الفصل الثاني عشر

Začít od začátku
                                    

قفل فريد الدفتر ثم تحركت جفونه الحزينة وقال متأثرًا :
-وحشتني يا أخي ! بدور عليها وسط الكتب والحروب وكل حاجة بتحبها ! أنا لحد دلوقتِ مش متقبل فكرة أنها راحت يا يونس !

اغرورقت عيون يونس بعجز ثم هتف باكيًا :
-كل اللي كانوا على المركب خرجوا إلا هي ، ملهاش وجود فـ البحر ، مفيش ليها أثر في أي قسم شرطة ولا مستشفى ، أنا هتجنن هتجنن يا فريد ، أنا مش باقي لي غيرها ، لا عارف أنام مطمن لاني لسه ماشفتش جثتها ، ولا أخاف لاقضي عمري كله أدور عليها !

حضنه فريد بقوة كأنه يود مواساة نفسه أولًا بأي شيء يحمل رائحتها ثم قال متأملًا :
-قلبي بـ يقول لي أنها عايشة وبتتنفس زينا ! أنا قلبي حاسس أنها موجودة لسه .

••••••••••••

تدلت أنظاره لأسفل إثر صوت سعالها القوي وتقيؤها صبار الوجع تحت خيمته ، ثم رُفعت عيناه الباترة لـ تراقب المشهد المُريب حوله ، اختبأت " هدير" وراء أمها بعيون قفز بها شبح الخوف ، ولم يختلف الحال بالنسبة لـ " عبلة " التي تسمرت في مكانها ولم يتجول بها إلا عيونها الحاقدة .

عادت أنظاره مرة أخرى لتلك الضعيفة التي لا حول لها ولا قوة ، ثم تلاقت عيناه الفظ بملامحها المهزومة التي تُقر بها أن جميع أغصاني المُتمردة كسرتهـا الرياح !

شيء ما بداخله ذكره بـ تفاصيل مدفونة بقلبه ، تلك النظرة أحيت به ألف شخص مـيٰت تعمد تكفينه كي يُحيي شخصًا آخر به يقف صلدًا بوجه جميع الزعابيب القادمة ، تذكر رجفة يد "مها" وهي تتخذ أنفاسها بصعوبة ، وصوت العجز يرفرف بنبرتها وتتراجاه :
-خايفة يا عاصي ، خايفة ادخل العمليات مخرجش تاني ! خايفة اسيبك لوحدك تخدعك الدنيا وتوه في عتمة أيامها .. أنا مش خايفة من الموت ، أنا خايفة اسيبك لوحدك

ثم صمتت طويلًا كي تستجمع كلماتها المُتقطعة :
-أوعدني ، أوعدني أنك مش هتتتغير ، أنك مش هترجع عاصي القديم اللي عرف النور علي أيديا !

ثم أختتمت جُملتها راجية :
-سامحني ، سامحني لاني كذبت عليك .. بس كنت عايزة اسعدك حتى ولو كان التمن حياتي .

هنا فاق " عاصي" من دوامات ذكرياته ، وبنفس الرجه التي أصابت قلبه من قبل ، تتكرر الآن ، مال بـ عجلةٍ وحملها بين يديه ، أحس أنه بين عيون أمراة لا يجب خسارتها أبدًا ، شعور الاستحواذ سيطر على فؤاده وهو يضعها برفقِ داخل سيارته ، وأشار برأسه لـ " شمس " الواقفة مشدوهة من هول الموقف ، فـ تفهمت ما يقصده ، ركضت سريعًا إليها أخذت تتحسس نبضها وتقوم بالإجراءات اللازمة .

وعلى المقابل ؛ أهتم عاصي بأمر الرجال الذين تطاولت أيديهم على شيء يخصه ،صاح بصوتٍ كالرعد وهو ينهرهم :
-مين اللي عمل فيها كده ؟!

انخفضت أعين الرجال بحرجٍ و أجاب أحدهم :
-أحنا نفذنا أوامر عبلة هانم !

في تلك اللحظة اخرج سلاحه من وراء ظهره و ختم " عاصي" جملة الحراس برصاصة طائشة في ساقه ونهره :
-و دي عشان تعرف أن الأوامر بتتاخد مني أنا وبس !

غوى بـ عصيانه قلبي ❤️‍🔥Kde žijí příběhy. Začni objevovat