هدنة السنين السبع ٢

Comenzar desde el principio
                                    

وما لفت نظر جبر كان أكثر غرابة، كان هناك شيء ما في بطنها ولكنه لم يكن واضحا كفاية، وخوفه عليها لم يجعله يهتم كثيرا، كان كل ما يهمه أن يبقيها على قيد الحياة، وبيأس حملها نحو الحوض واضعا فيه مياها نظيفة، فلم تعد مياه البحر صالحة لها بعد تلك الترسبات السوداء فيه ..

ثم وضعها في الحوض، لتبدأ بعض التشققات بالألتآم ببطئ، ولكن هذا لن ينقذها..

فكّر قليلا، يريد أن يطلب المساعدة ولكن لا أحد قد يساعده الآن، الرجال يتقاتلون في الخارج، والجدة كبيرة، ومارجريت لديها طفل تعتني به، لم يكن لديه حل آخر غير ماري، لربما تساعده بعدما ساعدها، لربما كان جاك يظلمها، فيمكن أنها خطفت إليهم واضطرت للتعاون معهم لأنها امرأة ضعيفة، فعزم على أن يطلب منها المساعدة في الصباح دون أن يعلم أحد بذلك، حتى لا يسمع منهم اعتراض ما، فهو لا يملك خيارا آخر..
بقي جبر بجانب الحوض حتى الصباح وكان قد غط في النوم في الساعات الأخيرة من شدة التعب، أحس بيد آريس تلمس وجهه وتبتعد في الهواء، فزع مستيقظا وأخذ يجري ليمسك بيدها قبل أن تفلته، ولكنه لم ينجح، أخذت تبتعد حتى اختفت لتصبح نجمة في السماء، وعندما طأطأ رإسه بحزن تدحرجت إليه لؤلؤتين بداخلهما طفلين، أخذتا بالتدحرج بعيدا عنه، ولكنه نجح بإمساك واحدة وخسر الأخرى، عندها استيقظ مفجوعا بخسارته آريس، ولكنه انتبه بأن ذلك كله حلم، نظر إليها فوجدها لم تستيقظ بعد، ولكنها على قيد الحياة، كانت مياه الحوض ممتلأة بالدماء وتحتاج للتغيير، وضع مياها نظيفة بالحوض وأمسك بيدها التي بدأت تستعيد لونها الأبيض المتورّد ببطئ وأخذ يتحدّث إليها علّها تستيقظ وتجيبه..

" آريس، هل تسمعينني، راودني حلم غريب، وكأنك نجم عالٍ لم أستطع الوصول إليكِ، لا تفارقيني آريس، لا تفارقيني حبيبتي"

وبعد قليل يطرق باب الكوخ، يخرج جبر ليرى من الطارق، فتظهر ماري حاملة درعه، دفعته إليه قائلة :

" لقد نسيتها في منزلي، تفضل"

أخذها جبر دون أن يتكلّم، وأمسك الباب ليغلقه، ولكنه تدارك أن هذا لا يجوز، وتذكّر بأن ماري تعرف بأمر آريس وربما ساعدته في العناية بها في حال غيابه، فشكرها وطلب منها الدخول قائلا :

" شكرا لكِ، تفضلي للداخل"

وبالفعل، هذا ما كانت تنتظره ماري، لتدخل للكوخ مقلّبة عينيها في كل شيء تبحث عن آريس، فسألها جبر :

"عفوا، لا تسيئِ الظن بي لسؤالي هذا، ولكن هل.. هل رآكِ أحدٌ ما وأنتِ في طريقك إلى هنا؟!"

لتجيبه ماري :

" البلدة نائمة بسبب ما حدث ليلة أمس، وهذا السواد الذي يغشى المدينة حتى في الصباح حجب ملامح الناس في الشوارع، لا تخف فلا أحد يعلم أني جئت أعيد الدرع إليك "

ثم ساد صمتٌ بينهما، ليتدارك جبر واجب الضيافة، ولكن ماري سبقته لتصنع الشاي لهما، كخطوة منها لتشعره بأنها ليست ضيفة وأن عليه الوثوق بها..

تأكّدت مارلين من أن تلك الأوراق التي سرقتها ماري من منزل عائلة مارتن، ما هي إلا نقل لممتلكاته من الأراضي والمحال التجارية لاسمها وتزوييرها حتى لا يُكتشف أمرها، فأخفتها مارلين، فها هو أول دليل ملموس على تورّط ماري في أمر ما، وهو ما لا يعرفه أحد غيرها، ولكن كانت هنالك أوراق أخرى بجانب تلك الأوراق، تورّط مارتن نفسه في عدة سرقات، لتدرك أن ما حصلت عليه كنز بالفعل، ولكن يبقى عليها أن تتأكّد من بعض ظنونها، لتحدث نفسها بضرورة أن تتلصص ليلا على سجلات ملكيات الأراضي لأهالي كديميس في بيت السجلات..

كانت مندمجة بأفكارها، ولكن قلبها قفز فجأة من الخوف إثر سماعها لصوت ما في رأسها، ولكنها بسخف قالت :

" ومن غيرك آريس يتحدث في رؤوس الناس، لقد غبتِ طويلا!"

" نعم، ليس هذا هو المهم"

" هل هناك خطبٌ ما؟!"

"جبر مع امرأة أخرى داخل الكوخ، تلك التي تُدعى ماري"

" ماذا؟!، هذا مستحيل!، وما الذي تفعله ماري في كوخك، ولماذا لم تطرديها،. ثم مهلا هل علمت بكونك حوريّة؟! "

" نعم تعلم، جاءت لتقدّم المساعدة لي، أو لتسرق جبر، لا أعلم "

" وأنتِ ماذا تفعلين؟! "

" أتظاهر بالموت!، أنتِ محظوظة لأنك ميّتة في نظر الجميع "

" آريس عليكِ أن تفعلي شيئا لحماية نفسك وحماية جبر منها، لا تجعليه يثق بها "

ولكن آريس لا تجيب، شعرت مارلين بالغضب من ماري والخوف على تلك الحورية الضعيفة، ولكنها لا تملك أن تفعل شيئا الآن، كانت شاردة جدا وهي تنظّف المنزل، فترسل صوتها بين الحين والآخر لأريس، ولكن آريس لا تجيب، لقد ذهبت فعلا بغيبوبة صغيرة من شدّة الألم، وبعد بضع ساعات لاحظت مارلين خيال جبر متجها نحو مطعم جوسيا، مما يبدو أن ماري وآريس وحدهما الآن، كانت الدقائق تمر كالكوابيس الطويلة عليها، ولكنها عاجزة عن فعل شيء ما لما يحصل..

دخل جبر المطعم، وأغلق الباب ورائه حتى تبقى أجواء المطعم نظيفة، لقد كانت أصواتهم تعلو في النقاش، وقد كان فيليب يشعر بالغضب لما فعله مارتن، ولكن جبر قال له :

" سنتدبر آمره، ولن يقدر على.."

ليصرخ فيليب :

" لن يقدر على ماذا؟!، لقد وافق على شروطهم دون أن يعرف ما هي، ولا أن يدرك ما الخطر الذي ينتظرنا جراء فعلته، ثم إنه تحدّث باسمنا جميعا وهو ليس منا ولا يمثّل البحّارة أصلا، لقد تعدّى وجودي ويستحق تلك اللكمات على وجهه"

بينما كان البحّارة يشعرون بالغضب، كانت الخادمة تنظّف جروح مارتن على وجهه وتضع كمّادات باردة على الكدمات، بينما كانت زوجته تشتم فيليب والبحّارة على فعلتهم،  وعندها توعّدهم في قرارة نفسه بأنه سينتقم منهم بالمزيد، وبعد قليل أمر بتجهيز قافلة محمّلة بالهدايا نحو المدينة..

يتبــــــــع




آريس الحورية الهاربةDonde viven las historias. Descúbrelo ahora