الحلقه الثامنة عشر

Start from the beginning
                                    

لم تترك أحدًا تعرفه من قريب أو بعيد إلا وأخبرته بأنها ستطبخ اليوم، أخذت تعد الطعام بابتسامة عذبة لم تفارق شفتيها وتغني بحب، وبعد ما يقرب من أربع ساعات تنهدت بعمق قائلة:
-تم بحمد الله
بدأت تكشف الأوانى وتُطالعهما بفخر فلأول مرة تطبخ بمفردها، فدائمًا ما تأكل مع والدته "صفاء" ومن يدها، واليوم أصرت كامل الإصرار أن تطبخ له، انتبهت أثر فتحه لباب الشقة، هرولت إليه وهي تغني بسعادة:
-حبك في قلبي عزيز أطيب من الاكل اللذيد
اتسعت ابتسامته قائلًا:
-إيه الروقان ده!
رفعت كفيها قائلة:
-طبختلك حب بكل ملوخيه
هزت رأسها بسرعه نافية ما قالت لتوها، وضحكت مصححة:
-قصدي طبختلك ملوخية بكل حب
شاركها الضحكات وأقبل يضمها بحنو ويقبلها بحب قائلًا:
-حبيبي أشطر شيف في الدنيا
خرجت من أحضانه وقالت برجاء:
-يارب تعجبك يارب
غمز لها قائلًا:
-يا روحي أي حاجه منك حلوه... هغير هدومي بسرعه على ما تجهزي لنا الأكل
أشارت لعينيها قائلة:
-من عنيا الجوز

وبعد دقائق جلسا مقابلها لتطعمه بيدها أول ملعقة وهي تغني مبتسمة:
-دوق معايا الحب... دوق... دوق... دوق
كان مبتسمًا فتح فمه ليتذوق ما بالملعقة، ثم أخذ يومئ رأسه لأسفل بابتسامة مصطنعة، فتلاشت ابتسامتها وقالت بترقب:
-إيه وحش ولا إيه؟
أشار لها بإبهاميه أنه تمام.. دون النطق بكلمة، وكيف ينطق وما زال تحت تأثير تلك الصدمة! فابتسمت مجددًا وأخذت ملعقة من الطبق الأخر لتقدمها له وهي تغني:
-دوق معايا الحب... دوق... دوق... دوق
فتح فمه بقلة حيله، وتلقائيًا تقوس فمه لأسفل متقززًا، ضغط شفتيه معًا ثم بصق ما بفمه وبدأ يسعل، فصاحت بضجر:
-إيه ده يا يوسف... إيه إلي عملته ده؟ يا سيدي حتى لو وحش احترم مشاعري دا أنا واقفه بقالي أكتر من ٣ساعات على رجلي
رفع إحدى حاجبيه وسألها:
-فرح إنتِ دوقتي الحب ده؟!
تلعثمت قائلة بنبرة خافته:
-لـ.. لا لسه
-يبقا لازم تدوقي الحب ده من إيدي
أخذ يوسف ملعقة من الطعام وقربها من فمها وهو يغني بابتسامة:
-دوقي معايا الحب... دوق... دوق... دوق
وحين تذوقت ما بالملعقة، وضعت يدها على فمها وركضت للحوض لتبصق ما به، فتبعها واستند على الحائط قائلًا بابتسامة:
-الظاهر بدل ما تحطيله ملح حطيتِ صوابعك فيه فطلع مسكر بزياده
تنحنحت بإحراج قائلة:
-الظاهر أنا اتلغبطت وبدل ما أحط ملح حطيت سكر
جلست على المقعد ووضعت يدها على خدها بحسرة، وقالت:
-ماما صفاء قالتلي متعمليش حاجه وركزي في مزاكرتك قولتلها لأ أنا هجرب أطبخ بنفسي
نظرت له وأردفت:
-ورحت مشوحه بإيدي كده يا يوسف قولتلها بعصبيه دا أنا ست بيت وهطبخ لجوزي
ضحك بخفوت وقال:
-إحنا ناكل جبنه وبالليل نروح نتطفل على ماما وناكل عندها
وكأنها لم تسمع ما قاله نظرت للفراغ بشرود وقالت:
-أنا كمان قولت لمامتك متطبخش هنزلها أكل...
ضـ. ربت رأسها قائلة بحسرة:
-يا شماتة ماما صفاء فيا
قهقه ضاحكًا وقال:
-متقلقيش أنا هقولها إني أكلت الأكل كله من حلاوته
أشارت له بسبابتها وقالت برضا:
-على فكره إنت زوج صالح وأنا محبتكش من فراغ
ضمها قائلًا:
-يا حبيبتي أنا كل يوم بفتكرك في صلاتي
شددت على ضمه وقالت بحب:
-ويا ترى بقا بتدعيلي بايه؟
-بيدعيلك ربنا يهديكِ ويصبرني عليكِ
تعالت ضحكاتهم فدفعته وقالت بنزق:
-ماشي يا يوسف
هرولت لغرفتها وأخذ يعدو خلفها ليراضيها فمهما فعلت ستظل مجنونته التي يعشقها!
______________________
استأذنت رحيل من عملها باكرًا فالأمس كان ذكرى ميلاد أختها وتريد أن تشترى لها هدية مختلفة عن كل عام تود إدخال السرور لقلبها فكل عام تشتري لها كتابًا لكن في هذا العام اختلف الأمر فقد قررت أن تشتري لها أدوات الملاكمة، وسيكون لها فرصة هي الأخرى لممارستها هوايتها التي تركتها جانبًا مذ اعوام، فوالدهما كان بطلًا للملاكمه ودربهما كثيرًا فى صغرهما لكن بعد وفاته أخذ عمهما كل الأدوات وباعها بثمن بخس، أكمل صديق والدهما مسيرة تدريبهما لأعوام أخرى، حتى علم عمهما وأبرحهما ضـ. ربًا فانقطعتا عن تلك الرياضة ومرت السنون.
تنهدت بعمق وابتسمت فقد اشترت ما أرادت، نظرت للأفق حولها فقد أوشك الليل على اسدال ستارة عتمته، حملت هاتفها لتسأل أختها إذا انتهت من حلقة القرآن فلأول مرة تتأخر بتلك الطريقة.

رواية وسام الفؤاد لـ آيه شاكر Where stories live. Discover now