى الهاتف لفرح وما أن أجاب نوح حتى قالت بدون سلام:
"خد الموبايل من أمك كفايه فضايح الليله"
-إيه إلي حصل؟
فرح بضحكات عالية:
-امك نشرت صورتك إنت وعمتو على الفيس وعملتلي اشاره
أغلق مع فرح ونظر لوالدته قائلًا::
-نهارك أخضر يامه هاتي ام الموبايل ده
أخذ الهاتف من يدها وهم أن يغادر ثم عاد وأخذ هاتف عمته التي كانت تنظر به بابتسامة وهو يقول لها:
-عشان أعرف أنام مرتاح... يلا يا مريوم
ركضت شاهيناز خلفهما وهي تقول:
- خد ياض هات الموبايل
-الصبح ان شاء الله
_________________________
كانت شاهيناز وسلفتها ووالدة فؤاد يركضن بأنحاء البيت لإيقاظ الجميع فلم يتبقى على آذان الفجر سوى دقائق، طرقت شاهيناز باب شقة نوح عدة مرات تزيد من قـ وة كل طرقة عن سابقتها ففتح نوح الباب بشدوه يجاهد ليفتح عينيه ويحاول التركيز بملامح من أمامه، هتفت شاهيناز لاهثة:
-يلا يا نوح بسرعه هات مراتك وتعالى ورايا مفيش وقت
قالت جملتها وركضت للأسفل، لم يفهم نوح ما يجري وركض للداخل ليوقظ مريم على الفور وهو يقول:
-قومي يا مريم بسرعه ماما عاوزانا تحت مش عارف فيه ايه؟
لم ينتظر زوجته وركض على الفور لأسفل، يفتح عينًا ويغلق الأخرى أثر النعاس، فوجد أبيه وعمه وجده يلتفان حول مائدة الطعام ويجاهد ثلاثتهم لرفع رأسه وفتح عينيه، وقف قبالتهم وقال بشدوه:
-هو فيه إيه؟! 
ظهرت والدته من خلفه تحمل عدة أطباق وقالت:
-يلا اقعد... مراتك مجتش ليه؟
وهنا تدارك ما يجري، تنهد بعمق واومأ رأسه متفهمًا ثم دخل ليغسل وجهه ووقف يبدل نظره بين ثلاثتهم متفحصًا تجهم الوجوه الغير طبيعي والمريب، ضحك قائلًا:
-جماعه ابقوا كلوا قبل ما تناموا بدل المنظر ده...
شاهيناز بقلق:
-كل يا نوح بسرعه مفيش وقت... معرفش والله فين الباقين!
-ماما إنتِ موتراني... كلمة مفيش وقت دي حسيستني إن البيت بيوقع أو بيولـ ع أو...
قاطع سيل كلامه صوت ارتطام جسد أحدهم بالأرض أثر انزلاقه من فوق الدرج نظر الجميع نحو الباب فدخل فؤاد من الباب ممسكًا بظهره وبدل نظره بينهم قائلًا:
-إيه إلي بيحصل هنا؟
تامل نوح ملامح فؤاد العابسة أثر النوم وضحك قائلًا:
-تعالى يا حبيبي متقلقش دا مجرد سحور عادي
تنهد فؤاد بنزق ومسح وجهه بكلتا يديه ثم دخل يغسل وجهه ثم أقبل نحو المائدة فتعثرت قدمه بحذاء أمامه ووقع مفترشًا الأرض، قام وهو يتأوه ويقول:
-آه معدش حد يخصني كده ويصحيني للسحور نهائي
تعالت ضحكات نوح وقال:
-حبيبي اسم الله عليك... اقعد بس عشان معدش وقت وبعدين نتفاهم
دخلت وسام تترنح أثر النوم  فأقبل فؤاد وجذبها من يدها لتجلس جواره وبدأ يطعمها بفمها قائلًا:
-معلش كلي أي حاجه وبعد كده هتسحر أنا وإنتِ قبل ما ننام بدل وجع القلب ده
دقيقة واجتمع الجميع حول مائدة الطعام، بأعين ناعسة تجاهد لتفتح فمها وتتناول الطعام، سأل الجد:
-هو مفيش هنا عسل نحل
شاهيناز بنزق:
-فيه بس الحجه وهيبه واخداه في أوضتها وخايفه أدخل تصحى
نوح:
-متاكلش عسل يا جدو أصلًا هيعطشك
أخذ فؤادة قضمة من الخيارة بيده وقال:
-بصوا يا جماعه رمضان محتاج خيار ركزوا أوي على الخيار
ثم أعطى أخذ قضمة وأعطى وسام قضمة.
وعلى ذكر العسل، شردت رحيل لتتذكر ضحكات محمود وقوله: "معقول العسل يعمل كده" تركت الخبز من يدها وأخذت تلوك الطعام في فمها ببطئ شاردة الذهن، حدقت بالفراغ تُحاول تذكر أي شيء، تمنت لو معها هاتفها لتقطع الشك باليقين بأنه مجرد حلم عابر! أخرجها من خضم أفكارها شاهيناز التي ربتت على ظهرها بحنو وقالت:
-إيه يا رحيل ما بتاكليش ليه يا حبيبتي؟
التفتت لها رحيل وقالت بتلعثم:
-أ... لا أصل... أصل أنا مبعرفش أتسحر مـ.. مش جعانه
تدخل الجد قائلًا:
-لأ كلي أي حاجه دا النهار طويل وأول يوم بيكون صعب يا بنتي
أومأت رحيل رأسها وبدأت تتناول الطعام بشرود، تتمنى أنها لم تفعل ما يريبها!

رواية وسام الفؤاد لـ آيه شاكر Where stories live. Discover now